السعال الجاف: أسبابه وأعراضه وعلاجه
السعال هو من تقنيات الجسم الدفاعية؛ وهو فعل انعكاسي يحدث من أجل تنظيف الممرات التنفسية وتخليصها من المواد التي تتسبب في تهيجها كالمفرزات المخاطية، أو المواد العالقة بها كالغبار، وينقسم السعال إلى نوعين: سعال متصاحب بإنتاج القشع أو البلغم، والسعال الجاف؛ ولقد خصصنا هذا المقال للحديث عن السعال الجاف وأسبابه وأعراضه وطرائق علاجه.
السعال الجاف:
يمكن تعريف السعال الجاف أو الكحَّة بأنَّه نوع من أنواع السعال، ويتميز بكونه غير مصحوب بإفرازات مخاطية، ويكون في أغلب الأحيان ناتجاً عن حالة التهابية في الجهاز التنفسي والمجاري الهوائية، أو قد يكون ناتجاً عن استنشاق شيء مزعج للمجاري التنفسية كالغبار والدخان.
ومن أسبابه أيضاً تعرُّض الجسم إلى الحساسية، والإصابة بأنواع من الفيروسات تسبب الالتهابات التنفسية، وتكمن خطورة السعال الجاف في كونه يشكِّل تهديداً على حياة بعض الأشخاص؛ وذلك لأنَّ تطوره في بعض الحالات يسبب مضاعفات خطيرة مثل سرطان الرئة، وقد تودي بحياة الشخص المصاب.
يحدث السعال الجاف نتيجةً لأسباب كثيرة، وتكمن خطورته في قدرته على إحداث تغييرات سلبية في حياة الشخص المصاب به، وخاصةً إذا ما حدث على هيئة نوبات سعال ليلية شديدة.
ولعل أبرز أسباب السعال الجاف هي ما يأتي:
1. الربو القصبي:
يسبب الربو القصبي للمصابين نوبات من السعال، وقد يكون هذا السعال رطباً وحاوياً على البلغم في بعض الأحيان وقد يكون جافاً، ولكنَّ السعال الجاف هو الأكثر شيوعاً بين مرضى الربو.
2. الاسترجاع المريئي (GERD):
يُعَدُّ الاسترجاع المريئي من أسباب السعال الجاف؛ لأنَّه عند الإصابة به يتحفز منعكس السعال بسبب تخريش حامض المعدة للمريء.
3. التنقيط خلف الأنف:
يُعَدُّ التنقيط خلف الأنف من أسباب السعال الجاف، ويمكن تفسير ذلك بأنَّ الحساسية الموسمية ونزلات البرد تسببان سيلان المواد المخاطية؛ وهذا يُسهِّل نزولها من الأنف إلى البلعوم؛ ويؤدي هذا بدوره إلى دغدغة الأعصاب الموجودة في مؤخرة البلعوم محرِّضة بذلك منعكس السعال.
وينصحُ المتخصصون في هذه الحالات باستخدام المحاليل الملحية التي من شأنها المساعدة على التخلُّص من المخاط الزائد، ومن ثم التقليل من مهيجات السعال الجاف.
4. العدوى الفيروسية:
تُعَدُّ بعض أنواع العدوى الفيروسية كتلك المسببة لنزلات البرد والرشح من أسباب السعال الجاف، وقد يستمر السعال الجاف الذي يتلوها مدة طويلة قد تصل إلى الشهرين؛ والسبب في ذلك هو تخريش هذه الفيروسات للممرات التنفسية.
يرى المتخصصون أنَّ هذا النوع من السعال يصعب علاجه بالطريقة التقليدية من أدوية السعال، فهو يحتاج إلى وقت وصبر وشرب الكثير من السوائل الدافئة من أجل الشفاء الكامل منه.
5. السعال الديكي:
يُعَدُّ السعال الديكي من أسباب السعال الجاف؛ وهو مرض معدٍ يتسبب في حدوث نوبات شديدة ومزعجة من السعال، ويُعَدُّ السعال الديكي من مسببات السعال الجاف غير الشائعة؛ وذلك لأنَّ الأطفال يتلقون لقاحاً يمنع الإصابة به في سن الطفولة، ولكنَّ المراهقين يمكن أن يصابوا به بعد انخفاض مناعة أجسامهم ضد هذا المرض.
6. سرطان الرئة:
يُعَدُّ سرطان الرئة من أسباب السعال الجاف، ويترافق مع سعال مستمر غير مستجيب للعلاج، ويترافق السعال بألم شديد وتتغير شدة السعال وصوته مع مرور الوقت.
7. العجز القلبي:
يُسبِّب العجز القلبي سعالاً جافاً ومستمراً، وفي أحيان قليلة يترافق السعال الجاف بقشع زهري اللون.
