الفرق بين الكتابة الوظيفية والإبداعية من حيث التوقيت والأهداف

هل سبق أن تساءلت عن الكتابة الإبداعية؟ هل تعرف ما هو الفرق بينها وبين الكتابة الوظيفية؟ وما هي أهداف كل منهما؟ هذا ما سنتطرق إليه في مقالنا نرجو أن تتابع القراءة.



تعريف الكتابة الإبداعية:

تعد الكتابة الإبداعية فناً من الفنون الجميلة التي يمتلكها الشخص بوصفها سمة فطرية تولد مع الإنسان، وتغذيها التجارب الشخصية والمشاعر والأحاسيس الذاتية، التي تنمو وتتزايد مع التقدم في العمر وكثرة التجارب والنضج الثقافي والمعرفي، فلا نقول عن كل شخص يكتب إنَّه كاتب إبداعي؛ لأنَّ الكتابة الإبداعية فنٌ مبتكر بعيد كل البعد عن التقليد، وفريد خاص بالشخص الذي يبدع بكلمات منمقة بعيدة عن المألوف مع بعض الصور والتشابيه البلاغية المعبرة، ولكن الجدير بالذكر أنَّه في النهاية فن يمكن تعلُّمه عن طريق التدريب المستمر والسعي إلى التطور والاستفادة من تجارب الآخرين.

تعريف الكتابة الوظيفية:

هي نمط كتابة متخصص بنوع محدد من الموضوعات المتعلقة بالأمور الحياتية اليومية، أو الأخبار الاجتماعية، أو النشاطات الثقافية أو غير ذلك من الموضوعات الحياتية اليومية، بأسلوب سلس مفهوم وواضح بعيد عن أي صور بلاغية أو تشابيه ملغومة.

تعتمد على اللغة العربية الفصيحة التي يفهمها كل من يتحدث بالعربية، وهي كتابة صريحة تصف الواقع بتفاصيله المجردة بعيداً عن التكلف الزائد، وتستخدم في التقارير الإخبارية، والنشرات العامة، والجرائد والمجلات، والمعاملات الحكومية وغير ذلك كثير.

الفرق بين الكتابة الوظيفية والإبداعية:

الفرق بين الكتابة الوظيفية والإبداعية

يتساءل معظم الناس المهتمين بموضوعات اللغة والكتابة عن الفرق بين الكتابة الإبداعية والوظيفية، ففي الواقع إنَّ الفروقات متنوعة وعديدة، لكن أهم ما يجمعهما هو أنَّهما كليهما يهدف إلى توصيل فكرة معينة بأسلوب خاص.

الكتابة الإبداعية تنتقل للمتلقي بأسلوب منمق قليل الوضوح كثير البلاغة والغموض تملؤه المشاعر والأحاسيس، وهي تعبر عن الآراء الفردية أو الشخصية، أمَّا الكتابة الوظيفية فهي مختصة بالأحداث الواقعية البعيدة عن الآراء الشخصية، كما أنَّها تسعى إلى وصف الواقع بحيثياته الكاملة بعيداً عن أي خروج عن المألوف، مع القليل من اللمسات الإبداعية لشد القارئ.

1. الفرق من حيث الأهداف:

تهدُف الكتابة الإبداعية إلى الإجابة عن جميع الأسئلة والاستفسارات المتعلقة بالزمان والمكان والكيفية، ومن ولماذا وماذا، فقد يكون هدف الكاتب هو إيصال مشاعر معينة، وقد يكون هدفه تصوير شخصيات روائية معينة خاصة مستوحاة من خيال الكاتب وإبداعه.

أما الكتابة الوظيفية فهدفها نقل المعلومة كما هي بجميع تفاصيلها بعيداً كل البعد عن الوصف الخيالي أو الإبداع، فهو يهدف لنقل صورة واقعية ملموسة بشكل واضح وصريح.

2. الفرق من حيث الأسلوب:

تتفرد الكتابة الإبداعية بأنَّها الكتابة التي يمكن للكاتب أن يقدم من خلالها رأيه وبعضاً من مقترحاته الشخصية، في حين تختلف الكتابة الوظيفية في هذه الناحية، فهي كتابة واقعية متجردة، تصف الواقع بموضوعية بعيداً عن ذكر الآراء الفردية ووصف الأحاسيس والمشاعر وغيرها، لكن من الممكن أن يبدي الكاتب تعاطفه من حيثيات القضية التي يطرحها.

