تقنيات في العلاج المعرفي السلوكي يمكن أن تغير حياتك

تُعدُّ الصحة النفسية جزءاً أساسياً من الصحة العامة؛ إذ لا تؤثِّر طريقة تفكيرك في مزاجك فحسب؛ بل تؤثِّر أيضاً في السمات الجسدية، مثل: ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، وعمل الجهاز الهضمي، وقد تكون الصحة العقلية هي أفضل مؤشر على حياة سعيدة ومُرضية.



لكنَّنا لا نمتلك جميعاً مهارات التأقلم الصحية ولا المهارات العاطفية؛ أي القدرة على التعرف إلى المشاعر، وفهمها، والتعامل معها، والتعبير المناسب عنها، وسواء كنت تعاني اضطراب في الصحة العقلية أم ترغب فقط في إضافة مزيد من الأدوات إلى مجموعة أدوات المهارات الحياتية، يمكن أن تساعدك تقنيات العلاج المعرفي السلوكي في ذلك.

ما هو العلاج السلوكي المعرفي؟

يركز العلاج السلوكي المعرفي على العلاقة بين الأفكار والسلوكات، وقد بدأ بالظهور في الأربعينيات من القرن الماضي بفضل مساهمات عدد من علماء النفس، وقد اعتُرف به اليوم عالمياً بوصفه استراتيجية فعالة لعلاج الاضطرابات النفسية، وللتحسين العام للذات، وغالباً ما تُستخدم استراتيجيات العلاج السلوكي المعرفي لعلاج حالات، مثل: الاكتئاب، والقلق، واضطراب ما بعد الصدمة، والوسواس القهري، والإدمان.

يعتمد العلاج السلوكي المعرفي في جوهره على الاعتقاد بأنَّنا نتحكم بكيفية إدراكنا للأحداث، ورد فعلنا عليها، وهي فلسفة يشاركها الكاتب الأمريكي توني روبينز (Tony Robbins)؛ إذ تدمج أساليب توني عديداً من الأفكار التي تعدُّ أيضاً تقنيات علاج سلوكي معرفي شائعة، وقد ساعدت كثيراً من الأشخاص، وإحدى هؤلاء الأشخاص هي إليزابيث بيترزاك (Elizabeth Pietrzak)، وهي امرأة تعاني اضطراب الهوية التفارقي (Multiple personality disorder) عملت طوال حياتها للتغلب على السلوكات المدمرة للذات والاكتئاب، وظنت أنَّه بعلاج اضطراب الشخصية المتعددة (MPD) ستكون سعيدة، لكن رحلتها كانت قد بدأت للتو.

تعلمت إليزابيث بوساطة برنامج القوة الشخصية في 30 يوماً لـ توني روبينز (30-Day Personal Power) التقنيات التي غيرت حياتها؛ فقد تعلمت كيفية السيطرة على عواطفها وتغيير تركيزها، وأدركت أنَّ السعادة تأتي من الداخل كما حددت أهدافاً تتعلق بالصحة، والوظيفة، والعلاقة، وقد كتبت في رسالة إلى توني تقول فيها: "سوف أتعرف إلى أولادي وأحفادي، لكن الأهم من ذلك أنَّني سأتعرف إلى نفسي" هذا هو جوهر تقنيات العلاج السلوكي المعرفي.

فالعلاج السلوكي المعرفي مجال واسع فيه عديد من المجموعات الفرعية المختلفة، لكن تشترك جميع تقنياته في بعض الأشياء؛ فهي موجهة نحو الحلول، وتتضمن اتخاذ الإجراءات، وتحمل المسؤولية تجاه مشاعرك وسلوكك.

فيما يأتي تقنيات أساسية في العلاج المعرفي السلوكي يمكن أن تغير حياتك:

1. ممارسة اليقظة:

ترتبط معظم استراتيجيات العلاج المعرفي السلوكي باليقظة؛ إذ تُعدُّ إعادة صياغة أنماط التفكير السلبي من أكثر تقنيات العلاج السلوكي المعرفي شيوعاً؛ ويتضمن هذا تحديد معتقداتك المقيدة - الأفكار السلبية التي تحملها عن نفسك - واستبدالها بمعتقدات قوية كما يُعدُّ تعلم كيفية التعرف إلى الأفكار السلبية وإيقافها قبل أن تتمكن من التأثير في سلوكك، أحد أهم أهداف العلاج السلوكي المعرفي.

تشمل تقنيات العلاج المعرفي السلوكي الأخرى في ممارسة اليقظة التنفس المريح؛ أي استنشاق الهواء لمدة 5 ثوانٍ والاحتفاظ به في الرئتين لمدة 20 ثانية، ثم زفره بعشر ثوانٍ أخرى، وتكرار هذا التصرف 10 مرات، ومع التركيز على كلِّ نفس ستشعر بالراحة والنشاط، كما أنَّ ممارسة التهيئة إضافة قوية أخرى لروتينك اليومي؛ إذ يبدأ توني نفسه كلَّ يوم بعشر دقائق من التهيئة.

هناك عديد من تقنيات الاسترخاء من التأمل إلى العلاج بالإبر؛ لذا ابحث عن تقنية تناسبك، ويمكنك تغيير حياتك بوساطتها.

إقرأ أيضاً: 7 طرق مثبتة علمياً لزيادة اليقظة والانتباه والتركيز

2. جدولة الأنشطة:

قد يبدو مجرد النهوض من السرير أو مغادرة المنزل عملاً شاقَّاً بالنسبة إلى أولئك الذين يعانون الاكتئاب أو القلق؛ لذلك فإنَّ جدولة الأنشطة، وتسمى أيضاً التنشيط السلوكي، هي واحدة من أكثر تقنيات العلاج السلوكي المعرفي فائدة لهؤلاء الأشخاص، أمَّا أولئك القادرين على الوصول إلى العمل وممارسة حياتهم، فما يزالون قادرين على الاستفادة من جدولة الأنشطة؛ لأنَّ السر هو القيام بأشياء مفيدة لك.

كما يعلم الجميع بفوائد التمرينات الرياضية؛ إذ إنَّها تمنح مزيداً من الطاقة والعمر الأطول والمزاج الأفضل وأكثر من ذلك، ومع ذلك قد لا يمارسها الجميع؛ لذلك فالعثور على التمرين الذي تستمتع به، وإضافته إلى جدول مهامك المزدحم أمر ضروري لحياة سعيدة، وعندما تفعل ذلك، فأنت تستخدم أسلوب العلاج المعرفي السلوكي لجدولة الأنشطة.

تُعدُّ أعمال مثل: التطوع، والبستنة، وتناول العشاء مع صديق، وحتى تنظيف منزلك أمثلة جيدة؛ لذا تنشط، واستغل وقتك في القيام بشيء إيجابي.

3. تحديد أهداف قابلة للتحقيق:

تُعرف تقنية العلاج السلوكي المعرفي أيضاً باسمها السريري "التقريب المتتالي"؛ ويعني ذلك القيام بمهام كبيرة تبدو مرهقة، وتقسيمها إلى خطوات أصغر؛ إذ تقربك كلُّ خطوة متتالية من تحقيق الهدف الأكبر، وتكتسب الثقة، وأنت تكمل المهام الأكثر قابلية للتحقيق.

ترتبط مفاهيم الأهداف الذكية (SMART) والتقسيم ارتباطاً وثيقاً بالتقريب المتتالي؛ فتحديد أهداف ذكية هو عملية اتخاذ هدف كبير، وإنشاء عناصر عمل محددة، وقابلة للقياس والتحقيق، إضافةً إلى متطلبات أخرى.

أمَّا التقسيم، فهو طريقة لإدارة الوقت يمكن أن تساعدك على الوصول إلى تلك الأهداف عن طريق تقسيم يومك إلى فترات زمنية يمكن التحكم بها، وتوفر هاتان التقنيتان معاً طرائق قوية لتحقيق كلِّ ما تريده في الحياة.

شاهد بالفديو: كيف تحدد أهدافك وتنجزها دون توتر؟

4. التعرض لتجارب مخيفة:

تُستخدم تقنية العلاج المعرفي السلوكي هذه لعديد من الاضطرابات المختلفة بطرائق مختلفة؛ إذ يتعرض الشخص عمداً لشيء يثيره لعلاج الذعر والقلق، ويتضمن علاج الوسواس القهري (Obsessive-compulsive disorder) التعرض لحدث أو شعور يسبب السلوك القهري، كما تستخدم هذه التقنية لتذكر وإيقاف الكوابيس؛ إذ يبدأ التعرض صغيراً، ثم يزداد إلى أن يدرك الشخص أنَّ لا شيء سيئ يحدث له.

في الختام:

يُعدُّ التعرض لهذه المحفزات أحد أفضل تقنيات العلاج المعرفي السلوكي التي يمكنك دمجها في حياتك اليومية؛ لذا عزز نموك الشخصي بتعريض نفسك للمواقف والأحداث التي تجعلك متوتراً، مثل: التحدث أمام الجمهور، أو حضور حفلة لا تعرف فيها أي شخص، فإذا كنت لا تنمو، فأنت تحتضر، والتعرض هو أفضل استراتيجيات النمو.

المصدر




مقالات مرتبطة