8. الرئة المنهارة (pneumothorax):
تُسبِّب الرئة المنهارة حدوث السعال الجاف، وتُصاب الرئة بالانهيار نتيجة تفريغها تلقائياً من الهواء أو تعرُّضها إلى صدمة خارجية.
9. المواد المخرِّشة:
يُعَدُّ وجود المواد المخرِّشة في الهواء من أسباب حدوث السعال الجاف، وتندرج الغازات المنبعثة من المصانع وعوادم السيارات والغازات الكيميائية مثل ثاني أوكسيد الكبريت وأوكسيد النيتروجين تحت راية المواد المخرِّشة، ويضاف إليها دخان السجائر والأتربة الموجودة في الهواء.
شاهد بالفيديو: أهم النصائح للوقاية من السعال والكحّة في الشتاء
10. حاصرات مغير أنزيم الأنجيوتنسين (ACE inhibitors):
هي الأدوية المُستخدَمة في علاج ارتفاع الضغط الشرياني للدم والقصور القلبي، وتُعَدُّ هذه الحاصرات من أسباب حدوث السعال الجاف، ونذكر منها الاينالابريل والكابوتين.
أعراض السعال الجاف:
إنَّ أبرز أعراض السعال الجاف هي عدم خروج بلغم أو قشع من المجاري التنفسية بعد عملية السعال، ويترافق السعال الجاف أحياناً بالأعراض الآتية:
- تعب وإرهاق.
- سيلان الأنف واحتقانه.
- احتقان البلعوم.
- تورُّم الغدد اللمفاوية الذي يسبب تورماً في الحلق.
- صفير الصدر.
- غثيان وتقيؤ.
- نزيف اللثة.
- أعراض مشابهة لأعراض الإنفلونزا.
أنواع السعال الجاف:
أنواع السعال الجاف هي التصنيفات التي يُقسَّم عبرها السعال الجاف إلى فئات؛ ويتم ذلك وفقاً للأعراض المرافقة له والصوت الذي يصدر عنه، وعليه فإنَّ أنواع السعال الجاف هي ثلاثة:
1. السعال الجاف العادي:
هو من أنواع السعال الجاف المرتبط بوجود إصابة بعدوى فيروسية في الأنف أو الحلق، ويشعر المريض المصاب بالسعال الجاف العادي كأنَّ شيئاً عالقاً في حلقه يحرِّض سعاله.
2. السعال النباحي:
يُعَدُّ السعال النباحي من أنواع السعال الجاف، ويكون مقترناً عادة بتورُّم الحنجرة أو إصابة الإنسان بالتهاب الحنجرة، ويشعر المريض في هذه الحالة بأنَّه يواجه صعوبة في التنفس في أثناء سعاله، إضافة إلى ألم في الحلق.
3. السعال الديكي:
يُعَدُّ السعال الديكي أيضاً من أنواع السعال الجاف؛ وهو نوع خاص من السعال تسببه بكتيريا، ويسبب السعال الديكي للمريض نوبات سعال طويلة ومتواصلة متبوعة بشهيق يشبه صياح الديك؛ وهذا يشرح سبب تسميته.
علاج السعال الجاف:
- إنَّ علاج السعال الجاف يكون عن طريق علاج المسبب له، وفيما يأتي توضيح لذلك:
- إذا كان السعال الجاف نتيجة حساسية معيَّنة، فإنَّ العلاج يكون عن طريق أدوية مضادة للحساسية، ويجب أخذ الاستشارة الطبية في ذلك بكل تأكيد.
- إذا كان السعال الجاف عارضاً جانبياً لنوع دوائي معيَّن، فيكون العلاج بوصفة طبية تحتوي على بديل للدواء لا يسبب هذا العرض الجانبي.
- إذا كان السعال الجاف بسبب إصابة بعدوى فيروسية، فإنَّ العلاج يكون عن طريق رعاية المريض وأخذ قسط من الراحة، مع المداومة على شرب السوائل الدافئة.
- إذا كان السعال الجاف نتيجة إصابة الإنسان بالفشل القلبي أو سرطان الرئة، فإنَّ العلاج يكون عن طريق معالجة هذه الأمراض.
- إذا كان السعال الجاف نتيجة تخريش لمجاري التنفس دون وجود حالات مزمنة أو أسباب مرضية، فإنَّ العلاج يكون بأدوية يصفها الطبيب مثل ديكستروميثورفان.
