دور رعاية الموظفين في إدماجهم في مكان العمل

"لقد ارتفعت نسب إدماج الموظفين لدينا؛ لذا فرحنا لأنَّنا كنا نعتقد أنَّها ستنخفض، لكنَّ ذلك لم يحدث". لقد سمعت كبار قادة الموارد البشرية يرددون ذلك مع ظهور نتائج الاستطلاع الدوري لإدماج الموظفين.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "سكوت ريجبي" (SCOTT RIGBY)، يُحدثنا فيه عن دور رعاية الموظفين في إدماجهم في مكان العمل.

بعض هؤلاء القادة ينتمون إلى شركاتٍ تميزت بتسريح الموظفين مؤقتاً، وخفض ساعات العمل، وخفض الأجور والرواتب، والتي طلبت من موظفيها تقديم تضحياتٍ حقيقيةٍ وهامة؛ حتى إنَّ بعض هذه الشركات سرَّحَت الموظفين تسريحاً دائماً.

فلماذا ترتفع نسب إدماج الموظفين حتى في زمن الجائحة؟

إنَّ الإجابة سهلة ولكن غالباً ما نتجاهلها: حتى عندما تكون الظروف صعبة، يندمج الموظفون عندما يشعرون أنَّ القيادة تهتم بهم بصدق؛ فعندما يرى العمال أنَّ سلامتهم وإنجازهم أمران أساسيان لقرارات القائد والمدير، فإنَّ ذلك يظهر في نسب الإدماج.

النهج الفاشل في الإدماج:

في أوائل سنوات المنافسة من أجل المواهب في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، تركزت عقلية الإدارة السائدة على جذب أفضل الأشخاص ومحاولة الاحتفاظ بهم لتحقيق أعلى القيم الممكنة. تمَّت بعد ذلك مواءمة هذا النهج العملي العميق مع الأهداف التي حددتها القيادة التنفيذية.

لقد أدركنا أنَّ هذا الأنموذج فاشل عندما رأينا أنَّ كل هذه الموهبة المذهلة لم تندمج كما هو مطلوب للأسف؛ لذلك، خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، أنشأنا مجموعةً جديدةً من المعاملات لجعل مكان العمل "المكان الأفضل للعمل"، وحاولنا إقناع الموظفين وترغيبهم ببذل مزيد من الجهد. وقد فشلت هذه الجهود أيضاً إلى حدٍّ كبير، كما هو واضحٌ من عدم وجود أيِّ تأثيرٍ في أعداد الإدماج.

بعد ذلك، اتجهنا إلى الحسابات؛ فأنشأنا استطلاعاتٍ لمعرفة آراء الموظفين، ولوحات معلوماتٍ للتعمق في تجربة الموظفين، في محاولةٍ لإبراز "محفزات" عدة تؤثر في إدماج الموظف.

قبل عامٍ واحدٍ فقط، كنا جميعاً غارقين في مناقشات تجربة الموظفين التي ركزت على كيفية استثمار الأرقام والرسوم البيانية؛ لتصميم وتقديم وتحسين تجربة عملٍ أفضل للموظفين. بدا هذا المنطق سليماً بما فيه الكفاية؛ ثم جاء عام 2020 وغيَّر كل شيء.

شاهد بالفديو: 10 صفات للأشخاص الذين يتقدمون بسرعة في حياتهم المهنية

التوقف عن المنافسة من أجل الموهبة، والاستجابة لنداء الرعاية:

"اعتاد مديرونا التنفيذيون عدم المشاركة في التجربة اليومية للموظفين، مع تركيز الاتصالات على السياسة ورؤية الشركة. وعندما بدأت الجائحة بالانتشار، تحولت الاتصالات من حيث الكمية والنوعية إلى التركيز على الموظفين. لقد ساعد ذلك موظفينا على إدارة الأمور خلال فترةٍ من عدم اليقين".

هذا الاقتباس لقائدٍ كنت قد تحدثت معه، وهو يجسد المشاعر المشتركة للعديد من القادة الذين شهدوا تحسُّن أرقام التفاعل لديهم خلال هذه الفترة الصعبة. لقد اتضح أنَّ الاستجابة للأزمات التي ركزت على رعاية الموظفين، أدت بطبيعة الحال إلى تحسُّن حال الموظف ورضاه الوظيفي، وهو ما فشلت مختلف البرامج خلال السنوات العشرين السابقة في تحقيقه.

كانت الرعاية الحقيقية هي المفتاح طوال الوقت، وقد ساعدت الجائحة العديد من القادة في العثور عليه؛ ولكن ماذا الآن؟

أخشى أنَّ العديد من الشركات - حتى تلك التي خاضت تجربة "تأثير الرعاية" - غير مدركةٍ لأهميته؛ فنحن الآن ولسوء الحظ في فترةٍ تتزايد فيها علامات الانحدار نحو السلوكات السابقة؛ إذ بدأت الشركات بالفعل تفقد مكاسبها السابقة في أثناء تعاملها مع فترة الجائحة.

