دور الإجهاد النفسي والعاطفي في زيادة خطورة الإصابة بسرطان الثدي

لا بدَّ أنَّ تشخيص الإصابة بسرطان الثدي حدثٌ مؤثِّرٌ وحسَّاسٌ حتماً؛ إذ يشعر المُصابون به بتزاحم الأفكار وتتبادرُ عشراتُ الأسئلة إلى أذهانهم فيما يتعلق بالعلاجات التي ينبغي لهم الخضوع لها ومصيرهم بعدَها وكيفية اجتيازهم وعائلاتهم لهذا المرض.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الدكتورة "فيرونيك ديسولنيرز" (Veronique Desaulniers)، وتُحدِّثنا فيه عن التأثير الكبير للعواطف والأحاسيس في الشفاء من السرطان.

أستطيع القول بسبب تعامُلي مع هذه المشكلات طوال الوقت إنَّ الإجهاد النفسي والعاطفي يمكنه فعلياً تثبيط الوظائف المناعية في الجسم، ومن ثم زيادة خطر الإصابة بالسرطان، وفي الواقع إنَّ البندَ الرابع من برنامج "نظام الأساسيات السبعة" (The 7 Essentials System™) - وهو برنامج تثقيفي متدرِّج يوضِّح كيفية الوقاية من الأمراض، وطرائق العلاج الطبيعية، وإنشاء نظام صحي طبيعي ونابض بالحياة؛ من خلال تعديلات على أسلوب الحياة خلال فترة قصيرة من الزمن نسبياً - يتمحور حولَ علاج جروح النفس العاطفية في أثناء السعي إلى شفاء الجسد.

ارتباط الأمراض بأساس عاطفي أو نفسي لدى الإنسان:

اعتراف "الجمعية الأمريكية للسرطان" (American Cancer Society) بارتباط الأمراض بأساس عاطفي أو نفسي لدى الإنسان:

يعود الاستفسار والبحث في العلاقة التي تربط بين الجسد والعقل ضمنَ المجتمع العلمي إلى زمنٍ أبعد ممَّا قد يعتقده بعض الناس، وقد قال الدكتور "جورج سي. برندرغاست" (George C. Prendergast) اختصاصي الأورام رفيع الشأن والرئيس السابق "للجمعية الأمريكية للسرطان" في عام 1959:

"توجد بعض الدلائل التي تشير إلى تأثُّر المسار العام للمرض في الإجهاد العاطفي والنفسي، ولديَّ أملٌ حقيقي وصادق بتوسيع مساعينا وأهدافِنا لتشملَ الاحتمال المُميَّز بأن يكون في دماغ الشخص المُصاب قوة قادرة على بذل الجهود التي بإمكانها تعزيز أو تثبيط تطوُّر ذلك المرض".

أمَّا بالنسبة إلى الدكتور "أو كارل سيمونتون" (O. Carl Simonton) فغالباً ما يُسمَّى الأب الروحي لطب العقل والجسد عند مرضى الأورام، وقد اشتُهِرَ ببحثه الرائد في مجال علم الأورام النفسي والاجتماعي والذي بدأَه منذ سبعينيَّات القرن الماضي كما طوَّر نموذجاً للدعم والمُسانَدة العاطفية لعلاج السرطان، والذي أدخل مفهوم تأثير الحالة الذهنية للمريض في قدرته على النجاة من المرض.

لقد اعتُرف ببرنامج التدخل العاطفي الخاص به والموافقة عليه من قبل "مكتب الجراح العام" (Surgeon General’s Office) وهو الرئيس التنفيذي للفريق المُكلَّف بخدمة الصحة العامة في "الولايات المتحدة"، والمسؤول عن تزويد الأمريكيين بأفضل المعلومات العلمية المتوافرة عن كيفية تحسين صحتهم وتخفيض خطر الإصابة بالأمراض.

لقد طبَّق الدكتور "سيمونتون" برنامج الدعم العاطفي والنفسي السابق على مرضاه خلال سنوات ممارسته العملية، ولاحظ تحسُّناً في مُدَّة البقاء على قيد الحياة وفي نوعية الحياة خلالها، فقد كان يؤمن أنَّ المشاعر والأحاسيس قوةٌ دافعة بالغة الأهمية لجهاز المناعة وأجهزة الشفاء الأخرى في الجسم.

شاهد بالفيديو: 10 أسباب تقف وراء الإصابة بسرطان الثدي

فهم كيفية تحفيز المشاعر السلبية المُزمِنة لنموِّ الخلايا السرطانية:

تكثُر الأبحاثُ عن العلاقة التي تربط بين العقل والصحة، وسأعرض فيما يأتي أربعة نماذج عاطفية شائعة تُوجَد تحديداً لدى الأشخاص المُصابين بالسرطان، وتستند هذه القائمة إلى أعمال الدكتور "دوغلاس بوردي" (Douglas Brodie):

  1. خسارة كبيرة مثل المرور بتجربة الطلاق أو وفاة أحد الأحباء قبل 6-18 شهراً من تشخيص الإصابة بالسرطان.
  2. نظرة سلبية تجاه الذات.
  3. ميل شديد للتشبُّث بمشاعر الاستياء والكراهية.
  4. قدرة ضعيفة على تطوير علاقات هادفة وطويلة الأمد مع الآخرين أو الحفاظ عليها.
إقرأ أيضاً: 4 نصائح للتغلب على المشاعر السلبية

إمكانية الشفاء من السرطان من خلال عملية التعافي النفسي والعاطفي:

