حقائق حول الوقاية من كورونا من خلال فيتامين د والزنك وغيرها

في الوقت الحالي، يتداول الناس كثيراً من المعلومات المغلوطة وأنصاف الحقائق حول فيروس كورونا المُستَجِد، وهذا منطقيٌّ؛ لأنَّ الفيروس جديدٌ جدَّاً، وما زال الأطباء والعلماء يدرسون كيفية انتقال العدوى وأفضل طرائق علاج المرض. في بعض الأحيان، تنتشر أخبارٌ متضاربةٌ حول الاختبارات، والأعراض، والعلاجات؛ وهو أمرٌ يثير حيرة الناس. زِد على ذلك أنَّ كلَّ شخصٍ يريد أن يقي نفسه بأقصى ما يستطيع، لذا فمن المنطقي أن يُجرِّب الناس أيَّ طريقةٍ تقيهم الفيروس، سواءً كانت مؤكَّدةً أم لا.



نستعرض فيما يلي بعض الأسئلة حول طرائق العلاج المُتداولة بين الناس، وسنبحث عن إجاباتها حتَّى نميِّز المعلومات الحقيقية عن تلك المغلوطة:

1. هل تَقي مُكمِّلات الزنك من فيروس كورونا؟

لم تُجرَ إلى الآن أيُّ أبحاثٍ حول تأثير الزنك في فيروس كورونا المُستَجِد، الذي يُطلَق عليه رسميَّاً اسم "فيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة من النوع 2" (SARS-CoV-2).

بيد أنَّ الزنك قد يؤثِّر في فيروسات كورونا الستة الأخرى، بما فيها الفيروس الأساسي المُسبِّب لمرض "المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة" (SARS)، وفيروسات كورونا الأربعة الأخرى التي تؤدِّي إلى الإصابة بنزلات البرد المعروفة.

تُعَدُّ الدراسات التي أُجريَت إلى الآن حول قدرة الزنك على الوقاية من الأمراض أقلَّ من نظيراتها التي أُجريَت حول خصائصه العلاجية، إذ وجدَت دراسة أجريت عام 2010 على خلايا مزروعةٍ في طبق -من الهامِّ أن نشير إلى أنَّها ليست خلايا بشريةً بشكلٍ كامل- أنَّ الزنك منع تكاثر "فيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة من النوع 1" (SARS coronavirus). بيد أنَّ البيانات حول البشر تُعَدُّ متضاربة، إذ وجدَت إحدى عمليات التحليل التي شملَت سبع دراساتٍ مختلفةً أنَّ مُكمِّلات الزنك تقلِّص مدَّة الإصابة بنزلات البرد، التي سببها فيروسات كورونا أو الفيروس الأنفي (المسبب الرئيسي للزكام)، بنسبة 33%. وفي تجربةٍ أحدث استُعمِل فيها العلاج الوهمي (placebo) نشرها العالِم نفسه، لم تختلف أبداً المدة الزمنية التي بقيَت فيها أعراض نزلات البرد لدى الأشخاص الذين تناولوا الزنك، أو أولئك الذين أُعطُوا العلاج الوهمي. يقول الطبيب "ويليام شافنر"، خبير الأمراض المُعدِية وأستاذ الطب الوقائي في كلية الطب في جامعة فاندربيلت: "حتَّى لو كان ثمَّة تأثير، فإنَّ هذا التأثير بسيط. لا يمكنك تناول مُكمِّلات الزنك عوضاً عن القيام بأيِّ شيءٍ آخر".

الخلاصة: إذا أحسست بالمرض، فربَّما يكون من المفيد تناول مكمِّلات الزنك، لكنَّ هذه المُكمِّلات لا تقيكَ من المرض.

إقرأ أيضاً: هل الصداع هو أحد أعراض فيروس كورونا؟

2. ماذا عن فيتامين "د"؟

نشَر الطبيب "توم فريدن"، المدير السابق لـ "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها"، مقالاً يذكُر فيه أنَّ تناول مُكمِّلات فيتامين "د" يمكن أن يساعد في تعزيز قوة جهاز المناعة، والذي يؤدِّي دوراً هامَّاً في تحديد مدى خطورة الإصابة بكوفد-19.

تُعَدُّ الفيتامينات ضروريَّةً جدَّاً للحفاظ على صحة الجسم، لا سيما جهاز المناعة، فإذا كنت تعاني نقص الفيتامينات، فمن الجيد أن تتناول المُكمِّلات. بيد أنَّ الأشخاص الذين يعانون نقصاً في الفيتامينات يُعَدُّون قليلين جدَّاً في الحقيقة، لكنَّ فيتامين "د" قد يكون من أبرز الاستثناءات.

