تعلم اللغات... ذلك الكنز الدفين - الجزء (1)

تحدثنا في المقالات السابقة عن أهمية الإبداع، ودوره في اكتشاف القيادة الحقيقة الكامنة داخل كل إنسان، وانطلاقاً من الإبداع واستكشاف الطاقات الجديدة التي بداخلك، أردت أن آخذك أيُّها القارئ الكريم في رحلة مختلفة، في ذات السياق المتعلق بالإبداع وحياتك الفريدة، وكل هذه المعاني، رحلة من نوع آخر، رحلة عملية تطبيقية لمن يريد أن يتعلَّم مهارات اللغات، ويكتسب ثقافات جديدة، ويُوسِّع مدارك وآفاق لم ولن يستطيع اكتسابها بلسان واحد؛ بل وجب عليه إجادة ألسن مختلفة؛ رحلتنا اليوم عن مهارة تعلُّم اللغات.



وهنا نسأل مجموعة أسئلة تعد منطلقاً لمقالنا اليوم:

  • هل تعلُّم اللغات مهم؟
  • ما هي أهميته؟
  • هل حثَّ الإسلام على تعلُّم اللغات؟ ولماذا؟
  • ما هي مهارات تعلُّم اللغات؟ وما هي تقنياته؟

بداية، تكمن أهمية اللغات واختلاف الألسن، في قوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ" (سورة الروم 22)؛ فكونها آية من آيات الله عز وجل، تستحق هذه الآية الكونية المتمثلة في تعلُّم اللغات واختلاف الألسن الاهتمام والتطوير المستمر، مع التأكيد على أهمية اللغة العربية (لغة القرآن)، فلا تضارب بين الأمرين.

شاهد بالفديو: 7 نصائح للتطوير الشخصي وتحقيق النمو المستمر

وبحكم خبرتي كمتخصص في تعليم مهارات اللغة الألمانية، أستطيع أن أرشد القارئ الكريم ببعض المهارات اللازمة والأساسية للتعلُّم.

أهمية تعلُّم اللغات:

  • تعمل على زيادة حيوية العقل وانفتاح الذهن.
  • تعلُّم اللغات مغامرة، تستحق خوضها، لكشف أسرار عوالم جديدة.
  • التعرف على ثقافة شعوب مختلفة، تستحق الاكتشاف.
  • اكتساب أصدقاء جدد، والاندماج معهم.
  • فرص عمل عالمية.
  • فرص لدراسة تخصصات عالمية.
  • تعلُّم لغة معينة، مدعاة لتعلُّم لغات أخرى؛ حيث القواعد والمنهجية ذاتها، فالفرنسية والإسبانية والإيطالية متقاربة، والألمانية واللغات الاسكندنافية متقاربة.
  • تزيد الثقة في النفس، وإثارة التحدي لدى المتعلِّم.

وبعد أن تعرفنا على أهمية تعلُّم اللغات، ومدى الحاجة إليها، نأتي على جانب هام، وهو ما هي أسهل الطرائق لتعلُّم اللغات؟

خارطة الطريق "تعلَّم بذكاء لا بجهد":

تكمن خارطة الطريق التي بين أيدينا في كونها مبنية على أسس علمية منهجية من أهل الاختصاص، واعتُمِد على مجموعة من المراجع الهامة في هذا السياق، منها:

كتاب "ادرس بذكاء وليس بجهد" لـِ كيفن بول، وهو من أبرز الكتب وأهم المؤلفات في هذا الباب؛ حيث يتناول فيه المؤلف أسلوب الدراسة الصحيح، والفارق بين الدراسة بذكاء والدراسة بجهد.

كذلك كتاب "تعلَّم لغة جديدة بسرعة وسهولة" لـ بيل هاندلي حيث يتناول بطريقة علمية ومبسطة أكثر الطرائق فاعلية لتعلُّم اللغات.

كذلك دُمِجت هذه النظريات مع الخبرة العملية كمعلم ومدرب على مهارات اللغة الألمانية لفترات طويلة، وقُسِّمت إلى مجموعة من الخطوات:

  • البداية.
  • في أثناء تعلُّم اللغة.
  • بعد إجادة اللغة.
إقرأ أيضاً: 10 وسائل عملية لتعلّم اللغات الأجنبية بسهولة

البداية:

  • قسم المهمة إلى مهمات: يُقال في الألمانية كل البدايات صعبة. Aller Anfang ist schwer، مشكلة الكثير منا حينما يفكر في تعلُّم لغة ما، هو التفكير في صعوبة الطريق، من حيث طول الطريق ومشقته، وعلاج هذا الأمر؛ لذا قسم المهمة إلى مهام بسيطة وستنجح.
  • الوقت هو رأس مالك فاستفد منه: الوقت هو الحياة، وهو معيار أي إنجاز على الإطلاق، والنصيحة الأولى هي قسم أوقاتك إلى فترات قصيرة، وقسم أهدافك إلى أهداف مرحلية، واستمتع بالإنجاز وكافئ نفسك عند تحقيق جزء من خطتك المرحلية. يكفيك في اليوم 30 دقيقة إلى 45 دقيقة لممارسة عادة تعلُّم نشط، وزِّع وقتك بين قراءة وكتابة، ومشاهدة واستماع، وتحدُّث.
  • أنت معلم نفسك: لا يعني هذا الاستغناء عن معلم لاسيما في المراحل الأولى، ولكن ما أقصده، هو أن تأخذ قرارك أولاً بالتعلُّم، وتحدد الخطة الزمنية، والبرنامج والمادة، واختيار المرشد في المراحل الأولى، ومن ثم الانطلاق.
  • اختيار اللغة: أمر هام جداً، أن تجيد الإنجليزية تماماً، وتنطلق إلى لغة أخرى تكون أنت في حاجة لها، ومنها تأخذ حافزك.
  • حدد هدفك: عليك أن تحدد هدفك من تعلُّم اللغة، الدراسة أم العمل، أم هواية، إلخ، وبناء على هدفك ستسلك الطريق التي تريده، وتختار المنهج الذي تتبعه، لذا أهديك بعض الأسئلة الملهمة بتحديد الأهداف:
    • ماذا تريد؟
    • ما هي خطتك لتحديد ما تريد؟
    • جدول زمني لتنفيذ ما تريد؟

مثل هذه الخطوات هي خلطة أي نجاح وتتلخَّص في الرؤية والمهمة التي تعمل عليها.

  1. الرؤية: هي المستقبل، ما هو حلمك ما هو طموحك، وإلى أين تريد أن تصل؟
  2. والمهمة: هي الرسالة أو الخطوات التنفيذية التي ستعمل على إنجازها، وهذا ما يميز كثير من الناجحين والبارزين في أي مجال من مجالات الحياة.
  3. قد يساعدك أي شخص على اللغة أو تحديد الأهداف، أما الخطوة الثالثة وهي التنفيذ فهي مسؤوليتك وحدك، لتظل متحمساً.
  4. التنفيذ: هو قدرتك على ترجمة الأهداف والرؤية والرسالة إلى خطوات عملية، وأهداف مرحلية، وفق جدول زمني محدد، قابل للقياس، تستطيع أن تُقيِّم نفسك بناء عليه.
  • أدواتك وأسلحتك لتعلُّم اللغات: بعد أن قررت تعلُّم لغة، وحددت وجهتك، وخطتك الزمنية، نحن لن نتركك وحيداً؛ بل سنمدك بمجموعة من الأدوات التي تستطيع من خلالها البدء بمنهجية عملية، وتستطيع من خلالها أن توفر الجهد والمال، والوقت وتحقق أهدافك بثبات وجدية والتزام.

المرشد الرائد لا يُكذِّب أهله:

الإرشاد والتوجيه أو ما يسمى في العصر الحديث الكوتشينغ، هو أحد أهم الأدوات التي ينبغي على أي متعلم - في أي مجال - أن يسعى جاهداً لاكتساب مرشد وموجه أمين، فالمستشار مؤتمن، وهو يختصر عليك الزمن، ويوفر عليك الجهد، ويغنيك عناء التشتت والأرق، ويضمن لك التجربة الناجحة.

