دور الموظفين المندمجين بالعمل في كسب العملاء

كانت الساعة تشير إلى منتصف الليل في "فندق أومني" (Omni Hotel) في جزيرة "أميليا" (Amelia)، التي تبعد نحو 45 دقيقة عن مدينة "جاكسونفيل" (Jacksonville) في ولاية "فلوريدا" (Florida) الأمريكية، وكنتُ قد نزلت للتو من سيارة أجرة وأنا متعب للغاية إثر رحلةٍ جويةٍ استغرقت 4 ساعات من مدينة "دنفر" (Denver)؛ حيث كان من المقرر أن أعقد مؤتمراً كبيراً في اليوم التالي في هذا الفندق الراقي لأتحدث فيه مع 600 مدير تنفيذي.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المتحدث "إريك تشيستر" (Eric Chester)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته مع أحد موظفي الفنادق المندمجين بالعمل عندما أخطأ في موعد اجتماعه.

سألني موظف الاستقبال بعد البحث الحثيث عن غرفتي ضمن حجوزات الحاسوب: "هل يمكن أن يكون حجزك تحت اسم آخر؟"، أجبت باستفزاز: "لا، إنَّه الاسم الوحيد الذي أعطاني إيَّاه والداي، لكن بما أنَّه من الواضح عدم وجود غرفة باسمي، أعطني أيَّة غرفة لديك، وخذ نفقتها من بطاقتي، وسأحرص على إضافتها إلى حساب المجموعة التي أقدم أمامها صباح الغد".

فسأل: "وما هي المجموعة التي تتعاون معها؟"، أعطيته اسم العميل، وبعد البحث في قائمته ضمن المجموعات التي تقيم في الفندق، نظر إليَّ وتمتم: "أنا آسف جداً، لكنَّنا لا نستضيف هذه المجموعة في فندقنا حالياً".

إقرأ أيضاً: 15 طريقة غير تقليدية لكسب العملاء

المكان الصحيح في اليوم الخطأ:

أُصبت بالذهول! فها أنا ذا بعيدٌ عن منزلي نحو ألفي ميل في منتصف الليل، ويبدو جلياً أنَّني في المكان الصحيح في الوقت الخطأ، فكيف حدث هذا؟ حاولت التفكير بهدوء، فالحدث مدرجٌ في تقويمي منذ 4 أشهر، وقد وقَّعتُ عقداً بهذا الحدث في هذا التاريخ، والأسوأ من هذا أنَّني رفضتُ عقداً آخر لتعارضه مع الموعد.

اتصلت على الفور بمساعدتي في مدينة "دنفر" وأجريت معها محادثة محتدمة، دفعتها للبحث بسرعة جنونية في رسائل البريد الإلكتروني للعثور على أيِّ وثائق تساعدني على فهم اللَّبس الذي حصل، وفي نفس الوقت، وضعت جهاز الحاسوب المحمول بعصبية على طاولة الاستقبال لأبدأ البحث في موقع العميل الإلكتروني، للحصول على بعض المعلومات المتعلقة بهذا الحدث.

وفي غضون دقائق، وجدت إعلان الاجتماع واكتشفت أنَّ الاجتماع في الشهر المقبل من نفس التاريخ، كان موظف الاستقبال يراقب كل هذا، ويرى صدمتي ويستشعر انهياراً يلوح في الأفق، فاقترب منِّي ووضع مفتاح غرفة في يدي وقال: "سيد تشيستر، من الواضح أنَّك واجهت صعوباتٍ جمة اليوم، ولا تحتاج إلى فاتورةٍ تزيد مشكلاتك؛ لذا أنت ضيفنا الليلة".

كانت هذه بمنزلة صدمة ثانية لي في تلك الليلة، لكنَّها كانت مفاجأة سارة، فقد بادر موظف الاستقبال من دون سؤالي عن رخصة قيادتي أو بطاقتي الائتمانية للنفقات الطارئة، لكنَّه أعطاني مفتاح الغرفة بكل لطفٍ وأضاف: "أعلم أنَّك ستتوجه إلى المطار غداً لتستقل الطائرة؛ لذا في أيِّ وقت ينبغي لي أن أوقظك؟".

أجبته: "سأحاول أن أشق طريقي برحلة مبكرة، ولن يكون الأمر سهلاً؛ لذا يجب عليَّ الخروج في الخامسة صباحاً، ويمكنك الاتصال بي نحو الساعة الرابعة ونصف صباحاً".

شكرته بحرارة على حسن ضيافته، وتوجهت إلى غرفتي، فاستيقظت في الوقت المناسب وحزمت أمتعتي، ثم توجهت إلى ردهة الفندق لأستقل سيارة أجرة، وجدت موظف الاستقبال بانتظاري مبتسماً أمام المكتب؛ إذ قال لي بدفء: "صباح الخير سيد تشيستر"، بينما كان يوصلني عبر الأبواب الأمامية إلى سيارة ليموزين خاصة كان قد اتفق معها لإعادتي إلى المطار، وأكمل قائلاً: "لم أرد أن تتحمل نفقاتٍ أخرى سيد تشيستر؛ لذا دع هذه الرحلة علينا، وسافر بسلامٍ إلى "دنفر"، وسنراك مرةً أخرى في غضون 30 يوماً".

فعل موظف الاستقبال كل هذا بشكلٍ مذهل من دون أن يطلب إذن مدير عمله أو مشرفه، ومع أنَّه لم يكن مضطراً إلى هذا، فقد دفعه ولاءه للعمل إلى التصرف كما كان سيفعل مالك الفندق.

شاهد بالفيديو: 8 قواعد لخدمة عملاء جيدة

الخلاصة:

ستلاحظ تغيُّراً إيجابياً جذرياً في أرباحك عند تمكين موظفي الخط الأمامي لاتخاذ قراراتٍ مفاجئة مثل هذه، التي قد لا تصب جميعها في مصلحتك؛ لهذا تخاف أغلب المنظمات من فكرة منح الاستقلالية للموظفين.

إقرأ أيضاً: دليل إدماج الموظفين العاملين عن بعد

إليك بعض النصائح المساعدة:

  1. درِّب موظفيك جيداً، وأهِّلهم لاتخاذ القرارات.
  2. ثق بقدرتهم على اتخاذ قراراتٍ هامة.
  3. قدِّم الدعم الكامل لتلك القرارات سواء كانت صحيحة أم خاطئة.

بهذا ستنشئ جيشاً من العقول المفكرة الذكية المتفانية، ورجال أعمال مخلصين؛ هؤلاء هم موظفو الخطوط الأمامية الذين يحوِّلون عميلاً مؤقتاً أو طارئاً إلى عميلٍ دائمٍ متحمسٍ مدى الحياة.

المصدر




مقالات مرتبطة