وفقاً لبعض التقديرات: يعاني نصف الأمريكيين تقريباً نقص فيتامين "د" الذي يُركِّبه البشر عن طريق الأشعة فوق البنفسجية، ومع مكوث معظم الناس الآن في منازلهم قلَّت على الأرجح كميات فيتامين "د" التي نحصل عليها عن طريق التعرُّض إلى أشعة الشمس، لذلك يُعَدُّ من المنطقي نظريَّاً تناول مكمِّلات فيتامين "د". أشار "فريدن" في مقالته إلى تحليلٍ أُجرِي عام 2017، ذَكَر أنَّ الأشخاص الذين تناولوا فيتامين "د" يوميَّاً أو أسبوعيَّاً، قلَّ خطر إصابتهم بأمراض الجهاز التنفسي. بيد أنَّ ذلك كان محصوراً بالأشخاص الذين يعانون نقص فيتامين "د" فقط؛ أي أنَّ الأشخاص الذين لا يعانون نقصاً لم يستفيدوا من تناول المُكمِّلات. من الهامِّ أيضاً أن نشير إلى أنَّه لا يوجد أبحاثٌ خاصةٌ أُجريَت لاكتشاف تأثير فيتامين "د" في كوفد-19.

الخلاصة: إذا كنت قلقاً بشأن مستويات فيتامين "د" لديك، أو إذا أخبرك الطبيب أنَّك تعاني نقصاً في فيتامين "د"؛ فمن المنطقي أن تتناول مُكمِّلات فيتامين "د"، لكن يُفضَّل ألَّا تذهب الآن إلى الطبيب لتسأله عن ذلك. لا يُبرِّر لك تناول مُكمِّلات فيتامين "د" ألَّا تهتمَّ بغسل يديك، وألَّا تلتزم بالمباعدة الجسدية.

إقرأ أيضاً: تعرّف على أهم مصادر فيتامين د

3. هل يُعَدّ تناول الإيبوبروفين خطيراً في زمن الكورونا؟

لا يوجد دليلٌ معروفٌ يُثبِت أنَّ مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية مثل: الإيبوبروفين، تعيق عمل جهاز المناعة أو تفاقم كوفد-19.

الخلاصة: يُعَدُّ كلٌّ من "الإيبوبروفين" و"الأسيتامينوفين" (الباراسيتامول) آمِنَيْن، ويخففان الألم ودرجة الحرارة بشكلٍ فعَّال.

4. أيُمكن أن تَقي المضمضة بالماء الدافئ والملح، أو الإكثار من شرب الماء من فيروس كورونا؟

تُعَدُّ المضمضة بالماء الدافئ والملح علاجاً منزليَّاً مُجرَّباً يخفِّف أعراض ألم الحنجرة، لكنَّ هذا تقريباً كلُّ ما يستطيع أن يفعله. لا يَصلُح الماء الدافئ والملح كمضادٍّ للفيروسات أو للوقاية من المرض أو حتى لشفاء المصابين به (ناهيك عن أنَّ ألم الحنجرة ليس دائماً من أعراض كوفد-19). يقول الطبيب "شافنر": "إذا أردتَ المضمضة بالماء الدافئ والملح ثلاث مراتٍ يوميَّاً، فلا بأس بذلك. سيجعلك هذا تُحِسُّ بالتحسُّن، لكنَّه لن يحمي حنجرتك من الفيروس".

يُعَدُّ الحفاظ على سوائل الجسم هامَّاً بكلِّ تأكيدٍ إذا كنت مريضاً، لا سيما إذا كنت تعاني ارتفاع الحرارة أو الإسهال اللذَين يمكن أن يؤدِّيا إلى فقدان الجسم السوائل، حتَّى لو كنت لا تتعرَّق. بيد أنَّه لا يوجد دليلٌ يثبت أنَّ شرب الماء يطرد الفيروس من الفم ويقيك من المرض.

يقول "شافنر": "إنَّه من المنطقي ظاهريَّاً، بما أنَّ الفيروس يتشبَّث بالخلايا الموجودة في الجزء الخلفي من الحنجرة، أن يعتقد الناس بأنَّ شرب بعض الماء ربَّما يؤدِّي إلى نزول الفيروس إلى الأمعاء"، لكنَّه يضيف قائلاً: "أخشى أنَّ الأمور لا تسير بهذه الطريقة. يُعَدُّ شرب الماء مفيداً؛ لأنَّه يحافظ على سوائل الجسم، وهذا جيِّد، لكنَّه لن يقيك من الفيروس".

الخلاصة: إذا كنت تعاني ألماً في الحنجرة، فتمضمض بالماء والملح حتَّى تَخفَّ الأعراض، واشرب الماء لأنَّه مفيدٌ للصحة، ولأنَّ الحفاظ على سوائل الجسم يُعَدُّ هامَّاً، لكنَّ كِلاهما لن يحميانك من الإصابة بفيروس كورونا.