ثمة أمران أساسيان من الضروري امتلاكهما عند البدء برحلة التعافي الجسدية والعاطفية والنفسية؛ وذلك في سبيل الشروع في شفاء الأنماط العاطفية بصورة دائمة:

  1. أولُهُما هو الرغبة في إحداث التغيير؛ فلا يمكن إجراء أيِّ تغيير دون امتلاك نيَّة صادقة بتحسين الصحة الجسدية للشخص، وكذلك صحته النفسية والروحية أيضاً.
  2. ثانيهما هو وجوب امتلاك إيمان حقيقي؛ إذ يشمل ذلك بالنسبة إلى أشخاص عديدين إيمانَهم بالله القوي الأعلى، لكن مهما كانت مُعتقَدات الإنسان التي يؤمن بها، فإنَّ إيمانَه وثقته بنفسه وبامتلاكه المؤهِّلات اللازمة لتحسين صحته وتطويرها نحو الأفضل هو أمرٌ ضروري وبالغ الأهمية.

إضافة إلى ضرورة امتلاك ثقةٍ وإيمان كبير في نوع العلاج الذي اختارَه الشخص المُصاب بالمرض.

إقرأ أيضاً: 4 علامات للإرهاق العاطفي

أهمية الحصول على الدعم الضروري للصحة العاطفية والنفسية:

إنَّ تمييز نوع الدعم العقلي والجسدي الذي قد يحتاجُه المُصاب هو جزءٌ أساسي من عملية الشفاء العاطفي والنفسي، ومن ثمَّ عليه اتخاذ الإجراءات اللازمة للحصول على ذلك الدعم، وتجدر الإشارة إلى أنَّ ممارسة التأمُّل أساسية وجوهرية مهما كان الطريق الذي قرر المريض اتباعَه.

لقد أظهرَت دراسة أجراها الباحثون في جامعة "هارفارد" (Harvard) في "مستشفى ماساتشوستس العام" (Massachusetts General Hospital) أنَّ التأمُّل يمكنه فعلياً تجديد المادة الرمادية في الدماغ والنخاع الشوكي عند الإنسان خلال مدةٍ أقل من ثمانية أسابيع، وقد استندَت نتائج هذه الدراسة إلى ممارسة التأمُّل لمدة 30 دقيقة يومياً.

إحدى طرائق التأمُّل التي استعنتُ بها شخصياً حين شُخِّصَت إصابتي بسرطان الثدي - وما زلت أمارسُها حتى الآن - هي طريقة سيلفا، وهي طريقة لمساعدة الذات والتأمُّل، فهي تزيد من قدرات الفرد من خلال الاسترخاء وتطوير وظائف الدماغ العُليا والقدرات النفسية مثل الاستبصار، والتي ظنَّ مؤسِّسُها "جوزيه سيلفا" (José Silva) أنَّ 90% من الأمراض تنشأ في الدماغ؛ ولذلك يمكن للدماغ هزيمتُها إلى حدٍّ ما، وحدَّد بعد عمله مع عشرات الآلاف من الطلاب ثلاثة مُتطلَّبات أساسية لفاعلية عملية شفاء العقل والجسم، وهي:

1. العمل على مستوى الموجتَين الدماغيَّتَين ألفا وثيتا:

إنَّ للعمل على مستوى الموجتَين ألفا وثيتا التأثير الجوهري نفسه للتأمُّل، فحين يُمارس الإنسانُ التأمُّل، فإنَّه يخفِّض بصورة علمية تردُّدَ موجاتِه الدماغية نحو الموجة ألفا أو ثيتا، وقد وجد "جوزيه سيلفا" أنَّ الأشخاص الذين يتمكنون من البقاء في مستوى هاتَين الموجتَين يستطيعون وضع أنفسِهم في حالة التجدُّد الخلوي لخلايا الجسم، والتخلُّص من التوتر، وتقوية الجهاز المناعي، والتخفيف - في بعض الحالات- من الأعراض الجسدية للأمراض.

2. تسخير قوة الشفاء التصوُّري واستثمارُها في رحلة العلاج:

يستلزم الشفاء التصوُّري أو التخيُّلي تخيُّلَ النتيجة النهائية للرغبة أو الهدف الذي يتمنَّى المريض الوصول إليه في أثناء وجوده على مستوى الموجتَين ألفا أو ثيتا؛ إذ يُعَدُّ تخيُّلُ تقلُّصِ حجم الورم وزواله في النهاية تمريناً قوياً للغاية ومفيداً في عملية الشفاء.

شاهد بالفيديو: عادات سيئة تجعلك تشعر بالإرهاق

3. إتقان عملية التفكير بطريقة الرغبة والإيمان والتوقُّع:

تُعدُّ القدرة على امتلاك الرغبة في الشفاء والإيمان بحتميَّة حدوثه وتوقُّعه في النهاية الخطوةَ الأولى نحو جعلِه حقيقةً واقعةً؛ فحين يتعهَّدُ المريضُ بالتعافي لكامل جسدِه ويلتزم به من النواحي الجسدية والعاطفية والروحانية جميعها ويبدأ بالعمل على ذلك الالتزام، سيُلاحظُ حتماً نتائج إيجابية فورية عديدة في حياته؛ لذا أنصحُكم جميعاً بتجربة إحدى طرائق الشفاء الجسدي العقلي مثل التأمُّل، والاستمتاع بنتائجها بأنفسكم.

المصدر




مقالات مرتبطة