ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن تحسين تركيزك وإنجاز مزيد من الأعمال باستخدام تقنية تقسيم الوقت.
ماذا لو كنت تستطيع أن تفعل المزيد من الأشياء دون أن تضيع وقتك؟ هذا ممكن، لكن يجب أن تعمل بطريقة منظمة، فتقسيم الوقت تمرين بسيط لزيادة الإنتاجية يستخدمه معظم الأشخاص، كما أنَّه ليس أمراً صعباً؛ فالشيء الوحيد الذي تحتاج إليه هو التقويم، وهو شيء يمتلكه كلُّ شخص لديه هاتف ذكي وجهاز كمبيوتر.
يستخدم تقسيم الوقت ببساطة التقويم الخاص بك لتقسيم الوقت بين أهم أولوياتك، وخلال ذلك الوقت، أنت تنجز مهمة واحدة فقط، ثم تنتقل إلى الأخرى حسب تقويمك، وبهذه الطريقة، ليس عليك التفكير فيما عليك فعله لاحقاً، لكن تقسيم الوقت هو أكثر من مجرد أداة إنتاجية؛ إذ إنَّه يتعلق بالوعي الذاتي.
الطريق إلى الإنتاجية العالية يبدأ بالوعي:
تتمثل إحدى أولوياتي على سبيل المثال هذا العام في تأليف كتاب عن التفكير البراغماتي، لكنَّ المشكلة أنَّني لم أكن أكتب، فكيف توصلت إلى هذا الاستنتاج؟ نظرت ببساطة إلى قائمة أولوياتي لهذا العام، ثم ألقيت نظرة على التقويم الخاص بي، فوجدت أنَّني لم أحدد أيَّ موعد للكتابة منذ فترة، قد تقول: "هل عليك حقاً النظر إلى التقويم الخاص بك لتدرك ذلك؟"؛ نعم أفعل ذلك، فأنا لست آلة وقد أنسى، فأنا إنسان عادي؛ أفكر في شيء أقوم به وأبدأ العمل عليه، وأواجه بعض الصعاب التي تؤدي إلى تشتيت انتباهي، ثم أنساه، وهذا يحدث لنا جميعاً؛ فنحن بحاجة إلى الوعي الذاتي والأدوات التي تجعلنا منضبطين، وهذا هو سبب إعجابي بميزة تقسيم الوقت.
شاهد بالفيديو: 6 أسرار لإتقان إدارة الوقت
لماذا بعض الناس يحبون تقسيم الوقت، وبعضهم الآخر يكرهونه؟
يستخدم كال نيوبورت (Cal Newport) الأستاذ في علوم الكمبيوتر ومؤلف كتاب "العمل العميق" (Deep Work) تقسيم الوقت، ويقول: "أنا أتعامل مع تقسيم الوقت بجدية، وأخصص 10-20 دقيقة كل مساء لوضع برنامج زمني لليوم التالي، وفي أثناء عملية التخطيط هذه، أنظر إلى قوائم المهام والتقويمات الخاصة بي، إضافة إلى ملاحظات التخطيط الأسبوعية والربع سنوية، وهدفي هو التأكد من إحراز تقدُّم في الأمور الصحيحة بالسرعة المناسبة حسب المواعيد النهائية".
الجملة الأخيرة هي بالضبط سبب جدولة كل ما أريد القيام به؛ فالعمل شيء وإحراز التقدم شيء آخر، يساعدني تقسيم الوقت على تحسين تركيزي حتى أتمكن من إنجاز أشياء ذات مغزى، والتي لها تأثير فعلي في حياتي، وأعلم أنَّ معظم الأشخاص الناجحين يعملون دون استخدام التقويم، فإنَّهم يعملون ببساطة ساعتين أو ثلاث أو أربع ساعات في اليوم، ولكي أكون صادقاً، يبدو هذا رائعاً بالنسبة إلي، ومع ذلك يجب على المرء أن ينظر إلى ظروف حياته.
