الغايات والنتائج الأساسية: ما الفائدة منها؟ وكيف نحددها؟

إنَّ لإخفاق الناس في تحقيق أهدافهم أسباب عديدة، أهمها: غياب غاية تبرر وضع هذه الأهداف في المقام الأول، أو عدم وجود حجة ملموسة تفسر السبب الذي من أجله وُضِعت هذه الأهداف؛ فإذا لم تكن تؤمن بالهدف، أو إذا لم تكن متعلقاً عاطفياً بالأسباب التي دفعتك إلى وضعه؛ فقد تفقد الاهتمام، ولا تبذل إلَّا الحد الأدنى من الجهود في سبيل تحقيقه.



ثمة عدة أسباب أخرى تفسر إمكانية إخفاق الأهداف، من ضمنها:

  • أن يكون الهدف طموحاً أكثر ممَّا ينبغي، وأن يكون تحقيقه بعيداً جداً عن متناولك، لدرجة يصبح معها السعي إلى ذلك أمراً لا جدوى منه، وتحس بأنَّك لن تحرز هدفك أبداً.
  • بُعْد الموعد المحدد لإنجاز الهدف، ممَّا يدفعك إلى تأجيل السعي إلى تحقيقه؛ ذلك لأنَّك تشعر بأنَّ المسألة غير مستعجلة.
  • عدم وضوح الهدف بما فيه الكفاية، وأن يكون غامضاً جداً، ويصعب وضع خطة لتحقيقه؛ فعلى الرغم من أنَّ الهدف قد يبدو عظيماً، إلَّا أنَّك لا تعلم كيفية إنجازه.

بإمكان الغايات والنتائج الأساسية (OKRs) أن تقدم لك التعليمات والتوجيهات التي تحتاج إليها لتحقيق أهدافك، سواءً على مستوى الشركة أم على المستوى الفردي.

تحدد الغايات والنتائج الأساسية الغرض من تحقيق الهدف، وتعطيك التوجيهات التي تحتاج إليها لإحرازه، وتقدم إليكَ كذلك استراتيجيات تبين كيف تقيس التقدم وتحرز النجاح، وكيف تنفذ المبادرات التي يجب عليك اتباعها لإحراز أهدافك في النهاية.

يقدم اتباع طريقة الغايات والنتائج الأساسية أداءً أفضل من الذي يقدمه اتباع نهج الهدف الوحيد؛ ذلك لأنَّها تربط كلَّ الأمور ببعضها بعضاً.

توجد رؤية الشركة في أعلى مستوى، وتوجد الغايات والنتائج الأساسية السنوية -التي يبلغ عددها 3-5- أسفل هذه الرؤية، ثمَّ تأتي بعدها الغايات والنتائج الأساسية التي تُوضَع كلَّ ثلاثة أشهر؛ ويساعد كلُّ واحد من هذه المستويات المستوى الذي يليه، ونتوصَّل إليه عن طريق تنفيذ جميع المبادرات (العمل) من قِبل الفِرق والأفراد يومياً وأسبوعياً وشهرياً.

1. ما الغايات والنتائج الأساسية؟

لقد كان آندي غروف (Andy Grove) أول من صاغ مصطلح الغايات والنتائج الأساسية في سبعينات القرن الماضي في أثناء عمله مع شركة إنتل، وقد انتشر هذا المصطلح منذ ذلك الحين، واستخدمته شركات مثل: جوجل ونيتفليكس.

الغايات والنتائج الأساسية طريقة مبنية على التعاون، وبإمكان الشركات والأفراد استخدامها لتحديد أهداف طموحة ومثيرة للإلهام وقابلة للإنجاز أيضاً.

لم تُبتكَر طريقة الغايات والنتائج الأساسية من أجل أن تستخدمها الشركات لتحديد أهدافها فحسب، بل ولتعزيز التعاون والتفاعل والشفافية بين أعضاء الإدارة العليا والموظفين التابعين لهم أيضاً؛ حيث يدفع وجود أهداف مشتركة على صعيد الشركة الموظفين إلى العمل معاً من أجل تحقيق هذه الأهداف، ثمَّ الاحتفال معاً عند تحقيقها.

إنَّ الغاية التي تُوضَع باستخدام طريقة الغايات والنتائج الأساسية هي الهدف الذي تسعى إلى إحرازه، والنتيجة الأساسية هي الطريقة التي يُعرَف من خلالها عن طريق القياس ما إذا قد أُحرِز الهدف أم لا.

النتائج الأساسية هي التي تجعل هذه الطريقة قابلة للقياس، إذ تعرف من خلالها إن كنت قد نجحت في تحقيق الغايات التي وضعتها، في حين تُترَك مسألة تحديد نجاح الهدف دونها للتغذية الراجعة.

إقرأ أيضاً: الأهداف الذكية (SMART): كل ما تحتاج إلى معرفته عنها

2. تحديد الغايات والنتائج الأساسية:

تتألف هذه الطريقة من الغايات -النتائج التي تسعى إلى إحرازها- ومن خمس نتائج أساسية.

النتائج الأساسية هي المقاييس التي يُعرَف من خلالها ما إذا قد أُحرِز الهدف أم لا، ويوجد تحتها مجموعة من المبادرات، وهي الأنشطة أو الأعمال المطلوبة لتحقيق النتائج الأساسية.

تُوضَع الغايات والنتائج الأساسية لتحديد التوجُّه العام للشركة، ويعدُّ تأسيس نوع من الترابط ضرورياً حتى يسعى كلُّ الموظفين إلى تحقيق الغاية المشتركة نفسها؛ ولكن على الرغم من أنَّ معظم نقاشنا حول الغايات والنتائج الأساسية سيكون على مستوى الشركات، تذكَّر أنَّ الأفراد يستطيعون استخدام هذه الطريقة أيضاً لوضع خطط تنظم حياتهم.

تستخدم الشركات عادة بيان رؤية واحداً وبيان رسالة واحد، حيث يحدد هذان البيانان توجه الشركة خلال السنوات العشر -أو أكثر- القادمة؛ وهذا التوجه هو الغاية النهائية التي تجعل موظفي الشركة -والزبائن في بعض الحالات- مجتمعين حول دعم الهدف الذي من أجله تؤدي الشركة عملها.

تحدد الرؤية التي تضعها الشركة توجهها، ممَّا يتيح للشركة لاحقاً تحديد غايات ونتائج أساسية كلَّ عام، ويتراوح عدد الغايات والنتائج الأساسية بين 3-5، والتي تمثل الأهداف التي يُقرِّب إحرازها الشركة من بلوغ رؤيتها العامة، وتعدُّ مرتبطة ارتباطاً خاصاً بالنتائج التي تحتاج الشركة إلى إحرازها خلال الـ 12 شهراً القادم.

يوجد في الغايات والنتائج الأساسية التي تضعها كلُّ شركة نتائج أساسية واضحة -قد يصل عددها إلى خمس- وقابلة للقياس، حتى تتمكَّن من مراقبة التقدم الذي تحرزه وقياس النجاح؛ وتشمل هذه الغايات التي تسعى الشركة إلى بلوغها جميع أقسام هذه الشركة، ويمكن أن تتداخل غايات أحد الأقسام مع غايات أقسام أخرى.

تضع أقسام الشركة بعد ذلك مجموعة من الغايات والنتائج الأساسية كلَّ ثلاثة شهور بالاعتماد على غايات الشركة ونتائجها الأساسية؛ ومثلما هو الحال أيضاً مع غايات الشركة ونتائجها، تمتلك جميع الأقسام أيضاً نتائج أساسية محددة ومتفقاً عليها، حتى تتمكَّن من إحراز التقدم الذي تحرزه.

3. التأسيس لغاية جيدة:

تحدد الغايات الطريق الذي يجب عليك أن تسلكه، وتثير الإلهام في نفسك، وتحدد توجهك.

عند تحديد الغاية، يجب عليها أن تكون واضحة، ومصاغة صياغة جيدة، وخالية من الشكوك التي تحوم حول نتيجة الغاية؛ كما يجب على الغاية أن تكون دائماً نتيجة قد لا تعلم في البداية كيف تحققها، لكنَّك تعرف ما النتيجة التي تسعى إلى تحقيقها.

يجب على الغاية أن تكون متوازنة أيضاً من ناحية القدرة على تحقيقها؛ فإذا كانت الغاية -مثلاً- الحصول على 100% من الحصة السوقية في مجال عملك، فلا تعدُّ هذه غاية طموحة أكثر ممَّا ينبغي وحسب، بل ومن المحتمل جداً أن تكون مستحيلة أيضاً. وفي المقابل، قد ترتكب خطأً إذا كان إحراز النتيجة التي يُفترَض بك إحرازها عند الوصول إلى الغاية سهلاً جداً، كزيادة الحصة السوقية بنسبة 1%.

إذا كان تحقيق الغاية التي وُضِعت سهل المنال كثيراً، أو أمراً في غاية الصعوبة، أو مستحيلاً؛ فيعدُّ وضع الغاية مضيعة للوقت؛ ذلك لأنَّ الغاية لا تقدم أيَّ قيمة، ولن يعيرها الفريق أيَّ اهتمام في النهاية، بل وسيفقد الثقة في النهج المتبع كلِّه.

إقرأ أيضاً: خمس صفات للأهداف القابلة للتحقيق

4. ما الأشياء التي تجعل النتيجة الأساسية جيدة؟

تحدد الغاية التوجه الذي ترغب في اتباعه، وتبيِّن النتائج التي تحتاج إلى إحرازها؛ بينما تعدُّ النتائج الأساسية المحطات الأساسية التي تعبُرها حتى تصل إلى تلك النتائج.

يُراقَب التقدم الذي يُحرَز عن طريق النتائج الأساسية، بحيث تتمكَّن من إجراء عمليات الإحصاء والقياس حتى تتأكد من أنَّك تسير في الطريق الصحيح نحو إحراز النتيجة المرجوة.