3. الفرق من حيث التوقيت:

تتميز الكتابة الإبداعية بأنَّها غير ملزمة بعنصر الزمن، فهو شيء خيالي واختياري فيها، يتفرد فيه الكاتب من تلقاء نفسه، وينسجه في العصر الذي يرغب به، وفي التوقيت والتاريخ الذي يحلو له، لأنَّه صاحب السلطة الوحيد على كتاباته، كما أنَّ الكاتب فيها غير ملزم بوقت محدد للإبداع، فيخط حروفه في الوقت الذي يريده.

أما الكتابة الوظيفية فهي كتابة آنية لحظية، تصف الحدث فور وقوعه، ولا يمكن التأخر فيها؛ لأنَّ الأحداث تصبح بلا قيمة، فعنصر الزمن شيء أساسي في الكتابة الوظيفية، إذ لا يمكن للكاتب الوظيفي أن يكتب خبراً لحدث من 2010 ونحن في 2023؛ لأنَّ المعلومة ستكون غير نافعة في مثل هذه الحالة، وخصوصاً أنَّنا في عصر التطور وفي كل ساعة من الممكن أن يقع حدث جديد.

4. الفرق من حيث الموضوع:

يكتب الكاتب الإبداعي في كتاباته عن أمور غير واقعية أحياناً، وقد تكون مستوحاة من وحي الخيال أحياناً، وهي أمور يضفي فيها الكاتب لمسته الخاصة به، التي تعكس ما يفكر به، وما يطمح له، في حين أنَّ الكتابة الوظيفية، هي الكتابة التي تصف الحدث الواقع كما هو دون تجميل أو طرح أفكار وآراء فردية، مع بعض التوضيح لعدد من الأمور المتعلقة بما هو مطروح، دون استخدام المحسنات البديعية واللفظية.

5. الفرق من حيث المهارة:

تمتاز الكتابة الإبداعية بإمكانية الكاتب أن ينقل ظاهرة ما بمنتهى الموضوعية، مع إضافة الجانب الإنساني، لإضفاء بعض المشاعر وتحريك عواطف المتلقي، الأمر الذي يجذبه لإتمام القراءة بصورة أكبر.

أما الكتابة الوظيفية، فالكاتب لا يمكنه الدخول إلى هذا المجال والتطرق له والحديث بنفس الأسلوب الإبداعي، بل يجب أن يسوده القليل من الجمود والواقعية الزائدة؛ لأنَّ القليل من الكُتَّاب الوظيفيين يملكون مهارة إبداعية مبطنة في عمق الكلمات والسطور.

6. الفرق من حيث اللغة:

تعتمد الكتابة الإبداعية على الأسلوب الأدبي البحت المليء بالكلمات والمفردات المنمقة بعيدة المعنى أو العميقة، أما الكتابة الوظيفية فهي أقرب إلى العلمية؛ لأنَّ لها غاية ومعنى محدد تهدف لإيصاله بوضوح.

إقرأ أيضاً: قفلة الكاتب: ألدُّ أعداء المؤلف وكيفية التغلب عليها (الجزء الأول)

أنواع الكتابة الإبداعية:

أنواع الكتابة الإبداعية

أولاً: القصة

هي وصف مجموعة أحداث متسلسلة، لتجارب معينة سواء أكانت حقيقية أم من وحي الخيال، تصف حياة شخصية واحدة أو مجموعة من الشخصيات بحسب الروائي، وكيف يؤثر أحدهم في الآخر، وتقسم القصة إلى نوعان: القصة القصيرة وهي وصف لأحداث موجزة وقصيرة، والرواية وهي قصة طويلة تصف أحداثاً تفصيلية، وغالباً تكون من وحي خيال الكاتب.

تشترك كلاهما؛ أي القصة والرواية بمجموعة عناصر، وهي:

1. الشخصيات:

تكون ثانوية ورئيسة، وتعبر عن الجزء الإنساني الذي يحرك ويدير الأحداث في القصة.

2. البيئة:

يجب على الكاتب أن يصور ويصف البيئة التي تجاوره وتحيط به بحيث يستطيع الشخص القارئ تصور المشهد والإحساس به.