إقرأ أيضاً: فوائد شرب الماء الدافئ على الريق

5. هل تقتل الشمس فيروس كورونا من خلال الحرارة والأشعة فوق البنفسجية؟

تقضي درجات الحرارة العالية التي تتجاوز 132 درجة على مقياس فهرنهايت (أي حوالي 55.5 درجة على مقياس سلسيوس)، والأشعة فوق البنفسجية على عديدٍ من الفيروسات، بما فيها "فيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة من النوع 1" (SARS coronavirus) الأساسي، وتستخدم بعض المشافي بانتظامٍ آلاتٍ تطلق الأشعة فوق البنفسجية لتعقيم الغرف والمعدات. بيد أنَّه لم يَجرِ التأكُّد بَعد من أنَّ فيروس كورونا المُستَجد -فيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة من النوع 2 (SARS-CoV-2)- يتصرَّف بالطريقة نفسها، والأهمُّ من ذلك أنَّ الحرارة والأشعة فوق البنفسجية المنبعثتين من الشمس ليستا بالشدة نفسها حتَّى يكون لهما هذا التأثير. هذا يعني أنَّ الخروج إلى الهواء الطلق في الأيام المُشمِسة لن يقضي على جزيئات الفيروسات، ولن يقيك من المرض.

يقول الطبيب "شافنر": "إنَّ تأثير الحرارة والأشعة فوق البنفسجية ليس سريعاً بما فيه الكفاية لمنع انتقال العدوى بين الناس. إذا وقفتَ بعيداً عنِّي بمقدار 3 أقدام (0.9 متر) وخرج الفيروس مع الزفير الذي أُطلقه، فلن تكون المدة التي تحتاج إليها لاستنشاق الفيروس كافيةً للقضاء عليه، حتَّى لو كانت أشعة الشمس حارقة".

يثير هذا السؤال أيضاً النقاش بشأن ما إذا كان تفشِّي الوباء سينحسر خلال الصيف، مثلما هو الحال مع الفيروسات الموسمية الأخرى. ثمَّة دليلٌ يشير إلى أنَّ فيروس كورونا الجديد ينتشر انتشاراً أسرع في الأجواء الباردة والجافة، لذلك ما زال بعض العلماء متفائلين بأنَّ أجواء الصيف الحارَّة والرطبة قد تخفِّف بعضاً من تفشِّي المرض. ولقد قال علماء الأوبئة، مثل الدكتور "مارك ليبسيتش"، أنَّ التأثير سيكون بسيطاً، وليس كافياً وحده لإيقاف العدوى.

الخلاصة: على الرغم من أنّ درجات الحرارة المرتفعة والأشعة فوق البنفسجية قد تقضي على فيروس كورونا المُستَجد، إلَّا أنَّ التواجد في الهواء الطلق لا يفعل ذلك.

إقرأ أيضاً: 13 طريقة تحميك من فيروس كورونا عند مغادرة المنزل

6. هل يُمكن أن تعرف إن كنت مصاباً بكوفيد-19 من خلال حبس أنفاسك مدة 10 ثوانٍ؟

يُعَدُّ هذا سؤالاً آخر من الأسئلة التي يقول "شافنر" أنَّه منطقيٌّ من الناحية الظاهرية. إذا كنت تعاني معاناةً شديدةً من كوفد-19، وترافَق ذلك مع ضيق التنفُّس؛ فستَضْعُف رئتاك، وستبذل جهداً أكبر من أجل التنفُّس. في هذه المرحلة، لن تستطيع على الأرجح حبس أنفاسك مدة 10 ثوانٍ؛ لأنَّك ستكون أكثر حاجةً إلى التنفُّس حتَّى تحصل على هواءٍ نقيِّ وتتخلَّص من الهواء الفاسد. لكنَّ "شافنر" يقول: "صدِّقني إذا كنت مريضاً إلى هذا الحد، فلن يكون ضروريَّاً أن تجري اختبار حبس الأنفاس؛ لأنَّه حينئذٍ سترتفع درجة حرارتك، وستُحِسُّ بشعورٍ فظيع، وستواجه صعوبةً في التنفُّس، ويُفضَّل في تلك الأثناء أن تكون إمَّا عند الطبيب أو في غرفة الطوارئ".

لن يخبرك هذا الاختبار أيَّ شيءٍ إذا كنت مصاباً بالمرض دون أن تظهر أعراضه عليك، أو إذا ظهرت عليك أعراضه دون سُعال. وهو أمرٌ تذكُر مزيدٌ من التقارير أنَّه يصيب الناس في مراحل المرض الأولى.

الخلاصة: إنَّ مجرد قدرتك على حبس أنفاسك مدة 10 ثوانٍ، لا يعني أنَّك لست مصاباً بفيروس كورونا.

إقرأ أيضاً: هل يمكن أن تكون مصاباً بفيروس كورونا دون أن تعلم؟

كَثُرَ مؤخَّراً الحديث عن علاجاتٍ وأدويةٍ تقي من فيروس كورونا أو تشفي المصابين به، بيد أنَّ معظم تلك الأحاديث لا أساس لها من الصحة، أو أنَّها تحتاج إلى مزيدٍ من الأبحاث والدراسات.

وحتَّى لا تقع ضحية المعلومات المغلوطة وأنصاف الحقائق، توخَّ الدقة دائماً عند الاستماع إلى الأخبار، وابحث عن المصادر العلمية الموثوقة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة