الواقع الجديد والملامح الرئيسية لفلسفة الإدارة الجديدة

تعيش المنظمات المعاصرة واقعاً مختلفاً نتيجة التحولات العديدة وتأثيراتها على نظم الأعمال، وتتّضح مظاهر هذا الواقع الإداري الجديد في كثير من المنظمات.



أولاً: مظاهر الواقع الإداري الجديد:

1. التحول في كثير من الشركات في العالم من حالة التأكد إلى حالة من الغموض وعدم التأكد في نظم الأعمال بسبب المنافسة المحلية والأجنبية، والمنافسة من رجال الأعمال الجدد ذوي الجرأة، وتعاظم التغييرات التقنية وغيرها من المتغيرات.

2. اضطراب الواقع الاقتصادي في العالم وعدم استقرار ما يسمى بالنظام العالمي الجديد، والتنافس على السيطرة الاقتصادية في العالم بين الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وأوروبا الموحدة، ومع عودة نمور آسيا إلى استعادة توازنهم واستئناف عملية النمو بعد الأزمة الطاحنة التي اجتاحتهم في عام 1997.

3. انحلال المؤسسات التقليدية وظهور مؤسسات ونظم جديدة غير واضحة المعالم بعد.

4. اتجاه الكثير من الشركات الكبرى في العالم إلى الاندماج في أو التحالف مع أو الاستحواذ على شركات أخرى من أجل تكوين جبهات اقتصادية ذات قدرات تنافسية أعلى تمكنها من الصمود والبقاء في مناخ الأعمال العالمي الجديد.

5. بروز أهمية إدارة "التنوع" والتعامل مع المتناقضات، حيث تعمل المنظمات الآن في سوق عالمي وتستخدم موارد بشرية من مختلف الجنسيات وتقدم خدماتها لعملاء مختلفي الحضارات والثقافات والأذواق وتباشر عملياتها في إطار مجتمعات متباينة التقدم الاجتماعي والثقافي والاقتصادي وتتعايش مع نظم إدارية وسياسية وإدارات حكومية مختلفة.

إقرأ أيضاً: إدارة الموارد البشرية وأثر العولمة عليها

وترتب على ذلك بروز أهمية المزج بين "العولمة Globalization" و "المحلية Localization" ممّا أظهر تعبيراً جديداً يشير إلى تداخل هذين البعدين في عمل الإدارة وهو "Glocalization".

ثانياً: الملامح الرئيسية لفلسفة الإدارة الجديدة:

وقد نشأ عن حركة المتغيرات والتحولات تلك واقع جديد وكذلك مفاهيم وتقنيات إدارية جديدة، تتسم بملامح ورؤى تتوافق مع الطبيعة العامة للعالم المعاصر القائم على الحركة والتغيير والعلم والتقنية والانفتاح والانتشار والتواصل. وتمثل هذه الأفكار الإدارية الجديدة الأساس الذي تبنى عليه فلسفة وتقنيات إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية. وكأساس لتنظيم وإدارة المنظمات على اختلافها ومن ثم لإدارة الموارد البشرية بها، فن فلسفة الإدارة الجديدة تعتمد المفاهيم والتوجهات التالية:

  1. الاقتناع بأهمية المناخ الخارجي المحيط بالإدارة وضرورة التعامل معه وعدم الانحصار في داخل المنظمة.
  2. التوجه بالسوق في كافة القرارات والخيارات التي تتخذها الإدارة، والعمل بقواعد احتكام ومعايير تعكس ظروف السوق ومتطلباته.
  3. السعي لإرضاء العملاء من خلال التفوق والتميز في تقديم المنتجات والخدمات في الوقت وفي المكان المناسبين، وبالأسلوب وبالشروط التي يقبلونها.
  4. استثمار التقنيات الحديثة واستيعابها في تطوير نظم الإنتاج والتسويق وتطوير المنتجات وتحسين الأداء البشري.
  5. استثمار تقنية المعلومات وإعادة التنظيم والهيكلة وتطوير الأساليب والعلاقات الإنتاجية والتسويقية والبشرية في ضوء إمكانيات تقنية المعلومات.
  6. الترابط والتشابك بين قطاعات وإدارات ومستويات المنظمة الواحدة وفيما بينها وبين المنظمات الأخرى المحلية أو الخارجية ذات العلاقة.
  7. تأكيد النظرة المستقبلية وإعمال التخطيط الاستراتيجي للتأثير في المستقبل وإعادة صياغة الحاضر بما يهيئ للانتقال إلى المستقبل الذي تسهم الإدارة في صناعته.
  8. السعي لبناء وتأكيد القدرات التنافسية واعتبار المنافسة شرطاً أساسياً للبقاء في السوق.
  9. الأخذ بمفهوم تجميع القدرات والطاقات وتوظيفها بشكل متكامل ومتناسق في تحقيق الأهداف والتعامل مع المنافسين.
  10. استثمار وإدارة الوقت باعتباره مورداً رئيسياً يجب استثماره على مدار الساعة والتخلي عن فكرة أن الوقت قيد على حركة الإدارة.
  11. تأكيد الجودة الشاملة في كافة مراحل ومناطق ومستويات الأداء، والنظر إلى الجودة في مفهومها الصحيح باعتبارها توجه فكري يتبع ثقافة المنظمة جميعها وليست مجرد مواصفات للسلع المنتجة وهي في النهاية تعبير عما يرضي العملاء.
  12. التحول من النظرة المحلية الضيقة إلى التفكير والعمل في إطار مفهوم العولمة واعتبار المناخ المحيط بالمنظمة هو العالم كله وليس مجرد النطاق الجغرافي المحدود الذي يمثل الدولة أو المدينة التي تعمل بها المنظمة.
  13. استثمار كافة الوسائل والبدائل الممكنة لبناء قدرة تنافسية متعالية ومن ذلك بناء التحالفات مع الآخرين حتى من المنافسين، وتكوين تكتلات أقوى لمواجهة متطلبات التطوير والتميز وتحسين القدرة على خدمة وإرضاء العملاء والمساهمين.
  14. المرونة والحركية والتحرر من القوالب الجامدة وإتاحة الفرص لظهور تكوينات مختلفة ومتباينة ومتنافسة تعمل وفق نظم وآليات خاصة بكل منها داخل المنظمة الواحدة.
  15. قبول التغيير باعتباره من حقائق الحياة التي ينبغي التعامل معها والاستفادة منها ومحاولة صنع التغيير، وبالتالي تعتبر الإدارة الجديدة في حقيقة الأمر هي إدارة التغيير.
  16. الإيمان بمنطق العمل المتزامن بديلاً عن أسلوب ومنطق العمل بالتتابع والاستفادة في ذلك من تقنيات المعلومات.
  17. الابتكار والتجديد والتنويع وتشجيع المبتكرين وإدماج الابتكار في نسيج العمل وآليات التنظيم عملاً بمبدأ "الابتكار أو الفناء".
  18. تنمية وتمكين القيادات الإدارية ذات القدرة على التأثير وتحقيق الأهداف وإطلاق قوى الإبداع والابتكار والتطوير لدى الجميع متحررين من أسر المركزية التقليدية.
  19. النظر إلى القادة باعتبارهم مدربين ومساندين ورعاة للعاملين وليسوا رؤساء ومسيطرين.
  20. اتباع مفاهيم الملكية الخاصة وآلياتها حتى داخل شركات القطاع الخاص بتقسيم الشركة إلى وحدات استراتيجية أساسية تتعامل فيما بينها وفق معايير وآليات السوق وتحاسب على الربح والخسارة، وتأكيد طبيعة القادة الإداريين باعتبارهم رجال أعمال وليسوا موظفين.
  21. دمج الملاك مع غيرهم من أصحاب المصلحة في المنظمة في تنظيم شامل ينسق بين مصالحهم ويلغي التناقض التقليدي فيما بينهم من أجل تعظيم فرص المنظمة باعتبارهم المصدر الحقيقي للنجاح والثروة الأساسية للشركة واتباع أفكار التمكين وبناء فرق العمل المتعاونة ذاتية الإدارة.
  22. التأكيد على الأنشطة المعرفية ذات القيمة المضافة الأعلى والتخلص من الأنشطة غير ذات المحتوى المعرفي وإسنادها إلى جهات خارجية والعمل على تعظيم القيمة المضافة.
  23. الاعتماد على نتائج العلم الحديثة والتقنيات المتطورة في العمل الإداري، وتنمية البحوث والتطوير باعتبارها أسس بناء القدرات التنافسية وتحقيق التميز والتفوق.
  24. اعتبار الهياكل التنظيمية والأساليب الإدارية والإجراءات ونظم العمل كلها أدوات ووسائل نحو تحقيق الأهداف وليست أهدافاً في حد ذاتها. ومن ثم التأكيد على أهمية تطوير وتغيير تلك العناصر بما يواكب التغيير في ظروف السوق وعناصر المناخ الخارجي وأوضاع المنافسة وتوقعات العملاء.
  25. أهمية الاستعداد الدائم للتعامل مع المجهول وتوقع المخاطر والمشاكل وضرورة تجهيز الخطط المرنة وبرامج الطوارئ.
  26. السرعة في رد الفعل أمام التغييرات وعدم الإبطاء في التعامل مع المتغيرات واستثمار تقنيات المعلومات وأسس التنظيم المرن ووحدات الأعمال الاستراتيجية لتحقيق تلك القدرة على الاستجابة السريعة والتفاعل اللحظي مع المتغيرات.
  27. ورغم أن بعض المفاهيم والتوجهات المذكورة أعلاه كانت قد اعتمدت عليها سابقاً فلسفة الادارة القديمة، إلّا أنّ فلسفة الادارة الجديدة اعتمدت على معظمها كنتيجة طبيعية للتغيرات المختلفة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو تكنولوجية أو أي نوع من التغيرات التي لابدّ لها أن تفرز مفاهيم وتوجهات لم تكن منظورة في ظل الظروف السابقة لوجودها. وبالتالي لا يمكن لمنظمات الأعمال أن تحافظ على وجودها إلّا بإدراك طبيعة التحولات ومحاولة تجنب أضرارها والاستفادة منها ما أمكن لها ذلك.

 

المراجع: كتاب إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية – المنتدى العربي لإدارة الموارد البشرية




مقالات مرتبطة