تطوير الشخصية، تعلّم المواجهة بثبات وشجاعة

تذكّر آخر مرةٍ اضطررت فيها إلى اتّخاذ قرارٍ صعبٍ عندما كنت مضطراً للاختيار بين الخيار "السهل" والخيار "الصحيح". هل اخترت الخيار السهل لتجنّب المواجهة على الرغم من تعارضه مع آرائك ومعتقداتك؟ أم اخترت المواجهة بشجاعة، واخترت الاختيار الصحيح؟



عندما يتعّين علينا اتّخاذ قرارٍ مثل هذا، يمكن أن تكون الخيارات في كثيرٍ من الأحيان واضحة، لأنّ "قلبنا" أو حدسنا يُخبرنا بما هو الصواب وما هو الخطأ. فلماذا نستسلم في بعض الأحيان ولا نقوم بالشيء الصحيح؟ هل يمكن أن نتعلّم جميعاً كيفية مواجهة ذلك بشجاعة؟ أو هل البعض منّا هو أفضل فطريّاً في "الدفاع عن رأيه"، بينما لا يملك الآخرين فقط ما يكفي من "شخصيّة" للقيام بذلك؟ في هذه المقالة، سندرس ماهيّة الشخصية وننظر إلى ما يمكنك القيام به لتطويرها. وسنبحث أيضاً كيف يمكنك الدفاع عن شخصيّتك بالمواجهة بشجاعة.

ما هي الشخصيّة؟

"الشخصيّة" هي مصطلحٌ من مجموعةِ صفاتٍ تمتلكها، أو قد لا تمتلكها، والتي تميّزك عن الآخرين وتجعلك فريداً. عندما نتحدّث عن شخصٍ ما لديه شخصيّةٌ إيجابيّةٌ، يمكن أن تشمل هذه الصفات سِمات مثل الشجاعة والصدق والوفاء والنزاهة. شخصيّتنا تساعدنا على اتّخاذ القرار بين ما نعتقد أنّه صحيحٌ وبين ما نعتقد أنّه خاطئ. على سبيل المثال، ستُظهر مديرةٌ شخصيّتها عندما تدافع عن تصرّفات فريقها أمام مجلسها التنفيذي. إنّها تعلم أنَّ فريقها يقوم بالشيء الصحيح لذلك تستمرُّ في الدفاع عن أفعالهم وترفض التراجع، على الرغم من الانتقادات القاسية والضغوط الهائلة. أو سوف يُظهر الرئيس التنفيذي شخصيّته إذا رفض حساباً مُربحاً لأنّ العميل المُحتمل يستخدم معه ما يعتقد أنّه ممارسات عمل غير مقبولة في مرافق التصنيع الخارجية للعمل.

تطوير الشخصيّة:

لاتولد شخصية الإنسان معه بل تتشكّل مع تقدّمه في حياته وتتطوّر مع خوضه للتجارب المختلفة، لذا يمكن تطوير الشخصية من خلال:

  • حدّد قيمك الأساسية: ما هي القيم الأخلاقية التي تشعر أنّها الأقوى؟ ربما لديك شعورٌ مسبقٌ بما هي عليه. فكّر متى كنت مستاءً للغاية من شخصٍ ما في الماضي. وما هي احتمالات أنّه خلال تلك الأوقات، فعل شيئاً مخالفاً لقيمك الأساسية. هل كذب عليك مثلاً أو قام باستغلال شخصٍ ما؟ أو ربّما قام بعملٍ وَضَعَ فيه سلامة العميل في خطر؟ فكّر في تجاربك، وقم بعمل قائمةٍ بالقِيم التي تشعر أنّها الأكثر أهمية بالنسبة لك.
  • ابحث عن طرق لاستخدام هذه القيم كلَّ يوم: على سبيل المثال، إذا كان أحد هذه القيم الأساسية هو الصّدق، ركّز على أن تكون صادقاً مع جميع زملائك في العمل، حتّى لو كان الوضع يبدو غير مهم.
  • تذكّر المواقف التي لم تكن فيها شجاعاً: ماذا يمكن أن تفعل بشكلٍ مختلف؟ ولكن لا تستخدم هذا كوقتٍ لإلقاء اللوم على نفسك والشعور بالذنب إزاء ما فعلته في ذلك الوقت - فكلّنا نرتكب الأخطاء. ولكن الآن لديك القدرة على فعل الشيء الصحيح. تذكّر و تعلّم من أخطاء الماضي حتّى تتمكّن من تجنّبها في المستقبل.
  • قم بتقييم الدائرة المُحيطة بك من الأصدقاء والزملاء: هل تقضي الوقت مع أشخاص تُكنّ لهم الإعجاب؟ هل يتمتّع هؤلاء الأشخاص بنوع الشخصيّة التي تريد أن تراها في نفسك؟ إذا لم يكن كذلك، ربما يمكنك قضاء بعض الوقت مع أصدقاء وزملاء مختلفين لديهم سمات تحظى بتقديرٍ كبيرٍ بالنسبة لك. كلّما قضيت المزيد من الوقت مع أشخاص يعجبونك، كلّما تمكّنت أكثر من المراقبة والتعلّم من أفعالهم.
  • تصرّف بناءً على معتقداتك: يتمّ بناء الشخصيّة الجيّدة على ما تفعله. لذلك استغلّ كلّ فرصةٍ يمكنك من خلالها وضع معتقداتك موضع التنفيذ. حتى القرارات الصغيرة في الحالات البسيطة يمكن أن تُحدث فرقاً كبيراً.
  • ابحث عن المزيد من الأنشطة لتطوير شخصّيتك: شارك بعملٍ تطوعيّ، واقرأ السير الذاتية عن الأشخاص الذين يعجبونك وتحترمهم، واعمل على تطوير ذكائك العاطفي.
إقرأ أيضاً: ضعف الشخصيّة، أسبابها، وأهم طرق علاجها

الدفاع عن شخصيّتك:

هناك أوقاتٌ يُخبرنا فيها حدسنا أن ندافع عمّا نعتقد أنّه صحيح، ولكن كيف ومتى يجب أن نقف بشجاعة؟ كلّنا مختلفون، والحالات التي نجد أنفسنا فيها يمكن أن تكون معقّدة. إذا قرّرت مواجهة مشكلةٍ ما، خذ بهذه النصائح بعين الاعتبار:

  • اعرف متى تتوقّف عن أن تكون لطيفاً: الكثير منّا يترك المواقف تخرج عن نطاق السيطرة لأنّنا نريد أن نكون مهذّبين ولا نريد افتعال المشاكل. ولكن هناك فرقٌ كبيرٌ بين أن تكون لطيفاً، وأن لا تتحدّث لأنّك خائفٌ أو غير متأكّد. اتبع غرائزك في هذه المواقف. في بعض الأحيان من الأفضل أن تدافع عن نفسك، أو عن شخصٍ آخر، ولا تهتمّ للغاية بشأن كونك لطيفاً أم لا.
  • انظر إلى الحقائق: إذا كنت تثق في الجانب المنطقيّ والواقعيّ من حجّتك أو معتقداتك، سيكون من السهل أن تقف بشجاعة. لذلك تأكّد من أن لديك كلّ المعلومات التي تحتاجها. تحتاج أيضاً إلى ضمان أن تفهم هذه المعلومات. وإذا كنت تعتقد أنَّ الآخرين يحجبون أيّ معلوماتٍ أو لا يشرحون الأشياء بوضوح، تأكّد من أن تستمرّ في طرح الأسئلة عليهم حتى تفهم الموقف تماماً.
  • اعمل مع الناس، وليس ضدّهم: عندما تنقل معتقداتك، يجب أن تكون حازماً وهذا يعني إيصال وجهات نظرك مع الأخذ بالاعتبار حقوق واحتياجات ورغبات الآخرين. كن مُهذّباً وواعياً، ولا تدع العاطفة تعيق ما لديك لتقوله. عليك أيضاً أن تحترم الناس، وتتواصل بشكلٍ عقلانيٍّ وواضحٍ قدر الإمكان.
  • لا تفرض معتقداتك على الآخرين: على سبيل المثال، قد تعتقد أنّ تناول اللحوم خطأ. ولكن انتقاد الآخرين عندما يأكلون اللحوم في وجودك هو فرضٌ لمعتقداتك عليهم.
إقرأ أيضاً: 12 طريقة تجعل منك شخصاً اجتماعياً في كل الأوقات

دع الأمور تأخذ مجراها:

ستكون هناك أوقاتٌ يتعيّن عليك فيها الاعتراف بالهزيمة والتراجع والقيام بالأفضل بالنسبة للموقف - لن تجري الأمور على طريقتك الخاصّة في كلِّ مرّة. ولكن من خلال الوقوف بشجاعة، لديك الفرصة لإظهار شخصيّتك، وإيصال أفكارك وما يهمّك. وسوف يحترمك مدراؤك وزملائك لهذا الأمر.

ولكن إذا كان عليك القيام مراراً بأشياء في عملك تتعارض مع شخصيّتك وقيمك الأساسية، قد تقرّر النظر في مواصلة حياتك المهنيّة في مكانٍ آخر. إذا كنت تبحث عن عملٍ جديد، فحاول اختيار مؤسسةٍ ذات قيمٍ أكثر انسجاماً مع قيمك. يمكنك العثور على هذه المعلومات من خلال النظر في مَهمّة الشركة أو رؤيتها. أو يمكنك التحدّث إلى الموظفين الحاليين فيها ومعرفة ما السلوكيّات التي يعتقدون أنَّ المنظمة تُقَدّرُها.

 

المصدر: موقع "مايند تولز"




مقالات مرتبطة