تاريخ الخبز ونشأته، من أين بدأ؟

منذُ القدم ارتبط الخبز بمختلف الموائد حول العالم وبشكل خاص مع الموائد الشرقيّة، ولطالما كان للخبز قيمة معنويّة مرتبطة بالحياة، وحتّى بمدلولات اجتماعيّة كاستخدام جملة (صار بينا خبز وملح) أي بمعنى عِشْرَة طيّبة وعلاقة وَطِيدَة. كما أنَّ له رمزيّة معيّنة وأهميّة كبيرة أيضاً في المعتقدات الدينيّة المختلفة سواء في الدين الإسلامي أو في الدين المسيحي حيث ورد ذكر الخبز في الكثير من الأحاديث الشريفة وحتّى في الدين اليهودي أيضاً.



والسؤال هنا من أين بدأ الخبز؟ وكيف نشأ ووصل إلى ما هو عليه اليوم؟ والعديد من التساؤلات الأخرى.

أوّلاً: تاريخ الخبز

 يرتبط تاريخ الخبز واستخدامه كغذاء بتاريخ استخدام الحبوب من قِبَل الإنسان. حيث كان يُصنع الخبز بشكل يدوي بطريقة مباشرة من الحبوب، عن طريق طحن الحبوب بوساطة الحجارة، ثم يتم تبليلها بطريقة ما لتصبح صالحة للأكل. وتُعَد هذه الطريقة هي الأقدم، كما أنَّ هناك حفريَّات تدل على استخدام هذه الطريقة قديماً.

ولم تقتصر مكوِّنات الخبز على ما هو مُتَعَارَفٌ عليه اليوم في صناعة الخبز، أي على حبَّة القمح فقط. بل كان الخبز يُصنع من الحبوب المتاحة في أرض كلّ دولة. ويُعَدّ الخبز البدائي المصنوع من الشعير من أوَّل الأغذية التي صُنِعَت في تاريخ الغذاء.

ويعود ظهور الخبز كغذاء للإنسان منذ عام 8000 ق.م، وذلك عندما بدأ الإنسان بالنشاط الزراعي وقام بزراعة القمح والتي تُعَد من أوَّل الزراعات التي قام بها الإنسان واستخدم الحبوب للغذاء. حيثُ قام بطحن الحبوب وتبليلها لتُصبِح كالعصيدة وذلك بتعرُّضها إلى أحد مصادر الحرارة بمحض الصدفة، أو بتعرَّضها للهب النار أو للشمس بحيث أصبحت عجينة متماسكة صالحة للأكل وهكذا ظهر الخبز لأوَّل مرَّة.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ الخبز هنا لم يكن يحتوي على الخميرة. حيث كان يتم صنعه على نيران بشكل مباشر أو على أسطحة ساخنة، إضافةً لطرق أخرى يتم من خلالها تجفيف الحبوب قبل طحنها والتي وصلت إلى مصر وأصبحت تُستَخدَم كأولى طُرُق تخمير الخبز.

مطحنة يدوية تعود للعصر الحجري الحديث

(مطحنة يدوية تعود للعصر الحجري الحديث)

ثانياً: أين تمّت صناعة الخبز لأوّل مرّة؟

يشار إلى أنَّ صناعة الخبز بدأت لأوّل مرّة في وسط أسيا ثمَّ وصلت إلى البحر الأبيض المتوسط من خلال بلاد ما بين النهرين ومصر. وقد قام أحد الأشخاص في إحدى أجزاء "مملكة سومر" أو في بلاد ما بين النهرين في عام 6000 ق.م بتحضير الخبز الذي يشبه الخبز الذي نراه اليوم، حيث كانوا يستخدمون الرماد من أجل تسوية الخبز. ثم قام السومريون أثناء فترة حكم "جمدة نصر" بتعليم المصريين طريقة طهي الخبز، وتبنّى المصريون بدورهم هذه الطريقة وبدأوا بتنظيم وتطوير عمليّة الزراعة إلى أن أصبح الخبز عنصراً غذائيّاً أساسيّاً وهامَّاً لا يُمكن الاستغناء عنه.

1. الخبز في مصر القديمة:

اهتم المصريون القدماء بشكل كبير بعمليّة جمع الحبوب، واعتُبِروا أوّل من استخدم حجر الرحى لطحن الحبوب، وأول من بدأ بإعداد الخبز بالخميرة والتي قاموا باكتشافها من الأعشاب البريّة. كما أنّهم قاموا بتطوير الأفران لصناعة الخبز.

وقد ارتبطت صناعة الخبز بالطبقات الاجتماعيّة في تلك الفترة، فكانت الطبقات الغنيّة تأكل الخبز المصنوع من القمح، وكانت الطبقات الكادحة تأكل الخبز المصنوع من الشعير، فيما كان الفقراء يصنعون خبزهم من حبوب أخرى.

ومجَّدت الرسوم الفرعونيّة بدورها الخبز ووثَّقت صناعته في الكثير من الجداريات، فالخبز كان غذاءً يوميّاً وقُرباناً يقدَّم لآلهة المصريين. وقد ظهر الخبز مرسوماً على جدران مقبرة رمسيس الثالث.

رسوم تشرح طرق إعداد الخبز مرسومة على جدران مقبرة رمسيس الثالث في وادي الملوك

(رسوم تشرح طرق إعداد الخبز مرسومة على جدران مقبرة رمسيس الثالث في وادي الملوك)

2. الخبز في اليونان:

لم تكن اليونان مكاناً جيِّداً لزراعة القمح، وكان يتعيَّن استيراده إمَّا من مصر أو من المناطق المحيطة بالبحر الأسود. ويرجَّح أنَّ صناعة الخبز كانت تعتمد على الشعير وذلك في شكل كعك يُسمَّى المازا.

وبحلول عام 400 ق.م، كان هناك ما بين 50 إلى 70 نوع مختلف من الخبز، تم تسميتها نسبةً لنكهتها أو شكلها أو باسم عطلة معينة أو باسم مهرجانات دينيّة مثل: (خبز عيد الفصح، خبز رأس السنة)، وأشار الكاتب اليوناني أثيتايوس في كتاباته إلى طرق مختلفة لإعداد الخبز مما يوضح لنا المهارة التي وصلت إليها الحضارة اليونانيّة في صناعة الخبز.

وقد احتل الخبز مكانة مهمّة في الثقافة اليونانيّة المسماة Psadista حيث كانوا يقدِّمون للآلهة ثلاثة أغذية كقُربَان وهي: (الخبز والزيت النباتي والنبيذ). ثم قام اليونانيّون بنقل الفنون والتقنيّات الخاصّة بصناعة الخبز إلى الرومان، الذين قاموا بدورهم بتحويل الخبز إلى صناعة واسعة النطاق.

تعتبر آلهة ديميتر في الأساطير اليونانية راعية المزارعين وأم خصوبة الأرض ويقول أيسقراط أن معظم الهدايا التي كانت ديميتر تقدمها للأثينيين كانت الحبوب

(تعتبر آلهة ديميتر في الأساطير اليونانية راعية المزارعين وأم خصوبة الأرض ويقول أيسقراط أن معظم الهدايا التي كانت ديميتر تقدمها للأثينيين كانت الحبوب)

3. الخبز في روما:

على الرغم من العلاقات والروابط الثقافيّة والتجاريّة بين الحضارتين اليونانيّة والرومانيّة، إلا أنَّ الخبز كان متأخراً بشكل نسبي بالظهور في روما. حيث لم يُصنَع الخبز في روما قبل القرنين السابع عشر والثامن عشر ق.م. وكان يُصنَع في المنازل بسبب التأثُّر بالثقافة اليونانيّة.

ويُعَد الخبز من أكثر الأطعمة التي تمَّ توثيقها خلال تاريخ روما القديمة في المصادر الأدبيّة، واللوحات الجداريّة والنقوش البارزة التي تمثِّل مراحل تحضير وبيع الخبز. كما تم اكتشاف أرغفة متفحِّمة وُجِدَت في أنقاض بومبي والتي تم تحليلها، حيث تمَّ التعرُّف على حجم الخبز وشكله الثابت الذي كان دائريّاً وله شكل زهرة ذات بتلات.

وفي عام 30 ق.م كان هناك حوالي 328 مخبزاً في روما، حيث تُظهِر الرسوم المحفورة على جدران مقابر الخبّازين بعض مظاهر إنتاج الخبز والمراحل المختلفة لصنع الخبز (من الطحن وغربلة الدقيق، إلى الخليط وصنع الخبز). فكان واضحاً استخدام الآلة في إعداد الخبز من خلال الاعتماد على الخيول في تشغيلها.

وكان الخبّاز في تلك الفترة ذو مكانة هامّة، حيث أمكن لصناعة الخبز في ذلك الوقت أن تصنع ثروة. واشتهرت عدّة أنواع من الخبز الروماني والتي لها أسماء مثيرة للاهتمام مثل (سيليجيس) والمصنوع من الدقيق الفاخر وكان يأكله الأثرياء، و(الأويترايوس) الذي كان يتم أكله مع المحار، و(البيشنوم) الذي كان يحتوي على المكسرات ويغمس في الحليب المحلّى بالعسل وغيرها من الأنواع الأخرى.

(رغيف خبز وُجد في بومبي تحت أنقاض بركان فيزوف)

(رغيف خبز وُجد في بومبي تحت أنقاض بركان فيزوف)

4. الخبز في العصور الوسطى:

خلال أوائل العصور الوسطى في القرن الخامس، بدأت الإمبراطورية الرومانيّة في الانهيار، لكن الخبز كان مدمجاً بالفعل في أوروبا وانتشر حتّى في آسيا. وقام الفايكنج بصنع الخبز بشكل أساسي من حبوب الجاودار، والتي تُنتِج خبزاً كثيفاً صلباً. وغالباً ما كانت تُصنع أرغفة دائريّة بفتحة في الوسط تَسمَح بتعليق الخبز من عمود أو حبل.

وكان للملوك والأمراء والأُسَر الكبيرة عادةً موظّفين خاصّين بهم واجبهم الوحيد هو الخَبْزُ لهم. وكانت هناك مخابز عامّة مملوكة من قِبَل رب الأراضي المحلّي، حيث يقوم الفقراء بإحضار الخبز الخاص بهم ليتم خَبزُه.

ولم يتم إدخال مطاحن الرياح إلى أوروبّا حتّى الحملة الصليبيّة الأولى، حيث كان استخدامها يسهِّل عمليّة إعداد الخبز ويجعله أكبر حجماً. وفي إنجلترا في القرن الثالث عشر صدر قانون يقوم بتنظيم سعر ووزن ونوعيّة الخبز والبيرة المُصنَّعة والمُبَاعَة في البلدات والقُرى الصغيرة، كما نصَّ على عقوبات قاسية لمصانع البيرة والخبّازين الذين تمَّ ضبطهم وهم يقومون بالغش.

وفي أمريكا اللاتينية كانت الحبوب الأكثر استخداماً هي الذُرة حيث كان السكّان الأصليون يستخدمون الذُرة قبل وصول الأوروبيين إلى أمريكا، ومن الحبوب التي كانت تُستخدم أيضاً القطيفة المذنبة والكينوا.

وعند وصول الحملات الأوروبيّة إلى جنوب القارة الأمريكيّة ظهر نوعان من الحُبوب والتي قام الإسبان بجلبها معهم وهي القمح والشعير، كما قاموا باستخدام الذُرة. وانتشر استخدام الخبز المصنوع من القمح والشعير بين سكّان القارّة الأمريكيّة وكان الإسبان هم من يتحكّمون في الأسعار.

علامات على جدران إحدى كنائس العصور الوسطى في ألمانيا توضح الحاجة اليومية للخبز

(علامات على جدران إحدى كنائس العصور الوسطى في ألمانيا توضح الحاجة اليومية للخبز)

رسم لخباز مع مساعده حيث كانت الأرغفة المستديرة من بين الأرغفة الأكثر شيوعاً وانتشاراً

(رسم لخباز مع مساعده حيث كانت الأرغفة المستديرة من بين الأرغفة الأكثر شيوعاً وانتشاراً)

إقرأ أيضاً: فوائد الخبز الأسمر و مقارنته بالخبز الأبيض

5. الخبز في عصر النهضة:

قامت العائلات الغنيّة الانجليزيّة والفرنسيّة باتخاذ طبّاخين خاصين بهم من الطهاة الايطاليين وذلك لاشتهارهم في أوروبا بإعداد الخبز بمهارة كبيرة، حيث أنّهم أوّل من قام بإدخال نوعٍ جديدٍ من الخبز أي (البسكويت).

وتعود أوّل معاهدة تتعلَّق بإعداد الخبز في اللغة الفرنسية إلى عالم الكيمياء بول جاك مالون، كما تمَّ افتتاح أوَّل مدرسة لتعليم إعداد الخبز في فرنسا في 8 يونيو لعام 1780 ولكن تمَّ غلق المدرسة فيما بعد من قِبَل المؤتمر الوطني الفرنسي.

وفي القرن الخامس عشر أدَّى استخدام الزبدة والسكّر في إعداد الخبز، بالإضافة إلى استخدام الشوكولاتة، إلى التفريق بين إعداد الخبز وبين إعداد الحلوى. وبدأ التمييز في القرن السادس عشر بين الخبّازين وصُنَّاع الحلوى. وظهرت عدَّة أنواع من الخبز مثل الباغيت (الخبز الفرنسي)، وقد ظهر الكرواسون لأوَّل مرَّة في مدينة بودابست.

وكان يتم مراقبة أسعار الخبز في كل منطقة بطُرُق معيَّنة وذلك وفقاً لنظامها الحاكم. وحتّى بداية القرن العشرين أُجبِرَ الخبّازون الفرنسيّون على ترك علامة مميَّزة على كل قطعة خبز وذلك تفادياً للغش من جانب الخبّازين.

وتوصّل العلم إلى عدَّة اكتشافات تتعلَّق بالخبز. حيث فسَّر لوي باستير لأوّل مرّة ظاهرة التخمير الكحولي، وعليه تغيَّرت صناعة الخبز وظهرت العديد من الاكتشافات والاختراعات التي تتعلَّق بالتّخمير.

ومع اندلاع الثورة الفرنسيّة بدأ الشارع بالمطالبة بالمساواة واعتبار الخبز الأبيض حقّاً لجميع الطبقات. وفي القرن التاسع عشر ظهر الجيل الأوّل من آلات العجن والمطاحن الأوتوماتيكيّة ثم ظهرت العجَّانة البخاريّة مع المطاحن البخاريّة والتي تم اختفاؤها مع ظهور المطاحن التي تعمل بالأسطوانات المعدنيّة ثم ظهرت الآليّات الحديثة.

خباز قبض عليه في محاولة لغش المشترين ومعاقبته بجره على مزلقة مع رغيف من الخبز المخالف ملفوف حول عنقه

(خباز قبض عليه في محاولة لغش المشترين ومعاقبته بجره على مزلقة مع رغيف من الخبز المخالف ملفوف حول عنقه)

صورة لخباز يعمل في الفرن

(صورة لخباز يعمل في الفرن)

6. الخبز في عهد الثورة الصناعيّة:

دفعت الثورة الصناعية عمليّة صناعة الخبز إلى الأمام حيث ظهرت أفضل أنواع المطاحن ممّا أدّى إلى ارتفاع إنتاج الخبز بشكل كبير. ففي الولايات المتّحدة قام أوليفر افانس بتطوير آلات البخّار التي تقوم بطحن كميَّات كبيرة من الحُبُوب في وقت قصير نسبيّاً.

وقد أدَّى استمرار تزايد عدد سكان العالم بشكل تدريجي (حيث بلغ عدد سكان العالم 6 مليارات شخص في بداية القرن الواحد والعشرين) إلى دفع الدول لتحسين إنتاج بعض الأغذية الأساسيّة ومن ضمنها الخبز وبشكل خاص في منطقة الشرق. فاستخدمت الأسمدة لإنتاج أنواع أفضل من الحُبُوب، واستخدمت آلات البخّار في صناعة الخبز.

وفي الولايات المتّحدة الأمريكيّة قام أبراهام لينكولن بتحسين آلة الحصاد وأنشأ شركة دوليّة عام 1902، وقد أدَّى هذا الاختراع إلى جعل عمليّة جمع الحُبُوب أكثر فاعليّة ممَّا أدَّى بدوره إلى ارتفاع إنتاج الخبز. أمَّا في أوروبا كان الوضع مختلفاً، فقد كانوا يبحثون دائماً عن طرق لتحسين حالة الأراضي التي كانت تُزرع بالحُبُوب عن طريق استخدام بعض المواد الكيميائيّة، بينما كانت أمريكا الشماليّة تعمل على تحسين الآلات.

وانتشر في أوروبا خلال العصر الفيكتوري الخبز الأبيض المصنوع من القمح والذي كان يُعتبر علامة للجودة. وفي عام 1850 أصبحت روسيا وأمريكا أحد أهم مستخدمي حُبُوب القمح الأوروبّي.

وفي عام 1924 أسَّس أمريكي شركة وورد باكينج والتي يتم من خلالها إعداد الخبز دون أي تدخُّل من الإنسان وهكذا ظهرت الآلات التي تقوم بصناعة الخبز بطُرُق حديثة.

في الدول العربيّة: اختلفت بغداد عن باقي مدن العالم بطريقة شوي الخبز والأدوات المستخدمة، وقامت باستخدام وسائل العجن والخميرة التي استخدمها المصريّون القدماء.

وفي عهد أبو جعفر المنصور كانت تحتوي أسواق بغداد على مَخَابِز بإدارة فرّانين، واستُخدِم الفُرن الحجري والطّيني لِشَيّ الخبز بالاعتماد على الحَطَب لتشغيل النار للفُرن.

ومع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين تغيَّرت الأمور حيث اعتُمِدَ على النفط ومشتقّاته في عمليّة الشوي كما دخلت الكهرباء في عمليّة العجن والشوي أيضاً، إضافة لاستخدام الخميرة الفوريّة والحليب والسكّر وغيرها في عمليّة إعداد الخبز.

في سوريا ولبنان ظهر الخبز المرقوق وظلَّ معظم النّاس، ولمئات السنين، يتناولون الخبز المُعَد من الدقيق الكامل أو الأسمر أو أنواعاً أخرى من خبز الحُبُوب الكامل. حيث كان سعر دقيق القمح الأبيض الكامل غاليّاً جدّاً ويستغرق طحنه ساعات طويلة من العمل اليدوي، فقام أصحاب المطاحن بتطوير آلات لطحن دقيق القمح الأبيض بسعر رخيص وذلك في نهاية القرن التاسع عشر، وأصبح الخبز الأبيض في متناول الغالبيّة مع بداية القرن العشرين.

خبز التنور العراق

(خبز التنور العراق)

خبز المرقوق أو خبز الشراك أو خبز الصاج

بز المرقوق أو خبز الشراك أو خبز الصاج)

7. الخبز في العصر الحديث:

كان لتصنيع الخبز خطوة تأسيسيّة في خَلق العالم الحديث حيث ظهرت أنواع عديدة من الخبز.

ويعتبر "أوتو فريدريك روويدر" الأب الروحي لشرائح الخبز. ففي عام 1912 بدأ "روويدر" العمل على اختراع الآلة التي تقطِّع شرائح الخبز، ولكنَّ المخابز كانت تتردّد أو ترفُض استخدامها كون شرائح الخبز بهذا الشكل تفقد نضارتها وتصبح خشنة بسرعة. فقام "روويدر" في عام 1928 باختراع آلة أخرى تؤدِّي وظيفتين حيث تقوم بتقطيع شرائح الخبز ومن ثم تقوم بلفِّه، وكان مخبز في تشيليكوث في ولاية (ميزوري) أوّل من استخدم هذه الآلة لإنتاج شرائح الخبز.

وفي عام 1927 في مدينة براغ عُقِدَ أوّل اجتماع على اسم المؤتمر الدولي للحُبُوب والخبز لمناقشة المشاكل المتعلِّقة بإعداد الخبز، وتمَّ تنظيم مؤتمرات أُخرى نصف سنويّة.

وخلال الحرب العالميّة الثانيّة بدأ وزير الزراعة الألماني بنشر فوائد الخبز المصنوع من الشعير وقاموا باستخدام دقيق البطاطس. وبعد انتهاء الحرب العالميّة الثانيّة تمَّ ترشيد استهلاك الخبز، ففي اليابان شجَّع وزير الصحة الشعب على تناول الخبز المصنوع من القمح بشكل أكبر، ممَّا أدَّى إلى انتشار الخبز الأبيض في اليابان. وبعد انتهاء الحرب بذلت الحكومات الأوروبيّة العديد من المُحَاولات لتحسين إنتاج الحُبُوب.

ومن أبرز تطوُّرات القرن العشرين في مجال إعداد الخبز كان على يد "شركة طحن الدقيق والخبز" في المملكة المتّحدة والتي جَعَلَت إعداد الخبز يتم بسرعة كبيرة (في حوالي 20 دقيقة). وهذه التطورات أدَّت إلى رخص ثمن الخبز الأبيض المصنوع من دقيق القمح "الذي كان حكراً على الطبقات الغنية" فأصبح بمتناول كل طبقات الشعب.

ولاحقاً ظهرت الشركات الدوليّة الضخمة والتي كانت تقوم بتوزيع الخبز في مناطق عديدة من الدولة، ممَّا جعل بيع الخبز غير مقتصراً على المخابز فقط بل بات يُبَاع في المَحَال الكبيرة.

آلة حديثة لإعداد الخبز في المنزل

(آلة حديثة لإعداد الخبز في المنزل)

إقرأ أيضاً: هل الخبز الأسمر يعادل الخبز الذي ناكله كل يوم ؟

8. الخبز في الوقت الحالي:

انخفض استخدام الخبز في الدول الناميّة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر لأسباب عدّة منها الاهتمام بشكل كبير بالأنظمة الغذائيّة، ويُرجِع البعض السبب لرداءة الخبز السيّئة نتيجةً لاستخدام إضافات للعجين، أو لاستخدام الآلات في إعداده. وبالرغم من انخفاض استخدام الخبز إلّا أنّه يحتل المركز الثاني في أهم الصناعات الغذائيّة.

وفي بدايات القرن الحادي والعشرين أصبح القمح مُستَخدَم بشكل رئيسي في صناعة الخبز وقلَّ استخدام الحبوب الأخرى في إعداده. لكن في التسعينات ظهرت بعض المخابز في أوروبّا التي تقدِّم الخبز بطعمه الكلاسيكي القديم لزبائنها. كما بدأ إعداد الخبز الأسمر بسبب فوائده، ومن المروِّجين لهذه الفكرة الخبَّاز الفرنسي ليونيل بيولان الذي أسَّس سلسلة من المخابز الكلاسيكيّة. وفي الولايات المتّحدة ظهر هذا النوع من المخابز اليدويّة أيضاً.

وقد أدَّى تحسُّن إنتاج الخبز إلى إمكانيّة إنشاء أفران صغيرة لإعداد الخبز ضمن المطاعم والمقاهي. كما أنَّ استخدام العجين المُجمَّد مُسبقاً جعل عمليّة إعداد الخبز أسهل.

وفي عام 2008 ظهرت أزمة الغذاء والتي أدَّت إلى ارتفاع سعر الحبوب وبالتالي ارتفاع سعر الخبز في بعض البلدان.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ اكتشافات حديثة أعلنت أنَّ أقدم خبز تم إعداده قبل 14500 عام في موقد حجري شمال شرق الأردن. وحسب ما أُعلِن: "وُجِدَت بقايا متفحِّمة لخبز تمَّ إعداده في موقد حجري"، والذي يشير إلى أنَّ الناس بدأوا إنتاج الغذاء الحيوي قبل اكتشافهم الزراعة بآلاف السنين.

بقايا متفحِّمة لخبز تمَّ إعداده في موقد حجري وجدت شمال شرق الأردن

(بقايا متفحِّمة لخبز تمَّ إعداده في موقد حجري وجدت شمال شرق الأردن)

وأخيراً كانت هذه نبذة مختصرة عن بدايات الخبز منذ القدم إلى الآن. وذلك بكل ما يحمله من معاني اجتماعيّة وسياسيّة واقتصاديّة وثقافيّة، وأهميّة عظيمة للشعوب حول العالم.

ولازال الخبز حتّى يومنا هذا يحتل مكانة كبيرة وهامَّة في حياتنا كقيمة غذائيّة كبيرة وكرمز اجتماعي ومَعنَوِي يَرْمُز للعيش الحُر والكِفَاح والحياة الشريفة.

المصادر:




مقالات مرتبطة