دليلك للوصول إلى مهنة تناسبك

دعوني أنهي شيئاً كان عليَّ توضيحه منذ وقت طويل؛ وهو أنَّه ليس لدي أي فكرة حقاً عمَّا أفعله، إنَّها حقيقة؛ فقد جمعت بعض المعلومات عن موضوعاتٍ مختلفة، وتعلمت كثيراً عما قمت به حتى الآن، ولكن كي أكون صادقاً تماماً، ليس لدي أدنى فكرة عمَّا أفعله حالياً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "تايلر تيرفورن" (Tyler Tervooren)، ويُخبرنا فيه عن تجربته في إنشاء موقع ريسكولوجي والإخفاقات التي مر بها.

  • يبلغ عمر موقع ريسكولوجي (Riskology) الآن نحو تسعة أشهر، وأنا سعيد للغاية بالطريقة التي سارت بها الأمور حتى الآن، وأشعر بالفخر في كل يوم يزداد به عدد قرَّائه؛ لكنَّ هذه الأشياء برمتها كانت مجرد تخمين؛ فقد ظننتُ أنَّ الناس قد يكونوا متحمسين لتحمل المزيد من المخاطرة وقد يستمرون بقراءة ما يجب أن أقوله عنه.
  • تتحقق إنجازاتي أسرع بكثير ممَّا كنت أتوقعه عندما حددتها لأول مرة، ولكن في كل مرة أستعد فيها لبدء تحدٍّ آخر لا يسعني إلَّا أن أفكر في نفسي قائلاً: "ماذا تفعل؟ ليس لديك أي فكرة عن كيفية حدوث ذلك"؛ لكنَّني عادةً ما أتابع ذلك على أيَّة حال، فلماذا أضيع الزخم؟
  • لقد بيع منتجي الأول الذي يوضح كيفية إنشاء مدونة ناجحة على نحو جيد للغاية، وقد تلقيت كثيراً من التغذية الراجعة الرائعة من الأشخاص الذين يستخدمونه؛ وهذا ما جعلني سعيداً؛ لكنَّ الحقيقة على الرَّغم من ذلك هي أنَّني ابتكرت هذا المنتج بناءً على حدسي، ربما كان حدساً متطوراً قليلاً؛ لكنَّه في النهاية مجرد حدس.

في بعض الأحيان عندما أجلس لكتابة مقال أفكر في نفسي: "لماذا قد يستمع إليَّ أي شخص؟"؛ فأنا لست خبيراً، ولا ثرياً، وأشعر بالخوف في كل مرة أجرب فيها شيئاً جديداً، حتى إنَّني أشكك في ذلك وأنا أكتب هذا المقال.

كنت أتساءل أخيراً كيف تبدو الأمور كأنَّها تسير على ما يرام على الرَّغم من حقيقة أنَّ حياتي كلها تبدو كأنَّها لعبة تخمين لا تنتهي أبداً، وأظنُّ أنَّني توصلت إلى إجابة جيدة وهي أنَّني:

أضع كثيراً من التخمينات:

أنا أضع الاحتمالات الصعبة؛ أي إنَّها لعبة أرقام، فإذا نظرت إلى أي يوم أو أسبوع أو شهر أو ما إلى ذلك من حياتي - أعني أنَّك قمت بفحصها بالفعل - سترى كثيراً من الإخفاقات التي لا أذكرها دائماً؛ لأنَّني أرى أنَّ لدينا كثيراً لنتعلمه من النجاح أكثر من الفشل، وعلى الرغم من ارتكابي كثيراً من الأخطاء؛ لكنَّها أخطاءٌ صغيرة ويمكنني التعافي منها بسرعة.

الحد الأدنى المجدي للخطر:

هذا ما أسميه الحد الأدنى المجدي للخطر؛ الفكرة هي أن تجرب شيئاً كبيراً بما يكفي بحيث يمنحك مؤشراً قوياً على أنَّك في الاتجاه الصحيح للتقدم إذا نجح، وفي الوقت نفسه لن يفسد يومك إذا انهار.

في الأساس إنَّه أمر يشبه المقامرة، ولكن ليس بالطريقة التي اعتدت التفكير بها؛ لأنَّ له قليلاً من الجوانب السلبية؛ إذ ليس عليك أن تربح أكثر ممَّا تخسر، ما عليك سوى الفوز مرة واحدة؛ وذلك لأنَّ فوزاً واحداً صغيراً يمكنك استخدامه لبناء الزخم في شيء أكبر يمحو كل الخسائر السابقة، ويحقق "إثبات المفهوم" الذي يمكنك تحويله إلى نجاح غير عادي بمزيد من التركيز.

