المراحل الأربع لتطوير الذات

يُعدُّ تطوير الذات مسألة نسبية؛ أي إنَّها تختلف من ناحية معناها من شخص إلى آخر، ولا يوجد استراتيجية موحدة يُلجأ إليها لقياسه، سنجيب بدايةً عن السؤال "ما الذي يعنيه تطوير الذات؟"؛ المصطلح يشير إلى حالة من التقدم، وإذا كان هذا هو المعنى الاصطلاحي يصبح السؤال الآتي هو في أيِّ مرحلة أنت من مراحل هذا التقدم؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darious Foroux)، يتحدث فيه عن المراحل الأربعة للتنمية الذاتية.

سنجيب بإيجاز عن هذه الأسئلة في هذا المقال، وباستخدام المعلومات التي سنقدِّمها ستكون قادراً على تطوير نفسك بمزيد من الفاعلية.

ما هو تطوير الذات؟

عندما نتحدث عن تطوير الذات؛ فنحن نعني به الأنشطة التي تجعلك شخصاً يُعتمَد عليه؛ أي شخصاً فاعلاً في الحياة، وبالنسبة إلي هي النظرة العصرية إلى الفلسفة؛ ففي روما القديمة (Rome) كانت الفلسفة في معظمها نشاطاً عمليَّاً، وكانت هناك مدارس حقيقية يستطيع الأشخاص فيها دراسة الطريقة التي تجعلهم أشخاصاً أفضل، وبمرور الوقت تحولت الفلسفة إلى منهج أكاديمي؛ أي إنَّها بدأت تأخذ منحىً تحليلياً يهدف إلى الإجابة عن أسئلة الماهية والغائية.

أصل كلمة فلسفة هي الكلمة اليونانية "فيلوسوفيا" (Philosophia)، والتي تعني حب الحكمة، وتاريخياً كان الفيلسوف هو الشخص الذي يمارس المعرفة التي يمتلكها، وكان الفلاسفة القدماء المشهورون مثل أرسطو (Aristotle) وسقراط (Socrates) وسينيكا (Seneca) وبوذا (Buddha) وغيرهم ممارسين للمعرفة التي امتلكوها؛ أي إنَّهم طبَّقوا ما كانوا يعلِّمونه للآخرين، وبقي هذا الاتجاه سائداً حتى القرن التاسع عشر.

الفلاسفة المعاصرون أمثال "وليام جيمس" (William James) وسيغموند فرويد (Sigmund Frued) جميعهم مارسوا الفلسفة، لكن لم يتفرغوا لها بالكامل؛ فمثلاً جيمس كان عالم نفس ولاحقاً أصبح مدرِّساً، أمَّا فرويد فقد كان عالم أعصاب.

لقد أصبح الفلاسفة في القرن العشرين محاضرين حول المعرفة؛ أي إنَّ الفلسفة أصبحت مهنة أكاديمية، ولم يعد تطبيقها شرطاً لتكون فيلسوفاً.

لماذا استعرضنا هذه المقدمة التاريخية؟ لأنَّنا جميعاً بحاجة إلى الحكمة ويجب أن نحصل عليها من مكان ما؛ لذلك عندما بدأ مجال الفلسفة يتغيَّر في القرن المنصرم، أصبح يلبي حاجة الناس في تعلُّم كيفية تطوير الذات من أشخاص آخرين غير الفلاسفة.

من هم هؤلاء الأشخاص؟ إنَّهم من نسميهم اليوم اختصاصيو التنمية الذاتية أمثال، "نابليون هيل" (Napoleon Hill) ووالاس دي واتلز (Wallace D. Wattles) وإيرل نايتنجال (Earl Nightingale) وجيم رون (Jim Rohn) وغيرهم من الشخصيات الناشطة في مجال التنمية الذاتية.

الآن بدلاً من الدراسة في مدارس الفلسفة القديمة نقوم بالانضمام إلى مجتمعات الويب ونقرأ المدونات ونتعلم من بعضنا بعضاً، لكن الهدف هو نفسه، أن تصبح شخصاً أفضل وأكثر فاعلية ويمكن الاعتماد عليه.

شاهد بالفديو: 10 أفكار مدهشة تساعدك على تطوير ذاتك

المراحل الأربع لتطوير الذات:

حدَّدنا أربع مراحل للتنمية الذاتية، ويساعد الوعي بهذه المراحل على تحديد مقدار التقدُّم الذي حققناه في سعينا لنصبح أشخاصاً أفضل:

1. الاكتشاف:

لا بدَّ من المعاناة من أجل نضوج الشخصية، فمن دون سبب يدفعنا لتحقيق الذات لا يمكن أن نبدأ أبداً؛ فكلُّ شخص يمر بمرحلة من اليأس والصعوبات في حياته، وهنا يكتشف معظمنا قوة التنمية الذاتية.

لطالما كنت مهتماً بالإنتاجية والنشاط التجاري والتنمية الذاتية، إلا أنَّني لم آخذ هذه القضايا على محمل الجدية حتى الفترة الممتدة بين عامَي 2014 و2015؛ إذ كنت أواجه صعوبات شخصية مثل الخسارة وعدم وضوح الرؤية في المجال المهني والانفصال عن الشريك وآلام الظهر وغيرها.

لم تكن أيُّ واحدة من هذه الصعوبات ضخمة بحد ذاتها، لكنَّ اجتماعها معاً جعل الوضع حرجاً؛ ولذلك في مرحلة ما بدأت أبحث عن إجابات، وخلال تلك الفترة تقريباً كان أخي يعاني من بعض المشكلات في حياته أيضاً؛ ولذلك تبادلنا الكتب واستمد كلُّ واحد منا الإلهام من الآخر لنتعلَّم أكثر.

2. التعلُّم:

بمجرد أن تكتشف أنَّ ثمة ما يُسمى تنمية ذاتية، يعود إليك الأمل؛ لأنَّك تدرك أنَّه بمقدورك أن تقلب حياتك رأساً على عقب، وأنَّ بمقدورك أن تصبح شخصاً أفضل وأقوى؛ لذلك تبدأ بتحصيل ذخيرة معرفية.

تقرأ كتباً ومدونات وتستمع إلى مدونات صوتية، والتي تؤكِّد أنَّ تعطشك للمعرفة لا حدود له، وإذا كنت في هذه المرحلة فإنَّه ما من نصيحة أفضل من اكتساب أكبر قدر من المعارف المفيدة.

إقرأ أيضاً: تطوير التعلم الذاتي والتعلم بسرعة بـ 13 طريقة

3. التطبيق:

قضيت نحو 18 شهراً في الحصول على المعرفة من كلِّ مصدر أُتيح لي، وأعني ذلك حرفياً؛ فقد كنت أقرأ، وأستمع وأشاهد أشياء مُلهمة طوال اليوم، كنت أقرأ بمعدل كتابين إلى ثلاثة كتب أسبوعياً، إضافة إلى كتابة اليوميات لمدة ساعة واحدة على الأقل يومياً، كما كنت أستمع في كلِّ ساعة إلى مدونة صوتية جديدة أو أشاهد مقابلات.

لكن لا يمكنك فعل ذلك إلى الأبد؛ ففي مرحلة ما تصبح لديك رغبة في تحويل ما تعلمته إلى تجربة مُعاشة، وتبدأ بتطبيق معارفك على حياتك الشخصية بجوانبها المختلفة من صحة وعمل وغير ذلك، وهنا تبدأ بلمس التغيير؛ لأنَّك تُجسِّد المعرفة التي حصلت عليها.

4. إلهام الآخرين:

يجب عليك بعد أن تعلمت ما تعلمته بنجاح وطبقته، مشاركة هذه التجربة مع الآخرين، قد يكون ذلك مع عائلتك وأصدقائك أو زملائك في العمل، وربما الغرباء أيضاً، لكن ليس كلُّ شخص خاض تجربة تنمية الذات يصبح معلماً محترفاً، وكلُّ الأشخاص الذين تمكنوا من تطوير ذاتهم يريدون أن يلهموا الآخرين ليفعلوا مثلهم.

أنت تستطيع فعل ذلك من خلال التصرف بصفتك قدوة، وبالنسبة إلي فهذا هو الغرض الحقيقي للتعليم.

إقرأ أيضاً: أبسط الطرق لإلهام الناس وتغيير حياتهم

في الختام:

هذه المراحل ليست ذاتها بالنسبة إلى مختلف مجالات الحياة؛ فالأمر يعتمد على المجال الذي تقوم بقياسه، وبناءً على ذلك قد يجد شخص ما أنَّه في المرحلة الثالثة من تنمية الذات عندما يتعلق الأمر بالإنتاجية؛ لكنَّه ما يزال في المرحلة الأولى عندما يتعلق الأمر بتطوير الاعتماد على الذات.

يلخِّص ما استعرضناه المراحل الأربعة للتنمية الذاتية، وإذا كنت محظوظاً فستكون قادراً على بلوغ المستوى الرابع في معظم حياتك، أوصيك بالتعلُّم ثمَّ التعلُّم، فإذا لم يكن لديك شغف للمعرفة، فلا شيء آخر يمكن أن يحفِّزك لتطوير ذاتك.

?What Stage Of Personal Development Are You In




مقالات مرتبطة