3. الموضوع:

يعتمد الموضوع على الفكرة التي يستخدمها الكاتب في الكتابة، وجمع كل التفاصيل عن الفكرة والهدف منها إيصال المعنى إلى القارئ.

4. الحبكة:

الموضوع الفعلي الذي يعتمد ويرتكز عليه الكتاب، ويجب أن تحوي الحبكة بداية يكون سردها بطريقة تشويقية بحيث يتخللها تركيز القارئ حتى نهاية الكتاب.

5. العقدة:

هي المرحلة التي تحمل وتتمحور داخلها الحبكة بظهورها، بحيث تقوم نهاية الحبكة بحل هذه العقدة بشكل مفهوم.

ثانياً: الشعر

يعد الشعر من أكثر الأنواع بروزاً في الأدب العالمي، وهو من أكثر الفنون الكتابية الإبداعية تشويقاً، فيمنح الشعر كتَّابه الحرية في التعبير عن أنفسهم بطريقة احترافية، وعلى الكُتَّاب جميعاً ألا يعتمدوا على الطريقة نفسها في الكتابة، لكن توجد بعض الخصائص التي يجب على كل شاعر الالتزام بها وهي:

  • التركيز على الوضع الوجداني للقصيدة الذي يعتمد على النحو العاطفي للشاعر.
  • استخدام الصور الفنية التي يستطيع من خلالها القارئ تصور المشاعر التي يريد إيصالها الشاعر.
  • استخدام أنواع المجاز اللغوي كالاستعارة.
  • أن تحمل وتحوي القصيدة على تناغُم موسيقي يلاحظ عند قراءة الشعر بصوتٍ عالٍ.

ثالثاً: السيناريو

هو النَّص الفني المكتوب لمسلسل أو فيلم، ويحوي ويحمل سرداً للنص أو الكلام الذي يتم بين الشخصيات مع وصف تعابير الوجه وردود الفعل بشكل سليم، ولكي تتمكَّن من كتابة سيناريو صحيح عليك اتِّباع هذه الخطوات:

1. كتابة تعريف السيناريو:

عادةً لا يتخطَّى الجملتين بحيث تكونان وافيتين وشاملتين لهدف السيناريو.

2. كتابة ملخَّص:

يعتمد الملخص على النقاط الرئيسة للسيناريو، بحيث يجب على القارئ أن يحصل على فكرة جيدة عن السيناريو وطريقة الأسلوب.

3. كتابة مراحل نضج الشخصيات:

تعتمد هذه المراحل على معرفة الشخصيات بمعرفة صفاتها وكيف تتأثَّر وتتطور بالأحداث الرئيسة.

4. توضيح الحبكة التي يتناولها السيناريو:

تُظهِر هذه الخطوة جميع المشكلات ومراحل تعقيدها ومن ثم إيجاد طرائق لحلها.

5. كتابة المسودة الأولى:

عليك بالرجوع إلى جميع ما قمت بكتابته في المراحل السابقة، ومن ثم كتابة المشاهد واحد تلو الآخر مع الاهتمام بقوة الحوار ووضوح المشاهد التصويرية.

6. مراجعة السيناريو:

تعد كتابة المسودة إنجازاً، لكن بعد معاودة قراءتها بنفسك وأمام الآخرين ستجد بعض الأخطاء؛ لذا صحِّحها، بعد ذلك ستصل إلى سيناريو دقيق وخالٍ من أي خطأ.

إقرأ أيضاً: قفلة الكاتب: ألدُّ أعداء المؤلف وكيفية التغلب عليها (الجزء الثاني)

رابعاً: الكتابة التسويقية

تحوي هذه الكتابة على الشعارات والحملات الإعلانية، والتعبير عن منتجات لشركة ما إضافة إلى الكتابة الترويجية، والغاية من الكتابة التسويقية هي الشد والجذب؛ لذا على الكاتب أن يجعل النص مقنعاً، الشيء الأكثر أهمية في هذه الكتابة أن تكون على معرفة كاملة بهوية ما ستكتبه حتى تتمكن من الوصف والسرد بطريقة إبداعية.

في الختام:

كانت تلك معلومات وافية عن الكتابة الإبداعية والوظيفية، ونرجو أن يكون مقالنا قد أوصلكم إلى المعلومة التي تبحثون عنها وحقق الفائدة المرجوة.




مقالات مرتبطة