تمرينان للسيطرة على الأفكار السلبية

فكِّر في كلِّ الإطراءات التي قلتها لنفسك، ثم فكِّر في كلِّ الأوقات التي قلت فيها شيئاً سلبياً عن نفسك، ما هي مجموعة الذكريات التي يسهل تذكرها؟ إذا كنت مثل معظمنا، فللأسف، سيسهل عليك تذكُّر التعليقات السلبية؛ فنحن البشر، غالباً ما يكون حديثنا الذاتي سلبياً؛ إذ نميل إلى اجترار الأفكار السلبية مراراً وتكراراً، وكلَّما زاد تفكيرنا في هذه الأفكار، زادت قوتها؛ فالأفكار المتكررة تترك أثراً في أذهاننا، وكلَّما تكررت، يصبح التفكير فيها أكثر سهولة، بدلاً من إنشاء أفكار جديدة، لكن مع الإرادة والجهد يمكننا تغييرها.



عندما يتعلق الأمر بحديثنا الداخلي، فإنَّ استبدال الأفكار السلبية البالية بأفكار جديدة إيجابية يمكن أن يكون مؤثراً تأثيراً مذهلاً؛ إذ أظهرت دراسات مختلفة في مجال علم النفس الإيجابي أنَّ الأشخاص الذين يبذلون الجهد اللازم للقيام بذلك لديهم عقول أكثر صحة وحياة أكثر سعادة على الأمد الطويل.

من الهام أن نلاحظ أيضاً أنَّ استبدال سلبيتنا بالإيجابية لا يعني إيقاف كلِّ أفكارنا السلبية؛ إذ يكاد يكون من المستحيل فعل ذلك لأنَّ الأفكار السلبية تنشأ عادةً بعفوية ولا نتحكم بها، ولا يتعلق الأمر أيضاً بتحويل أفكارنا السلبية الكاذبة إلى أفكار إيجابية كاذبة؛ بل الهدف هو إعادة صياغة الأفكار السلبية صياغة فعالة؛ إذ تكون مبنية بالكامل على الواقع، ومنفصلة عن المآسي التي لا داعي لها، وتركز على الخطوة الصغيرة والإيجابية التالية التي يمكن اتخاذها في الوقت الحاضر.

فيما يأتي تمرينان للسيطرة على الحديث الذاتي السلبي:

1. تسجيل سلبيتك ومراجعتها:

يجب لتغيير طريقة تفكيرك أن يكون لديك أولاً فهم واضح لما تفكر فيه؛ فعندما تظهر فكرة سلبية في عقلك، بدلاً من تجاهلها، انتبه إليها جيداً ثم سجلها؛ فعلى سبيل المثال، إذا كنت جالساً في مكتبك ووجدت نفسك تفكر في شيء سلبي، توقف واكتبه على الفور؛ فمجرد جملة قصيرة أو جملتين تصور بصدق الفكرة المحددة التي تزعجك كافية؛ فمثلاً "لست جيداً بما يكفي للوظيفة التي أتقدم لها لأنَّني لا أملك خبرة كافية"، ثم حدِّد بسرعة ما الذي أثار الفكرة، وكن موجزاً ​​ومحدداً: "أنا جديد في هذا المجال، ومن ثَمَّ أشعر بأنَّني خارج منطقة الراحة الخاصة بي".

تساعد عملية تسجيل أفكارك السلبية على إدراك سلبيتها بوعي وموضوعية، ممَّا يساعدك في النهاية على تغيير طريقة تفكيرك.

شاهد بالفيديو: تعرّف على آلية مواجهة الأفكار السلبية لعيش حياة إيجابية وسعيدة

2. تحدي أفكارك السلبية عن طريق تحويلها إلى أسئلة:

معظم الأشياء التي تخبرها لنفسك عندما تفكر في مشكلاتك، خاطئة تماماً؛ لذا عليك أن تسيطر عليها وتعيد نفسك إلى الواقع؛ فالحل هو تحدي أفكارك السلبية، وإحدى أبسط الطرائق للقيام بذلك هي تحويلها إلى أسئلة؛ لذا دعنا نعيد النظر في المثال المذكور في التمرين الأول: "أنا لست جيداً بما يكفي للوظيفة التي أتقدم لها؛ لأنَّني لا أمتلك الخبرة الكافية"، ما عليك سوى تغيير هذه الفكرة إلى سؤال: "هل أنا لست جيداً بما يكفي للوظيفة التي أتقدم لها؛ لأنَّني لا أمتلك الخبرة الكافية؟".

