العنف المنزلي أثناء فترة الوباء

في فيديو حديثٍ لجلسة علاج، قالت شيلا (Shella) أنَّ زوجها جوس (Gus)، والذي فقد وظيفته مؤخراً بسبب إغلاق العمل، كان ينام طوال النهار ويشاهد مقاطع فيديو عنيفةً في الليل، وأنَّه كان متطلِّباً جداً في أثناء فترة استيقاظه، وتؤكِّد على أنَّها إمِّا كانت تعدُّ له الطعام، أو تهرع إلى المتجر لشراء الحاجيات. وبعد مُضي عدَّة أيامٍ على هذا، أبت القيام بذلك، وعندها أخذ مفاتيح سيارتها، وصرخ في وجهها، واتهمها بأنَّها مزعجةٌ ومستفزة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن تجربةٍ شخصيةٍ للكاتب الدكتور: جايسون وايتنينغ (Jaison Whitning Ph.D)، والذي يحدِّثنا فيه عن العنف في فترة الحجر المنزلي.

قالت أنَّها منهكةٌ وقلقة، كما أنَّها الآن المعيل الوحيد، وأنَّ جزءاً من مدخولها مخصَّصٌ لدعم أطفاله السابقين. إنَّها تحاول العمل من المنزل، وهو ما لا يمكنه القيام به، وتحاول في الوقت نفسه أن تجعله يهتمُّ بعلاج داء السكري الذي يعاني منه، لكنَّه يرفض ويقول بأنَّها ليست "والدته".

كانت صحة شيلا تتدهور بسبب سلوك جوس الذي كان يهدِّد بالانتحار ويضغط عليها ليدفعها بعيداً عنه، ذلك في الوقت الذي رغبت فيه بأن يحدِّثها لتخفف عنه.

وقد دفعني قلقي من سلوكه إلى سؤال شيلا عن سلامتها، فأجابت: "لا أعتقد أنَّه سيؤذيني حقاً، لكنَّني لم يسبق أن رأيته يخرج عن طوره بهذا الشكل".

سألتُها عن الأسلحة؛ لأنَّ وجودها يجعل أفكار الانتحار والقتل واردةً أكثر، وذكرت أنَّه احتفظ بسلاحٍ تحت السرير، وأنَّه طلب شراء واحدٍ آخر مؤخراً.

إنَّ مثل هذا الزواج الهش يصبح خطيراً ومؤذياً بسبب الضغط الذي يسبِّبه فيروس كورونا المستجد (COVID-19).

إقرأ أيضاً: السادية: تعريفها، أنواعها، وأهم صفات الشخصيات السادية

التحديات الحالية:

يئن العالم من وطأة الوباء المنتشر، ويسبِّب هذا ضغطاً على العائلات والعلاقات فيما بينها، وما يثير القلق حقاً هو أولئك الذين يتعرَّضون إلى الإساءة.

لقد اختبر أكثر من ثلث النساء والرجال سوء المعاملة الزوجية العاطفية، بما في ذلك الإكراه، والقسوة، والإذلال؛ كما وتعرَّضت حوالي واحدةٍ من كلِّ أربع نساء، وواحدٍ من كلِّ سبعة رجال إلى العنف البدني من الشريك. هذه التجارب محبطةٌ ومدمِّرة، وقد جعلها الوباء أسوأ.

لقد زاد الوضع الحالي من الضغوطات -التي يمكن أن تزيد- من الإساءة.

إنَّ تفشي الفيروس الذي لا هوادة فيه، وفيض الأخبار التي غالباً ما تكون سلبية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتهديد بفقدان الوظائف، والازدحام في المنزل، والزيادة في مبيعات الأسلحة والمشروبات الكحولية؛ تُسبِّب خلافاتٍ يمكن أن تؤدِّي على الأرجح إلى العنف. غالباً ما يبرر الجناة سلوكهم العنيف بإلقاء اللوم على الضغوطات الخارجية، بما فيها ضغوط شريكهم، ويكون الأشخاص الأضعفُ والأكثرُ عزلة؛ هم الأكثر عرضةً إلى الأذى.

الحقيقة المحزنة أنَّ موارد الضحايا تتناقص مع تزايد الضغوطات والعنف، فعلى سبيل المثال: الضحايا الذين يحتاجون إلى إجراء اتصالٍ لطلب المساعدة، قد لا تتوفَّر لديهم الخصوصية والموارد للقيام بذلك، بما في ذلك المسؤولين عن تنفيذ القانون، والمهنيين الطبيين.

طُلِبَ من الشرطة في بعض المناطق عدم الاستجابة إلى اتصالات العنف المنزلي؛ وذلك لمنع انتشار الفيروس، ولأنَّ عمل بعض مراكز ضحايا العنف المنزلي قد أُعيق بسبب نقص الموظفين أو بسبب عملهم من المنزل، إضافة إلى كون بعض الضحايا ليسوا على استعدادٍ لترك المعتدي؛ فالذهاب إلى صديقٍ قد يعرِّض أطفالهم أو غيرهم إلى خطر العدوى.

