ما هو دعاء الشوط الخامس من الطواف؟
لا يوجد دعاء محدد وثابت عن النبي ﷺ مخصص لكل شوط من أشواط الطواف، بما في ذلك دعاء الشوط الخامس من الطواف حول الكعبة. لكن جرت العادة عند بعض العلماء والمطوفين أن يُستحبّ أن يردد المسلم أدعيةً متنوعةً في كل شوط، وإنّ دعاء الشوط الخامس بين الركن اليماني والحجر الأسود هو "طلب الخير في الدنيا والآخرة"، وهو:
"رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" البقرة: 201، وقد ورد أنّ الرسول الكريم كان يُكثر من ذكر هذا الدعاء.
معنى الدعاء
يُعد دعاء الشوط الخامس: "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"، من أجمع الأدعية التي وردت في القرآن الكريم، وكان النبي ﷺ يُكثر من الدعاء به؛ لما فيه من شمول لمعاني الخير والرحمة في الدنيا والآخرة.
فهو دعاء يتوجّه إلى الله بطلب الرزق الحلال، والعافية، والذرية الصالحة، وراحة النفس في الدنيا، مع طلب الفوز بالجنة ورضا الله عز وجل في الآخرة، والتضرُّع إلى الله والتوسل للحماية من عذاب النار.
أفضل الأوقات لقراءة الدعاء أثناء الطواف
إنّ دعاء الطواف حول الكعبة مُستحب في أي وقت أثناء الطواف وفي جميع الأشواط السبعة؛ فكل لحظة فيها فرصة للتقرب إلى الله. أما بالنسبة ل دعاء الشوط الخامس من الطواف حول الكعبة فأفضل وقت لقراءته:
1. أثناء السير الكامل في الشوط الخامس
من لحظة محاذاة الحجر الأسود (بداية الشوط) وحتى العودة إليه (نهاية الشوط)، املأ هذا الشوط بالدعاء والذكر، ويمكنك أن تردّد فيه دعاء الشوط الخامس الذي يحمل في معانيه التوسل والتضرُّع والرجاء وطلب الخير من الله عزّ وجل.
2. في القسم بين الركن اليماني والحجر الأسود
هو مكان يُستحب فيه الدعاء بشدة، وفيه كان النبي ﷺ يداوم على قول "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ".
أدعية أخرى مستحبة أثناء الطواف
في أدعية الطواف السبعة حول الكعبة، يكون القلب حاضراً واللسان قائماً على ذكر الله، والدعاء في هذه اللحظات العظيمة من أعظم القربات التي يُرجى بها القبول والمغفرة. بينما لا يُلزم الحاج أو المعتمر بأدعية محددة لكل شوط، فقد وردت أدعية مأثورة ومستحبة يمكن ترديدها خلال الطواف، تعبّر عن التضرُّع والرجاء واليقين برحمة الله. نذكر منها:
- "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي جِدِّي وهَزْلِي، وخَطَئِي وعَمْدِي، وكُلُّ ذلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أَعْلَنْتُ، وما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وأَنْتَ علَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" صحيح مسلم.
- اللهم يا أرحم الراحمين، أسألك من فضلك العظيم أن ترزقني الخير، عاجله وآجله، ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من كل شرٍّ ظاهر أو خفي. اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله، وإن كان في الأرض فأخرجه، وإن كان بعيداً فقرّبه، وإن كان عسيراً فيسّره.
اللهم وفقني لما تحب وترضى، واجعلني من عبادك الذين رضيت عنهم، فأرضيت قلوبهم في الدنيا، وكتبت لهم النجاة والفوز في الآخرة، وكنت لهم نور الطريق، وقِبلة القلب، وسكينة الروح. - اللهم بحق أسمائك الحسنى كلها، أسألك أن تجعلني من عبادك الذين بشّرتهم بالخير، ورضيت عن أعمالهم وأقوالهم ونياتهم. اللهمّ تقبّل منّا الصلاة والصيام وسائر الطاعات، واجعلني من الذين أحسنوا لأنفسهم، فزكّيت نفوسهم، ورضيت لهم خُلق القرآن طريقاً ونوراً وسلوكاً في الحياة.
- اللهم لك الحمد حمداً يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك، حمداً يوازي نعمك الظاهرة والباطنة، ويكافئ فضلك المتجدد. أحمدك على كل نعمك التي أنعمت بها عليّ، ما علمتُ منها وما لم أعلم، وفي كل حال.
- اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آل محمد، ونجِّني من الشيطان الرجيم، واحفظني من كل سوء، وارضني بما قسمت لي، وبارك لي في رزقي. اللهم ثبّتني على طريق الاستقامة حتى ألقاك، يا أرحم الراحمين، يا رب العالمين.
شرح نص الأدعية ومعناها
إنّ الأدعية السابقة من دعاء الشوط الخامس من الطواف حول الكعبة التي تهدف إلى التوجّه إلى الله تعالى بطلب المغفرة الشاملة والتوبة الصادقة عن كل ما يصدر من العبد عمداً أو سهواً، في السر والعلن، والتوسُّل إليه بأسمائه الحسنى أن يرزق عبده الخير كله، عاجله وآجله، ويصرف عنه الشر كله، وييسّر له الرزق من حيث لا يحتسب، سواءٌ كان بعيداً أو عسيراً.
كما تعبّر هذه الأدعية عن رغبة صادقة في نيل رضا الله وقبوله، والتوفيق للطاعات، والتحلي بالأخلاق التي أمرنا بالتحلي بها القرآن الكريم، والتزكية الروحية التي تجعل الإنسان من عباد الله الصالحين الذين يبشّرهم بالخير في الدنيا ويمنحهم الفوز في الآخرة
أهمية الدعاء في مناسك الحج والعمرة الخاتمة
يُعد الدعاء في مناسك الحج والعمرة من أعظم القربات التي يتوجه بها المسلم إلى ربه في أشرف البقاع وأطهرها على وجه الأرض؛ إذ تجسد حاجة العبد ولجوئه إلى الله بصدق. إليك أهمية أدعية الحج والعمرة:
1. الدعاء عبادة عظيمة وقُربة إلى الله
تُعد أدعية الحج والعمرة من من أعظم العبادات؛ فهي تجمع بين التوحيد، والخضوع، والتوكل على الله، وإظهار الحاجة إليه، مما يجعلها من أصل الدين بل وأحبّ الأعمال إلى الله، وأكرم ما يُرفع إليه.
2. الدعاء وسيلة لجلب النعم ودفع النقم
لا شيء يستجلب به الخير ويدفع به الشر مثل دعاء الطواف حول الكعبة والدعاء في كل وقت، وهو سبب في انشراح الصدر، وتفريج الكرب، ودفع البلاء قبل وقوعه أو رفعه بعد نزوله، كما أنّه ملاذ المظلومين والخائفين.
3. الدعاء في الحج والعمرة له خصوصية في الإجابة
الحج يجمع بين أحوال وأوقات وأماكن تُرجى فيها إجابة الدعاء، مثل:
- السفر ودعاء المسافر مستجاب.
- الحاج والمعتمر "وفد الله" الذين دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم.
4. ثمرة الدعاء مضمونة
من أتى بشروط وآداب أدعية الطواف السبعة، فإنّ الله لا يرد دعاءه، بل إما أن يُعجّل له بالاستجابة، أو يُدفع عنه من السوء مثلها، أو يُدّخر له أجرها في الآخرة.
5. الدعاء في الحج يعمق الإخلاص والنية الصادقة
في أدعية الحج والعمرة يُقبل الحاج على الله متجرداً من شواغل الدنيا، ما يجعل الدعاء صادقاً؛ نابعاً من القلب؛ خالصاً لله، وهو من أعظم أسباب القبول.
6. التوجيه إلى الالتزام بشروط وآداب الدعاء
يجب الإلتزام بشروط ادعاء الطواف حول الكعبة وآداب أدعية الحج والعمرة مثل: الإخلاص، وحسن الظن بالله، وحضور القلب، ورفع اليدين، والبدء بالثناء والصلاة على النبي ﷺ، وتجنب الدعاء بالإثم أو القطيعة، واختيار الادعية المأثورة من الكتاب والسنة.
في الختام
إنّ دعاء الشوط الخامس من الطواف حول الكعبة لحظة روحانية مميزة يغتنمها المسلم ليتقرب من ربه، سائلاً إياه الرحمة والمغفرة والقبول. إنّ معرفة أدعية الطواف السبعة المستحبة وأفضل الأوقات لقراءتها تعزز خشوع القلب وحضور الذهن وتساعد المسلم على أداء مناسك الحج والعمرة على الوجه الأكمل، بما يرضي الله عز وجل.
فلنحرص على اغتنام هذه اللحظات المباركة، سائلين الله أن يتقبّل منّا صالح الدعاء والعمل.
أضف تعليقاً