بعد ذلك، بمجرد التفكير في السؤال للحظة، اسأل نفسك: هل الإجابة هي نعم حقاً؟ فكِّر في الأمر، ثم ابحث عن أدلة تثبت عكس ذلك، ما هي النجاحات التي حققتها في حياتك المهنية، والتي قد تنطبق على هذه الوظيفة الجديدة؟ وأين كان لجهودك أثر إيجابي ومتى؟ اكتب قائمة قصيرة ومحددة لبعض الأوقات التي كنت فيها جيداً بما يكفي، ثم افحصها.

هل تقصر في عملك في بعض الأحيان؟ فالجميع يفعل ذلك؛ لكنَّك تنجح أيضاً، وهذه هي الحقيقة الكاملة، والتي تستحق التفكير فيها؛ فالهدف النهائي هو أن ترى نفسك، وواقعك كاملاً رؤية أكثر دقة.

إقرأ أيضاً: تعرّف على آلية مواجهة الأفكار السلبية لعيش حياة إيجابية وسعيدة

مارس الحديث الذاتي الإيجابي:

عندما تتدرب على التمرينات المذكورة أعلاه، ستلاحظ تبدد حديثك الذاتي السلبي بينما تمهد تدريجياً لطريق أعمق للتفكير الإيجابي، بالطبع لن تكون قادراً على تجديد تفكيرك بالكامل بين ليلة وضحاها، فلقد اعتدت على التفكير السلبي لسنوات، لكن يمكنك إنشاء عادة التفكير الإيجابي في إطار زمني قصير نسبياً؛ إذ يتطلب الأمر ممارسة يومية فقط.

لذا استمر في تسجيل حديثك الذاتي السلبي ومراجعته وتحديه كلَّما أمكنك ذلك، وقد يكون من المفيد أيضاً أن يكون لديك عدد من العبارات التشجيعية التي يمكنك تكرارها بصمت لنفسك عندما تحتاج إلى تغيير سريع في طريقة تفكيرك.

إليك خمس من هذه العبارات:

  1. اعلم أنَّ التفكير الإيجابي لا يتعلق بتوقع الأفضل في الوقت الحالي؛ بل بقبول ما يحدث الآن والاستفادة منه.
  2. استخدم عقبات اليوم لتحفيزك بدلاً من إزعاجك، وكن يقظاً، فأنت تتحكم بالطريقة التي تستجيب بها للحياة.
  3. لا يضيع الجهد أبداً، حتى عندما يؤدي إلى نتائج مخيبة للآمال؛ لأنَّه يجعلك دائماً أقوى وأكثر خبرة.
  4. توقف عن التسرع، وركِّز اهتمامك على لحظات الحاضر، فأنت في المكان الذي من المفترض أن تكون فيه في هذه اللحظة بالذات، وهذه الخطوة والخبرة الحالية ضرورية.
  5. اشعر بالقوة الحقيقية والإيجابية التي تنبع من قرارك بالارتقاء فوق المشكلات التافهة والسلبية التي لا تهم على أيِّ حال.
إقرأ أيضاً: 3 أدوات لتعزيز الحديث الذاتي الإيجابي

في الختام:

ارفض قبول مزيد من الكلام الفارغ والأعذار القديمة والأفكار السلبية والحديث الذاتي السلبي نفسه، وابدأ من جديد اليوم؛ إذ يتعلق الأمر باستخدام إيمانك لتغذية التفكير والعمل الإيجابي، يوماً بعد يوم.

2 Quick Exercises to Quiet the Negative Self-Talk in Your Head




مقالات مرتبطة