تحويل الانضباط الممل إلى حرية كبيرة

هل تريد الحرية المطلقة؟ وهل تحلم بأن تتمكَّن من المغادرة ساعة تريد، واستقلال طائرة، والذهاب في رحلة حول العالم؟ وهل سبق لك أن أردت مواعدة أشخاص مميزين؟ وهل تكافح في عملك بصفتك موظفاً وترغب في إطلاق شركة بنفسك؟ وهل تمنيت يوماً أن تتمكن من عيش حياتك وفقاً لرؤيتك وكما تريد تماماً؟ يمكنك تحقيق كل هذا الآن، والعنصر الأساسي هو الانضباط.



قد تتململ معتقداً أنَّ الانضباط هو أمر يمارسه العسكريون، والمديرون التنفيذيون الذين يكرسون وقتهم بالكامل لعملهم، لكنَّك على خطأ؛ فنحن خدعنا أنفسنا لسنوات وظننا أنَّ الانضباط مخصص لنوعية محددة من الأشخاص الذين لا يستمتعون بالحياة.

لتوضيح الأمر، تخيَّل شخصاً يعيش حياة معاكسة لحياتك، يجسد الحياة الحرة التي تحلم بها، سيكون من نوع الأشخاص الذين قد تقابله في النزل وهو يعيش مغامرة في الترحال عبر أوروبا؛ شخص يرى الحياة على حقيقتها ويفهم أنَّنا جميعاً سنموت؛ لذلك، يحاول أن يقضي وقتاً ممتعاً قبل فوات الأوان.

لكنَّنا مخطئون، فالحقيقة هي أنَّ الانضباط يعادل الحرية، قال هذه الكلمات مستشار الشركات "جوكو ويلينك" (Jocko Willink) الذي يبدو شخصاً يمارس الانضباط، وليس شخصاً قد تصادفه يعيش مغامرة ويستمتع بالحياة، لكنَّ هذا خطأ؛ وذلك لأنَّ "ويلينك" يتمتع بحرية أكبر من أكثر مهووس سفر، وكل ذلك بفضل الانضباط.

ممارسة الانضباط تؤدي إلى الحرية:

كن صادقاً، حتى بعد ما قرأته، ما زلت تفكر في الحرية على أنَّها القدرة على السفر متى تشاء، وتظن أنَّ الحرية الحقيقية هي القدرة على اتباع جدولك الزمني أو تغييره وفقاً لأهوائك، لكنَّ هذه الخطط الضخمة لاغتنام الفرص والعيش بمتعة لا يمكن أن تنجح إلا إذا مارست الانضباط في كل يوم.

القدرة على تغيير منزلك والانتقال إلى مدينة أخرى متى تشاء وللفترة التي تشاء هي تجربة رائعة للغاية؛ وذلك لأنَّك ستمر بتجارب جديدة تماماً كل يوم، وستقابل أشخاصاً جدد ومثيرين للاهتمام، وبالنسبة إلى بعض الأشخاص، فإنَّ التمتع بالحرية للقيام بشيء كهذا هو أقصى أحلامهم وما يعملون جاهدين من أجله لفترة طويلة.

لكنَّ الطريقة الوحيدة التي ستتمكن من خلالها من تحقيق هذا المستوى من الحرية تتطلب الانضباط الصارم؛ وذلك لأنَّ نمط الحياة هذا، يعني غالباً العمل عن بُعد، وهنا يأتي دور الانضباط، فإلى أن تتمكن من الانتقال كلياً إلى العمل المستقل، يجب عليك أن تعمل موظفاً في شركة، وفي أثناء ذلك يجب أن تجد طريقة لتوليد مزيدٍ من الدخل دون العمل في وظيفة أخرى بدوام كامل؛ لذا بينما تعمل في وظيفتك العادية صباحاً، ستضطر إلى العمل مساءً وخلال عطلات نهاية الأسبوع لإيجاد طرائق لكسب المال إضافة إلى الراتب.

ستعمل عشرات الساعات الإضافية في الأسبوع إن لم يكن أكثر لتحقيق ذلك، ولن يكون الأمر سهلاً؛ لذا ضع في حسبانك أنَّه سيكون عملاً شاقاً، ولتتمكن من الجمع بين وظيفة إضافية ووظيفة بدوام كامل ستحتاج إلى الانضباط.

ثم بعد أن تشعر بأنَّ الدخل الجانبي الذي تجنيه أصبح كافياً ويمكن الاعتماد عليه، يمكنك ترك وظيفتك وتكريس وقتك كاملاً لريادة الأعمال أو العمل المستقل أو تقديم الاستشارات أو غيرها، وتجمع بين مصادر الدخل هذه لتغطية تكاليف معيشتك بينما تعمل على تنمية كل مصدر على حدة بحيث تستعيض عن راتبك بصفتك موظفاً به، وهنا يأتي دور العنصر الثاني من الانضباط.

بعد تركك لبيئة الشركة، والانتقال إلى العمل مع عدد قليل من شركاء العمل والعملاء الرئيسين فقط، لن تجد مَن يخبرك أنَّه يجب عليك أن تعمل، ستتحكم كلياً بمصدر دخلك؛ وهذا يعني أنَّك ستصبح مسؤولاً وحدك عن تحفيز نفسك على العمل.

وفي حين أنَّ الهدف ليس مقايضة الوقت بالمال، إلا أنَّ هذا أمر لا مفر منه في البداية، وغالباً تكون نسبة الوقت الذي تعمل فيه مقابل مبلغ المال الذي تكسبه كبيرة حينها؛ لذا يتطلب الأمر التمتع بالانضباط الذاتي كي تستيقظ وتعمل كل يوم دون كلل.

شاهد: طرق تنمية الانضباط الذاتي

هناك شقين من النتائج الإيجابية لما سبق، أولاً ستعلم بفضل هذا الانضباط أنَّك تستطيع أن تعتمد على نفسك لإعالة نفسك، وحتى إذا عدت إلى بيئة الشركة ستعلم دائماً أنَّه يمكنك توليد دخلك وحدك، وهي فكرة مريحة، وثانياً، لأنَّك تستطيع العمل عن بُعد متى تريد ومن أي مكان تريده، سيكون لديك خيار السفر إلى أي مكان.

إقرأ أيضاً: 5 أسئلة تحول شغفك إلى مصدر رزق

احذر من الجانب السلبي للحرية التي تحلم بها:

يبدو كل ذلك رائعاً أليس كذلك؟ تمهل قليلاً، بينما ستتمتع بالحرية المطلقة في العيش والعمل حيث تريد، ستعمل مقابل الدخل؛ أي سيكون من الصعب أخذ يوم عطلة، فحتى المشاريع التي تعمل عليها لتصبح مصدر دخل سلبي، تتطلب وقتاً وجهداً في البداية للوصول إلى المرحلة التي تدر لك الدخل، وكذلك العمل الاستشاري يتطلب العمل بنظام الساعات مقابل الأجر.

يوجد طريق طويل يجب أن تقطعه قبل أن تصل إلى هدفك والحياة التي تحلم بها، ومن الهام الإشارة إلى أنَّه لن يكون طريقاً سهلاً، وفي بعض الأحيان، قد يتضح أنَّ تلك الحرية التي تسعى إليها هي في الواقع سجن.

وهذا يعني أنَّ الحاجة إلى الانضباط اللازم للعيش بحرية لا تنتهي أبداً؛ وذلك لأنَّك ستعمل طويلاً قبل تحقيق ما يكفي من الدخل السلبي، وسيتطلب الأمر التحلي بالانضباط على الأمد الطويل، لكنَّ النتيجة في النهاية تستحق العناء والعمل اليومي المكثف اللازم لتحقيقها.

لذا ننصحك إذا كنت تريد الحرية، أيَّاً كان ما تعنيه لك، فاسعَ إليها فلا ضرر من المحاولة، وإنَّ الضرر الأكبر في عدم المحاولة؛ وذلك لأنَّك ستتساءل دائماً ماذا كان سيحصل لو سعيت إلى حلمك، لكن احذر من التغييرات التي تطرأ على جدول أعمالك ونظرتك المستقبلية؛ وذلك لأنَّك لا تريد أن تصبح رب عمل يقضي 80 ساعة في العمل أسبوعياً لتجنُّب 40 ساعة عمل بصفتك موظفاً في شركة.

قد تضطر إلى العمل ساعات طويلة أسبوعياً في البداية لتحصل في النهاية على حياة مريحة، ولكنَّ الطريقة الوحيدة للتأكد من ذلك هي التجريب والتعلم من أخطائك، والتركيز على أهدافك وأحلامك والحياة التي تطمح إليها.

المصدر




مقالات مرتبطة