ويمكن علاج السعال الجاف بطرائق أخرى نذكر منها:
1. العلاج بالمناعة الذاتية:
إذ يُتَّبع هذا النظام من أجل تعزيز مناعة الجسم بهدف مقاومة السعال الجاف وتجنُّب اللجوء إلى الأدوية، ونأخذ مثالاً على ذلك عند التعرُّض إلى البرد فإنَّ دفاع الجسم يزداد، ومن ثم فإنَّ مناعته تزداد أيضاً.
أمَّا إذا لجأ الإنسان إلى تناول الأدوية الكيميائية المضادة للسعال الجاف، فإنَّ هذا السلوك يؤدي إلى إضعاف مناعة الجسم ضد السعال الجاف، واعتماد مقاومة الجسم للسعال الجاف على الأدوية فقط؛ لذا فإنَّ المتخصصين ينصحون بتأجيل تناول الأدوية المضادة للسعال الجاف مدة تتراوح بين 8-10 أيام من ظهوره، ويُسمح بتناوله في الحالات الاضطرارية ليلاً، فإذا استمر السعال الجاف لأكثر من نصف شهر، لا بدَّ للمريض في هذه الحالة من مراجعة الطبيب المختص لمنع تفاقُم الحالة.
2. علاج السعال الجاف المنزلي:
يمكن علاج السعال الجاف منزلياً عن طريق شرب كميات وافرة من المشروبات الساخنة والمياه الدافئة، واستهلاك العسل الممزوج بالماء الدافئ والليمون ثلاث مرات في اليوم، كما تُعَدُّ الغرغرة بالماء والملح أو ماء السبانخ من أهم خطوات علاج السعال المنزلي وتخفيف حدته.
ومن الوصفات المفيدة أيضاً مشروب الماء الدافئ بالزنجبيل المحلَّى بالعسل، ومشروب الحليب الدافئ بالعسل الذي يُنصَح باستهلاكه قبل النوم، ومشروب الماء الدافئ والكركم مع العسل.
3. العلاج بجلسات البخار:
يمكن استخدام جلسات البخار لعلاج السعال الجاف عن طريق استنشاق المريض لبخار ساخن يساعد على التخفيف من حدَّة السعال وهيجانه، ويمكن تلقِّي هذا النوع من العلاج في المراكز الطبية، أو في المنزل عن طريق شراء جهاز البخار من الصيدلية.
4. استخدام الأعشاب لعلاج السعال الجاف:
يساعد استهلاك بعض المنتجات الطبيعية العشبية على علاج السعال الجاف وتخفيف حدَّته، ونذكر من هذه الأعشاب:
- العرقسوس الذي يعمل على تخفيف الاحتقان وتخفيف التهيُّج في الحلق ومجرى التنفس.
- الزنجبيل الذي يمكن استهلاكه مجففاً على شكل بودرة أو مضغاً بعد تقطيعه طازجاً، ولكنَّ طعمه حار؛ لذا يمكن استهلاكه مع العسل لتخفيف طعمه اللاذع.
- الزعتر الذي تكمن فائدته عن طريق تخفيف الاحتقان في الحلق، ويمكن تناوله بعد غليه بالماء ويُضاف العسل إليه للتحلية.
- الثوم الذي يضاف إلى الماء في أثناء غليانه، ويُضاف العسل إليه بعد أن يبرد المنقوع، وتكمن أهمية الثوم كعلاج منزلي للسعال الجاف بسبب احتوائه على عنصر الأليسين (Allicin).
متى يصبح السعال الجاف خطراً؟
توجد بعض الحالات التي تؤكد أنَّ السعال الجاف أصبح أمراً خطراً لا يمكن السكوت عنه، وفي هذه الحالة يجب مراجعة الطبيب فوراً، ونذكر من بين هذه الحالات:
- حدوث ضيق في التنفس.
- ترافق السعال بمخاط أو دم يخرج من الفم.
- ارتفاع الحرارة.
- الصداع.
- استمرار السعال الجاف أكثر من 10 أيام ومرافقة الألم له.
- الطفح الجلدي.
- التهاب الأذن.
- فقدان الوزن.
- ارتفاع ضغط الدم.
- آلام العضلات.
- الربو.
- مشكلات القلب.
- الحمل والإرضاع.
- الأطفال دون سن الخامسة.
في الختام:
إنَّ السعال الجاف هو واحد من أمراض جهاز التنفس؛ ويُسمَّى جافاً لأنَّه غير مترافق مع خروج القشع والمفرزات المخاطية، ويكون ناتجاً عن تخرشات المجاري التنفسية عقب الهجمات الفيروسية، أو الحساسية أو الربو وأسباب أخرى ذكرناها، ويُنصَح بالتمهُّل قبل البدء بعلاج السعال الجاف الدوائي مدة 10 أيام؛ وذلك ليستطيع الجسم الدفاع عن نفسه وتقوية مناعته الطبيعية.