العقم والغذاء: كيف يؤثر نظامنا الغذائي على معدل الخصوبة؟

ارتفعت في السنوات الخمسين الماضية حالات العقم لدى كلّاً من الرجال والنساء حيث تُشير الإحصائيّات إلى ارتفاع نسبة حالات العقم لديهم إلى أكثر من 30%، وإن لم يكن بالإمكان التحكُّم بكل أسباب العقم إلّا أنّه يمكننا التحكُّم بالنظام الغذائي ونمط الحياة الذي نتبعه. حيث توصَّلت الدراسات الحديثة إلى أنَّ الغذاء ونمط الحياة السليم يلعبان دوراً مهمّاً في زيادة الخصوبة والقُدرة على الإنجاب، كما بدأ أخصائيي الخصوبة باعتبار الطعام عنصراً مهمّاً في الإخصاب.



العقم ونمط الحياة والغذاء الصحي لدى الرجال:

تعود نسبة ثلث حالات العقم إلى الرجال، لذلك فإنَّ على الرجال أن يُحافظوا على وزن صحي كما عليهم الالتزام بنظام غذائي صحّي ومتوازن. حيث أنَّ هناك علاقة بين معدَّلات الخصوبة والوزن، فزيادة الوزن تؤثِّر في مستويات التستسترون والهرمونات الأخرى، وتؤدِّي لنقص في عدد النطاف وفعاليتها لدى الرجال الذين يعانون من الوزن الزائد والسمنة.

وقد توصَّلت دراسة أمريكية أنَّ كل زيادة وزن لدى الرجال بمقدار 9 كغ يصاحبها ارتفاع العقم بنسبة عشرة بالمائة. كما بيّنت دراسة أخرى أنَّ معاناة الرجل من السمنة تؤدِّي لاختلال توازن الهرمونات لديه، حيث ينخفض تركيز الهرمون الذكري "التستسترون" ويرتفع تركيز الهرمون الأنثوي "الأستروجين"، ما يؤدِّي لنقص في عدد الحيوانات المنوية.

إقرأ أيضاً: 6 عوامل مسؤولة عن إصابة الرجل بضعف الخصوبة

النظام الغذائي وخصوبة الرجل:

يلعب النظام الغذائي دوراً مهمّاً في خصوبة الرجل، لذلك يُنصح الرجال باتباع نظام غذائي صحّي قبل فترة لتعزيز فرص نجاح الحمل من خلال ضمان سائل منوي صحّي يتمتّع بحركات وتنقّلات طبيعيّة.

  • التركيز على تناول الخضار والفواكه الغنية بالفيتامينات والأملاح المعدنيّة (وبشكل خاص الأوراق الخضراء التي ثبت أنّها تحسِّن نوعيّة الحيوانات المنوية، إضافة لتناول الحمضيات، وأنواع التوت، والتفاح أو الإجاص). وتجنُّب تناول الخضار والفاكهة التي تمَّ رشّها بالمبيدات والاستعاضة عنها بالأنواع العضوية والطبيعيّة، فقد بيّنت الدراسات أنّ المبيدات تشكّل أحد أهم أسباب عقم الرجال لأنَّها تقلّل نسبة الهرمون الذكري "التستوستيرون" في الجسم.
  • تناوُل الحبوب الكاملة، كالشوفان والخبز من حبوب القمح الكاملة والرز البني.
  • تناوُل الأطعمة التي تحتوي على أوميغا 3 وإنزيم Q10 والتي تُساعد في تحسين نوعيّة الحيوانات المنوية بشكلٍ كبير وزيادة عددها.

ومن أبرز الأطعمة التي تحتوي على الأوميغا 3: (الجوز، السبانخ، بذور الكتّان، الأسماك، والمكسّرات بشكل عام. حيث توصّلت دراسة علميّة إلى أنَّ تناوُل المكسّرات بانتظام يمكن أن يُحسِّن الحالة الصحيّة للحيوان المنوي. كما توصّلت الدراسة إلى أنَّ الرجال الذين تناولوا حفنتين من اللوز والبندق والجوز بشكلٍ يومي لمدّة 14 أسبوع زاد عدد حيواناتهم المنوية وتحسّنت قدرة الحيوانات "على السباحة". أمَّا بالنسبة للأطعمة التي تحتوي على إنزيم Q10 فتجدها في: (سمك السلمون، الدجاج، البروكلي، والفول السوداني).

