العلاقة بين المعرفة والذكاء

المعرفة قوة يسعى جميعنا إلى امتلاكها، ونعلم أيضاً أنَّ الذكاء ينمو ويثمر من خلال العمل والتجربة وارتكاب الأخطاء؛ فالعمل الجاد عنصر ضروري بالطبع، لكن أن يعمل شخص ما بجد ويتمتع بالذكاء إضافةً إلى ذلك، سيسير بالتأكيد على طريق النجاح الشخصي.



نحن نتحدث دائماً عن العمل الجاد والمثابرة بوصفهما عنصرين أساسيين للنجاح، وعلى الرغم من احتمال أن أناقض نفسي لما سأقوله، لكن نعرف جميعاً أنَّه يوجد مَن يحقق نجاحاً شخصياً نتيجة الكثير من العزيمة وليس الكثير من المعرفة أو الذكاء، فيردد معظمنا في سره عباراتٍ مثل: "كيف يمكنه أن يكون شخصاً ناجحاً جداً؟ فأنا أذكى منه بكثير".

وعلى الجانب الآخر، بقدر أهمية أخلاقيات العمل المتمثلة بالعمل الجاد للنجاح، فإنَّنا غالباً ما نقلل من أهمية المعرفة والذكاء؛ إذ يبدو أنَّه من الرائج إعطاء قيمة عالية للعمل وأقل منها للفهم والإدراك، وكما يقول جميع متخصصي التنمية البشرية: "إذا كانت لديك الشجاعة والعزيمة، فيمكنك التغلب على أي عقبة".

لكنَّ الحقيقة هي أنَّ أخلاقيات العمل لدينا تزيد من أهمية معرفتنا، وبالمقابل، تزيد معرفتنا من قدرتنا على أن نصبح أذكياء، بحيث توجد علاقة ما بين أخلاقيات العمل والمعرفة والذكاء لا يمكن تجاهلها، فإذا كنت تريد أن تمتلك ذكاءً، فأنت بحاجة إلى أخلاقيات العمل والمعرفة، وإذا كنت تريد العمل الجاد، فأنت بحاجة إلى فهم قيمة المعرفة والذكاء، وإذا كنت تريد المعرفة، فذلك لأنَّك تدرك أنَّها جسر يربط بين جهودك وفهمك العميق.

لقد نشأنا في مجتمع يتعامل مع المعرفة والذكاء بنفس السوية، وهذا النهج موجود في كل مكان على حدِّ علمنا، لكنَّه مع ذلك ليس صحيحاً، ويؤدي إلى عدم فهم الفكرة من كليهما.

المعرفة:

هي القدرة على التعلم، أو فهم الشيء الذي تتعلمه؛ فعندما تقرأ كتاباً، سواء كان متعلقاً بالعلم أم التاريخ أم الخيال، فإنَّ الحقيقة أو المفهوم الذي تتعلمه هو المعرفة.

الذكاء:

هو القدرة على تكوين روابط بين نقطتين أو أكثر من نقاط المعرفة؛ فعلى سبيل المثال، قد تجد رابطاً بين نقطتين غير مترابطتين ظاهرياً، وهما: إمكانية إرسال طائرات من دون طيار لمسافات طويلة، وأنَّ العديد من مواطني البلدان النامية يعانون من سوء التغذية.

إذاً، يؤدي الذكاء دوراً هاماً عندما تكوِّن رابطاً بين نقطتين عشوائيتين، وبالنظر إلى فهمك لرحلة الطائرات من دون طيار، فإنَّك بذلك تكتشف طريقة لإرسال وجبات مغذية إلى البلدان التي يصعب الوصول إليها بتكلفة منخفضة؛ فالذكاء هو فعل الربط بين أمرين غير مرتبطين، وبعد ذلك، بمجرد إجراء ربط بين نقطتين، يمكنك الاستفادة من أخلاقيات العمل الخاصة بك لإظهار هذا التصور في العالم الحقيقي في شكل شركة أو مؤسسة غير ربحية.

شاهد بالفيديو: أنواع الذكاء ومجالات استخدامه

الذكاء وأخلاقيات العمل والمعرفة عبارة عن حلقة متصلة:

العلاقة بين أخلاقيات العمل والمعرفة والذكاء هي حلقة مغلقة؛ فيمكن أن نفترض أنَّك إذا كنت تقرأ هذا، فأنت تتمتع بمستوى من الذكاء، وسواء أدركت ذلك أم لا، فأنت تطبق ما يخرج به ذكاؤك منذ ولادتك؛ فمثلاً فكر في فضول الطفل بِعَدِّه المستوى الأول من "أخلاقيات العمل"؛ إذ يعمل الطفل على تجربة كل شيء من حوله في العالم الحقيقي ويكتسب القليل من المعرفة من خلال هذه التجربة، ثم يصبح أكثر ذكاءً لأنَّه يبتكر معرفة كافية لرؤية الصورة الأكبر للأمور بمزيد من الوضوح.

لا يختلف الأمر إذا كان عمرك عاماً أو 100 عام، طالما نمر الآن في منتصف حياتنا، نشعر أنَّ الذكاء يأتي أولاً، لكن يبدو الأمر في الواقع كحلقة مغلقة؛ لذلك، بصرف النظر عما إذا كنت تقوم بتطبيق ذكائك من خلال أخلاقيات العمل أم لا، فإنَّ فعل تطبيق الأفكار يزيد في الواقع من معرفتك، وبالطبع، كلما زادت المعرفة لديك، سيكون من الأسهل عليك تكوين روابط بينها وزيادة ذكائك الذي سيساعدك على وضعها موضع التنفيذ من خلال العمل، وبعد ذلك، تكرر نفس الدورة.

خذ على سبيل المثال الرغبة في بدء عمل تجاري، فقد كنت تعمل في مجال معين لبضع سنوات، ولديك المعرفة والذكاء لتكرار تطبيق فكرة حالية، وكسب العملاء وبدء شركة؛ فيمكنك إذاً التواصل مع العملاء خارج العمل، والترويج لفكرتك الجديدة وكيف يمكنك مساعدتهم، وربما تكون الاستجابات رائعة، وتكسب عميلك الأول؛ إذاً، فقد أنجزت الخطوة الأولى وحان الوقت لترك وظيفتك ووضع المعرفة والذكاء موضع التنفيذ.

ثم، كما يحدث دائماً، تتعلم شيئاً جديداً عن عميلك أو عن المجال نفسه؛ وهذا ما يغير تفكيرك الأولي؛ فربما لم تكن المشكلة مع العملاء بذلك التعقيد كما كنت تعتقد، وربما توجد مشكلات أخرى بحاجة إلى حل، لكن لا يمكن الكشف عنها إلا من خلال قاعدة عملاء مخصصة.

إقرأ أيضاً: قيم القيادة وأخلاقيات العمل

الخلاصة:

تكتسب هذه المعلومات وتفهم منها ما يصلح وما لا يصلح، فمن خلال اكتساب المعرفة من خلال العمل، والمشاركة في كل شيء بوصفك رائد أعمال، أنت تقوم بإجراء روابط بين هذه المعارف الجديدة؛ وهذا يزيد من ذكائك، وبعد ذلك، من خلال خطة عمل أو نموذج عمل جديد، تضع فهمك موضع التنفيذ وتعمل بجد لتقوية شركتك والقيمة التي تقدمها.

المصدر




مقالات مرتبطة