تمارين لتحسين القدرة البصرية

لُوحِظَ خلال 10-15 سنة الماضية زيادة ملموسة في أعداد الأشخاص الذين يستخدمون النظارات والعدسات اللاصقة، ويمكن أن يُعزَى ذلك إلى الإفراط الشديد في استخدام الحاسوب سواء في المنزل أم في العمل، بالإضافة إلى زيادة عدد ساعات مشاهدة التلفاز، ولا بدَّ أنَّها أخبار جيدة لأطباء العيون وصُنَّاع النظارات الطبية حول العالم، مع أنَّها أخبار سيئة بالنسبة إلينا، لكن ليس بالضرورة أن تكون كذلك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب والمدوِّن "ستيفن أتشيسون" (Steven Aitchison)، ويحدِّثُنا فيه عن تجربته الخاصة مع التمرينات العينية الطبيعية وكيفية إجرائها وفوائدها الكبيرة.

تحتاج العينان كجميع العضلات الأخرى في الجسم إلى ممارسة تمرينات منتظمة للحفاظ على صحتها، لكنَّنا نعدُّ شيخوخة العينَين وضعفَ النظر أمراً مفروغاً منه ولا بدَّ من حدوثه في النهاية، لذلك نحتاج إلى النظارات أو العدسات اللاصقة، لكن ليس من الضروري أن يحدثَ ذلك إن التزمنا بالممارسة المُنتظَمة لتمرينات العينَين.

كذلك، إن بدأنا باستخدام النظارات والعدسات اللاصقة، فإنَّ قدرتَنا البصرية ستزداد سوءاً مع مرور الوقت بدلاً من التحسُّن، وذلك بسبب اعتياد العينَين على العدسة الجديدة وحاجتهما فيما بعد إلى عدسات أفضل منها للعمل بصورة صحيحة؛ إذ يتحدث جميعُ الذين يرتدون النظارات والعدسات اللاصقة عن تدهور حالة العينَين لديهم تدريجياً مع مرور الوقت، ويُرجِعون ذلك إلى تدهور قدرتهم البصرية، وهذا ليس هو الحال بالضرورة.

قد يبدو كلامي هذا مثيراً للجدل لدى بعض الناس، كما أنَّ معظمهم يُعارضون بشدة النصائح المتعلقة بالتمرينات العينية حين أقدِّمها لهم؛ وذلك لأنَّهم يفضِّلون الاستماع لنصائح أطباء العيون الذين قضَوا سنواتٍ في التدريب ويمتلكون خبرة واسعة وصلاحيات في مجال طب العيون وآلات باهظة الثمن لاختبار القدرة البصرية، لكنَّ الردَّ على ذلك هو عدم وجود حاجة إلى أطباء العيون في 90% من الحالات في حال قيام كلٍّ منَّا ببعض التمرينات العينية يومياً.

أنا لا أُنكِر وجودَ بعض الحالات الاستثنائية لما سبق؛ فكثير من الأشخاص يضطرون إلى استخدام النظارات أو العدسات اللاصقة بسبب معاناتهم من بعض المشكلات الخلقية الوراثية، أو إصابتهم برضٍّ، أو أذية في العين، أو الدماغ؛ ومع ذلك أعتقد أنَّ معظم الأشخاص الذين يرتدون النظارات لا يحتاجون إليها أو لم يكونوا بحاجتها منذ البداية.

فأنا أستخدم الحاسوب في مكان عملي وفي المنزل لمدة 9 ساعات وسطياً في اليوم، ومع ذلك لا أحتاج إلى النظارات بسبب رفضي القاطع الاستماع لنصيحة أطباء العيون الذين طلبوا مني استخدامها، وممارستي - بدلاً من ذلك - لبعض التمرينات العينية لأستعيدَ بعد بضعة أسابيع رؤيتي الطبيعية.

أعلم أنَّني سأتعرَّضُ لكثيرٍ من النقد بسبب هذا الكلام، لكنَّني ثابتٌ على رأيي هذا، وأنصحُ جميع من يستخدمون النظارات أو العدسات اللاصقة بتجربة تلك التمرينات العينية لبضعة أسابيع وملاحظة مدى تحسُّنهم.

