بعض السمات الشخصية التي تجعلك صلباً ذهنياً

الصلابة الذهنية هي أن تجيد التعامل مع متطلبات الحياة؛ وهذا يعني أنَّه يمكنك العمل تحت الضغط. لقد درستُ هذا الموضوع على نطاق واسع منذ بداية هذا العام ووجدت إحدى الدراسات عن العلاقة بين سمات الشخصية المختلفة التي تحدد نضجنا العقلي؛ فقد درس مُعِدُّو هذه الدراسة الرياضيين المحترفين ووجدوا خمس سمات شخصية تُنبئ بالنجاح في الرياضة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن 5 سمات شخصية تجعلك صلباً ذهنيَّاً.

في حين أنَّ هذه النتائج ليست حاسمة أو قابلة للتطبيق في الحياة اليومية إلَّا أنَّني وجدت أنَّ قائمتهم المكونة من خمس سمات شخصية مفيدة للغاية، ويمكننا استخدام هذه السمات دليلاً لاكتساب المزيد من الصلابة الذهنية، وفي هذا المقال سوف أشارك رأيي في السمات التي جعلت الرياضيين ناضجين عقلياً:

1. قوة الأنا:

أعجبني طرح مُعِدِّي الدراسة العلاقة بين الأنا والصلابة الذهنية، وفي رأيي أنَّ حب الذات أداة لا يجب أن تُقمع، وفي الدراسة عَرَّفوا حب الذات على أنَّه مقياس لقدرة الفرد على التعامل مع الانتكاسات والنقد والرفض؛ فإذا حصلت على درجة عالية في قوة الأنا فأنت أقل تأثراً بالفشل والانتكاسات، وإذا حصلت على درجة منخفضة فإنَّك تتأثر بالفشل والنقد والرفض وستجد صعوبة في التعافي.

في السنوات الأخيرة تلقى حب الذات كثيراً من الاهتمام السلبي؛ فلقد اتسمت الشخصيات المشهورة العامة بالغطرسة والغرور، وقد أنَّ الكاتب ريان هوليداي "Ryan Holiday" كتب كتاباً بعنوان "الأنا هي العدو - Ego is The Enemy"، وبصراحة أنا أحب هذا الكتاب؛ لأنَّه يظهر مخاطر كونك مغروراً، لكن لا يمكننا تجاهل أنَّ حب الذات يمكن أن يكون مفيداً أيضاً.

في الواقع، تُظهر الدراسة المذكورة أعلاه وجود علاقة بين الصلابة الذهنية وقوة الأنا، وهذا هو الدرس الذي تعلمته، لا تخف من تقبُّل غرورك، وكن مثل لاعب كرة السلة مايكل جوردان "Michael Jordan"، ولا تكن مثل الدراج المحترف لانس أرمسترونج "Lance Armstrong" في أوج عطائه.

فقد استخدم مايكل قوته -الأنا- للفوز، في حين استخدمها لانس لتدمير الآخرين والتلاعب بهم، وبصرف النظر عمَّا يحدث في الحياة يجب أن تؤمن بنفسك؛ فالإيمان بالنفس هو السمة الأساسية للمنافس الجيد، فكلنا نفشل في الحياة ونخسر ونواجه الرفض والنقد، لكن لا ينبغي لأيٍّ من ذلك أن يدمر إرادتنا في الاستمرار في المضي قدماً.

2. الاتزان:

يظل الرياضيون الناضجون عقلياً متماسكون في المواقف المسببة للتوتر، وهذه سمة أساسية للنضج العقلي؛ فعندما تواجه موقفاً يثير التوتر، تحاول تجنُّب رد الفعل العاطفي، وأنا لست متمكناً من هذه السمة؛ فغالباً ما كنت أتأثر بالعاطفة في أثناء المواقف التي تثير التوتر، لكن في وقت ما سئمت من هذه التصرفات واستطعت السيطرة على مشاعري.

فإذا كنت تريد أن تصبح متزناً فكلُّ ما تحتاج إليه هو التدريب، وبصرف النظر عمَّا يقوله الناس لك أو ما يحدث لك أو نوع المواقف التي تمر بها، يجب أن تظل دائماً متزناً؛ وذلك لأنَّ رد الفعل العاطفي لن يؤدي إلَّا إلى إلحاق الضرر بك وبالآخرين.

إقرأ أيضاً: كيف تُظهر صلابتك الذهنية؟

3. تحمل التوتر:

تتعلق هذه السمة بقدرتك على التعامل مع المخاطر الكبيرة، فكيف تتعامل مع العواقب السلبية المحتملة؟ على سبيل المثال؛ إذا كنت تتمتع بقدرة عالية على تحمل التوتر فإنَّك تستطيع تحمل مسؤولية تسديد ركلة جزاء في مباراة نهائية؛ وذلك لأنَّك تتحمل مسؤولية تسديد الركلة وأنت تعلم أنَّك ربما ستحصل على كثير من الردود السلبية إذا أخطأت، كما أرى أشخاصاً يتمتعون بقدرة عالية من تحمل التوتر في مجال التمويل.

فلنفترض أنَّك تدير ملايين الدولارات من أموال الآخرين، فلا داعي للقلق بشأن العواقب السلبية كثيراً؛ لأنَّ ذلك يقيِّدك، وهذا هو مفهوم تحمل التوتر، وفي هذه الحالة أظنُّ أنَّ ثمة استعداداً طبيعياً لتحمل التوتر؛ فبعض الأشخاص ليس لديهم مشكلة في القيام بهذه الأعمال، في حين أنَّ بعضهم الآخر لا يريدون أن يكونوا مسؤولين، وهذا ليس جيداً أو سيئاً فليس كل شخص يحتاج أو يريد أن يتحمل التوتر، لكن عندما يتعلق الأمر بالصلابة الذهنية لا ينبغي أن نضعف أمام التوتر، وأجد أنَّ هذا جانب هام لعيش حياة كريمة.

استخدم أفكاراً من الفلسفة القديمة لتجنب الخوف والقلق، منها الرواقية، التي أعُدُّها رائعة، وكذلك اليقظة، ومهما حدث لا تسمح أبداً للخوف من العواقب السلبية أن يوقفك.

4. الطاقة والمثابرة:

وصفوا الطاقة والمثابرة في الدراسة بأنَّهما: "مقياس لقدرة الفرد على الحفاظ على مستوى عالٍ من النشاط لفترات طويلة"، وبالنسبة إلي هذا هو التحدي الأكبر في الحياة والعمل؛ ففي كثير من الأحيان تكون طاقتنا عالية أو منخفضة؛ ونتيجة لذلك لا يمكننا أن نكون مثابرين حتى لو أردنا ذلك، لكن معظم الأشياء في الحياة تتطلَّبُ جهداً طويل الأمد قبل أن نرى أي نوع من المكافآت.

لذا فكر في تعلُّم مهارة والحصول على شهادة وبناء مستقبل مهني وكتابة كتاب وما إلى ذلك؛ فهذه الأشياء كلها تتطلب طاقة ومثابرة، ومن خلال تجربتي فإنَّ المثابرة هي أهم شيء؛ فلا يتعلق الأمر بالسرعة التي يمكنك تحقيق الأمور بها أو مدى براعتك في شيء ما؛ بل يتعلق بإحراز تقدُّمٍ مستمر.

فإذا كنت تريد التخلص من شيءٍ ما عُدَّ نفسَكَ تهدِم جداراً؛ لذا اهدمه تدريجيَّاً دون أن ترهق نفسك؛ لأنَّك إن حاولت التخلص من أيِّ شيء بسرعة سوف تُنهَك، والسر هو إدارة طاقتنا حتَّى نتمكن من البقاء نشطين ومثابرين في التغلب على تحدياتنا.

5. الدقة:

أظنُّ أنَّ الدقة أحد أكبر عيوبي، نسمع عباراتٍ فارغة يدلي بها الناس في أثناء مقابلات التوظيف، مثل القول: "أكبر نقاط ضعفي هي أنَّني منشد الكمال"، لكن من واقع تجربتي أعلم أنَّ معظم الناس ليسوا كذلك، فيمكننا جميعاً أن نكون أكثر كمالية ومثالية فقد كنت أستعجل كل شيء وغالباً ما أغفلت التفاصيل، وإلى حدٍّ ما ما زلت أُفضِّل التحرك بسرعة في الحياة.

على سبيل المثال، في الشهر الماضي أنشأت دورة تدريبية عبر الإنترنت وبدأتها في خمسة أسابيع، لكنَّها تستغرق عادة ضعف الوقت، لكنَّ الصلابة الذهنية لا تتعلق فقط بأداء وظيفتك؛ بل بالقيام بذلك على نحوٍ جيد؛ وكي تنجح في أي شيء في الحياة عليك أن تكون دقيقاً، وإذا نظرت إلى الأشخاص الناجحين في مجال الرياضة والأعمال فسترى أشخاصاً لديهم اهتمام بالتفاصيل.

أحد أشهر الأمثلة هو رجل الأعمال ستيف جوبز "Steve Jobs"؛ فقد اشتُهِرَ بالتركيز على التفاصيل في المنتجات - أي الأجزاء التي لن نراها نحن المُستَخدِمون - وينطبق الشيء نفسه على منشآت تصنيع شركة آبل "Apple"؛ فكل شيء يجب أن يكون دقيقاً، إنَّها سمة وطريقة للنظر إلى العالم؛ فالناس مثل جوبز لا يقبلون أبداً بأي شيء إن لم يكن رائعاً، وأنا أحب ذلك وأستمدُّ كثيراً من الإلهام من تلك العقلية.

شاهد بالفديو: 12 عادة لتعزيز القوة الذهنية

6. قبول التحديات:

كثيراً ما يسألني الناس: "كيف يمكنني تحسين هذه السمات؟" إليكم إجابتي الصادقة: لا توجد إجابات شاملة؛ فلا توجد طريقة للوصول إلى الصلابة الذهنية، المسألة ليست معادلةً رياضية فلا أحد يستطيع أن يقول: "افعل هذا الشيء وستكون ناضجاً عقلياً"، ومن واقع خبرتي، فإنَّ الوعي بهذه الصفات يكفي للوصول إلى هذه السمات، ففي النهاية لن تضمن أيَّاً من هذه السمات الوصول إلى النجاح؛ فهذا ليس الهدف هنا.

في الختام:

لقد استخدمت السمات المذكورة أعلاه لوصف عدة جوانب من الصلابة الذهنية، وكل شخص له هدفه وطريقه في الحياة ولا يجب أن يكون كلُّ الأشخاص مثل مايكل جوردان؛ فالصلابة الذهنية لا تتعلق بالنتائج؛ بل تتعلق بتحدي نفسك وأن تصبح شخصاً أفضل وأكثر كمالاً، وآمل أن تكون هذه السمات قد أعطتك مجالات كافية للتركيز عليها، وأوصي باختيار سمة أو سمتين للتركيز عليهما في الحياة اليومية.

المصدر




مقالات مرتبطة