ما الذي تحاول تحقيقه؟
الأهم من ذلك: ما هي الموارد التي لديك؟ في كثير من الأحيان، الأشخاص الذين ليس لديهم مال كثير، يكون لديهم وقت كثير، فلماذا لا تستخدمه بحكمة؟ في الحالتين كلتيهما، أعتقد أنَّ التخطيط يفي بالغرض؛ فأنا أخطط لأيامي وأسابيعي مقدَّماً لأنَّني أريد التأكد من أنَّني أعمل على الأمور الصحيحة، وفي كثير من الأحيان، أضيع في إكمال المهام اليومية، أنا منظَّمٌ جداً بالفعل وأعمل فقط على شيء واحد قبل أن أنتقل إلى شيء آخر.
لكن لدي مجالات عديدة مختلفة في حياتي؛ شركة عائلتي ومدونتي والمدونة الصوتية والدورات التدريبية عبر الإنترنت والعلاقات الاجتماعية والأصدقاء والاستثمارات وما إلى ذلك، وقد يبدو أنَّني أقوم بأشياء مختلفة عديدة، لكنَّ ذلك يعتمد على نظرتك إلى تعدد المهام؛ فكل ما أفعله يؤدي إلى شيء واحد؛ عيش حياة هادفة ومستقلة، لكن دعونا نبتعد عن الفلسفة هنا، فإذا كنت تفتقر إلى التركيز ولا تحرز تقدماً وترغب في العمل بطريقة أكثر تنظيماً، فجرب تقسيم الوقت.
إليك 4 نصائح قد تساعدك:
- خصِّص 10 دقائق كل مساء للتخطيط ليومك التالي، وأعد ترتيب الأوقات المخصَّصة إذا كان عليك تخصيص وقت لأشياء هامة أخرى.
- خصِّص الوقت نفسه للمهام المتكررة، فعلى سبيل المثال، لقد جدولت ساعتين لكتابة كتابي الجديد كل ثلاثاء وخميس.
- لا تبالغ في جدول أعمالك، فمن الناحية الواقعية، لا يمكنك أن تكون منتجاً لمدة 10 ساعات متتالية، فامنح نفسك بعض الوقت للراحة بين المهام.
- جدوِل وقتاً أطول مما تعتقد أنَّك بحاجة إليه.
هل تشعر أنَّ تقسيم الوقت يحتاج إلى تخطيط كثير؟
لا مشكلة، قلِّل الخطط، فتوجد دائماً أفكار مضادة لكل شيء، فثمة أشخاص يفعلون العكس تماماً ويدافعون عن أسلوب حياة لا يكترث بمفاهيم الإنتاجية، وأشخاص يزعمون أنَّ لديهم تقاويم فارغة ولا يهتمون بأي شيء، وأشخاص يدَّعون أنَّهم دائماً يستمتعون، يُذكرني هؤلاء بالأطفال في المدرسة الذين كانوا يقولون: "لم يكن لدي وقت للدراسة لهذا الفصل"، لكن كانوا يحصلون على أعلى الدرجات.
إذ يريد الناس فقط أن يجعلوك تعتقد أنَّهم لا يعملون بجد، وعلى الرَّغم من ذلك يحققون النجاح بسهولة؛ وهذا غير واقعي، فحسب خبرتي في الحياة، فإنَّ تحقيق أشياء ذات مغزى أمر صعب، ولا أعتقد أنَّه أمر رائع التظاهر بأنَّه سهل، ولا أعتقد أنَّه من الرائع أن تنهك نفسك في العمل أيضاً.
في الختام اسأل نفسك: هل أنت هاو أو محترف؟
هذه المقارنة مأخوذة من الكاتب ستيفن بريسفيلد (Steven Pressfield) في كتابه "حرب الفن" (The War Of Art) عن إنجاز العمل، يعمل الهواة فقط عندما يشعرون بالإلهام، بينما يعمل المحترف بوتيرة ثابتة كل يوم؛ فالأساس هو المثابرة؛ ليس العمل بين الفينة والأخرى، وليس الإفراط في العمل؛ إذ يقول بريسفيلد: " العلامة التي تميز الهواة هي أنَّ لديهم مليون خطة وكلها تبدأ غداً".
أضف تعليقاً