ذكرت مؤسسة "غالوب" (Gallup) أنَّه في منتصف شهر أيار/ مايو، وافق 51% من الموظفين على أنَّ شركاتهم تهتم بسلامتهم. وبحلول منتصف شهر حزيران/ يونيو، انخفضت هذه النسبة إلى 42%؛ أي ما يقارب انهياراً بمعدل 20% خلال شهرٍ واحدٍ فقط.

لقد حان الوقت الآن للاستفادة من الدرس وبناء أساسٍ دائمٍ للرعاية في عملك حتى تتمكن أخيراً من حل لغز الإدماج، وليس فقط في أثناء الأزمة، بل دائماً وأبداً.

3 مفاتيح لتلبية نداء الرعاية:

يهتم القادة معظمهم حقاً بموظفيهم من حيث المبدأ؛ لكنَّ هناك مشكلةً في التنفيذ، حيث يتميز التفاعل بالالتزام والطاقة اللذين يشيران بوضوح إلى تجربةٍ نفسيةٍ معقدةٍ وذات مغزىً في العمل. ومع ذلك، هناك عدد قليل جداً من الشركات التي تستفيد من علم النفس المتوفر بهذا المجال لوضع الرعاية موضع التنفيذ، والتمكن من إبراز الإدماج في المحصلة.

تُعَدُّ نظرية التحديد الذاتي (Self-Determination Theory) أفضل نقطة انطلاق؛ وذلك لأنَّها أكثر النماذج صرامةً، وقد اختُبِرت وتم التحقق منها علمياً. وعلى القدر نفسه من الأهمية، فإنَّها خارطة طريق عملية للرعاية مع سجل حافل، وقد اختُبِرَت وأُثبِتَت ليس فقط من أجل سلامة الموظفين وإدماجهم، ولكن أيضاً من أجل الصحة الثقافية وأداء الأعمال. تحدد هذه النظرية لجميع المنظمات الاحتياجات النفسية الأساسية الثلاثة التي تُعَدُّ حاسمةً بالنسبة إلى سلامة وعافية الموظفين:

1. الاستقلالية:

وهي حاجتنا الأساسية إلى تقدير ما نقوم به شخصياً وتأييده. حتى في العمل المنظم جداً، يمكن تحقيق الاستقلالية عند عدم الشعور بالتحكم أو الضغط.

2. الإتقان:

وهو الحاجة إلى أن تكون فعَّالاً اليوم، وأن ترى طريقاً للنمو والإثراء في المستقبل. لدى الناس رغبة طبيعية في النجاح، ولكن تمنعها العديد من ممارسات العمل الشائعة والأعراف الثقافية.

إقرأ أيضاً: 5 استراتيجيات لتعزيز النمو لدى موظفيك وتحقيق النجاح في عملك

3. الترابط:

وهو حاجتنا إلى علاقةٍ هادفةٍ مع الآخرين وإلى شعورٍ مشترك بالانتماء. هل نهتم بمَن حولنا، وهل نشعر بدعمهم؟ إذا كان الأمر كذلك، فستُلبَّى احتياجاتنا للترابط في العمل.

سيمكِّنك إطار العمل هذا من وضع سلامة الموظف في مركز العلامة التجارية لشركتك، وجعلها حجر الزاوية لتجسيدها صراحةً في كل مكان ضمن مؤسستك. ابدأ بهذا العِلم لبناء أساسٍ قوي، وابنِ ثقافتك عليه. ثم شاهد أمام عينيك التفاعل والإنجاز يأخذان بالنمو.

المراقبة والاستجابة والتكرار:

إلى جانب هذا الإطار الاستراتيجي للرعاية، يجب علينا أيضاً الإصغاء والاستجابة باستمرار لما يحتاج إليه موظفونا. لقد علَّمتنا الأشهر القليلة الماضية أنَّ التغيير غالباً ما يكون غير متوقعٍ ودراماتيكياً. هذا هو السبب في أنَّ الحفاظ على ثقافة الرعاية يتطلب امتلاكك لأنظمةٍ تصغي إليها وتستجيب لها باستمرار.

من خلال دمج المقاييس الكمية لهذه الاحتياجات الأساسية الثلاثة وتلبيتها ودعمها جيداً، يمكننا الاستفادة من علم سلامة وعافية الموظفين، ودمجه في ممارسات الموارد البشرية لدينا ومنحه الرعاية التي يستحقها. وهذا بدوره يعزز المرونة لموظفينا وشركاتنا.

المصدر




مقالات مرتبطة