دور المال في تحقيق أهداف الحياة

يتظاهر الناس غالباً بأنَّ المال لا يهم؛ لكن إذا لم يكن المال هامَّاً فلماذا الناس إمَّا أثرياء جداً، أو يعملون في وظيفة يكرهونها لأنَّها ذات أجر عالٍ؟ أو فقراء وغير سعداء؟ إنَّه لمن الواضح وجود تناقض في الأمر.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "إيفان ترافر" (Evan Traver)، يُحدِّثنا فيه عن تجربته في استخدام المال لتحقيق الأهداف.

إذاً، يتحكَّم المال بكل شيء من حولنا؛ فما لم ترغب في أن تعيش حياتك كالمتشردين، سيكون المال عاملاً في اتِّخاذ قراراتك في الحياة، وحتى لو كنت تتمتَّع بروحٍ متحرِّرة وترغب في السفر لتجوب العالم، فستحتاج إلى التمويل بطريقةٍ ما، وهذا التمويل يمكن أن يأتي إمَّا من مُدَّخراتك، أو من العمل المستقل عن بُعد، أو حتى بصفتك عاملاً، ولكنَّك ستحتاج إلى النقود لكي تسافر.

إذاً، هل يتحكَّم المال بكل شيء من حولك، أم أنَّ الأشياء المادية التي نشتريها بالمال هي التي تحكم كل شيء؟ أم هل يمكن أن تكون عقلية المُستهلِك في الإنفاق هي المُتحكِّم الأعلى في طريقة حياتنا؟ أظنُّ أنَّ كل ما سبق صحيح.

فقد أصبح المال هدفَ كثيرين منَّا، وبصرف النظر عن الدافع، لطالما كان المال هو مقياس النجاح في مجتمعنا، والمال ضروريٌّ ولن أُقنعك بخلاف ذلك، لكن ليس بالطريقة التقليدية التي اعتدنا على التفكير فيها؛ فالمال قيد وليس هدفاً، ولا يجب أن يكون هدفاً أبداً، ومع ذلك، يُعَدُّ المال جزءاً حقيقياً جداً من الواقع الذي نعيش فيه، وتجاهله سيكون حماقة.

لكن إذا فكَّرنا في المال بِوصفه قيداً، فسنكون قادرين على التوفيق بين حاجتنا إلى المال، ورغبتنا في تجاوز تلك الحاجة، ويمكننا بعد ذلك أن نعمل ضمن إطار هذا القيد لتحقيق ما نريده.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح لإدارة أموالك بشكل أفضل

المال قيد وليس هدفاً:

سألني أحد أصدقائي: لماذا قد أرغب في ربح مليون دولار؟ لم أستطع أن أجيب عن سؤاله مباشرةً، ولكنَّني علمتُ أنَّ هدفي كان أن أُصبح مليونيراً، لكنَّني لم أستطع حتى أن أخبر نفسي بالسبب، ناهيك عن إخباره.

سرعان ما أدركتُ أنَّ رغبتي في كسب المال لم تكن لهدف جني الأموال؛ بل كانت للحرية التي يوفِّرها لي المال؛ فقد أردت أن أصبح مليونيراً حتى أتمكَّن من السفر دون تخطيط، وألَّا أكون مقيَّداً بوظيفة بدوام كامل، وأن يكون لديَّ كل الخبرات التي تخيَّلت أن أمتلكها، فلم يكن المال هدفي؛ بل كان مجرد وسيلة ضرورية للأهداف التي أردت تحقيقها.

لذلك، كان عليَّ تغيير تفكيري من كون المال هدفاً إلى كونه قيداً؛ فإذا كنتُ أرغب في قضاء فصل الصيف في "منتجع" على سبيل المثال، فسأحتاج إلى توسيع ذلك القيد حتى يتناسب قضاء الصيف في الخارج مع خططي؛ ولزيادة أموالي، سأحتاج إمَّا إلى التوفير أو الاستمرار في العمل الحر.

إقرأ أيضاً: 10 أمور يمكنك أن تتعلمها عن المال في 10 دقائق من شأنها أن تغير حياتك

جرِّب التفكير في أهدافك، فأنا متأكِّد من أنَّ المال سيكون مكوِّناً أساسياً فيها، لكن فكِّر في الأسباب الكامنة وراء الرغبة في كسب المال، فبعد أن تتعمَّق بما يكفي، ستجد المُحرِّك الحقيقي لتلك الرغبة؛ وعندما يُكشَف عن هذه الرغبة، ستكون قد حددت هدفك الحقيقي، وربما يكون هذا الهدف هو الحرية نفسها التي أسعى إليها، أو ربما يكون شيئاً تقليدياً جداً كشراء منزل مثلاً.

حتى في حال ملكية منزل، فالدفعة المقدَّمة والرهن العقاري الشهري تُعَدُّ قيوداً أيضاً، وليست أهدافاً للعمل من أجلها؛ فالهدف هو شراء المنزل، وتوفير الدفعة المقدَّمة هو خطوة ضرورية للوصول إلى هذا الهدف؛ بل حتى أن تضع أمامك هدفاً بادِّخار المال، سواء كان ذلك بناء حافظة استثمارية أم صندوقاً مالياً لحالات الطوارئ، سيظل المال قيداً؛ فإذا كنت ترغب في إنشاء محفظة بقيمة 10.000 دولار من الاستثمارات المتنوعة، فإنَّ القيد النقدي هو 10.000 دولار، والهدف هو بناء محفظة استثمارية متنوعة.

إقرأ أيضاً: كيف يرى الأثرياء النّقود؟ وكيف تنجح رؤيتهم؟

في الختام:

النتيجة من هذا التغيير في طريقة التفكير هي أنَّك لن تكون محكوماً بالمال ثانيةً، وستفهم أنَّ الحاجة إلى المال هي حقيقة واقعة، لكنَّ المال نفسه يمثِّل قيداً يجب تعديله لتحقيق أهدافك الأساسية، هل أنت مُقيَّد بالمال، ولا تستطيع أن تحيا حياتك التي تريدها؟ إذاً، وسِّع هذا القيد عندما تعلم أنَّ أهدافك جديرة، وأنَّ المال ليس سوى مكوِّن وليس الهدف النهائي نفسه؛ إذ إنَّ العمل الجاد حينها لتخفيف هذا القيد سيكون أسهل ممَّا تظن.

المصدر




مقالات مرتبطة