وصفت شيلا بعض هذه الصعوبات عندما قالت: "أدَّى ازدياد توتر وغضب جوس إلى الإسراف في الشرب، ممَّا تسبَّب بفقدان سيطرته على نفسه وعدم استعداده لتحمُّل مسؤولية سلوكه". وكلَّما ازداد الضغط، تقلَّص عالم شيلا.

إقرأ أيضاً: الرجل المتسلط في العلاقة الزوجية وطرق التعامل معه

ما الذي يمكن القيام به؟

يعدُّ العنف المنزلي تحدّياً صعباً، وذلك بسبب قلَّة الحلول السهلة، ولكن هناك أمورٌ يجب مراعاتها؛ لأنَّها قد تساعد الأزواج في التعامل مع العنف العاطفي والجسدي.

قد تتناول بعض هذه الاقتراحات العنف النفسي، في حين تكون مقترحاتٌ أخرى ضروريةً لتحقيق مستوياتٍ أعلى من السيطرة على العنف الجسدي، والذي يتطلَّب تدخلاً أقوى:

  • التركيز على السلامة، والاصغاء إلى حدسك، واتخاذ الإجراءات اللازمة إذا كانت الأمور في تصاعدٍ أو تسبِّب تهديداً، وعدم التقليل من شأن الإنذارات.
  • وضع الحدود، والمطالبة بالاحترام.
  • في حال لم يحترم المعتدي الحدود أو أنَّه غضب بسببها، فإنَّ هذه إشارات تحذيرية، ويجب اتخاذ إجراءاتٍ إضافية تحترم قيمة الفرد، كما يجب تنفيذها بهدوءٍ وحزم.
  • مساعدة الضحايا في وضع خطَّة سلامة، وتشمل هذه الخطة مخبأً للوثائق الهامَّة والمال النقدي، وصنع مفاتيح احتياطيةٍ يجعل إمكانية الحصول عليها ونقلها إلى موقعٍ مخططٍ له سريعة. أيضاً، يمكن استخدام كلمة أمانٍ مع الأطفال أو الرسائل النصية للآخرين، لمساعدتهم في معرفة متى يكون الوضع خطيراً.
  • الحصول على الدعم: هناك أيضاً العديد من المجموعات على الإنترنت، والخطوط الساخنة، ووسائل الدعم التي أُنشِئت لمساعدة الضحايا في التغلُّب على الارتباك والخوف من سوء المعاملة. لا يزال العديد من المهنيين يقدِّمون استشاراتٍ على الهاتف أو جلسات علاج، والتي قد تكون أقصر من العلاج التقليدي، ولكنَّها لا تزال فعَّالةً وبمقدورها تقديم المشورة.
  • التصرُّف على نحوٍ حاسم: لا تزال بعض الخيارات، بما في ذلك الاتصال بالطوارئ، تعمل من أجل أولئك الضحايا، ومن أجل تنفيذ القانون. المراكز والخطوط الساخنة هي الأماكن المناسبة للتواصل معها إذا كان شخصٌ ما في خطر.

ناقشتُ مع شيلا سلامتها، وتبادلت وإياها بعض الأفكار حول خيارات الهروب.

كانت قادرةً على وضع الأسلحة في خزنةٍ في المرآب، والاستعداد لإجراء محادثةٍ مباشرةٍ مع جوس. استمر جوس بعد محاولة القيام بتلك المحادثة بالتقليل من أهميَّة سلوكه، وبادعائه بأنَّه الضحية، وعندها أدركت شيلا أنَّها كانت تتحمَّل مسؤوليةً كبيرةً عن جوس وصحته، وقرَّرت أن تغادر لفترةٍ من الزمن.

وعلى مدار أسبوع، تمكَّنت من نقل ممتلكاتها الهامَّة إلى منزل صديقةٍ لها بينما كان جوس نائماً، وتركت له قائمة المطالب التي عليه القيام بها من أجل إعادة العلاقة.

لقد كان لدى شيليا خياراتٌ أفضل من كثيرين آخرين ممَّن يتعرَّضون إلى الأذى أو المضايقة.

يحتاج الشخص الذي تعرَّض إلى صدمةٍ عنيفة إلى مساعدةٍ مكثفة، بما في ذلك مساعدة المسؤولين عن تطبيق القانون والمهنيين الطبيين.

نأمل أن نتمكَّن، خلال وقت الضغط المتزايد هذا، من رفع مستوى الوعي لدى أولئك المعرَّضين إلى الإساءة، وأن نتمكَّن جميعاً من العمل معاً للحدِّ من العنف المنزلي.

 

المصدر




مقالات مرتبطة