العمل بنظام "الوكلاء المستقلين"

يرغب معظم أرباب العمل في توظيف عمالٍ متفانين على جميع الأصعدة؛ إذ إنَّهم يريدون العمل مع موظفين يحافظون على تطوير مهاراتهم، ويكونون في سعي دائم إلى التعلم والتطوير، بالإضافة إلى قدرتهم على تحمُّل مسؤولية أدائهم، وقبول ارتباط الأجر الذي يتقاضونه بالأداء الذي يقدِّمونه، مع الحفاظ على توازن سلوكاتهم ومساهماتهم لمواجهة التغيير المستمر والأولويات المتغيرة.



كما يرغبون فيمن يضع مصالح الشركات والعمل فوق مصالحه الشخصية، ويحمي اسم الشركة مهما كلف الأمر، ويتقبَّل بصدرٍ رحب خيارات المديرين التنفيذيين.

التحديات الكامنة وراء اعتماد نظام "الوكلاء المستقلِّين":

نحن ندرك جميعاً حجم التوتر الذي نتعرض له خلال عملنا الشاق، لكنَّنا نأمل أن نحصل على نتيجة مُرضية بالنهاية، ومع ذلك، هل فكَّرنا في الآثار المترتبة على ذلك؟ إذ تعتمد معظم أعمالنا اعتماداً كبيراً على الموظفين (أو بمعنى أصح على مواهب الموظفين) لتقديم قيمة اقتصادية إلى عملنا، فكيف يمكن أن نعمل بنظام "الوكلاء المستقلِّين" مع المواهب؟

أعلن الرئيس التنفيذي لشركة "زابوس" (Zappos) لبيع الملابس والأحذية عبر الإنترنت "طوني هوسيه" (Tony Hsieh) بمساعدة فريقه مؤخراً، خبر إطلاق منصة جديدة خاصة بقسم الاتصال في الشركة، حاذياً بذلك حذو شركة "أوبر" (Uber)؛ وذلك بعد إعادة التركيز على الابتكار والتكنولوجيا وتجربة شيء جديد في الشركة.

إذ نشر موقع "فوربس" (Forbes.com) الخبر معلِّقاً:

"أدَّى ذلك الإعلان إلى إطلاق ما يُعرَف الآن "بالسوق المفتوحة" (Open Market)، وهي منصة جدولة عبر الإنترنت تسمح للعمال بتحديد ساعات عمل تقديرية، وتعويضهم استناداً إلى نموذج تحديد الأسعار الذي اعتمدته شركة "أوبر" مسبقاً؛ وذلك عبر حساب الأجور وفقاً لساعات العمل مع زيادة الأجر عند العمل مدة إضافية".

شاهد بالفديو: تحدّي 30 يوم لتطوّر ذاتك بنجاح

كيف يتعامل الموهوبون مع "نظام الوكلاء المستقلِّين"؟

بينما اعترفت شركة "زابوس" (Zappos) أنَّها لم تدرس تطبيق "نظام الوكلاء المستقلِّين" على أكمل وجه؛ إذ إنَّها لم تعالج المسائل القانونية للأمر، ولم تحدِّد مزايا العمل والدفع المتعلقة به؛ غير أنَّ الشركة تعتزم تقديم التعويضات الإضافية بشكلٍ كامل إلى جميع موظفي قسم الاتصال، والتخطيط لإطلاق تطبيق لتسجيل ساعات العمل والأجور الساعية والتعويضات لجميع الأقسام على الأمد البعيد؛ وبذلك سيثبت الوقت فاعلية "نظام الوكلاء المستقلِّين"، وهو ما سيوفر لنا تجربة مثيرة للاهتمام لاستخلاص العِبر.

يقدِّم لنا مدوِّن ومؤسس برنامج "ساعة سعيدة" (Happy Hour)، والرئيس المشارك في "المؤتمر السنوي لتكنولوجيا الموارد البشرية"، "ستيف بويز" (Steve Boese)، نظرةً مختلفةً عن هذا النظام وكيفية عمل المحترف الموهوب به ضمن مجموعته؛ إذ يشارك "ستيف بويز" قصة متابعته عدداً من المشاريع التعاونية مع زملائه.

وعلى حد قوله، حالما يبدأ الموظفون من مختلف الشركات بالاتفاق، ويبدأ عقد الاجتماعات التنفيذية للمشاريع في المنظمات المختلفة التابعة لها، تتقدم القيادات العليا وأتباعها فجأة للتدخل وإضافة بصمتهم على الجهد الفردي والجماعي، وفرض شروطهم الخاصة على المبادرة، وهو من أكبر تحديات هذا النظام.

وعلى حد تعبير "ستيف":

"على الرغم من دخول العديد إلى عالم "الوكلاء المستقلِّين" الذي يُشار إليه أحياناً باسم "أوبرفيكيشن" (Uberification) أو "رقمنة العمل"، وهو تسليع مجال عمل قائم على تقديم خدمات موجودة مسبقاً من قِبل عاملين جدد باستخدام المنصات الرقمية؛ إذ يعمل معظم العمال لبناء حياتهم المهنية الشخصية بشكلٍ حر؛ وهذا يجعلهم أقل اعتماداً على الدعم التنظيمي (وحماية الشركة).

وعلى الجانب الآخر، فهو يعرِّض العمال لضغطٍ كبير؛ لأنَّهم سيتحملون مخاطر العمل وحدهم، ناهيك عن ازدياد توتر أصحاب العلامات التجارية والشركات أيضاً. وبصفتي شريكاً وعميلاً مستقبلياً فأنا مهتم بالتعاون مع أفضل الكفاءات الفردية، بغضِّ النظر عن مناصبهم "الرسمية" في العمل أو رأي قادتهم بهم، فهي مشكلتهم لا مشكلتي".

إقرأ أيضاً: مسار بديل للثقافة التنظيمية التي تدعو الموظفين ليكونوا متاحين دائماً

هل يحتاج الوكلاء المستقلُّون إلى دعم رب العمل؟

يرتبط "نظام الوكلاء المستقلِّين" ضمن علامة الشركة التجارية بعدم وجود تكاليف ثابتة، وبمزيد من المرونة، فضلاً عن الأرباح المتزايدة، مع وجود بعض المخاطر أيضاً.

لا يحتاج بعض الوكلاء المستقلِّين إلى العلامة التجارية بقدر حاجتها إليهم، كما يفضِّل بعض العملاء والشركاء العمل مع الأفراد وليس الشركات، ومع استمرار الروابط بين الأفراد والشركات المشغِّلة في التقلص شيئاً فشيئاً، ستتناقص سلطة الشركات على المواهب والفرص والأرباح.

لهذا، فتجربة المدوِّن "ستيف بويز" مع "نظام الوكلاء المستقلِّين" تُعَدُّ بمنزلة بوابة لدخول عالم جديد سيشمل جميع أقسام الشركة، وهو اتجاهٌ سيغيِّر نسيج علاقة أرباب الأعمال بالموظفين ذوي الإمكانات العظمى، والأداء العالي والمهارات الفذَّة.

المصدر




مقالات مرتبطة