توقف عن استباق الأحداث

أراهن أنَّك تقوم باستباق الأحداث طوال الوقت، ودعني أعطيك بعض الأمثلة وأخبرك ما إذا كنتُ مخطئاً:

  • "من المحتمل أن تستمر أسعار المساكن في الارتفاع".
  • "هذا الشخص لن يتغير أبداً".
  • "سيستمر نشاطي التجاري في النمو".
  • "لن أتعلم من أخطائي أبداً".
  • "إنَّه لا يحبني".


ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن التوقُّف عن استباق الأحداث.

غالباً ما يكون لدينا هذا النوع من الأفكار، وجذر هذه المشكلة هو سرعتنا في إطلاق الأحكام؛ فالبشر مفكرون سريعون للغاية، لكن ما هي السرعة التي نفكر بها؟ حدَّد العلماء سرعة الضوء والصوت، لكن عندما يتعلق الأمر بالأفكار، فليس من السهل قياسها؛ إذ وجد الباحثون الذين أجروا تجارب لقياس سرعة التفكير ما يأتي: يمكن توليد الأفكار والعمل تبعاً لها في غضون 150 مللي ثانية، وإذا كان هذا صحيحاً، فنحن أسرع من وقت تحميل منصة غوغل (Google)؛ إذ يبلغ متوسط ​​وقت تحميل موقع (Google.com) على الهاتف المحمول حالياً 600 مللي ثانية.

نحن مفكرون سريعون:

لكن هذا لا يعني أنَّنا يجب أن نتابع كلَّ فكرة تخطر ببالنا، فهل سبق لك أن حاولت قياس عدد الأفكار العشوائية التي تظهر في ذهنك؟ جرِّب تجربة بسيطة فقط لبقية اليوم، تابع أفكارك؛ ففي كلِّ مرة تبدأ بالتفكير في الأحداث المستقبلية أو تبدأ في صنع تخيلاتك الذهنية، سجِّل عدد أفكارك على ورقة لاصقة أو قطعة صغيرة من الورق، خطرت في بالي 23 فكرة عشوائية فجأة، ولن أتفاجأ إذا كان لدي 2300 فكرة أخرى في عقلي الباطن، لكن السر يكمن في عدم الالتفات لتلك الأفكار؛ لأنَّك إذا قمت بذلك، فسوف يتحول عقلك إلى فوضى تامة.

بدلاً من صنع جميع أنواع التخيلات الذهنية، التزم دائماً بالانطباعات الأولى، ولا تفترض أيَّ شيء، انظر إلى الانطباعات فقط ولا تفكر في معنى كلِّ شيء، وهذا تمرين بسيط تعلمته من كتاب تأملات (Meditations) للفيلسوف الرواقي ماركوس أوريليوس (Marcus Aurelius): "التزم بالانطباعات الأولى، ولا تستقرئ، ولن يحدث لك شيء"، وهكذا تحافظ على هدوئك دائماً؛ لكنَّ التمسك بالانطباعات الأولى أمر صعب للغاية؛ لأنَّ صبرنا جميعنا قليل، فنحن حريصون على إصدار الأحكام بعد انطباعاتنا الأولى، مثلاً: "لم ترد على رسالتي، لم تعد تحبني بعد الآن"، لنفترض أنَّك تصدر حكماً سريعاً من هذا القبيل أو شيء مشابه.

لكن دعونا ننظر إلى الموقف: لم يرد شخص ما على رسالتك على الفور، وهذا هو الموقف بكلِّ بساطة؛ فالانطباع الأول أنَّك لم تحصل على رد، وليست هذه الأفكار: "لم ترد عليَّ، إذاً أنا لست هام بالنسبة إليها، ثمَّة لديها من هو أهم مني"، وبعد ساعتين، يصلك الرد، ماذا فعلت خلال هاتين الساعتين؟ لقد أفرطت بالتفكير وشعرت بالانزعاج، ولا يستحق الأمر كلَّ هذا العناء.

شاهد بالفديو: 7 طرق تمنع بها نفسك من الإفراط في التفكير

افعل ما تريده دائماً:

إذا كنت تريد التوقف عن استباق الأحداث، فأنت بحاجة إلى أن تكون أكثر رزانة، لكنَّ النظر إلى الأشياء على حقيقتها ليس بهذه السهولة، كما قال الكاتب رايان هوليداي (Ryan Holiday)، وهو شخص درس الرواقية، في كتابه "العقبة هي الطريق" (The Obstacle Is The Way): "يتطلب الأمر مهارة وانضباطاً للتخلص من آفات التصورات السيئة، ولفصل الإشارات الموثوقة عن الإشارات الخادعة، وللتمييز بين التحيز والتوقع والخوف".

على سبيل المثال إذا واجهت صراعاً في العمل أو تراجعاً في مبيعاتك أو خلافاً مع زوجتك، فانظر إلى الأشياء على حقيقتها، ما هو تحت سيطرتك؟ وهل هناك شيء يمكنك القيام به الآن؟ وهل يمكنك تحسين الوضع؟ إذاً افعل ما يمكنك القيام به لتحسين الوضع على أحسن وجه، وإذا كنت لا تستطيع فعل شيء، افعل شيئاً آخر.

افعل أشياء مختلفة في حياتك يمكنك أن تهتم بها، مثل:

  • تعلُّم مهارة جديدة.
  • ممارسة بعض التمرينات الرياضية كلَّ يوم.
  • العمل على تحقيق أهدافك.
إقرأ أيضاً: 5 خطوات لمعرفة ما تريد فعله في حياتك

في الختام:

النقطة الهامة هي أنَّك يجب أن تكون واضحاً جداً بشأن ما تفعله في حياتك طوال الوقت، فإذا سألتك: "ماذا تفعل؟" يجب أن يكون لديك إجابة واضحة، وقد تقول: "أنا أسترخي قليلاً"، وهذا ممتاز، أنت تفعل شيء خاص بك، فأنت لست عبداً لأفكارك أو لأفعال الآخرين، فهذه حياتك، وطالما أنَّك لا تؤذي نفسك أو الآخرين، يمكنك أن تفعل ما تريد؛ لذا توقَّف عن التفكير فقط فيما يعنيه كلُّ شيء وابدأ بالنظر إلى الأشياء على حقيقتها.




مقالات مرتبطة