  • تناوُل الحليب والجبن واللبن قليلة الدسم.
  • تناوُل الثوم (حيث يحتوي الثوم على الأليسين، والذي يعمل على تنشيط الدورة الدمويّة ومنع تضيّق الشرايين والاوعية، وعليه ازدياد تدفُّق الدم إلى الخصيتين التي تحمي الحيوانات المنوية من أي ضرر. كما يحتوي الثوم على السيلينيوم والذي يتمتَّع بدورٍ هام في إنتاج الحيوانات المنوية الصحيّة).
  • تناوُل الدجاج والسمك، والتخفيف من استهلاك اللحوم الحمراء، والاعتماد على مصادر البروتين الأخرى، كالبقول والمكسّرات والبذور والبيض (حيث أنّ البيض غني بحمض الفوليك والزنك، اللذان يعزِّزان من إفراز هرمون التستوستيرون ممَّا يؤدِّي لزيادة خصوبة الرجل وتحسين جودة الحيوانات المنوية).
  • التخفيف من استهلاك الأطعمة الغنيّة بالدهون الحيوانيّة المشبعة كالأطعمة المقليّة وغيرها، والاستعاضة عنها بالدهون الصحيّة مثل: زيت الزيتون (حيث يعمل زيت الزيتون على خفض مستوى الكولسترول السيّئ بالدم، وعليه يُحفِّز تدفُّق الأكسجين إلى الخصيتين وتكوين حيوانات منوية سليمة).
  • تناوُل الشوكولاتة الداكنة والتي تُساعد على زيادة إنتاج السائل المنوي، وعدد وجودة ونوعيّة الحيوانات المنوية.
إقرأ أيضاً: للرجال: تصرفات يومية تقتل حيواناتك المنوية ابتعد عنها

العقم ونمط الحياة والغذاء الصحي لدى النساء:

تشير الإحصائيات الرسميّة الصادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض الأمريكية إلى أنَّ قرابة 12% من النساء بين سن الـ 15 الـ 44 عاماً يواجهن صعوبة حتّى يصبحن حوامل أو في المحافظة على الجنين حتّى انتهاء مدّة الحمل الطبيعيّة. لذلك تنصح النساء اللاتي يرغبن بالإنجاب وزيادة خصوبتهنّ بالحفاظ على على وزن صحّي كما عليهنّ الالتزام بنظام غذائي صحّي ومتوازن، وذلك لضمان نمو الطفل في وسط آمن خلال فترة الحمل.

وفي الحقيقة فإنَّ هناك ارتباط بين العقم لدى المرأة والوزن، حيث تُشير الدراسات إلى أنَّ النساء اللاتي يعانين من السمنة تنخفض فرص الحمل لديهنّ بمعدّل 30%، كما أنَّ نسبة 30 إلى 47 في المائة من النساء اللواتي يعانين من السمنة المفرطة يكون لديهنّ عدم انتظام في دورات الحيض، والتي تُقلّل بدورها من فرص الحمل. لذلك فإنّ تخفيض المرأة من 5 إلى 10% من وزنها الكلّي يُسهِم عادةً بإعادة انتظام دورات الحيض وانخفاض العقم.

وبالمقابل فإنَّ نقص الوزن الشديد لدى النساء قد يؤدِّي لعدم انتظام الدورات الشهريّة أو توقُّف حدوث الإباضة لديهن، وبالتالي تقليل فرص الحمل والإنجاب. ويرتفع خطر الإصابة بالعقم بشكلٍ خاص لدى النساء اللاتي يمارسن تمارين مرتفعة الشدّة، وأيضاً لدى النساء اللاتي يعانين من اضطرابات في تناوُل الطعام، وكذلك لدى من يتبعن حميات غذائية قاسية غير صحيّة والتي قد تؤدِّي إلى خسارة الجسم للمغذّيات التي يحتاجها خلال الحمل.

إقرأ أيضاً: 4 أسباب غير متوقعة تمنع حدوث الحمل

النظام الغذائي وخصوبة النساء:

إنَّ اتّباع المرأة لنمط حياة صحّي يشمل التغذية السليمة وممارسة الرياضة حتماً سيؤدِّي دوراً إيجابياً كبيراً وأساسيّاً في زيادة الخصوبة وتحسين عمليّة الإباضة لديها.

إقرأ أيضاً: 6 طرق فعّالة لزيادة الخصوبة عند المرأة

حمية الخصوبة Fertility Diet:

أصدر مجموعة من باحثي هارفارد كتاباً بعنوان "Fertility Diet" أي "حمية الخصوبة" والذي حقَّق أعلى نسبة مبيعات لعقد كامل، ويعتمد هذا الكتاب على تناوُل منتجات الألبان كاملة الدسم، وزيادة استهلاك الخضار والمكسّرات، والتخلُّص من اللحوم الحمراء والدهون غير المشبعة، لزيادة الإباضة وتحسين فرص الحمل. حيث تمّت دراسة حالة أكثر من 18 ألف امرأة حاولن الحمل، وتبيّن أنّ تغيير نوعيّة وجباتهن الغذائية يُقلِّل من خطر العقم، بشكل خاص لدى النساء اللواتي يعانين من مشكلات الإباضة.

  1. الدهون: تجنُّب تناوُل الدهون المتحوّلة (مثل الزيوت المهدرجة)، والاعتماد بدلاً منها على الدهون الأحاديّة الغير مُشبعة مثل: (زيت الزيتون، والأفوكادو) فهي غنيّة بالأوميغا 3 والعديد من الأحماض الدهنيّة المفيدة
  2. البروتين: وذلك بالتركيز على تناول البروتين من مصادره الطبيعيّة مثل: (المكسّرات، العدس، الفول، الحمّص، والبازيلا)، وبالمقابل التقليل من تناوُل البروتين الحيواني كلحم البقر والدجاج (حيث أثبتت دراسة ارتفاع حالات العقم بنسبة 39 في المائة لدى النساء اللواتي استهلكن كمّيات عالية من البروتين الحيواني).
  3. النشويات: تناول النشويات أو الكربوهيدرات المعقّدة الغنيّة بالألياف (مثل الحبوب الكاملة)، والذي يؤدّي لتحسّن عمليّة الإباضة وإلى ارتفاع فرص الخصوبة، وبالمقابل الابتعاد عن النشويات البسيطة ومصادر السكر والكربوهيدرات المكرّرة، مثل: الخبز الأبيض والأرز والحلويات.
  4. الحديد: الحصول على الحديد من مصادره النباتيّة مثل: (البقوليات، الفواكه والخضروات) أو من خلال المكمّلات الغذائيّة، وتقليل الاعتماد على المصادر الحيوانيّة حيث أثبتت الدراسات زيادة فُرَص تطوير العقم عند تناول كمّيات عالية من الحديد من مصادره الحيوانيّة كاللحوم الحمراء.
  5. الحليب ومشتقاته: الاعتماد على الحليب ومشتقاته كاملة الدسم بدلاً من قليلة الدسم. حيث أفادت دراسة أنَّ الاستهلاك اليومي لوجبتين أو أكثر من منتجات الحليب قليلة الدسم يؤدّي لارتفاع معدّل العقم إلى  85%. وبالمقابل فإنَّ النساء اللواتي استهلكن وجبة واحدة على الأقل من منتجات الحليب الكاملة الدسم ارتفعت لديهنّ فرص الخصوبة بمعدّل 27%.
  6. الفيتامينات وحمض الفوليك: من المهم جدّاً حصولك على كميّة كافية من المعادن والفيتامينات (وأهمّها مجموعة فيتامينات B) مع التركيز بشكلٍ خاص على حمض الفوليك (حيث أنَّ تناوُل حمض الفوليك بالكمّيات الموصى بها له دور هام في زيادة فرص الحمل وتقليل فرص الإجهاض)، ويمكن الحصول على حمض الفوليك بتناوُل: (الخضراوات الورقيّة الداكنة، والحبوب المدعَّمة بهذا الفيتامين).

 

المصادر:

  1. العقم عند الرجال.. أسباب قد لا تخطر على البال
  2. الغذاء وقدرة الرجل على الإنجاب
  3. طرق تحسين جودة الحيوانات المنوية عند الرجل
  4. هل الليبتين هو المسؤول عن العقم لدى الرجال البدناء
  5. العقم والغذاء



مقالات مرتبطة