تجدر الإشارة إلى أنَّ التمرينات التي أستخدمُها عادية، ويستطيع جميع الأشخاص ممارستها، وقد كانت مُتاحَة للعموم لمدة سنوات، لكنَّها ساعدَتني كثيراً على تحسين القدرة البصرية وآملُ أن تفيدَكم أيضاً، وعليَّ أن أعترفَ هُنا بفضل طبيب العيون المُلهِم والكاتب "مارك غروسمان" (Marc Grossman)، والذي عرَّفني على هذه التمرينات في مقالاته التي نشرَها منذ عدة سنوات مضَت.

5 تمرينات لتقوية عضلات العينَين وتحسين القدرة البصرية:

1. طَرف أو إغلاق وفتح العينَين:

يُعَدُّ طَرفُ العينَين وسيلةً سهلة وغالباً ما تُغفَلَ أهميتُها للحفاظ على نشاط وحيوية العينَين وزيادة قدرتهما على التركيز لفترات أطول؛ إذ يقلُّ عدد مرات فتح وإغلاق العينَين لدى الإنسان في أثناء استخدام الحاسوب أو مشاهدة التلفاز وخصوصاً عند تركيزه بإمعان على أمر ما.

لإثبات فاعلية هذا التمرين أنصحكم بتجربته في هذه اللحظة من خلال طرف العينَين كل 3-4 ثوانٍ خلال الدقيقتين القادمتين، ومن ثمَّ أريدكم أن تسجِّلوا ملاحظةً في عقولكم عن شعوركم بالإجهاد أو التعب أو الاسترخاء في العينَين بعد إجرائه لمدة دقيقتين كاملتين، والآن عليكم أن تحاولوا عدم طرف العينَين إطلاقاً لمدة 30 ثانية متواصلة في كل مرة خلال دقيقتين كاملتين وتُلاحِظوا وجود أي اختلاف في العينَين.

إذ تدخلُ العينان عند طَرفهما في الظلام لفترة وجيزة، فتقومان خلالها بتفريغ المعلومات السابقة والتخلُّص منها وتستعدَّان لاستقبال معلومات بصرية جديدة، وهذا يساعد على الحفاظ على نشاط العينَين والتقليل من الإجهاد العيني.

كما يمكن لمُعدَّل فتح وإغلاق العينَين أن يساعد على تنمية مهارات التواصل مع الآخرين، فعند نظر أحد ما للشخص الذي يتحدث معه بتمعُّن وانتباه، قد يشعر ذلك الشخص بالتهديد والخطر من قبله، وهُنا ربَّما تفوتنا حقيقة أنَّه قد توقَّف عن طرف عينَيه في هذا الموقف ممَّا أدى إلى شعور الشخص المقابل بالخوف.

يُعدُّ توقُّف أحدهم عن إغلاق وفتح عينَيه وبدئه بالتحديق إلى الشخص الذي يتحدث معه إشارةً إلى العنف والعدوانية، في حين يُعَدُّ رمش العينَين بفاصل 3-4 ثوانٍ عند التحدث إلى شخصٍ ما علامةً على الصداقة والراحة في التعامل والاستماع الجيد؛ لذا أنصحكم بالتحقق من مُعدَّل رمش العينَين لدى الشخص الذي تتحدثون معه من الآن فصاعداً.

إقرأ أيضاً: 5 عادات خاطئة تضر بصحة العين

2. تدريب العينَين باستخدام راحة اليد:

يُستخدَم هذا التمرين لتخفيف التوتر حول العينَين، وبوصفه وسيلة لتهدئة واسترخاء العينَين عند أخذ استراحة من العمل على الحاسوب، وتتمثَّل التوجيهات الخاصة به بما يأتي:

  1. أخذُ بضعة أنفاس عميقة قبل البدء بالتمرين.
  2. اتخاذ وضعية مُريحة في الانحناء للأمام مع الاستناد على مكتب أو طاولة ما أو وضع المرفقَين على الركبتين، ومن ثمَّ إغلاق العينَين.
  3. وضعُ كِلا اليدَين فوق العينَين بحيث تُغطَّى العينان بكفِّ اليد، مع وضع الأصابع على الجبين، في حين يستريح كعبُ أو مؤخرة راحة اليد على وجنتَي الخدَّين في الجهتين، وهُنا يجب التأكُّد من إمكانية فتح وإغلاق العينَين بحرية في هذه الوضعية، مع عدم الضغط الشديد على العينَين.

