الضغوط النفسية وتأثيرها في الوزن وطرق العلاج

"أنا أميل إلى الأكل بطريقة نهمة جداً عندما أكون في وضع نفسي صعب وحزين"، "أخسر شهيتي للطعام لمجرد إحساسي بضغط نفسي كبير"، "لا أستطيع السيطرة على حالة الضغط النفسي التي أعيشها على الدوام، فبدلاً من إدارة الحالة النفسية التي أمر فيها؛ أميل إلى نسيان صحتي ونظامي الغذائي". من خلال هذه العبارات نلاحظ أنّ للحالة النفسية تأثيراً على الوزن، فما تأثير الضغوطات النفسية على الوزن؛ مدار حديثنا خلال هذا المقال.



لطالما كان الطعام وسيلتنا الأكثر استخداماً للتعافي من أي صدمة نفسية نشعر بها، فهو الحل الأيسر لتخفيف أي عبء نفسي نشعر به، ولكن ما ذنب أجسادنا في دفع ثمن حالة نفسية نشعر بها، أليس الأجدر بنا العمل على أفكارنا ومعتقداتنا، بدلاً من اللجوء إلى حلول تعويضية لا تُفضِي بنا إلَّا إلى المزيد من المشكلات الجسدية كالسمنة الزائدة أو النحافة المبالغ فيها ومع ما يترتب عليها من قلة الثقة بالنفس وتقدير الذات، أليس الأهم أن نسعى إلى الوصول إلى التوازن النفسي ما بين عقلنا وجسدنا، بحيث لا يغدو جسدنا ضحية قلة نضجنا ووعينا وقدرتنا على التحكم بالأمور؟

ما هي الضغوطات النفسية؟

هي شعور الفرد بعدم قدرته على التعامل مع المشكلات التي تعترضه؛ أي عدم امتلاكه للمهارات اللازمة لإدارة ما يختبره من صدمات نفسية أو عراقيل؛ الأمر الذي ينعكس سلباً على وظائفه اليومية، وقدرته على إنجاز أدواره في الحياة، فلا يعود قادراً على ممارسة دوره كأب وزوج وأخ وكرب عمل بالجودة ذاتها والكفاءة السابقة ذاتها.

العلاقة ما بين الضغط العصبي والوزن:

يُفرَز الكورتيزول "هرمون التوتر" في حالات الضغط العصبي، مما يجعل الجسم في حالة تأهُّب واستعداد للخطر، فإمَّا أن يهرب من الخطر، فتجد الإنسان في حالة هروب من الواقع وميل شديد إلى النوم ومعاناة حقيقية من الكسل طوال الوقت، أو أنَّه يواجه الخطر فتجده في حالة قلق دائم وتوتر وعصبية مبالغ فيها.

يترافق ارتفاع الأدرينالين مع الكورتيزول؛ الأمر الذي يضع الجسم في حالة من الاستنفار؛ حيث تزداد ضربات القلب، وتتوسع الرئتان لكي تُدخِل كمية أكبر من الأوكسجين، ويُضَخ الدم بشدة في اليدين والقدمين استعداداً للمواجهة، ممَّا يقلل من ضخ الدم إلى العضلات غير المستخدمة كالجهاز الهضمي، ومن هنا تنتج مشكلات الجهاز الهضمي، ويبدأ المريض بالمعاناة من سوء الهضم، واضطرابات الكولون العصبي، فتخف شهية الإنسان ويميل إلى التخفيف من الأكل، وقد يصاب بالنحافة الشديدة.

من جهة أخرى، عندما تقل نسبة الأدرينالين في الجسم، ويبقى الكورتيزول في حدوده العليا؛ يميل الدماغ إلى اختراع طرائق للتقليل من حجم التوتر، فتزداد رغبة الإنسان في تناول السكريات، الأمر الذي يساعد على زيادة نسبة هرمون السيروتونين في الجسم الذي يؤدي إلى اختبار مشاعر السعادة والإيجابية ومن ثمَّ التخفيف من القلق والتوتر، ولكن بزيادة تناول السكريات يزداد وزن الإنسان، الأمر الذي يُدخِله في حالة نفسية قاسية من مشاعر تأنيب الضمير وعدم الرضا عن الذات.

يؤدي التعرض المتكرر للتوتر إلى مشكلات في جهاز المناعة، والجلطات القلبية، والتهاب الأسنان، والمفاصل، واضطرابات النوم والأكل، والسمنة، وضغط الدم والسكري.

يساعد هرمون الكورتيزول على تراكم الدهون حول الخصر ويعزز قدرة الخلايا الدهنية على تخزين الدهون، وأثبتت الدراسات أنَّ الناس الذين يعانون من السمنة استناداً إلى مؤشر كتلة الجسم أو محيط الخصر؛ يعانون من مستويات كورتيزول مرتفعة في الشعر.

شاهد بالفديو: 6 نصائح علميّة للتخلص من الضغط النفسي

ما هو العلاج؟

لا يكمن الحل في الواقع في النظام الغذائي؛ بل يكمن في طريقة إدارتك للضغوط؛ لذا عليك أن تعلم أنَّ الحياة مليئة بالتحديات والضغوطات فأنت لا تستطيع إيقاف الضغوطات ولكن في إمكانك تعلُّم كيفية إدارتها.

