حقائق يجب أن تعرفها عن التدخين الإلكتروني

إذا كنت تفكر في الإقلاع عن التدخين، فلست وحيداً في مسعاك هذا، إذ يقول حوالي 7 من كل 10 مدخنين أنَّهم يريدون الإقلاع عن التدخين. يعد الإقلاع عن التدخين أحد أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها من أجل الحفاظ على صحتك، فالتدخين ضارٌ لكل عضو في جسمك تقريباً، ومن ذلك القلب، وحوالي ثلث وفيات أمراض القلب ناتجة عن التدخين والتدخين السلبي.



قد تغريك السجائر الإلكترونية وأجهزة الفيب (VAPE) وغيرها من أجهزة التدخين الإلكتروني التي لا يمكن التخلص منها والتي يمكن التخلص منها، لكونها طريقة شائعة لتسهيل الانتقال من السجائر التقليدية إلى الإقلاع النهائي عن التدخين، لكن هل تدخين السجائر الإلكترونية حقاً أفضل لك من استخدام منتجات التبغ؟ وهل يمكن أن تساعدك السجائر الإلكترونية على الإقلاع عن التدخين بشكل نهائي؟

يشارك الطبيب الدكتور مايكل بلاها (Michael Blaha) حامل شهادة الماجستير في الصحة العامة ومدير الأبحاث السريرية في مركز جونز هوبكنز سيكارون (Johns Hopkins Ciccarone) للوقاية من أمراض القلب - بعض المعلومات الصحية عن التدخين الإلكتروني:

1. التدخين الإلكتروني أقل ضرراً من التدخين العادي لكنَّه ما يزال غير آمن:

تُسخن السجائر الإلكترونية النيكوتين المستخرج من التبغ والمنكهات والمواد الكيميائية الأخرى لتكوِّن الرذاذ الذي تستنشقه، وتحتوي سجائر التبغ العادية على 7000 مادة كيميائية، والكثير منها سام للغاية، بينما لا نعرف بالضبط ما هي المواد الكيميائية الموجودة في السجائر الإلكترونية، يقول الدكتور بلاها: "لا يوجد شك في أنَّ التدخين الإلكتروني يعرِّضك لمواد كيميائية سامة أقل من تدخين السجائر التقليدية".

لكن للأسف، كان هناك تفشي لإصابات الرئة والوفيات المرتبطة بالتدخين الإلكتروني، ففي شهر شباط/ فبراير عام 2020، أكدت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) وجود 2807 حالة من الإصابة الرئوية المرافقة للتدخين الإلكتروني (EVALI)، إضافةً إلى 68 حالة وفاة ناجمة عن هذه الأذية.

يقول الطبيب بلاها: "يبدو أنَّ هذه الحالات تؤثر في الغالب في الأشخاص الذين يعدلون أجهزتهم الإلكترونية أو يستخدمون السوائل المعدلة في السوق السوداء، وينطبق ذلك بشكل خاص على منتجات التدخين الإلكتروني التي تحتوي على مادة رباعي هيدرو كانيبول (THC)".

حدد مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أسيتات فيتامين ي كمادةٍ كيميائية مشتبهة بين الأشخاص المصابين بهذه الإصابة الرئوية، فأسيتات فيتامين ي هو عامل تسخين غالباً ما يستخدم في منتجات التدخين الإلكتروني المعتمدة على رباعي هيدرو كانيبول، وقد عُثر عليه في جميع عينات سوائل الرئة لمرضى الإصابة الرئوية الذين فحصهم مركز السيطرة على الأمراض.

يوصي مركز السيطرة على الأمراض الناس بما يأتي:

  1. تجنب استخدام السجائر الإلكترونية المحتوية على رباعي هيدروكانابينول.
  2. تجنب استخدام أي مصادر غير رسمية، سواء الأصدقاء أم العائلة أم التجار عبر الإنترنت، للحصول على أجهزة التدخين الإلكتروني.
  3. عدم تعديل أو إضافة أي مواد إلى جهاز التدخين الإلكتروني، إذا لم يُسمح بها من قبل الشركة المصنعة.

كشفت الأبحاث التي أجرتها جامعة جونز هوبكنز (The Johns Hopkins University) المتعلقة بمكونات السجائر الإلكترونية المنشورة في شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 2021 عن آلاف المكونات الكيميائية في منتجات السجائر الإلكترونية، ومعظمها لم يتحدد بعد.

من بين المكونات التي استطاع فريق البحث تحديدها، وجدوا العديد من المواد الضارة المحتملة، ومن ذلك الكافيين، وثلاث مواد كيميائية لم يُعثر عليها من قبل في السجائر الإلكترونية، ومبيد حشري، واثنين من المُنكهات المرتبطة بالتأثيرات السامة المحتملة وتهيج الجهاز التنفسي.

إقرأ أيضاً: تعرّف على إيجابيات وسلبيات السجائر الالكترونية

2. تشير الأبحاث إلى أنَّ التدخين الإلكتروني ضار بقلبك ورئتيك:

إنَّ النيكوتين هو العامل الأساسي في السجائر العادية والسجائر الإلكترونية، كما أنَّه يسبب الإدمان؛ وذلك لأنَّه يحرض لديك رغبةً شديدةً في التدخين كما يُسبب أعراض الانسحاب عندما تمتنع عنه، فهو مادة سامة ترفع ضغط الدم وتزيد من الأدرينالين، مما يزيد من معدل ضربات القلب واحتمال الإصابة بنوبة قلبية.

هل التدخين الإلكتروني ضارٌ لك؟ في الحقيقة، توجد عدة أمور مجهولة حوله. ومن ذلك المواد الكيميائية التي يتكون منها البخار وكيف تؤثر في صحتك الجسدية على الأمد الطويل، فيقول بلاها: "يحتاج الناس إلى إدراك حقيقة أنَّ السجائر الإلكترونية قد تكون خطرةً على الصحة، وتشير البيانات المتزايدة إلى وجود رابط بينها وبين أمراض الرئة المزمنة والربو، فضلاً عن الارتباط بين الاستخدام المزدوج للسجائر الإلكترونية والتدخين مع أمراض القلب والأوعية الدموية. إنَّك تعرض نفسك لجميع أنواع المواد الكيميائية التي لم نفهمها بعد والتي ربما تكون غير آمنة".

3. تُسبب السجائر الإلكترونية الإدمان تماماً مثل السجائر التقليدية:

تحتوي كل من السجائر الإلكترونية والسجائر العادية على النيكوتين، والتي تشير الأبحاث إلى أنَّها مادةٌ قد تسبب الإدمان تماماً مثل الهيروين والكوكايين، والأسوأ من ذلك، كما يقول بلاها، أنَّ العديد من مستخدمي السجائر الإلكترونية يحصلون على قدر أكبر من النيكوتين مما قد يحصلون عليه من منتجات التبغ القابلة للاحتراق؛ إذ يمكن للمستخدمين شراء خراطيش عالية القوة، والتي تحتوي على تركيز أعلى من النيكوتين، أو زيادة جهد السجائر الإلكترونية للحصول على جرعةٍ أكبر من المادة.

هل يقود التدخين الإلكتروني إلى إدمان التدخين العادي؟

تُروج الشركات للتدخين الإلكتروني والسجائر الإلكترونية بوصفها طرائق لمساعدة مدخني السجائر على الإقلاع عن التدخين، لكن ماذا عن العكس؟ هل يمكن أن يؤدي التدخين الإلكتروني لاحقاً إلى تدخين السجائر بانتظام؟

4. ليست السجائر الإلكترونية أفضل وسيلةٍ للإقلاع عن التدخين:

على الرغم من الترويج لها بوصفها وسيلةً مساعدة على الإقلاع عن التدخين، إلا أنَّ السجائر الإلكترونية لم تحصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بوصفها أجهزة للإقلاع عن التدخين.

وجدت دراسة حديثة أنَّ معظم الأشخاص الذين يعتزمون استخدام السجائر الإلكترونية للتخلص من إدمان النيكوتين، انتهى بهم الأمر بالاستمرار في استخدام السجائر الإلكترونية.

في ضوء تفشي الإصابة الرئوية المرتبطة بالتدخين الإلكتروني، ينصح مركز السيطرة على الأمراض (CDC) الأشخاص الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية بهدف الإقلاع عن التدخين بموازنة المخاطر والفوائد، والنظر أولاً في استخدام خيارات الإقلاع عن التدخين الأخرى المعتمدة من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).

5. أصبح الجيل الجديد مدمناً على النيكوتين:

بين الشباب، تعدُّ السجائر الإلكترونية وخاصةً النوع الذي يُستخدَم لمرة واحدة، أكثر شيوعاً من أي منتج تبغ تقليدي، ووفقاً للمسح الوطني لاستهلاك التبغ بين الشباب الذي أُجريَ عام 2021، أفاد أكثر من 2 مليون طالب في المدارس المتوسطة والثانوية في الولايات المتحدة باستخدام السجائر الإلكترونية، وأكثر من 8 من كل 10 من هؤلاء الشباب يستخدمون السجائر الإلكترونية المُنكهة.

وفقاً للدكتور بلاها، توجد ثلاثة أسباب تجعل السجائر الإلكترونية جذابة بشكل خاص للشباب:

  1. يعتقد العديد من المراهقين أنَّ التدخين الإلكتروني أقل ضرراً من التدخين التقليدي.
  2. إنَّ تكلفة السجائر الإلكترونية عموماً أقل من السجائر التقليدية.
  3. يجد الشباب والبالغون أنَّ قلة الدُخان جذابة، فمن دون الرائحة، تُقلل السجائر الإلكترونية من وصمة العار المرتبطة بالتدخين.

يقول بلاها: "أكثر ما أجده مثيراً للقلق بشأن انتشار التدخين الإلكتروني هو أنَّ الأشخاص الذين لم يكونوا ليُدخِّنوا لولا ذلك أبداً، وخاصةً الشباب، أصبحوا يمارسون هذه العادة، فالتحول من تدخين السجائر إلى التدخين الإلكتروني هو أمرٌ مختلف تماماً عن البدء في استخدام النيكوتين لأول مرة من خلال السجائر الإلكترونية، وغالباً ما يؤدي إدمان النيكوتين إلى استخدام منتجات التبغ التقليدية في المستقبل".

تظهر الأبحاث التي أجراها مركز السيطرة على الأمراض (CDC) أنَّ التدخين الإلكتروني قد انخفض بين الشباب إلى حد ما منذ عام 2020، ولربما قد ساهم بقاء الأطفال في المنزل تحت مرأى والديهم في أثناء جائحة كوفيد19 COVID-19 في هذا الانخفاض.

لكن، كما يؤكد بلاها أنَّ تفسير هذه البيانات أمرٌ صعب، نظراً لأنَّ اهتمامات الشباب تتغير كثيراً، كما أنَّهم خلال الاستطلاع قد لا يعدُّون المنتجات التي تستخدم لمرة واحدة على أنَّها تدخينٌ إلكتروني، فلا يذكرونها.

يشير تقرير مركز السيطرة على الأمراض نفسه إلى أنَّ استخدام السجائر الإلكترونية التي تستخدم لمرة واحدة زاد بنسبة 1000% بين طلاب المدارس الثانوية و400% بين طلاب المدارس المتوسطة منذ عام 2019.

شاهد بالفديو: كيف تتصرّف إذا اكتشفت أنّ ابنك مدمن على التدخين؟

التدخين الإلكتروني وجائحة كوفيدCOVID-19:

يقول بلاها إنَّ البيانات أظهرت تراجعاً في مبيعات السجائر الإلكترونية عندما بدأت جائحة فيروس كورونا لأول مرة، ربما لأنَّ الناس كانوا يقضون وقتاً أطول في المنزل ويتجنبون المتاجر والأماكن العامة.

لكنَّ بلاها يرى توجهاً حالياً مثيراً للقلق؛ فقد ارتفعت معدلات الاستخدام اليومي للسجائر الإلكترونية بين جميع مستخدمي التدخين الإلكتروني، يقول: "كان عدد الأشخاص الذين يدخنون السجائر الإلكترونية يومياً هو 1 من كل 5، لكنَّ العدد ارتفع الآن قليلاً، وهو أمرٌ مثير للقلق لأنَّه يشير إلى ازدياد الإدمان على النيكوتين، وهو أمرٌ علينا الحذر منه".

إقرأ أيضاً: فيروس كورونا: ما الذي يمكن فعله لتعزيز نظامنا المناعي؟

في الختام: هل تريد الإقلاع عن التدخين؟

توجد علاقةٌ قوية تربط بين التدخين وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، لكن كلما أقلعت عنه مبكراً، تجدَّد جسمك وعالج نفسه بشكل أفضل؛ لذلك استشر طبيبك فيما يخص برنامج أو أدوات الإقلاع عن التدخين الأفضل بالنسبة إليك.

المصدر




مقالات مرتبطة