العودة إلى الأساسيات: سجّل أفكارك

بينما كنت تستلقي في فراشك، يخطر ببالك فجأةً مقطع لأغنية كنت تحاول تأليفها أو فكرة لورقة بحث كنت تحاول إنجازها طوال اليوم. هل يبدو هذا مألوفاً؟ 



إنَّها فكرة رائعة؛ فأنت تعلم أنَّك ستتذكرها في الصباح؛ فتشعر بالسعادة وتنام قرير العين بعد أن توصلت أخيراً إلى الفكرة المثالية التي كنت تبحث عنها طوال الوقت. وفي الصباح، تنسى ما حدثتك به نفسك في المساء، وكل ما تتذكره هو أنَّ هناك شيئاً ما يجب أن تتذكره.

أو بينما تتحدث إلى زميل عمل عبر الهاتف، تتذكر أنَّ غداً هو عيد ميلاد ابن أحد أقاربك، ويجب عليك أن تشتري بطاقة تهنئة في طريق عودتك إلى المنزل؛ فتضع هذه الفكرة في قائمة "ما يجب القيام به لاحقاً"، وتنتهي من مكالمتك، وتغادر العمل، وفي طريقك إلى المنزل، ما تزال تفكر طوال الوقت: "ألا يوجد شيء كان من المفترض أن أفعله اليوم؟".

الأفكار بسيطة والذاكرة معقدة:

نحن البشر بارعون بشكل استثنائي في التوصُّل إلى الأفكار؛ لذا اجلس لمدة دقيقتين مع قطعة من الورق وحاول التفكير بكل الأشياء التي يمكنك صنعها من برتقالة، وستلحظ بعد بضعة أفكار سهلة أنَّك ستبدأ في اختلاق أفكار جنونية (فكر شخص ما في الواقع في فكرة لصق القرنفل بالبرتقالة وتعليقها على شجرة عيد الميلاد).

لكنَّنا لا نجيد تذكر كل تلك الأفكار؛ إذ يقول علماء النفس أنَّنا نستطيع الاحتفاظ بـ 5 إلى 9 أفكار في ذاكرتنا المباشرة في أي وقت، مما يعني أنَّك تتذكر وسطياً آخر 7 أشياء فكرت فيها، وعند إضافة فكرة أخرى إلى القائمة، سيحدث خلل ما.

إنَّ ذاكراتنا الطويلة الأمد أفضل بكثير، لكنَّ عملية نقل المعلومات من الذاكرة القصيرة الأمد إلى الذاكرة الطويلة الأمد معقدة للغاية، ولا يمكن تحقيقها عند الطلب، ويشهد على ذلك أي شخص عمل بجد لإتقان الكيمياء العضوية.

إذاً، لدينا الكثير من الأفكار وذاكرة محدودة للاحتفاظ بها قبل أن نفقدها.

إقرأ أيضاً: أهم المعلومات عن الذاكرة البشرية وقدراتها وطرق تقويتها

سجِّل كل شيء:

الحل هو تطوير عادة تسجيل كل شيء هام يخطر ببالك بمجرد أن يخطر ببالك؛ فمن الناحية المثالية، سوف تختار طريقة تسجيل واحدة تمكِّنك من الاحتفاظ بالمعلومات طوال الوقت والاعتماد عليها دائماً.

يفضِّل كثيرٌ من الناس دفتر ملاحظات صغير وعالي الجودة يمكن وضعه في الجيب، ويمكنهم استخدامه في أي وقت وأي مكان، ولكن هناك حلول رقمية أيضاً؛ فإن كنت ترتاح في التعامل مع جهازك الخلوي، فيمكنك تسجيل كل شيء لنفسك، اترك بريداً صوتياً ليُحوَّل إلى كلام مكتوب ويُعاد توجيهه إلى صندوق بريدك الإلكتروني، أو اترك رسالة على جهاز الرد الآلي في منزلك، أو أرسل ملاحظات بالبريد الإلكتروني إلى نفسك أو أرسلها عبر الرسائل النصية القصيرة، ما يهم حقاً هو استخدام أي نظام تختاره، بصرف النظر عن الظروف.

إقرأ أيضاً: 6 طرق فعّالة لتذكر المعلومات وعدم نسيانها

لقد سجَّلتَ كل شيء، ماذا الآن؟

إنَّ أداة التسجيل التي اخترتها هي نوع من البريد الوارد؛ لذا تعامل معها على أنَّها بريد وارد، أي اعتد مراجعةَ ومعالجة كل شيء بانتظام (ربما في نفس الوقت الذي تقوم فيه بمعالجة صندوق الوارد الخاص بالمكتب).

لا تتعدى فائدة الأفكار التي تُدوَّن في دفاتر الملاحظات فائدة نظيراتها التي تخطر في بالك وتنساها خلال محادثةٍ ما أو في أعقاب نوم هانئ.

تذكر أنَّ المساحة التي تستخدمها للتسجيل ليست مرجعاً لتخزين المعلومات تخزيناً طويل الأمد؛ إذ بينما تدوِّن بعض الأشياء التي تعرف أنَّك ستحتاجها في وقت لاحق من اليوم، لا تزال بحاجة إلى نظام جدير بالثقة لأرشفة واستخدام المعلومات التي تجمعها على مدار اليوم.

لذلك تعامل مع أرقام الهواتف والعناوين والأسماء وعناوين الإنترنت التي تجمعها من خلال أنظمة مدير المعلومات الشخصية (PIM)، مثل آوت لوك (Outlook) وبالم ديسك توب (Palm Desktop) ولوتس نوتس (Lotus Notes)، وأضف المهام التي تذكرتها أو فكرت بها على مدار اليوم إلى قائمة المهام، وسجل أفكار المشاريع التي تعمل عليها في ملفات مشروعك.

تُمثِّل أفكارك العشوائية التي تريد التمسك بها مشكلة استثنائية؛ لذا، احرص على إضافتها إلى قائمة مهامك ضمن فئة "التفكير في" واحتفظ بها في أسفل القائمة، واستخدم تطبيق تودليدو (Toodledo)؛ ونظراً لأنَّ الطريقة الأكثر شيوعاً لفرز قائمة المهام هي حسب التاريخ، لا تضع تواريخاً للعناصر ضمن فئة "التفكير في" لكي تبقيها في مأمن ولكن بعيدة عن العناصر التي تستخدمها بشكل يومي، وبين الحين والآخر، أثناء مراجعتك الأسبوعية، على سبيل المثال: راجع العناصر الموجودة ضمن فئة "التفكير في" وانظر ما إذا كان هناك أي شيء يمكنك إنجازه.

ثق بالنظام:

اعتد دائماً على تسجيل الأفكار ومعالجتها بمجرد أن تخطر ببالك، وإذا كنت لا تثق بنفسك للقيام بهذا، فسوف تقلق دائماً من وجود شيء ما يغيب عن ذهنك؛ فإن كنت لا تُسجِّل ولا تعالج أفكارك، فعلى الأرجح أنَّ هناك شيء ما يتلاشى من ذاكرتك وكثير من الأشياء لن تستطيع استعادتها.

ومن خلال التعود على استخدام نظام الكتابة، ستجد أنَّ الكثير من هذا التوتر قد تلاشى، وحينئذ يمكنك التركيز والعمل بجد على أشياء أكثر أهمية.

 

المصدر




مقالات مرتبطة