1. الاسترخاء:

عليك أن تتعلم كيف تسترخي، فلا يوجد شيء يستحق شد العضلات والتوتر الزائد، واعلم أنَّ صحتك أهم كنز من كنوزك؛ لذلك تعلَّم بداية التنفس السليم، الذي يؤدي إلى إرخاء جميع عضلات الجسم، كأن تأخذ شهيقاً من الأنف بحيث يمتلئ البطن كاملاً ومن ثم احتفظ به، وبعد ذلك أخرجه على شكل دفعات من خلال الفم؛ حيث تساعد تقنية التنفس الاسترخائي على الهدوء والراحة ومن ثمَّ التفكير المتوازن والعقلاني.

2. التسليم:

تعلَّم مهارة التسليم، ولا تقلق من أجل أمور لا تملك أدنى سيطرة عليها؛ بل وجِّه تركيزك على ما يقع ضمن دائرة تأثيرك، وتقبَّل كل الأمور الخارجة عن إرادتك، مثل وفاة الأب، الأخ، المرض الخطير، واعلم أنَّ كل تجربة سلبية تحمل في طياتها جانباً إيجابياً وحكمة وغاية، ولكن عليك الصبر لكي تصل إليها.

تأمَّل في خلق الله، في الجمال الكوني، في الياسمين، في البحر، في السماء، في النباتات، هل من الممكن أنَّ صانع كل هذا الجمال والروعة يريد أن يعذِّبك ويظلمك؟ أم أنَّ هناك حكمة وهدف كبيرَين من وراء ذلك؟ سلِّم بمشيئة الله، فهو القوة الأكثر رحمة والأكثر ثقة على احتواء ضعفك وفرحك وكل ما يخصك.

3. السعادة في الطريق:

لا تربط سعادتك بالنتيجة النهائية، ولا تتعلق بشدة بهدفك إلى درجة الهوس؛ بل استمتع بكل لحظة سعي تخطوها باتجاه هدفك، فالسعادة تكمن في الطريق، وفي الخطوات الصغيرة التي تقوم بها لتحقيق رسالتك، وليس بمجرد الوصول إلى القمة.

4. القيادة:

اعلم أنَّك أقوى من الظروف، وأنَّ الظروف ما هي إلَّا تفسير خلقته أنت بذاتك، فقد تعدُّ وفاة والدك بمنزلة دافع لك لكي تصبح إنساناً مسؤولاً وصاحب رسالة، في حين يُعدُّ شخص آخر وفاة والده بمنزلة طعن بالشخصية ودمار نفسي سيعيشه بقية حياته، إذاً، أفكارك هي مَن تحدد حياتك وسلوكاتك.

5. الرياضة:

تَحرَّك ولا تبقَ أسير أفكارك ومخاوفك، مارِس الرياضة، فبمجرد تغيير حالتك الجسمانية، تتغير حالتك الشعورية والنفسية؛ لذا جرِّب أن تنهض الآن وتتمدد وتُحرِّك رأسك إلى أعلى وجسدك يمنة ويسرى، وجرِّب أن تمشي أو تركض قليلاً، أو حتَّى أن تُحرِّك حبالك الصوتية وتصرخ، ومن ثمَّ استشعر حالتك النفسية، ستلمس الفرق لا محالة فيها.

6. الراحة:

لا تعتقد أنَّ العمل لساعات طويلة من دون أخذ أي قسط من الراحة؛ مفيد لجملتك العصبية ويجعلك منتجاً وأكثر فاعلية؛ عليك بالراحة لمدة عشر دقائق كل ساعة عمل من أجل إنتاجية أعلى ونتائج أفضل.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح للوصول إلى حالة الراحة والسلام الداخلي

7. التفسير:

فسِّر التجارب التي اختبرتها تفسيراً إيجابياً، كأن تقول: "لعلَّ خسارتي لوظيفتي هي أفضل احتمال لي في فترة من فترات حياتي؛ وذلك لأنَّني عملت بعد هذه التجربة القاسية على تطوير مهاراتي وقدراتي وحصلت على مركز وظيفي أفضل بكثير".

8. إلغاء التوقعات:

لا تتوقع من الحياة أن تكون وردية، ولا تتوقع امتلاك الأشخاص لقيمك وتوجهاتك ذاتها في الحياة؛ بل تقبَّل اختلاف الآخر عنك، ولا تبني سعادتك وقيمتك على ردة فعل الآخر عنك؛ بل تصرَّف وفقاً لقيمك ولما يرضي الله بغض النظر عن مدى إعجاب الآخرين بذلك، وتقبَّل أنَّ الحياة مجموعة من التجارب السلبية والإيجابية والتي تؤلِّف بمجموعها خبرتك ومهاراتك وتجاربك وشخصيتك.

الخلاصة:

لا تجعل من جسدك ورقة خاسرة في يدك، ومكباً لرمي كل مخلفات روحك التعبة؛ بل واجه ضغطك النفسي بوعي وجرأة، ولا تُدخِل جسدك في المعادلة.

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة