تعريف الاسترخاء وفوائده وأهم أساليبه

يدخل الكثيرون منَّا في سباقٍ مع الزمن منذ لحظة استيقاظهم، إذ تستلزم مُتطلَّبات العمل الهائلة أقصى قدرٍ من الأداء والسرعة؛ ولكن، هل يشكِّل العمل تحديَّاً رياضيَّاً أم عبئاً؟ وهل طريقة تصرُّفنا وتقديرنا للأمور هي التي تؤدِّي إلى شعورنا بالتوتر والضغط العصبي؟ أم هي ضغوطات الحياة اليومية وأثقالها؟ ما الطريقة التي تُمكِّننا من التخلُّص من كلِّ هذا التوتر الذي نُعاني منه؟



أوجد علماء النفس العديد من الطرائق التي تُساعدنا في تجاوز التوتر والقلق والضغط النفسي، ومن أفضل هذه الطرائق على الإطلاق: الاسترخاء؛ لكن، ما الاسترخاء؟ وما أهميته؟ وهل هناك طرائق خاصَّةٌ له؟

سنقدِّم لكم كلَّ ذلك أعزائنا القُرَّاء في هذا المقال.

ماهو الاسترخاء؟

يختلف الاسترخاء عن النوم أو الهدوء الظاهري، فهو التوقُّف الكامل لكلِّ التقلُّصات والانقباضات العضلية التي عادةً ما تكون مُترافقةً مع التوتر والضغط النفسي؛ إذ يمكن أن يكون الشخص مُستلقياً على سريره، لكنَّه لا يستطيع التوقُّف عن التقلُّب المُستمر والصراعات النفسية والأفكار، ولا يُمكنه الاسترخاء أيضاً، أو إظهار أيِّ نوعٍ من الاستقرار الحركي؛ في حين يجعل الاسترخاء العضلة ساكنةً ومُسترخيةً ولا تملك القدرة على مُقاومة الشَّد، ويمثِّل الارتخاء التامُّ للعضلة، أي التوقُّف التامَّ لكافة الانقباضات العضلية. فاستجابة الاسترخاء كما عرَّفها الدكتور هربرت بنسون هي: "حالةٌ فيزيائيةٌ من الراحة العميقة التي تُغيِّر الاستجابات الجسدية والعاطفية للتوتر. على سبيل المثال: مُعدل التنفس، والنقصان في مُعدَّل ضربات القلب، وضغط الدم، وتوتر العضلات".

ماهي فوائد الاسترخاء؟

تشتمل فوائد الاسترخاء على نقاطٍ كثيرة، نذكر منها:

  1. يُساهم بشكلٍ كبيرٍ في تحسين عملية الهضم، ويُساعد في علاج مرض القولون العصبي.
  2. يعمل على تحسين المزاج، وزيادة التركيز.
  3. يُساعد في إبطاء معدَّل ضربات القلب.
  4. يُحافظ على نسبة السكر في الدم.
  5. يُساهم بشكلٍ كبير من تحسين النوم لكلِّ من يُعاني من اضطرابات النوم.
  6. يُساعد في الحدِّ من بعض الأمراض النفسية، مثل: الاكتئاب، والوسواس القهري، والخوف والهلع، والتوتر؛ بالإضافة إلى أنَّه يحدُّ من الغضب والانفعال.
  7. يُساهم في زيادة تدفُّق الدم إلى العضلات.
  8. يُساهم في الحدِّ من إفراز هرمون التوتر.
  9. يُساعد الأشخاص الذين يخضعون للعلاج الكيميائي على التخلُّص من الغثيان المُرافق لهذا العلاج.
  10. يُعزِّز الثقة بالنفس.
  11. يخفِّف من آلام المفاصل الصدغي الفكي.
  12. يُساهم في الحدِّ من آلام وتشنُّج العضلات.
  13. يُقلِّل الإحساس بالتعب.
  14. يضبط ضغط الدم ويمنعه من الارتفاع، حيث ينتج عن ارتفاع ضغط الدم مشاكل صحية مُختلفة، مثل: أمراض القلب، والجلطات، والصداع النصفي، وغيرها من الأمراض التي تؤثِّر في صحة الإنسان.
  15. يُساهم فعليَّاً في الإقلاع عن التدخين.

ماهي أساليب الاسترخاء؟

1. التنفُّس بعمق:

تُساهم عملية التنفس العميق في التقليل بشكلٍ كبيرٍ من الإجهاد والتوتر، وذلك من خلال خفض ضغط الدم وإبطاء معدَّل ضربات القلب؛ كما تخرج 70% من سموم الجسم عن طريق التنفس، فإذا لم تحدث عملية التنفس بشكلٍ صحيح، فستتراكم هذه السموم في الجسم، وستؤثِّر بشكلٍ سلبي في صحته؛ ولكن عند التنفس بعمق، يدخل الأوكسجين إلى الدماغ بشكلٍ كبير، ممَّا يُخفِّف من مُستويات هرمون القلق والتوتر. تتطلَّب هذه الطريقة استراحةً لمدة خمس دقائق والتركيز على عملية التنفس فقط، حيث يجب على من يتبع هذه الطريقة أن يستنشق بعمقٍ من خلال الأنف، وأن يزفر ما استنشقه عن طريق الفم.

إقرأ أيضاً: تمارين اليوغا والتنفس وفوائدها للصحة

2. مُمارسة الرياضة:

تُساعد مُمارسة بعض التمرينات الرياضية -مثل: اليوغا والمشي- بشكلٍ كبيرٍ في الوصول إلى حالة الاسترخاء؛ لأنَّها تُساعد الدماغ على إفراز مواد كيميائيةٍ مُحددةٍ تسهم في منح الجسم فرصةً لتجاوز الإجهاد النفسي والجسدي، فتخفُّ بذلك حالات القلق والاكتئاب.

هناك عدَّة وضعياتٍ لليوغا تُعدُّ مفيدة جداً للحصول على الاسترخاء، نذكر منها:

2. 1. وضعية الشجرة (Tree Pose):

وهي الوضعية الأسرع التي يُمكنها منحك الإحساس بالاسترخاء والارتياح. إليكَ كيفية القيام بها: يجب أن تقف على قدمك اليُسرى أو اليُمنى (كما تفضِّل)، ثمَّ تأتي بكعب قدمك الأخرى وتجعله مُلامساً لأعلى ركبتك، ثمَّ تجمع يديك فوق رأسك، وتقِف بهذه الوضعية لمدة ثلاثين إلى أربعين ثانية؛ ثمَّ بعد ذلك تعكس بين الرجلين، وتكرِّر العملية نفسها عدة مرات.

2. 2. وضعية البراناياما Pranayama:

وهي وضعيةٌ بسيطةٌ جداً، وتعتمد على التنفُّس للحصول على الاسترخاء والراحة، وهذه الوضعية كما يلي: اجلس مكتوف الرجلين، ثمَّ ضع يديك على ركبتيك، وأغلق عينيك، وخذ نفساً عميقاً، حتَّى يتسع صدرك في الشهيق، ثمَّ أخرج النفس إلى الخارج في عملية الزفير حتَّى يعود صدرك إلى وضعه الطبيعي؛ ثمَّ كرِّر هذه العملية لمدة 10 دقائق.

يُساعد هذا التمرين على تنشيط الدورة الدموية، ويجعل الطريق واسعاً أمام الاوكسجين للوصول إلى الدماغ بسهولة، ممَّا يُساهم بشكلٍ كبيرٍ في الإحساس بالراحة.

3. الضحك بصوتٍ مرتفع:

إنَّ الضحك بصوتٍ عالٍ من أهمِّ الأسباب التي تُساعد في خفض نسبة هرمون الكورتيزول، وهو الهرمون المعروف باسم هرمون الإجهاد؛ كما يُسهِم الضحك في الوقت ذاته في تعزيز إفراز بعض المواد الكيميائية من الدماغ، والتي تُدعَى بالأندروفينات، والتي يتمثَّل عملها في تحسين المزاج لدى الشخص، والشعور بالسرور والسعادة؛ بالإضافة إلى مُساهمتها بشكلٍ قويٍّ في تخفيف الشعور بالألم، وخفض الإجهاد، وتعزيز الجهاز المناعي. ويعدُّ "بيتا أندورفين" أكثر هذه الأندروفينات قوةً وفعالية، وهو مكوَّنٌ من سلسلةٍ طويلةٍ من الأحماض الأمينية (ثلاثون حمضاً أمينياً).

لذلك، إنَّ لمُشاهدة فيلمٍٍ كوميديٍّ أو مسرحيةٍ هزليةٍ دورٌ كبير في جعلك تشعر بالسعادة، وتحصل على الاسترخاء.

إقرأ أيضاً: أبرز 10 فوائد علمية للضحك يجب عليك أن تعرفها

4. التدليك (مساج الاسترخاء):

يعدُّ التدليك -أو ما يُسمَّى بمساج الاسترخاء- طريقةً فعَّالةً للقضاء على الإجهاد والاكتئاب، وللتخلُّص من أشكال الضغط والتوتر النفسي كافة، حيث يعمل مساج الاسترخاء على الناحيتين الجسدية والنفسية، فهو يُخلِّص الشخص من آلام المفاصل الناتجة عن التعب اليومي، بالإضافة إلى أنَّه يساعد في التخلُّص من الإجهاد العضلي، حيث تسترخي العضلات وتستعيد مرونتها؛ كما وله دورٌ هامٌّ في القضاء على السموم التي تؤدِّي إلى العصبية والاكتئاب، وزيادة أكسجة الدماغ؛ كما يُساعد في علاج مُشكلة الصداع المُزمن، وعلى الاسترخاء والنوم بعمق، والتخلُّص من مشاكل الأرق والقلق في أثناء النوم.

أطعمة مفيدة للاسترخاء:

نعم، يوجد الكثير من الأطعمة التي تُساعدنا على الاسترخاء، نذكر لكم منها:

1. الشوكولا الداكنة:

تُعدُّ الشوكولا الداكنة غنيةً جداً بمُركبات الفلافونول، وهي مُضادات أكسدةٍ هامَّةٍ جداً في مساعدة الدماغ على القيام بوظائفه، حيث أنَّها تُحسِّن تدفق الدم إلى الدماغ، وتعمل على تعزيز قدرته على التكيُّف مع المواقف العصبية، وتعمل على تحفيز إفراز هرمونات الدوبامين والسيروتونين التي تُسمَّى "هرمونات السعادة"، حيثُ أنَّ هذه الهرمونات هي المسؤولة عن درجة السعادة والنشوة في الدماغ.

2. الزبادي:

للزبادي دورٌ هامٌّ في عملية تثبيط الجذور الحرة والسموم العصبية التي تعمل على إلحاق الضرر بالأنسجة العصبية في المخ، وبالتالي الإحساس المُستمرِّ بالقلق؛ حيثُ يحتوي الزبادي على نسبةٍ كبيرةٍ جداً من البروبيوتيك التي تعمل على تحسين العديد من الجوانب الصحية في الجسم، بما في ذلك الصحة العقلية.

3. اليانسون والبابونج:

يُفيد اليانسون بشكلٍ كبيرٍ في تقليل أعراض التوتر والاكتئاب، ويُساعد على الشعور بالاسترخاء؛ كما يحتوي البابونج على نسبةٍ كبيرة من مُضادات الأكسدة التي تخُفف الالتهابات، وتُقلِّل من الشعور بالقلق.

يمكنك تناول مغلي البابونج، أو اليانسون يومياً قبل النوم، ولعدة أسابيع مُتواصلة.

4. سمك السلمون:

يُعدُّ غنيَّاً جداً بحمض أوميغا 3، وفيتامين د، وحمض الدوكوزاهيكسينويك DHA، وحمض الإيكوسابينتينويك EPA؛ والتي تُعزِّز جميعها صحة الدماغ وتمنع حدوث خللٍ في خلاياه، وتُقلِّل من الالتهابات، وتُقلل من حالات القلق والتوتر، وذلك بسبب خصائصها المُهدئة.

5. الشوفان:

عندما نشعر بالتوتر والإرهاق، تزداد حاجة أجسامنا إلى الكربوهيدرات التي تزيد مُستوى السيروتونين في الدماغ؛ لذا، للحصول على أفضل نتيجة، يجب أن نختار الكربوهيدرات المُعقدة التي تكون غنيةً بالألياف، وذلك بهدف المُحافظة على مُستويات السكر في الدم.

يعدُّ الاختيار الأمثل في هذه الحالة: الشوفان؛ لأنَّه يعمل على تخفيف التوتر، والمُحافظة على مُستويات السكر في الدم.

6. المُكسَّرات:

تحتوي المُكسرات على مجموعةٍ كبيرةٍ من العناصر الغذائية التي لها دور هامٌّ في مكافحة الإجهاد، فهي غنيةٌ جداً بأحماض أوميغا 3 الدهنية وفيتامين (ب) والمغنسيوم.

أهمُّها: الجوز؛ وذلك لأنَّه غنيٌّ جداً بحمض ألفا لينولينيك، والذي يُساهم في حماية القلب من الإجهاد، والحفاظ على سلامته.

إقرأ أيضاً: أهم أنواع المكسّرات وفوائدها العظيمة للجسم

7. الحُمُّص:

يُعدُّ الحُمُّص غنياً جداً بالفولات، كما يزيد إفراز هرمونات الدوبامين والسيروتونين في الجسم، ويُقلِّل مُستوى هرمون التوتر؛ وبالتالي فإنَّ له دوراً في خفض الشعور بالاكتئاب والتوتر وتحسين الحالة المزاجية.

اليوم العالمي للاسترخاء:

قرَّر الطبيب "شون مولر" اعتبار يوم 15 أغسطس من كلِّ عامٍ اليوم العالمي للاسترخاء، وقد دعا جميع الناس في العالم إلى ألَّا يقوموا بأيِّ جُهدٍ أو عمل، ويخصِصوا هذا اليوم لراحتهم النفسية والجسدية والاعتناء بأنفسهم، خاصةً بعد التوتر والاضطرابات الناتجة عن مواجهة تحديات ومصاعب الحياة المُستمرة.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة