الوقاية من السلس عند النساء

كلَّما تقدَّمت المرأة في السن، زادَ احتمال إصابتها بأشكال مُعيَّنة من التبوُّل العرضي أو غير المقصود، فغالباً ما يتسلَّل السلسُ البولي خلسةً إلى أجساد النساء ويصبح أكثر شيوعاً تدريجياً مع تقدُّم العمر، وتشيرُ الأرقام في الدراسات الحديثة إلى الإصابة بأنواع مُعيَّنة من السلس البولي أكثر من المُعتاد.



لقد وجدَت دراسة نُشِرَت في "المجلَّة الأمريكية لطب النساء والتوليد" (American Journal of Obstetrics and Gynecology) في العدد الصادر في شهر آب من عام 2021 أنَّه بين عامَي 2005 و2018 - ومن بين النساء الأمريكيات اللواتي تبلغ أعمارهنَّ 60 سنةً وما فوق - قفزَت نسبةُ انتشار سلس الإلحاح - أي الحاجة إلى التبوُّل بصورة مُفاجئة وغير مُبرَّرة - من 41% إلى 50%، بينما زادت نسبة انتشار سلس الإجهاد - أي تسرُّب البول في أثناء أداء أي نشاط بدنيٍّ أو الضغط على المثانة - من 51% إلى 53%، وتصاعدَت نسبة السلس البولي المُختلَط - وهو مزيج من سلس الإلحاح وسلس الإجهاد - من 24% إلى 31%.

ليس من الواضح السببُ الذي أدَّى إلى زيادة نسب انتشاره بهذه الطريقة، لكن لاحظَ الكُتَّاب أنَّ السلس البولي بجميع أنواعه كان أعلى انتشاراً عند النساء البدينات، والمُصابات بمشكلات صحية أخرى، واللواتي ولدْنَ سابقاً بطريقة الولادة المهبليَّة.

نظراً لأنَّ معظم النساء يبلِّغْن عن نوعٍ من سلس البول بحلول سن 70 عاماً، فقد يكون من المفيد لكلِّ امرأة تعلُّم أعراضه كي تتمكن من التعرُّف إليها في حال حدوثها، وطلب المساعدة والمشورة اللازمة، وتقول الدكتورة "ماليكا أناند" (Mallika Anand) وهي اختصاصية في الأمراض البولية والتناسلية: "إنَّ السلس البولي من المشكلات الصحية التي تتفاقم مع مرور الوقت، وخصوصاً عند إهمالها وتركِها دون علاج".

أولاً، سلس الإلحاح:

تشعر المصابات به بحاجة ملحة إلى إفراغ المثانة، يتبعُه تسرُّبٌ للبول قبل أن يتمكنَّ من الوصول إلى الحمام؛ إذ يبدأُ الجزءُ العلوي من المثانة في الحالة الطبيعية - والذي يُدعَى بالعضلة الطاردة للبول - بعملية التبوُّل حين تكون المثانة ممتلئةً، أمَّا في حالة سلس الإلحاح، فتنقبضُ تلك العضلة لا إرادياً، حتَّى في حالات عدم الامتلاء الكامل للمثانة.

تقول الدكتورة "أناند" عن ذلك: "يُعاني عدد قليل من النساء نوعاً من سلس الإلحاح يُدعى المثانة العصبية، والتي تشيرُ إلى أذية عصبيَّة للأعصاب المسؤولة عن إفراغ المثانة بطريقةٍ ما، مثل الإصابة بسكتة دماغية أو في حالة الداء السكري على سبيل المثال، بينما تملك مُعظَم النساء المُصابات بسلس الإلحاح مثانةً مُفرِطة النشاط غير عصبية؛ إذ تكون الأعصاب المسؤولة عنها سليمةً في هذه الحالة؛ لكنَّ المثانة شديدةُ الحساسية للسوائل؛ بمعنى أنَّ تراكم كمية قليلة من السوائل ضمنَها يحفِّزُها على إخراج البول".

شاهد بالفديو: أسباب حرقان البول عند النساء

تتضمن العلاجاتُ المُستعملة لسلس الإلحاح ما يأتي:

1. تعديلات على نمط الحياة:

مثل تجنُّب المشروبات التي تهيج المثانة، ومنها المشروبات الحاوية على الكافئين والمياه الغازية والمشروبات الكحولية، مع جدولة فترات راحة مُنتظَمة للذهاب إلى الحمام؛ أمَّا بالنسبة إلى مَن يستيقِظْنَ ليلاً للتبول، فعليهنَّ محاولة الإقلال من تناول السوائل لمدة ساعة أو ساعتين قبل الخلود للنوم، كما يمكن لعلاج الإمساك أن يقلِّل من شدة سلس الإلحاح.

2. تمرينات قاع الحوض أو تمرينات كيجل:

يمكن الاستعانة بمعالج فيزيائي مُدرَّب للمساعدة على تعلُّم تمرينات عضلات قاع الحوض، ومن ثَمَّ تعلُّم كيفية التحكُّم بالعضلات القريبة من المثانة لضغطِها إرادياً وإرخائها في سبيل التمكُّن من حبس البول حتَّى الوصول إلى الحمام.

إقرأ أيضاً: إنفوجرافيك: أفضل 5 تمرينات رياضية للجسم

2. العلاج الدوائي:

تثبِّط الأدوية المُضادَّة للكولين، مثل الأوكسيبوتينين - أو الديتروبان - من شدِّ عضلات المثانة، بينما تزيد الأدوية مُحاكية الودي مثل الميرابيغرون - أو ميربيتريك - من سعة المثانة وقدرتها على احتواء البول، "ويمكن للنوعَين الدوائيَّين السابقين كليهما أن يؤديان إلى تأثيرات جانبية؛ لذا ينبغي مراقبتُهما بحذر شديد" وذلك وفقاً للدكتورة "أناند".

3. حقن الذيفان الوَشيقي أو البوتوكس:

تساعد هذه الحُقن على إرخاء العضلة الطاردة للبول لمدة 3-12 شهراً، وتعلِّق الدكتورة "أناند" على ذلك قائلةً: "توجد بعضُ الآثار الجانبية المُحتمَلة، مثل: إصابة المثانة بالعدوى الإنتانية أو الاحتباس المُؤقَّت للبول، ونتيجة لذلك يجب على المريضة تعلُّم وضع قسطرةٍ لنفسها ثلاثَ مراتٍ يومياً إلى أن يتلاشى البوتوكس قليلاً وتستعيد المثانة قدرتَها على الإفراغ بصورة طبيعية أكثر".

أمَّا بالنسبة إلى التحفيز العصبي، فيتمثَّل بتحفيز أعصاب مُعيَّنة باستخدام الإبرة أو زرع محفِّز للأعصاب؛ وذلك لتهدئة المثانة مُفرِطة النشاط غير العصبية.

ثانياً، سلس الإجهاد:

قد تظهر أعراضُه بتسرُّب لا إرادي للبول في أثناء السُّعال أو الضحك أو ممارسة التمرينات، فسلس الإجهاد هو عبارة عن تسرُّب البول الذي يحدث في أثناء تطبيق ضغط أو قوة بدنية على المثانة، وتشرح الدكتورة "أناند" ذلك قائلةً: "يُعَدُّ سلس الإجهاد مشكلةً ميكانيكيةً؛ إذ  تضعُف الأنسجة الداعمة للإحليل - وهو القناة التي تنقل البول من المثانة إلى خارج الجسم - ومن ثَمَّ عند تطبيق ضغطٍ على المثانة، فإنَّه يدفع البول بداخلها نحو الإحليل لتسمحَ الأنسجةُ الداعمة المُحيطة بالإحليل بتسرُّب البول للخارج بسبب ضعفها؛ إضافة إلى وجود نوعٍ آخر من سلس الإجهاد والذي يحدث عندما تترقَّق بطانة الإحليل، ممَّا يسمح للبول بالتنقيط نحو الخارج فيُصبح الإحليل كأنبوب مفتوح".

إقرأ أيضاً: 8 علاجات طبيعية لمعالجة السلس البولي عند النساء

تمرينات عضلات قاع الحوض وإنقاص الوزن:

1. الكعكة المهبلية:

وهي عبارة عن جهاز مصنوع من السيليكون يُركَب باحترافية وارتداؤه داخل المهبل؛ إذ يَدفع جدارَ الإحليل ويضغطه لتثبيته في مكانه، إضافة إلى توافر أجهزة أخرى شبيهة بالكعكة تُستخدم لمرة واحدة ويمكن شراؤها دون وصفة طبية.

2. المواد المالئة للإحليل أو المحقونة:

إذ يمكن للأطباء حقن حشوة مالئة ضمن بطانة الإحليل لشد فتحته وتضييقها، وقد تكون مفيدة للمريضات اللواتي لا يتحمَّلْنَ العلاجات الجراحية للسلس، وتظهر فوائد هذه الطريقة على الفور؛ ولكنَّها لا تشكِّل حلاً علاجياً دائماً.

3. عملية تعليق المثانة:

إذ يثبِّت الجرَّاحون مِعلاقاً من البولي بروبيلين في الأنسجة الضامة لدعم الإحليل وتثبيته، وتشرح الدكتورة "أناند" طريقة إجرائها قائلةً: "تُجرَى هذه العملية عن طريق شق جراحي مهبلي بطول 2 سم أسفلَ الإحليل؛ ومن ثمَّ ينبغي أن يضع جراحٌ مُدرَّبٌ المعلاق والذي سيحتاج إلى وقتٍ ليتثبَّت ويستقر، وفي غضون ستة أسابيع يجب أن تكون المريضةُ قادرةً على الضحك مع أصدقائها مرة أخرى دون القلق من أنَّه سيتعين عليها الركض إلى الحمام".

المصدر




مقالات مرتبطة