حالات صحية مزمنة تزيد خطر الإصابة بفيروس كوفيد-19 (كورونا)

وسط الإجهاد والارتباك الناتجين عن فيروس كوفيد-19، وأوامر التباعد الاجتماعي؛ قد يبدو الأمر مربكاً أكثر بالنسبة إلى كبار السن؛ فقد أجَّلت العيادات الزيارات المنتظمة، وبات المرضى قلقين حيال الذهاب إلى الصيدليات ومحلات البقالة، حتَّى أنَّه يوجد أدلةٌ غير رسميةٍ على أنَّ الناس يتجنَّبون الذهاب إلى غرف الطوارئ عند التعرُّض إلى مشاكل خطيرةٍ مثل آلام الصدر، خوفاً من الإصابة بالفيروس!



يجب عدم إغفال حقيقةٍ هامَّةٍ في خضم انتشار هذا الوباء، وهي: أنَّ المشاكل الصحية المزمنة لا تزال بحاجةٍ إلى الاهتمام. مثلاً: إذا كنت مصاباً بداء السكري قبل الوباء، فأنت لا زلت مصاباً به، ويجب عليك مراقبة مستويات السكر في الدم؛ وإذا نُصِحتم باتباع نظامٍ غذائيٍّ قليل الملح قبل الوباء للسيطرة على ضغط الدم، فلا تزالون بحاجةٍ إلى اتباعه؛ وإذا كان عليك مراجعة طبيبك لأنَّ وزنك قد ازداد بسبب قصور القلب الاحتقاني، فلا تزال بحاجةٍ إلى التحقُّق من وزنك يومياً، ومن ثمَّ الاتصال بطبيبك.

حتى أنَّ المرضى الذين يعانون من أمراض الشيخوخة، والذين عليهم أن يولوا اهتماماً بالحالات الصحية المزمنة، هم في وضعٍ أكثر خطورةً الآن؛ حيث أنَّهم أكثر عرضةً إلى الإصابة بفيروس كوفيد-19؛ لأنَّهم يعانون من مشاكل طبيةٍ كامنة.

الرئتين والقلب وحتَّى الكلى:

إذا كنت تعاني من أمراضٍ مزمنة، وأصبت بعدوى فيروس كوفيد-19؛ فمن المحتمل أن تواجه خطراً متزايداً للإصابة بأعراضٍ حادة. درست "مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها" (CDC) عينةً من المرضى المصابين بفيروس كوفيد-19 في الولايات المتحدة، ووجدوا أنَّ 89% من الذين دخلوا المستشفى في شهر آذار من عام 2020 يعانون من أمراضٍ كامنة، وارتفعت النسبة إلى 94% عند المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 65 وما فوق.

يؤثِّر فيروس كوفيد-19 في الرئتين في المقام الأول، والأشخاص الذين يعانون من أمراض الرئة -مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن- لديهم "احتياطيٌّ رئويٌّ" أقل، وهذا يشبه امتلاك مولِّدةٍ احتياطيةٍ تنتظر بدء التشغيل إذا انقطع التيار الكهربائي؛ لذا، ما قد يكون إصابةً خفيفةً لشخصٍ آخر، يمكن أن يتطوَّر إلى إصابةٍ شديدةٍ عند شخصٍ يعاني من مشاكل في الرئة.

فلنضع الرئتين جانباً، بدأ الأطباء والعلماء رؤية علاماتٍ تشير إلى أنَّ لفيروس كوفيد-19 آثارٌ مدمرةٌ على الكلى والقلب، مثل استجابة الجهاز المناعي المتطرِّفة -تُعرَف باسم العاصفة السيتوكينية- والتي يُمكن أن تُلحِق الضرر بالأعضاء؛ كما قد تطوَّرت جلطات الدم الخفيفة لدى بعض المرضى؛ ويمكن أيضاً لأمراض ضغط الدم المرتفع أو قصور القلب الاحتقاني أو السكري أن تزيد من خطر الإصابة بأعراضٍ شديدةٍ لفيروس كوفيد-19.

في العينة التي درسها أحد مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، وجدوا أنَّ 73% من المرضى المسنين كانوا يعانون من ارتفاع ضغط الدم، ويعاني ثلثهم تقريباً من السكري، ويعاني أكثر من نصفهم بقليلٍ من أمراض القلب والأوعية عندما أُدخِلوا المستشفى بسبب إصابتهم بفيروس كوفيد-19.

إقرأ أيضاً: 8 خطوات يمكنك اتخاذها للحد من انتشار فيروس كورونا

كيف تستمر في رؤية طبيبك؟

إنَّ ضبط الأمراض المزمنة في خضمّ وباءٍ ليس بالأمر السهل، حيث يتطلَّب ذلك تعديل الروتين اليومي والتعامل مع العقبات الجديدة. وإحدى التحديات هي المواعيد الطبية في أثناء الوباء، فقد أجَّلت أغلبية عيادات الشيخوخة الزيارات الشخصية لإجراء الفحوص الروتينية، وذلك منعاً لتعريض المرضى أو الموظفين إلى الإصابة بفيروس كوفيد-19؛ لكن هذا لا يعني أنَّ طبيبك الخاص غير متواجد من أجلك.

حوَّلت بعض العيادات معظم مواعيد المرضى إلى الفحص الصحيِّ عن بعد، إذ يسمح هذا لهم بالبقاء على اتصالٍ مع مرضاهم ومراقبة الأعراض وتعديل خطط العلاج على الفور.

يسمح الإنترنت مع "غرف الانتظار الافتراضية" بالزيارات عن طريق التواصل المرئي بين المريض والطبيب؛ أمَّا المرضى الذين لا يمكنهم الوصول إلى الإنترنت أو لا يرتاحون بالتعامل مع التكنولوجيا، قد يكون استخدام الاتصالات الهاتفية مفيداً لهم، حيث يمكن للمرضى أن يرسلوا صور إصاباتهم.

تجري الآن أكثر من 90 في المئة من زيارات العيادات لمرضى الشيخوخة عبر الهاتف؛ حيث تحدِّد العيادة موعداً، ويسجِّل موظفو العيادة المريض، ثمَّ يتصل الطبيب بالمريض من أجل الفحص.

مؤخراً، كان أحد الأطباء يجري إحدى هذه الزيارات (التواصل عن بعد) عندما سأله أحد المرضى عمَّا إذا كان يعتقد أنَّه يجب عليهم تجربة الرعاية الصحية عن بعد؛ ففُوجِئ الطبيب بالسؤال، فقد كانا بالفعل في خضمِّ جلسة من جلسات الرعاية الصحية عن بعد. أدرك الطبيب حينئذ أنَّ النظرة الشائعة إلى خدمة الرعاية الصحية عن بعدٍ هي أنَّها "عمليةٌ معقدة"، وربَّما مشابهةٌ للاتصال بخط خدمة العملاء. لكن في الحقيقة، يجري عادةً ترتيب خدمات الرعاية الصحية عن بعدٍ مع طبيبك وفق نوعٍ مختلفٍ من التواصل.

إقرأ أيضاً: هل سيجعل فيروس كورونا الاستطباب عن بعد هو القاعدة، وليس الاستثناء؟

ماذا عن استمارات الوصفات الطبية؟

حتَّى إذا لم يعد في العيادة مواعيد روتينيةٌ للمرضى، فربَّما لا يزال العمل مستمراً في العيادة، حيث يمكن للمرضى الاتصال بالعيادة، ويمكنهم أيضاً طلب استمارات الوصفات الدوائية عبر الإنترنت؛ كما تقدِّم بعض الصيدليات خدمة توصيل الأدوية أو الاستلام السريع هذه الأيام، وبهذا لا يُضطر المرضى المعرَّضون إلى خطرٍ كبيرٍ إلى المشي داخل الصيدلية.

الإبقاء على حمية غذائية:

غالباً ما يكون النظام الغذائي أحد أصعب عمليات التكييف اللازمة للسيطرة على الحالات الطبية للأمراض المزمنة، فقد تكون مراقبة ما نأكله أكثر صعوبةً في أثناء فترة الوباء؛ فاتباع نظامٍ غذائيٍّ منخفض الكربوهيدرات لمرضى داء السكري، أو اتباع نظامٍ غذائيٍّ قليل الملح لمرضى فشل القلب الاحتقاني، أو اتباع نظامٍ غذائيٍّ منخفض الكوليسترول للمصابين بأمراض القلب؛ ليست بالأمر الهين عندما يجلس الناس في المنزل مع خزائن مليئةٍ بمواد مخزنة، وهم غير قادرين على الوصول إلى محل البقالة للحصول على منتجاتٍ طازجة.

لتجنُّب تناول وجبةٍ خفيفةٍ بسبب الملل، حاول وضع جدولٍ للوجبات اليومية والوجبات الخفيفة. كما يمكن للحفاظ على رطوبة جسمك أن يساعد أيضاً، حيث لا تستجيب الهرمونات التي تخبرنا عندما نحتاج لشرب شيءٍ ما مع تقدُّمنا ​​في العمر؛ لذلك قد تحتاج أجسامنا للماء، ولكن قد نفسِّر ذلك على أنَّه جوع؛ فنتناول وجباتٍ خفيفةً غير صحية عوضاً عن شرب الماء.

إذا كان الوصول إلى متجر البقالة يمثِّل تحدياً، فتحقق من إتاحة ساعاتٍ لكبار السن فقط في المتجر، أو خدمة التسليم، أو التوصيل السريع. قد يتمكَّن صديقٌ أو جارٌ أو أحد أفراد العائلة من الذهاب لشراء البقالة لك؛ فالكثير من الناس تواقون للمساعدة، وليس عليك أكثر من طلبها منهم.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح للتباعد الاجتماعي: قواعد التسوق الآمن في ظلّ فيروس كورونا

البقاء خارج المستشفى:

حتى إذا لم تُصب بفيروس كوفيد-19، فلا يزال من الهامِّ للغاية أن تستمرَّ في ضبط الأوضاع الطبية المزمنة.

عندما لا تُضبَط هذه الأوضاع المزمنة، يكون المرضى أكثر عرضةً إلى أن ينتهي بهم الأمر إلى غرفة الطوارئ في المستشفى، وهي الأماكن التي من المرجَّح أن يجري فيها علاج المرضى المصابين بفيروس كوفيد-19، والتي تمتلئ بالمرضى في خضم هذا الوباء.

أفضل طريقة لمساعدتهم هي الاعتناء بنفسك؛ لذلك ابقَ في المنزل بصحةٍ جيدة، وابقَ على تواصلٍ أيضاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة