تأثير هوثورن: أمثلة على أثره الإيجابي في حياتك

هل سبق لك أن عملت في وظيفة، فوقف المدير العام أو ربما عضو مجلس الإدارة أو أيَّ شخص آخر قدير في الشركة أمام المكتب من وقت لآخر ليتسبب هذا الأمر في تعديل الموظفين لسلوكهم بسرعة؟



هل تذكر اختبار القيادة الذي حدَّد ما إذا كنت ستحصل على رخصة القيادة، هل تأكدت عندها من ضبط المرايا جميعها ضبطاً مثالياً، ثمَّ استمررت في القيادة واضعاً يديك على المقود ليشكلا معاً ساعةً يشير عقرباها إلى الرقمين 2 و10 طول مدة الاختبار؟ هل مازلت تفعل ذلك؟

هل تتأكد من أنَّ منزلك مرتب عندما تتوقع زيارة أصدقائك، ثمَّ تحاول التأكُّد من أنَّ أطفالك يتصرفون بأفضل طريقة في أثناء الزيارة؟

إنَّ كلَّ هذه التغييرات في السلوك هي أمثلة على تأثير هوثورن (Hawthorne Effect)، وسنلقي نظرة في هذا المقال على ماهية تأثير هوثورن، والنتائج التي انبثقت عنه، وكيف يمكن استخدامها لتحفيز الناس، ثُمَّ سنلقي نظرة على خمسة أمثلة على الطرائق التي يمكنك بواسطتها استخدام هذا المفهوم في حياتك بطريقة إيجابية.

ما هو تأثير هوثورن (Hawthorne Effect)؟

تأثير هوثورن هو ظاهرة توضح كيف تزداد إنتاجية العمال بسبب إدراكهم أنَّهم تحت المراقبة، وكان هذا الاكتشاف نتيجة دراسة أُجريت في عشرينيات القرن الماضي في مصنع هاوثورن وركس Hawthorne Works، التابع لشركة ويسترن إلكتريك كومباني Western Electric Company في منطقة نورثيرن إلينوي (Northern Illinois).

حلَّل الباحثون في أثناء الدراسة تأثير الإضاءة، والحوافز المالية، ووقت الراحة في إنتاجية العمال، ثُمَّ توسَّعت هذه الدراسة لتشمل آليات عمل الموظفين، والعلاقات الاجتماعية، والسلوك البشري داخل المنظمة؛ إذ اهتمَّ الباحثون اهتماماً متزايداً بالمجموعات الاجتماعية غير الرسمية التي شكَّلها العمال؛ فتشكَّلت نتيجة لذلك مجتمعات من الموظفين بعيداً عن علاقاتهم المهنية، والتي أثَّرت في رضاهم الوظيفي؛ ومن ثَمَّ إنتاجيتهم.

أدرك الباحثون أيضاً أنَّ طبيعة العلاقة بين المشرفين، وموظفيهم كان لها تأثير في أداء العمال، وهذا السبب الذي يجعل من ثقافة الشركة أمراً حاسماً لنجاحها.

النقاط الرئيسة التي اكتسبها الباحثون من هذه الدراسات هي:

  1. تتأثر إنتاجية الموظف بحالته الاجتماعية داخل مؤسسته أكثر من تأثُّرها بكفاءته.
  2. كما هو الأمر بالنسبة إلى المعايير المتوقعة فيما يتعلق بالإنتاجية اليومية؛ إذ تُنشئ المنظمةُ الثقافةَ التنظيمية والنظم الاجتماعية التي عادة ما يتبعها الموظفون داخل مكان العمل.
  3. تؤثِّر علاقة الأفراد مع مشرفيهم في إنتاجيتهم.

من الهام ملاحظة أنَّ الباحثين، والمنظرين اختلفوا في السبب الأساسي للتغيير في سلوك الموظفين الذي أدَّى إلى ما يُعرف اليوم باسم تأثير هوثورن، وكان أكثر المشككين شهرة هو عالِم النفس الصناعي الذي يُدعى مكلفين بارسونز (H. McIlvaine Parsons) الذي لم يوافق على أنَّ السبب في زيادة الإنتاجية هو تحسُّن ظروف العمل، وشعور الموظفين بكونهم الاختيار الأمثل ليكونوا جزءاً من الدراسة الأصلية.

كان أحد المتغيرات التي أثارها بارسونز الذي فشل الباحثون الأصليون في ذكره هو حقيقة أنَّ المشاركين في الدراسة كان لديهم إمكانية الوصول إلى التغذية الراجعة لأدائهم بالبيانات التي يمتلكها المشرفون ممَّا سمح بنشر النتائج على الحائط كلَّ يوم.

جادل بارسونز باحتمالية أن يكون هذا الأمر أحد العوامل المُحفِّزة الأخرى التي أدَّت إلى زيادة الأداء؛ كون العمال ربما أرادوا في كلِّ يوم جديد تحسين بيانات يومهم السابق.

مع ذلك سواء كان دافع العمال قد زاد لأنَّهم شعروا أنَّهم مميزون بعد أن اختيروا ليكونوا جزءاً من الدراسة وشعروا بالتوتر لوجود شخص يراقبهم، أم لأنَّهم كانوا يحاولون تسلُّق السلم الاجتماعي في مكان العمل؛ ففي الحالتين كليهما، ازداد الدافع، والأداء عندما شعر العمال أنَّ انتباه شخص آخر موجه إليهم.

هذا يدلُّ على أنَّ المراقبة تُعدُّ مُحفِّزاً للناس، لربما تكون قد لاحظت هذا عند العمل في الوضع الجماعي؛ إذ إنَّك لا تودُّ أن تكون ذلك الشخص الذي يخذل المجموعة؛ لذلك تبذل قليلاً من الجهد الإضافي في الدور الذي تؤدِّيه حتى تتمكن من إظهار كفاءتك.

لذا سواء حدث تأثير هوثورن عن طريق الصدفة لأنَّ رئيسك في العمل يتتبع عملك، أم أنَّك اخترت هذا التدخل لزيادة حافزك للوصول إلى هدف شخصي كأن تقوم بتعيين شريك لمساءلتك على سبيل المثال؛ فإنَّ ما نسميه اليوم تأثير هوثورن هو تجلٍّ واضح لحاجتنا الفطرية إلى الحصول على قبول، ورضى الآخرين، وهذه الحاجة يمكن أن تؤثِّر تأثيراً إيجابياً في حياتك إذا وضعتَ في الحسبان استخدامه في ظروف بنَّاءة.

شاهد بالفديو: 10 طرق لزيادة الإنتاجية في العمل

خمس طرائق يمكن أن يُؤثِّر بها تأثير هوثورن تأثيراً إيجابياً في حياتك:

1. مقابلات العمل:

كم مرة ركبت سيارتك بعد مقابلة عمل، وألقيت كومةً من الملابس، وأوراق ملاحظاتك على المقعد الخلفي، وتجاوزت الحد الأقصى للسرعة في أثناء توجهك إلى المنزل؟

لقد فعلنا ذلك جميعاً عدة مرات ليس لأنَّنا في عجلة من أمرنا للوصول إلى أيِّ مكان؛ بل كوننا بحاجة إلى الاسترخاء فقط بعد أن أمضينا ساعتين من الوقت نُظهر فيهما أفضل سلوك لنا.

في حال كنت بجوار أشخاص لا تعرفهم بالفعل، ولكنَّك تحاول إثارة إعجابهم، فاحتمال كبير أنَّك سوف تركِّز على تقديم أفضل ما لديك، الأمر الذي قد يتضمن ارتداءك ملابس لم ترتدها منذ مدةٍ بعيدة، وبذل مزيد من الطاقة لتكون مُحاوِراً جيداً، ومحاولتك بذل قصارى جهدك لإظهار أكثر السمات الشخصية المرغوبة لديك.

من ناحية أخرى، بمجرد أن تصل إلى المنزل، وتجلس أمام التلفزيون سوف تغير ملابسك تلك لترتدي بيجامتك القديمة، وتأكل حفنة من الفشار.

يؤثِّر تأثير هوثورن تأثيراً إيجابياً في حياتك في أثناء التحضير لمقابلات العمل؛ لأنَّه يمنحك الدافع الذي تحتاج إليه للتدرب على الإجابة عن أسئلة المقابلة -لأنَّك تعلم أنَّ الناس سيحلِّلون إجاباتك - وارتداء الملابس المناسبة لمجال العمل الذي تتقدم بطلب الانضمام إليه كي تنسجم مع ثقافة الشركة، الأمر الذي يعني أنَّك لن ترتدي بالضرورة ما كنت ترتديه في المقابلة الخاصة بشركة ناشئة أو لمقابلة لتحاول أن تبدو بدلاً من ذلك كما لو أنَّك قد أصبحت مُسبقاً جزءاً من الفريق.

من المحتمل أن تقوم في أثناء المقابلة نفسها بتعديل سلوكك بناء على الشخص الذي يُجري المقابلة معك، وتفعل ما بوسعك لتجعله يشعر أنَّك مناسب للمجموعة.

إنَّ الحاجة إلى القبول، والرضى الاجتماعي عند محاولة الحصول على وظيفة هي نتاج تأثير هوثورن، والذي يترك تأثيراً إيجابياً فيك في نهاية المطاف؛ إذ إنَّك تبذل الجهد المطلوب للحصول على عرض عمل.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح مهمة تساعدك على تخطي مقابلات العمل بنجاح

2. مجموعات العقل المدبر:

إذا كنت قد وصلت إلى مرحلةٍ من الجمود على مستوى التحفيز في حياتك، أو وقعت في بعض العادات السيئة سواء كان ذلك في وظيفتك أم في حياتك الشخصية، فأنت على الأرجح تبحث عن بعض المصادر الجديدة للتحفيز، والأفكار الفريدة لتدور عجلة النجاح مرة أخرى.

مجموعة العقل المدبر هي مجموعة من الأشخاص الذين لديهم نفس الاهتمام أو نفس الهدف، والذين يجتمعون معاً لتوليد أفكار جديدة، وتحفيز بعضهم بعضاً للوصول إلى نتيجة يكون تأثيرها أكبر من تأثير كلِّ جزء من أجزائها وحده، وفي حين أنَّ مجموعات العقل المدبر كانت شائعة في بيئات الأعمال، فقد طورت استخدامها لتشمل السياسة، والأوساط التعليمية، والجيش، وما إلى ذلك.

من الأمثلة الحديثة الشائعة لمجموعة العقل المُدبر منظمة رواد الأعمال (Entrepreneurs’ Organization)؛ إذ توفر هذه الشبكة العالمية منصة لأصحاب المشاريع للمشاركة في تعلُّم نموذج معاملات الشركات B2B، وتسمح لأعضائها بالتواصل والتفاعل مع بعضهم بعضاً، وإنشاء روابط تساعد الأشخاص على التعلُّم والنمو، ويُعدُّ هذا النوع من المجموعات مفيداً فائدة متبادلة لجميع المعنيين.

لذا لنتذكر الوقت الذي كنا نتحدث فيه عن تأثير هوثورن، وتأثيره في العمل في البيئات الجماعية، يمكنك الحصول على تغذيات راجعة فورية من الأعضاء الآخرين، والاستماع لوجهات نظر أشخاص آخرين بشأن مسألة ما عندما تكون في مجموعة عقول مدبرة، وفي حين قد لا تساعدك وجهة نظر واحدة مساعدة كبيرة، يمكن أن يساعدك اكتساب عدة وجهات نظر على اكتشاف استراتيجيات جديدة أو توليد أفكار جديدة.

يمكن أن يُؤثِّر تأثير هوثورن تأثيراً إيجابياً في حياتك عندما تشارك في مجموعة عقل مدبر؛ لأنَّه سيكون لكلِّ شخص تتفاعل معه أهدافاً كاملة ليكون منتِجاً، وفعالاً، وعضواً قيِّماً في الفريق، وفي حال شعرت أنَّك في مأزق إنتاجي، وبدأت تضع الآن في الحسبان الآثار المترتبة على تأثير هوثورن، سيكون أمراً منطقياً بالنسبة إليك أن تحاول العثور على مجموعة عقل مدبر لاستعادة زخم تقدمك مرة أخرى.

3. أهمية الإصغاء:

يُعزِّز تأثير هوثورن المفهوم الشائع للإصغاء اليقظ أو النشط، فقد أظهرت التجارب أنَّ إنتاجية الموظفين زادت زيادة كبيرة عندما شعروا أنَّ أصواتهم مسموعة في مكان العمل المعاصر؛ لذا ينبغي لأولئك الذين يشغلون مناصب قيادية الإصغاء إلى أفكار فريقهم، وإظهار التقدير لأيِّ مساهمة إيجابية تُقدَّم.

نظراً لأنَّ تأثير هوثورن يشير إلى أنَّ الناس يُحفَّزون بالعوامل العاطفية، مثل تلقي الاهتمام وأن يشعروا أنَّهم جزءاً مقبولاً من الفريق أكثر ممَّا تُحفِّزهم المكافآت المحتملة الأخرى للنجاح، فمن الهام أن يشعر الموظفون أنَّ آراءهم، وأفكارهم تحظى بالتقدير.

إنَّ معرفة ذلك يمكن أن تثِّر فيك تأثيراً إيجابياً إن كنت في منصب إداري؛ لأنَّه يشير إلى أنَّك في حال كنت تحاول تحسين إنتاجية موظفيك أو تحفيزهم، فأنت لست بحاجة إلى إجراء تغيير كبير أو مالي، ويمكن في بعض الأحيان أن يؤدِّي استخدام أداة صغيرة، مثل: الإصغاء ومنح شعور التقدير لموظفيك إلى إحداث فرق كبير.

بدلاً من ذلك، في حال كنت على الجانب الآخر من القصة، وكنت موظفاً تشعر بنقص الحافز أو أنَّك لم تشعر بالإلهام الذي يدفعك للقيام بأفضل ما لديك، أعد النظر فيما إذا كنت تشعر أنَّ رأيك مسموع داخل مؤسستك، فقد تكون لديك بعض التغييرات التي يمكنك إجراؤها لتحسين وظيفتك ورضاك الوظيفي بالتعبير المباشر عن احتياجاتك أو أفكارك لرؤسائك.

إليك مثال سريع: يوجد نموذج مراجعة طويل جداً، ويجب ملؤه مراراً في العمل، والنموذج مروع وممل، كما أنَّه مليء بالكلمات، ويبلغ طوله 21 صفحة، وقد يؤدي ذلك إلى الحد من الجهود المبذولة عند القيام بهذه المهمة على الرَّغم من أنَّها وثيقة هامة.

بأخذ تأثير هوثورن في الحسبان ينبغي للموظفين في هذه الحالة الحديث مع المديرين عن تجديد النموذج كاملاً الأمر الذي سيعود بالفائدة على الشركة أيضاً، ويعطي الموظفين دافعاً أكبر؛ ممَّا يجعل الناس أكثر إنتاجية؛ لأنَّ هذه المهمة لن تستغرق عدة ساعات.

يوضح هذا المثال ثلاثة أشياء متعلقة بتأثير هوثورن:

  1. تحفِّزنا العلاقة الإيجابية مع رؤسائنا على أخذ زمام المبادرة لاقتراح طرائق جديدة لأداء المهام القديمة.
  2. عندما نشعر أنَّ احتياجاتنا مسموعة وتؤخذ على محمل الجد نستطيع المساهمة بطريقة تعود بالنفع على أنفسنا، وتخفف عبء العمل على زملائنا؛ وهو الأمر الذي سيحظى بتقديرهم.
  3. في أثناء إنشاء النموذج الجديد يجب أن تعلم أنَّ بعض الأشخاص سيستخدمونه للمضي قدماً، لذلك ابذل قصارى جهدك لضمان خلو النسخة النهائية من الأغلاط، وأن تكون موجزة، وسهلة المتابعة؛ ذلك أنَّ العمال الآخرين سيقومون بالحكم على عملنا.

سواء كنت الشخص المستمع أو المتحدث، فإنَّ إدراك التأثير الذي يمكن أن يحدث بوصفه نتيجة لشعورك أنَّ صوتك مسموع؛ يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في حياتك على الصعيدين الشخصي والمهني.

شاهد بالفديو: 8 طرق بسيطة لتطوير مهارة الإصغاء

4. شركاء المساءلة:

لوجود شريك المساءلة قدرة يمكن أن تُحسِّن حياتك تحسيناً كبيراً، فهو شخص تربطك به اتفاقية متبادلة تتضمن تشجيع بعضكما بعضاً للوصول إلى الهدف الذي تعملون عليه، وتقديم التغذيات الراجعة بانتظام.

تلتقي بشريك المساءلة للتحدث عن التقدم الذي يُحرزه كلٌّ منكما والتحديات والمكاسب الصغيرة والعمل القادم الذي تخططان للقيام به للاقتراب من تحقيق أهدافكما، وتمنحكما هذه الاجتماعات فرصة للاحتفاء بتقدمكما، ولكنَّها تُعدُّ بمنزلة تذكير بين الجلسات أيضاً أنَّ لديك شخصاً يعتمد عليك لتتابع أهدافك، وتكون مُنتِجاً، وهو ما يمثل عاملاً محفزاً لعدم المماطلة.

أجرت جمعية تنمية المواهب (The Association for Talent Development) دراسة أسفرت عن بعض الإحصاءات المذهلة:

  1. إنَّ مجرد امتلاكك لفكرة لن يقودك إلى أيِّ مكان، ذلك أنَّ "الهدف من دون خطة هو مجرد أمنية".
  2. يوجد فرق بين الأحلام والأهداف؛ إذ سيؤدي اتخاذ قرار واعٍ لتحقيق هدف ما إلى زيادة احتمالية القيام بذلك الهدف من 10% إلى 25% على وجه التحديد.
  3. بعد أن تحوِّل هدفك إلى هدف ذكي، فسيكون لديك فرصة لتحقيقه بنسبة 50%، وهنا يأتي دور تأثير هوثورن؛ لأنَّ التزامك الاجتماعي يزيد زيادة كبيرة من احتمالية نجاحك.
  4. عندما تُخبر شخصاً آخر أنَّك ستحقق شيئاً ما، فمن المرجح أنَّك ستفعل ذلك بنسبة 65%.
  5. عندما تلتزم أن يكون شخص واحد شريكك في المساءلة، وتقوم بجدولة اجتماعات مساءلة منتظمة، فلديك فرصة بنسبة 95% في الوصول إلى هدفك.

لماذا يؤدي الشعور بالمساءلة الاجتماعية إلى زيادة احتمالية تحقيق أهدافك إلى حد كبير؟ لأنَّه إذا كرَّس شخص ما وقته لمساعدتك على النجاح، فستشعر أنَّك مضطر إلى رد الدَّين له؛ بسبب مبدأ المعاملة بالمثل الذي يدَّعي أنَّنا نشعر بأنَّنا مدينون تلقائياً لأيِّ شخص يعطينا شيئاً ما، وبصرف النظر عن مساعدة شركاء المساءلة على تتبع أهدافهم الخاصة، فإنَّ الطريقة الأفضل لردِّ الجميل لشركائكم هي بتحقيق الأهداف التي التزمتم بها، وإلا فقد أهدرتم وقتهم.

من الأمور الهامة التي يجب ملاحظتها هنا المتعلقة بشريك المساءلة أنَّه لا يمكن أن يكون هذا الشريك شيئاً يأتي على شكل تطبيق ذكي؛ فيجب أن يكون شخصاً حقيقياً حتى يكون لهذا تأثير إيجابي في حياتك، وقد يكون العثور على الشخص المناسب تحدياً في البداية، لكن بصرف النظر عن مسعاك من الممكن أن يُحدث وجود هذا الشخص فرقاً كبيراً في نجاحك لمجرد إيجاده.

إقرأ أيضاً: كيف تبني عادات جديدة مع شريك المساءلة؟

5. الأجواء التعليمية:

يمكن أن يساعدك تأثير هوثورن على تعلم أشياء جديدة سواء كنت في بيئة تعليمية تقليدية أم في طور تعلُّم مهارة جديدة؛ إذ يتعلم الجميع بطرائق مختلفة، ولكنَّ الشيء الوحيد المشترك بين جميع المتعلمين هو التأثير الإيجابي الذي يتركه بهم تلقي عناية مدروسة من شخص في منصب مدرِّس.

عندما تتعلَّم شيئاً ما، وتعرف أنَّ الشخص الذي قد أتقن المعلومات أو المهارة التي تتعلَّمها يراقبك، فهذا يساعدك على الانتباه؛ ومن ثَمَّ فهم المعلومات، وتؤدي المراقبة المستمرة إلى تغذية راجعة ومستمرة، ومحادثات هادفة ومدروسة، ويضيف هذا التفاعل بين المعلم والطالب إحساساً بالمغزى لتجربة التعلُّم هذه؛ الأمر الذي يجعلها لا تُنسى.

إنَّ معرفتك أنَّك تحت المجهر في أثناء تعلُّمك شيئاً ما هو أمر سيساعدك أيضاً على زيادة تركيزك واهتمامك، ممَّا سيضمن لك اكتساب فهم شامل للمادة التي بين يديك، وعلاوة على ذلك، قد يؤدي تعاونك مع متعلمين آخرين إلى معرفة جديدة وغير متوقعة، ويفتح الأبواب لفرص تعليمية إضافية.

في الختام:

إنَّ الشيء المثير للاهتمام فيما يتعلق بتأثير هوثورن هو كيف يمكن أن يحفِّزك على الحفاظ على السلوكات الإيجابية في حياتك، وكيف يمكنك استخدامه استخداماً استباقياً لإفادتك بإحاطة نفسك بالآخرين الذين يميلون إلى التصرف بطريقة تشبه نوع الشخص الذي تريد أن تكون عليه؛ فإذا كنت تشعر أنَّك تنتمي اجتماعياً إلى مجموعة ما، فإنَّك ستتصرف وفقاً لذلك، وبذلك سيكون نجاحك أسهل إذا شاركك من حولك بأهدافك وقيمك.

على سبيل المثال: إذا كنت تحاول الإقلاع عن التدخين، فأنت بحاجة إلى الخروج مع أشخاص آخرين لا يدخنون بدلاً من الخروج مع مجموعة من الأصدقاء المدخنين؛ فإنَّك بسهولة سترغب في أثناء حضرتهم، في أن تظل مقبولاً من قبلهم؛ لذلك ستتصرف بطرائق تساعدك على التقدم نحو أهدافك المتبادلة والشخصية أيضاً.

بدءاً من الدراسة الأصلية في المصنع إلى الأعمال التجارية الحديثة والمدارس وصولاً إلى حياتنا الشخصية، إنَّ التأثير الذي يمكن أن يحدثه الناس بالوجود في حضرة الآخرين خفيٌّ، ولكنَّه قوي؛ فإنَّ حدوث التغيير لا يتطلب تقديم المكافآت أو الأوامر.

لذا سواء كان تأثير هوثورن يترك أثراً إيجابياً في حياتك بسهولة وعن طريق الصدفة أم الآن وبعد أن عرفت عن هذه الظاهرة وأخذت تخطط لإجراء بعض التغييرات الملموسة في الشركة التي تمتلكها وكيفية تفاعلك مع الآخرين، فإنَّ هذه الدراسة التي لاقت انتقاداً واسعاً يمكن أن تحقق تغييراً كبيراً في إنتاجيتك وتحفيزك ونجاحك.

المصدر




مقالات مرتبطة