إذا كانت الغايات مدروسة ومحددة بشكل واضح، فإنَّ النتائج الأساسية هي التي تحافظ على حماسة الفريق وتركيزه؛ ذلك لأنَّها تعدُّ قابلة للقياس.

حينما تُحرَز نتيجة أساسية، فإنَّها لا تعدُّ إشارة تبيِّن التقدم الذي أُحرِز فحسب، بل إحدى المحطات التي يُحتفَل عندها بالنجاح الذي تحقق؛ حيث تحافظ هذه المحطات الصغيرة الهامة على حماسة الفِرق والأفراد، لاسيما حينما يسعون إلى تحقيق غايات تُحدَّد كلَّ أربعة أشهر.

أهم جزء في عملية تحديد النتائج الأساسية أنَّها قابلة للقياس، أي يجب ألَّا يكون ثمة مجال للشك في إحراز النتيجة؛ فإذا كانت الغاية مثلاً "زيادة العائدات في هذا الربع بمقدار 5%"، فيمكن أن تكون إحدى النتائج الأساسية "تسويق 100 من الدورات التدريبية الجديدة".

في حال سُوِّقت 80% من الدورات التدريبية، فقد أُحرِز 80% فقط من تلك النتيجة الأساسية.

5. مراقبة الغايات والنتائج الأساسية:

يجب عليك أن تراقب الغايات والنتائج الأساسية، وتراجعها بانتظام.

يُراجَع توجه الشركة عادة كلَّ عام، ورغم أنَّ هذا يعدُّ نشاطاً مستمراً؛ لكن يجب على الغايات والنتائج الأساسية التي وضعتها الشركة أن تُراجَع كلَّ ثلاثة أشهر.

تحتاج مراجعة الغايات والنتائج الأساسية كلَّ ثلاثة أشهر إلى مراقبة التقدم الذي تحقق على صعيد النتائج الأساسية التي حُدِّدت في بداية الأشهر الثلاثة، وتبيِّن لك هذه النتائج الأساسية ما إذا كنت تسير في الطريق الصحيح من خلال عملية القياس ومراقبة التقدم.

يمنح إجراء مراجعة كلَّ ثلاثة أشهر الفرق فرصةً لقياس منجزاتهم حينما يتعلق الأمر بالقيمة التي تقدمها للشركة والموظفين والمستفيدين النهائيين، إذ قد لا تقدم الغايات والنتائج الأساسية التي وُضِعت قبل ثلاثة أشهر القيمة نفسها الآن؛ لذا ناقش قيمة الغايات والنتائج الأساسية، واسأل نفسك: هل ما زالت تحثني هذه الغايات والنتائج الأساسية على تحقيق الرؤية العامة للمنظمة؟ أم أنَّني بحاجة إلى تغييرها ووضع واحدة جديدة؟

من أجل مراجعة الغايات والنتائج الأساسية على مستوى الفريق والمبادرات المتبعة لتحقيقها، أنت بحاجة إلى الاجتماع مع أعضاء الفريق كلَّ أسبوعين على الأقل، أو حتى كلَّ أسبوع في بعض الحالات.

يُتَّبَع في اللقاءات التي تُعقَد بانتظام المبدأ نفسه الذي يُتَّبَع في عمليات المراجعة التي تُعقَد كلَّ ثلاثة أشهر وكلَّ عام، عند إلقاء نظرة على التقدم الذي أُحرِز؛ فما المفيد وغير المفيد في هذه العمليات؟

تعدُّ الغايات والنتائج الأساسية طريقة رائعة لطرح الأهداف بصيغة أكثر تنظيماً تجعل تعقبها أكثر سهولة، ويمنحك هذا النهج القدرة على فصل الأهداف بعيدة المدى عن الأهداف التي يحتاج إنجازها إلى زخم قصير الأمد، بحيث تتمكَّن من الحفاظ على التركيز والاهتمام على مدار العام.

يتيح لك وضع أهداف قابلة للقياس من خلال تحديد نتائج أساسية مراقبة التقدم الذي تحرزه حتى تحقيق الأهداف، ويعدُّ هذا طريقة رائعة للحفاظ على الحماسة والرغبة في تحقيق مزيد من الإنجازات؛ ومثلما هو الحال مع تحديد الأهداف العادية، فإذا لم تخصص الوقت مقدماً لتحديدها بشكل صحيح، فستفقد الاهتمام أو لن تقدم هذه الأهداف القيمة التي كنت تأمل بأن تقدمها.

حتى تحقق النجاح عند تطبيق نهج الغايات والنتائج الأساسية داخل الشركة، لا تضع الكثير من الغايات والنتائج، ودعها تكون شفافة، واحرص على أن يدعم بعض أعضاء الفريق بعضهم الآخر، وتحقق من التقدم الذي أُحرِز بانتظام؛ وإذا فعلت جميع هذه الأمور، فستمنح نفسك أفضل فرصة لتحقيق أهدافك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة