الصداع النصفي المزمن: الأعراض والأسباب والعلاج

"ستشعر أنَّ الأصوات صاخبة، والأضواء ساطعة، والألم ينبض في رأسك، وقد تشعر كما لو أنَّ جمجمتك بحدِّ ذاتها تنكمش"؛ هكذا يصف بعض مرضى الصداع النصفي حالتهم، والتي قد تُجبرهم أحياناً على قضاء يوم كامل في غرفة باردةٍ ومظلمة.



إن كانت هجمة واحدة من هذا الصداع بهذا السوء، تخيل أن تعاني من هجماتٍ عديدة في الشهر الواحد، ويختلف الصداع النصفي المزمن عن الصداع النصفي النموذجي جزئياً في عدد مرات حدوثه، إضافةً إلى أنَّ معظم المصابين بالمرض المزمن يعانون بقية الشهر من أنواع الصداع الأخرى غير المرتبطة بالصداع النصفي.

عندما تسأل أحد المرضى عن عدد النوبات التي يعاني منها في شهر واحد، فإنَّ الجواب الأشيع هو نوبتين في الأسبوع؛ أي ثمانيةٌ في الشهر، لكن إذا سألته عمَّا إذا كان مرتاحاً من الصداع في الأيام الـ 22 الأخرى من الشهر، فإنَّه يسارع إلى تصحيح جوابه؛ فهو يُعاني من الصداع النصفي ثمانية أيام في الشهر، ولكنَّه يعاني من أنماطٍ أخرى من الصداع كلَّ يومٍ تقريباً.

يُعرَّف مريض الصداع النصفي المزمن حسب التصنيف الدولي لاضطرابات الصداع أنَّه مريض يعاني من الصداع أكثر من 15 يوماً في الشهر، ثمانية أيام منها أو أكثر لها السمات المميزة للصداع النصفي.

أعراض الصداع النصفي المزمن:

وفقاً لمؤسسة الصداع النصفي الأمريكية (American Migraine Foundation)، تشمل أعراض الصداع النصفي النموذجي ما يأتي:

  1. ألم يتراوح في الشدة من متوسط إلى شديد في جانب واحد من الرأس على الرَّغم من أنَّه يحدث في الجانبين كليهما أحياناً.
  2. ألم خافق أو نابض.
  3. حساسية تجاه الضوء.
  4. حساسية تجاه الصوت.
  5. حساسية تجاه الرائحة.
  6. حساسية تجاه اللمس.
  7. غثيان وإقياء.
  8. دوخة.
  9. ألمٌ يزداد سوءاً مع ممارسة الرياضة.

لكن كما ذُكر آنفاً، فإنَّ المريض المزمن يعاني من أنماط، وأشكالٍ أخرى من الصداع طيلة أيام الشهر، وتشمل الأعراض عامة وفقاً لعيادة كليفلاند (Cleveland) ما يأتي:

  1. ألم مستمر خفيف إلى متوسط، غير نابض.
  2. ألم في جانبي الرأس.
  3. يتراجع الألم مع تناول مسكنات الألم البسيطة التي لا تحتاج إلى وصفةٍ طبية.

Chronic migraines

أسباب الصداع النصفي المزمن:

تؤدِّي العوامل الوراثية دوراً كبيراً في احتمالية إصابتك بالصداع النصفي، فإذا كان أحد أفراد الأسرة يعاني منه ستزداد فرصة إصابتك كثيراً.

الصداع النصفي أشيع عند النساء، ويميل إلى الظهور في مرحلة البلوغ، وعلى الرَّغم من أنَّه قد يبدأ في أيِّ عمر، ولكنَّه عادةً ما يصبح أسوأ في الثلاثينيات من العمر، ويبدأ في التراجع مع مرور الوقت وفقاً لمركز مايو كلينك (Mayo Clinic) الطبي.

إنَّ الآلية الإمراضية الدقيقة للصداع النصفي ليست واضحةً تماماً، فقد يكون على علاقة مع التغيرات في جذع الدماغ، أو ربما اختلال التوازن في النواقل الكيميائية في الدماغ.

تشمل عوامل الخطر التي تزيد من احتمالية الإصابة بالصداع النصفي المزمن السمنة، والإفراط في تناول الأدوية، والربو، وعادات النوم السيئة؛ لذا يجب أن يُفتش الطبيب في الحالات المرضية التي تعاني منها؛ لأنَّ علاج الأمراض الأخرى قد يُساعد على تقليل تواتر الهجمات.

تشمل العوامل الأشيع التي تُحفز النوبات تغيُّر عادات النوم، ولا سيما عدم الحصول على نوم كافٍ، والتغيير في عادات الطعام وكميته، والزيادة الكبيرة في النشاط البدني بالنسبة لنشاطك الاعتيادي.

تشمل المحفزات الأخرى التغيرات الهرمونية - خاصةً تلك المتعلقة بالدورة الشهرية - والإسراف في شرب الكحول أو الكافيين، والأضواء الساطعة، والروائح القوية، والأصوات العالية، إلى جانب بعض الأطعمة.

لكنَّ المشكلة في هذه المحفزات هي أنَّها تتداخل مع بعضها بعضاً، ممَّا يجعل تحديد المُحفِّز بدقةٍ أمراً صعباً، فعلى سبيل المثال: قد يصاب المريض بالصداع النصفي بعد تناول طعام ما، ولكنَّه أيضاً قضى يوماً مرهقاً، ولم ينم نوماً كافياً، ثم تناول ذلك الطعام؛ فالصداع في هذه الحالة لم ينجم عن الطعام فقط.

إنَّ الضبط الفعَّال للصداع النصفي قد يجعل محفزاتك أقل تأثيراً؛ إذ يميل الناس إلى أن تكون لديهم محفزات أكثر، ويكونون أكثر عرضة لتأثير هذه المُحفِّزات عندما لا يضبطون الصداع ضبطاً جيداً؛ لذا عليك أن تتجنب كلَّ المُحفِّزات التي تعتقد أنَّها تُصيبك بالصداع، وذلك ريثما تجد نظاماً يناسبك.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح هامة لتتمتع بأسلوب حياة صحية

تشخيص الصداع النصفي المزمن:

لا يحتاج التشخيص عادةً إلى وسائل تصوير طبية؛ لأنَّ معظم المرضى يُشخصون اعتماداً على تاريخهم المرضي، وبقدر ما تُزود الطبيب بمعلومات عن حالتك وتجربتك بقدر ما يستطيع وضع التشخيص الدقيق، وقد يكون من المفيد تدوين ملاحظات عن كلِّ يوم تعاني فيه من الصداع النصفي قبل زيارتك للطبيب، وهذا التدوين هام؛ لأنَّ تشخيص الصداع النصفي المزمن يعتمد أساساً على عدد الأيام التي تعاني فيها من الصداع، وليس على مدى تأثير الحالة في حياتك.

قد يُجري طبيبك فحصاً جسدياً أيضاً للتحقق من نطاق الحركة في رقبتك، وجسِّ مؤخرة الرأس، وحول صدغيك، وعينيك للتحقق من أعصاب معينة، فقد تؤثِّر نتائج الفحص كثيراً في العلاج المناسب للمريض.

إذا كنت تعاني من صداع متكرر، فقد يرغب طبيبك في استبعاد الأسباب المحتملة الأخرى، مثل: حالة مرضيةٍ كامنة أو نوع مختلف من الصداع.

إقرأ أيضاً: الصداع العنقودي: أسبابه، وأعراضه، وطرق علاجه

علاج الصداع النصفي:

تنقسم علاجات الصداع النصفي المزمن إلى فئتين: الأدوية الوقائية التي تساعد على تقليل عدد نوبات الصداع النصفي كلَّ شهر، والأدوية العلاجية التي تستخدمها عند بدء النوبة، وعادةً ما يصف الطبيب للمريض النوعين كليهما.

لكن من الهام أن تعرف متى تأخذها، فمن المفترض أن تستخدم الأدوية العلاجية عند ظهور أولى علامات الصداع النصفي؛ أي بمجرد أن تشعر بأيِّ ألم، وتشمل الأدوية العلاجية الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية، مثل: الإيبوبروفين (Ibuprofene) أو الأسبرين (Aspirin)، والأدوية الخاصة بالصداع النصفي التي تُسمى مركبات التريبتان، مثل: سوماتريبتان (Sumatriptan) وريزاتريبتان (Rizatriptan).

تشمل الأدوية الوقائية الأدوية الفموية الشائعة، مثل: حاصرات بيتا، ومضادات الاكتئاب، ومضادات الصرع، وقد تشمل الحقن العضلية أيضاً، مثل: البوتوكس، ومثبطات الببتيد المرتبط بجين الكالسيتونين (CGRP).

توجد فئة أحدث أيضاً، وهي: مثبطات البيتيد المرتبط بجين الكالسيتونين (CGRP) على شكل حبوب، والتي تحمل تأثيرات علاجية، ووقائية في الوقت ذاته، وتشمل هذه الفئة ريميجيبانت (Rimegepant) وأوبروجيبانت (Ubrogepant)، وقد أحدثت ضجةً كبيرةً في الوقت الحالي؛ لأنَّها حظيت بشعبية مشاهير عديدين؛ إذ تعمل هذه الأدوية عملاً أساسياً على إيقاف الالتهاب الذي يؤدي إلى الصداع النصفي.

يمكنك أيضاً تناول أدوية أخرى تساعد على تخفيف الآثار الجانبية للصداع النصفي، مثل: الأوندانسيترون  (ondansetron) الذي يُخفف الغثيان.

إقرأ أيضاً: معلومات شاملة عن حالات صداع الرأس وطرق علاجها

في الختام:

النقطة الهامة هي أنَّك يجب أن تستشير طبيبك إذا كانت نوباتك تزداد بدلاً من أن تنقص؛ لأنَّك عندها تتجه إلى مزيد من المتاعب، وقد يُصبح الصداع مُعيقاً بشدة لحياتك اليومية.

المصدر




مقالات مرتبطة