زراعة القمح ومعهد اللُّغَة الإنجليزيَّة

من المعروف أنَّه لكي تستقيم حياة المرء، ولكي يحصل على النتائج المرجوة لا بد من إعطاء الأشياء حقها من ناحية الوقت، فكما يبدأ الطفل الكلام بنطق الأحرف، وكما يتعلم التلميذ الصغير الكتابة على مراحل تأخذ وقتاً من الزمن، فإنَّ كل مراحل الحياة كذلك، فالنجاح فيها يتطلب أن تأخذ كل مرحلة من مراحلها حقها الكافي من ناحية الوقت والأخذ في الأسباب حتى يصل المرء إلى النتيجة التي يريدها.



يعود الكاتب زياد ريس مؤلف كتاب "تجربتي لحياة أفضل" إلى أعوام سابقة قرابة الـ 42 عاماً وتحديداً في أول أيام دخوله الجامعة، فقد كان يدرس اللُّغَة الإنجليزيَّة، ليقول: كنتُ مع الطلبة الذين وضَعوا هدفاً بإنهاء الدِّارسَة الجامعيَّة بأقصر وقت ممكن، وذلك من خلال أخذ أكبر عدد من المواد في الفصل الواحد (حيث إجمالي عدد السَّاعات للتَّخرُّج 145 ساعة).

هذا يحتاج إلى جهدٍ وترتيبٍ تسلسلي للمواد، ولكن كان لدي تحدٍّ آخر هام، وهو أنْ أجتاز المُقابَلة الشَّفهيَّة للُّغة التي ينتج عنها تحديد المستوى الذي سوف أبدأ به، والهدف لديَّ أن أحصل على أعلى تقييم يُمَكِّنني من دارسة المواد الأساسيَّة التَّخصُّصيَّة مباشَرةً، وإلا يمكن أن أبقى في هذه المرحلة سنة كاملة أو سنة ونصف، ولقد عددتُ ذلك مضيعةً للوقت.

شاهد بالفيديو: 10 تفاصيل صغيرة من أجل نجاح باهر

للأسف كنتُ لا أفقهُ شيئاً بـ اللُّغَة الإنجليزيَّة؛ فقد كانت آخر همِّنا في المرحلة المدرسيَّة، وبقيت عدَّة أيام، وأنا أسأل وأبحث بين الطُّلاب الذين سبقوني عن طريقة المُقابَلة، والأسئلة التي فيها، ونوعيَّتها، ومُدَّتها، وأخيراً قررتُ أنْ أحفظ جملةً محكمةً، طويلةً، متناسقةً، وأن أدخل المُقابَلة مع المشرف بحيث أجد أيَّ طريقة أُلقيها عليه سرداً وكأنِّي قادم من وسط لندن، وطبعاً كان عليَّ اختيار الجملة المناسبة، بحيث أستطيع سَرْدها مِن أول سؤال (ما اسمك؟)

الجواب يجب أن يكون اسمي، ثمَّ انتظار السُّؤال الثاني، ولكن جوابي كان كما خططت له (زياد ريس، مواليد ألمانيا، في مدينة لودفيكس هافن، انتقلتُ إلى مدينة اللاذقيَّة في سوريا، وعشتُ المرحلة المدرسيَّة فيها، وو وو ……إلخ)، وطبعاً بقيتُ عدةَ أيامٍ، وأنا أعمل على حِفْظها وتكرارها قبل المُقابَلة، وفعلاً تمَّ الأمر، وتمَّ تصنيفي في أعلى مستوى للُّغة الإنجليزيَّة، واستطعتُ مِن أوَّل فَصْل أخذ المواد التي تعود للدِّراسة الجامعيَّة التَّخصُّصيَّة نفسها، ولكنَّ الحقيقة أنَّ ضَعْفي هذا عانَيْت منه في كلِّ المرحلة الجامعيَّة.

إقرأ أيضاً: أهمية اللغة بالنسبة للإنسان

الخلاصةُ التي خرجتُ بها:

أنَّ بعض الاستحقاقات يجب أن تَأخُذ حقها بالوقت والجهد، وحَرْق المراحل ليس بالضرورة يُجْدِي نفعاً في كلّ شيءٍ، وإنَّما علينا أن نعْلم ما يَصْلُح لذلك، بمعنى آخر عندما تَزْرع بُذور القمح أو غيرها من المُنْتَجَات الزِّراعيَّة في الأرض لا بد أن تنتظر الأشهر المطلوبة ليَنْبُت ويَكْبُر ويَنْضُج، ولا يمكن اختصار ذلك، وإلا سوف تخرج بقَمْح غير مكتملٍ أو سيِّئ النَّوعيَّة، وعليك في كلِّ هذه الفترة أن تُحافِظ على سقاية الزَّرع والاعتناء به، وأن تَضَع السماد والمبيدات اللَّازمة، وعندها تنتظر المحصول الجيد بتوفيق من الله تعالى.




مقالات مرتبطة