فالمرشد خاصة في المراحل الأولى من تعلُّم اللغة من أهم الأمور التي يجب عليك إيجادها؛ حيث يحدد لك أهم الطرائق أو المناهج التي تصل بك إلى هدفك بيسر وسهولة.

إقرأ أيضاً: 7 طرق لتعلُّم اللغات الأجنبية بدون معلم

فالتزامك مع مرشد وموجه في المراحل الأولى يحقق جملة من الفوائد:

  1. الالتزام.
  2. الصبر.
  3. النظام والانضباط.

اختيار المنهج:

  • اختر منهجاً إلكترونياً مبسطاً يمهد لك الطريق.
  • انتقل إلى المنهج الدراسي الأكاديمي بعد معرفة أبجديات اللغة، وحدد الهدف الذي تريد الوصول إليه.
  • يجب أن يحتوي المنهج على التنوع والصوتيات وقواعد النطق.
  • احرص على اقتناء قاموس مرتبط بالمنهج الذي تدرسه، إذ يساعدك هذا على تجاوز كثير من العقبات.
  • استخدم العبارات الجاهزة، فهي كنز ثمين يشعرك بمتعة الإنجاز ولذة اللغة في حال أتقنتها ومارست اللغة بها.
  • نوِّع قراءاتك المناسبة لمستواك، فالقراءة من أجل المتعة تجعلك تتعرف على اللغة في إطار متكامل بعيداً عن عشوائية القواعد، وتناثر الكلمات.
  • تابع إحدى القنوات المتحدثة باللغة التي تتعلمها، واحرص على مشاهدتها على الأقل 45 دقيقة يومياً.
  • نوِّع في دفاتر التعلُّم؛ فدفتر للتعلُّم، ودفتر للكلمات، ودفتر للملاحظات، وآخر للتمارين والقواعد، ودفتر للأفعال.

قاعدة 20/80:

تسمى هذه في علم الإدارة بقاعدة باريتو، وهي كيف تنجز 80% من مهامك وأهدافك في 20% من الوقت المخصص لك.

وتعود القاعدة إلى أنَّ كثيراً من الناس يقضون 80% من الوقت في التفكير و20% في العمل، ووفق باريتو، يجب أن نعكس ذلك ونقضي 20% في التفكير، و80% في الإنجاز، فإذا تمكنت من فهم وتعلُّم 1000 كلمة، و100 عبارة مكتملة تستطيع التحدث في موضوعات مختلفة.

إقرأ أيضاً: ماهي اللغات الأكثر استخداماً في العالم؟

تعلَّم فلسفة اللغة:

لكل لغة فلسفتها الخاصة، فنجد أنَّ اللغة الألمانية تقدس الفعل ويأتي غالبا رقم 2 في الجملة الخبرية، ورقم 1 في الجملة الاستفهامية؛ فاحرص على حفظ مجموعة من العبارات الجاهزة التي تستطيع إدخالها في كثير من محادثاتك.

مصادر مساعدة:

حاول أن تُقلِّد ما تسمع تماماً، أوقف المسجل، وكرر، وحاول أن تصل إلى نفس المستوى، واستعن بمواد مصاحبة، كقصص الأطفال والقصص المسموعة.

حفِّز نفسك باستمرار:

كافئ نفسك من وقت لآخر وأنت في رحلتك للتعلُّم، وذلك من خلال استعراض أهدافك المختلفة ومدى إنجازك فيها، ضع خطة طوارئ في حال أخللت بقائمة أهدافك، ولكي تعرف طرائق التحفيز الهامة بالنسبة لك ولمسيرتك تأمل هذه النصائح:

نأتي هنا إلى نهاية الجزء الأول من المقال على أمل اللقاء بكم في الجزء الثاني والذي نتناول فيه مجموعة من أهم المهارات والتقنيات والقواعد اللازمة للنجاح وتعلُّم اللغات، أو بالأحرى تعلُّم أي شيء، فكل شيء في هذه الحياة يسير، فقط نظرتنا هي التي تحدد السهولة أو الصعوبة.

 

كتبه دكتور إسماعيل بكر
خبير اللغة الألمانية
استشاري تدريب وتطوير إداري وقيادي




مقالات مرتبطة