شاهد بالفديو: 6 سلوكيات خاطئة تمنعك من تحقيق النجاح المهني

دعونا نلقي نظرة إلى دراسة حالة:

عندما قررت أن أبدأ موقع أدفانسيد ريسكولوجي (AR) كانت واحدة فقط من نحو 10 أفكار أخرى لدي، فقد فكرت في العثور على وظيفة أخرى في البناء، وفكرت بجدية في أن أصبح موسيقياً محترفاً، وكدت أعود إلى إعادة بيع التذاكر بربحٍ أكبر كما كنت أفعل لدفع ثمن البقالة في الكلية، وفكرت أيضاً في فكرة بناء شبكة من المواقع المتخصصة التي من شأنها أن توفر دخلاً سلبياً.

بدلاً من اختيار واحدة والمضي بها قدماً قمت بالسعي خلف جميع تلك الأفكار، وهدرت وقتاً طويلاً في تطوير كل فكرة لأرى إلى أين ستأخذني، لكن في هذه الحالة لم أكن أبحث بالضرورة عن المشروع الذي سيحقق أكبر قدر من الدخل على نحو أسرع - على الرغم من أنَّه لا يوجد خطأ في استخدام ذلك على أنَّه معيار - بل كنت أبحث عمَّا يجعلني أشعر بالراحة تجاه نفسي وعمَّا يمكِّنني من جني المال.

لقد استخدمت بعض التجارب السريعة لتحديد الاتجاه الذي يجب أن أتَّبعه، وفي غضون شهر استطعت أن أدرك بالتأكيد ما كان صحيحاً، وإليك كيف انتهى الأمر:

  • أرسلت أكبر عدد ممكن من السير الذاتية وتحدثت بجدية مع عدد قليل من الشركات الكبيرة، وقد كان ثمة كثير من الدخل المحتمل؛ لكنَّني كرهت كل ثانية منه؛ إذ لم يكن لدي أيضاً كثير من الفرص لإحداث أي تأثير في العمل.
  • بدأت في العزف عشوائيَّاً مرة أخرى، وسجلت بعض الأغاني، وذهبت إلى مجموعة من نوادي الهواة في جميع أنحاء المدينة، لقد استمتعت، لكن لم يسعني إلَّا أن ألحظ أنَّ الأمر بدا في غير محله بالنسبة إلي، وشعرت بأنَّني لست في المكان المناسب ولا أشبه نفسي إلى حدٍّ ما؛ ربَّما كانت توجد إمكانية كبيرة للتأثير؛ لكنَّها لم تكن مناسبة لي تماماً.
  • كان عليَّ فقط إجراء نحو 20 دقيقة من البحث لأدرك أنَّني قد تجاوزت مرحلة إعادة بيع التذاكر في حياتي؛ فقد جنيت كثيراً من المال، ويمكنني الآن تحديد ساعات العمل الخاصة بي، لكن بلا تأثير على الإطلاق، وفي الواقع قد يكون التأثير سلبياً خالصاً.
  • قضيت شهراً في تدوين كل الأشياء في حياتي التي ظننت أنَّها هامة ومثيرة للاهتمام، ثمَّ بحثت عن طريقة لربطها معاً، وقد لاحظت أنَّ جُلَّ ما كتبته عن فكرة المخاطرة، وتساءلت إذا بدأت موقعاً ونال إعجاب الناس؛ فمن المحتمل أن يصل إلى ملايين الأشخاص، ورأيت آخرين يكسبون كثيراً ويحققون عيشاً كريماً من خلاله، فلماذا لا يمكنني ذلك؟ وبذلك ولد موقع ريسكولوجي (Riskology).

كل ما سبق حدث على مدار شهر واحد فقط؛ ففي أحد الأسابيع كنت سأصبح موسيقياً، وفي الأسبوع التالي كنت سأبيع تذاكر الحفل لأمهات معجبي مغني البوب جاستن بيبر (Justin Bieber).

كان علي أن أبدو بالنسبة إلى كل من حولي - الأصدقاء، والعائلة، والمعارف العاديين - كأنَّني شخص غريب الأطوار تماماً، وأغير رأيي كل أسبوع وكل يوم، لكن - مع وضع معايير القرار - خدم ذلك كله غرضاً أكبر بكثير، وأنا سعيد لأنَّني فعلت ذلك؛ لأنَّه لو لم أفعل ذلك فربما كنت أجلس خلف مكتب الآن مرتدياً ربطة عنق أجادل بعض المقاولين في كيفية تركيب المرايا في عيادة الطبيب تركيباً خاطئاً.

أنا لست الوحيد الذي يعمل على هذا النحو؛ فمعظم الأشخاص الذين أعرفهم يحبون وهم بارعون على نحو لا يصدق فيما يقومون به مثلي تماماً؛ فهم يختبرون كل فكرة تطرأ على أذهانهم، ويتخلصون من معظمها على أنَّها إخفاقات تامة ويلتزمون الأفكار الناجحة.

لماذا لا يفعل المزيد من الناس هذا؟ أظن أنَّ السبب في ذلك هو صعوبة اتخاذ الخطوة الأولى؛ فلا أحد يريد أن يفشل في شيء ما؛ لذا بدلاً من السماح لنفسك باختباره فأنت تفضِّل عدم القيام بأي شيء، وهذه هي الاستجابة الافتراضية؛ لكنَّنا نعلم جميعاً إلى أين يقودنا التقصير.

لقد توصلت إلى إدراك هام وهو: إذا كانت الخطوة الأولى مخيفة للغاية بالنسبة إليك، فربما هي كبيرة وصعبة جداً؛ لذا حاول تبسيطها حتى تتمكن من تخيل نفسك أنَّك بدأتها بالفعل، وعندها ابدأ بها.

منذ أن بدأت العمل على هذا الموقع واجهت صعوبة في تحديد أيهما أفضل: البدء بشيء ما بخطوة صغيرة أم كبيرة؛ إذ تبدو الخطوات الصغيرة سهلة، لكنَّ الخطوات الكبيرة أكثر حماسة.

أظنُّ أنَّني وجدت إجابتي أخيراً وهي متمثلة باختيار الحل الوسط: ابدأ بخطوة صغيرة، وبعد ذلك إذا نجحت أتْبِعها على الفور بخطوة أكبر منها، واتخذ أصغر إجراء ممكن لتثبت صواب فكرتك، ثمَّ ابدأ بتقنية الصدمة والترويع (shock and awe).

عليك أن تفعل هذا مراتٍ عدة؛ أن تقوم بعدد كبير من المحاولات أو التخمينات، وأن تتوقع أنَّ بعضها على الأقل سيكون صحيحاً أو مفيداً؛ فالسبب الذي يجعل معظم الناس لا يحققون المزيد من النجاح هو أنَّهم ببساطة لا يملكون الصبر لإعادة التجربة مراتٍ عدة حتَّى يصلون إلى الهدف المنشود.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح مجربة لاغتنام مزيد من الفرص في الحياة

أين تكمن الأهمية؟

لترجيح الاحتمالات لمصلحة النجاح عليك توسيع مجموعة الاحتمالات ومتابعة كل منها؛ إذ يتطلب ذلك كثيراً من الوقت والطاقة، فكيف يمكنك معاملة ذلك عندما لا يكون لديك سوى 24 ساعة في اليوم ولديك مسبقاً عمل كثير لتفعله؟

الجواب بالطبع هو أنَّه عليك البحث بلا هوادة عن أهم جزء في أي تجربة، والتركيز عليه تماماً مع استبعاد كل شيء آخر؛ فقبل أن تبدأ أي شيء، اسأل نفسك: "أين الأهمية من ذلك؟ ما هو العامل الوحيد الذي سيقرر ما إذا كان هذا ناجحاً أم لا؟"، وكل شيء آخر هو مجرد كلام فارغ.

الشيء المضحك في هذا هو أنَّك عندما تأخذ الوقت الكافي لتسأل نفسك: "أين الأهمية؟"، فأنت تميل على نحو طبيعي إلى التركيز عليه، وعندما تركز على الهام فأنت تزيد من احتمالات نجاحك، والأهم من ذلك أنَّك تتخلص من "السلبيات الخاطئة" التي تُعَدُّ أفكاراً جيدة بالفعل؛ لكنَّها تفشل؛ لأنَّك لم تصل أبداً إلى الهدف الذي سيجعلها تنجح.

لذلك لا تجرِّب شيئاً واحداً فحسب؛ بل طبق العديد من التجارب، وتخلَّ عن كل ما يفشل واعتمد كل ما يمكنه أن ينجح؛ إذ من الجيد إنشاء خارطة طريق، ولكن من الصعب العثور على بداية الطريق حتى تفشل في طريقك وتعود إلى نقطة البداية.

إقرأ أيضاً: أهمية النجاح في الحياة وأهم الطرق لتحقيقه

في الختام:

كل نجاح كبير حققته كان مبنياً على ظهور عدد لا يُحصى من الإخفاقات الصغيرة التي لم يسمع عنها معظم الناس أبداً؛ ولن يسمع أحد عن إخفاقاتك أيضاً؛ لذا امضِ قدماً ولا تخف من الفشل.




مقالات مرتبطة