بذلك يكون هذا التمرين سهلاً جداً، ويُتيح فرصةً لتهدئة واسترخاء العقل والعينَين لبضع دقائق في كل مرة، وقد لا يبدو تمريناً عظيماً، لكنَّه يُحدِث فرقاً كبيراً خلال يوم العمل إن توقَّفنا لبضع دقائق لممارسته.

3. تمرين الرقم 8:

يُستخدَم لتمرين عضلات العينَين وزيادة مرونتها، وهو تمرينٌ سهلٌ ومفيدٌ جداً؛ ولتنفيذه عليكم تخيُّل وجود رقم 8 ضخمٍ وعملاقٍ أمامكم على بعد ثلاثة أمتارٍ تقريباً منكم، ومن ثمَّ عليكم قلبُه على جانبه وتتبُّعه ببطء بواسطة العينَين في جهة واحدة أولاً لعدة دقائق، ومن ثمَّ تتبُّعه في الجهة المُعاكسة لعدَّة دقائق أخرى، وقد يبدو هذا التمرين غريباً بدايةً، إلَّا أنَّه يستحق المُثابرة عليه.

4. التركيز القريب والبعيد:

هو أحد تمريناتي المُفضَّلة؛ وذلك لأنَّني أستطيع ممارستَه في أي مكان تقريباً، وأقول تقريباً لأنَّه لا يمكنني تخيُّل ممارستِه في قطار الأنفاق دون أن يرمقني الناسُ من حولي بنظرات غريبة، وتتمثَّل التوجيهات الخاصة بهذا التمرين بما يأتي:

  1. الجلوس في وضعية مُريحة أو الوقوف، فلن يستغرقَ الأمرُ سِوى 2-3 دقائق في كل مرة.
  2. وضعُ الإبهام أمامكم على بعد 25.4 سنتيمتراً مع تركيز النظر عليها.
  3. ومن ثمَّ تركيز النظر على غرض آخر أمامكم يبعد مسافة 3-6 متراً عنكم.
  4. تنقيل التركيز البصري مع كل نفس عميق بين الإبهام والغرض الآخر الذي يبعد مسافة 3-6 متراً أمامكم.

من شأن هذا التمرين أن يقوِّي عضلات العينَين مع مرور الوقت ويحسِّن القدرة البصرية بصورة عامة.

شاهد بالفديو: 8 حالات تحتاج فيها إلى مراجعة طبيب العيون فوراً

5. تمرين التكبير والتصغير:

هو واحد من تمريناتي المُفضَّلة أيضاً بسبب سهولته وسرعة إجرائه، وتتمثَّل توجيهاتُه بما يأتي:

  1. الجلوس في وضعية مُريحة.
  2. مدُّ الذراع ورفع الإبهام إلى الأعلى.
  3. تركيز النظر على الإبهام والذراع ممدودة.
  4. ثمَّ تقريب الإبهام منكم مع تركيز النظر عليها طوال الوقت حتى تصبح على بعد 7.62 سنتيمتراً أمام الوجه.
  5. ثمَّ تحريك الإبهام بعيداً مرةً أخرى حتى تصبح الذراع ممدودة بالكامل.
  6. القيام بما سبق لعدة دقائق في كل مرة خلال اليوم.

من شأن هذا التمرين أن يقوِّي مهارات التركيز وعضلات العينَين لدى الأشخاص الذين يمارسونَه.

في الختام:

آملُ أن يثير هذا المقالُ اهتمامَكم عن التمرينات البصرية الطبيعية، ويقودكم للبحث أكثر في ذلك الموضوع، وبأي حال من الأحوال فأنا لستُ خبيراً في هذا المجال، ولذا عليكم القيام بالبحث فيه وحدكم؛ إذ ليس في إمكاني سوى أن أخبركم بالتمرينات التي نفعتني فقط.

المصدر




مقالات مرتبطة