السبب في كون الناس غير سعيدين في العلاقات

إنَّ السبب الذي يجعل الناس غير سعيدين في علاقاتهم هو أنَّنا لم نُهيَّأ أبداً لنكون سعيدين في العلاقات؛ فقد تطور الجنس البشري تدريجياً، مثل كلِّ أشكال الحياة من أجل البقاء والاستمرار، وليس من أجل البحث عن الرضى، والسعادة في العلاقات الرومانسية؛ لذلك، فإنَّ كثيراً من عدم الرضى هو نتيجة الرغبات التي يعتقد الناس أنَّها ستجعلهم سعيدين، ولكنَّها في الواقع تفعل خلاف ذلك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون سكوت إتش يونغ (Scott H Young)، ويُخبرنا فيه عن تجربته في تحكيم العقل والقلب لإيجاد السعادة في العلاقات.

على سبيل المثال، العلاقات، لكنَّ عدم الترابط بين رغباتنا وبين ما يرضينا موجود في كلِّ مجال في الحياة؛ فقد ارتبط الناس برغباتهم الشديدة في تناول الأطعمة التي تحتوي على كثير من السكريات والدهون، الأمر الذي لم نعتد عليه سابقاً، لكن اليوم هذه الرغبات نفسها انقلبت ضدهم، فتناول كميات كبيرة من السعرات الحرارية يؤدي إلى السمنة المفرطة.

توجد فكرةً شائعة في تحديد الأهداف، وهي أنَّه عليك السعي جاهداً إلى تحقيق كلِّ ما تريد؛ إذ لا شك بأنَّ هذا السعي نحو الهدف، يبعث في نفسك الحماسة، ويخفف من شعور التشاؤم واللامبالاة.

ومع ذلك، ماذا يحدث عندما تكون الأشياء التي ترغب فيها بشدة هي الأشياء نفسها التي تسبب لك الأذى؟ عندما لا تتماشى رغباتك مع ما يوفِّر لك سعادة حقيقية، يكون ذلك إمَّا لأنَّ رغباتك كانت مُعدَّة لأمورٍ أسهل مثل الرغبة في تناول الحلويات، أو لأنَّها لم تكن مُعدَّة أصلاً لجعلك أكثر سعادة في المقام الأول، كأن تكون في علاقة غير مُرضية.

تقييم رغباتك:

إذا كنت لا تحدِّد أهدافك ولا تتابعها بنشاط، فأنت ما زلت في المربع الأول، لكن أعتقد أنَّ معظم الأشخاص الذين يقرؤون هذا المقال لديهم بعض الاهتمامات بشأن تحسين الذات، واقتراح تحديد الأهداف لن يؤدي إلى تغيير كبير في حياتهم.

لكن إذا كنت قد تجاوزت مرحلة تحديد الأهداف، فيجب أن يكون المربع الثاني أو المرحلة الثانية هي مرحلة تقييم رغباتك؛ هل سترضيك رغباتك التي تسعى إليها؟ أو أنَّها ستتركك فارغاً كما كنت من قبل؟

إقرأ أيضاً: 7 معتقدات يمكن أن تضر بالعلاقات العاطفية

تحديد هدف بسيط:

أعتقد أنَّ النهج البسيط لتحديد الأهداف هو السعي خلف ما تريد؛ وهو بسيط لأنَّه يفترض أنَّ ما ترغب فيه وما يرضيك هما الشيئان ذاته في حال تحقيقه، وربما يتوافقان في بعض الأحيان، لكن في مراتٍ عديدة ليسا كذلك.

يقدم الكاتب الأمريكي دانيال جيلبرت (Daniel Gilbert) في كتابه "التعرف إلى السعادة" (Stumbling on Happiness) عشرات الدراسات التي تثبت أنَّ الناس سيئون إلى حدٍّ ما في تحديد ما يجعلهم سعداء؛ إذ إنَّنا لسنا عقلانيين تماماً، والسعي الأعمى وراء ما تريد هو وسيلة سيئة للوصول إلى الرضى.

أعتقد أنَّ الناس بحاجة إلى نهج أكثر تعقيداً لتحديد الأهداف، يبدأ بما يريدون لكنَّه يتجاوز ذلك؛ فتحديد الأهداف المتعمد يقيِّم أيضاً رغباتك ذاتها، ويقرر ما إذا كانت تستحق السعي أو إذا كانت مناسبة، فاكتشف إلى أيِّ مدى تستحق السعي.

شاهد بالفيديو: 10 طرق لتقوية العلاقات المتعثرة

اتباع العاطفة:

ثمة مجالاتٌ واضحة في الحياة؛ إذ يتحكم الناس فيها برغباتهم؛ فعندما يتبع شخص ما نظاماً غذائياً أو يتجنب الضحك في أثناء مناقشة جادة، فهذه أمثلة واضحة، لكن على الرَّغم من وجود بعض المجالات التي يعبِّر فيها الناس عن ضبط النفس، إلا أنَّ ثمة مجالاتٍ أخرى أيضاً يرى فيها المجتمع أنَّه من الجيد التوقف عن التفكير.

في أجزاء كثيرة من الحياة، وخاصة العلاقات، فإنَّ اتباع رغباتك حتى عندما لا تكون منطقية ليس فقط لا يُردع؛ بل على خلاف ذلك يلقي الترحيب والاستحسان أيضاً؛ إذ يمجد كلُّ فيلم رومانسي البطلة التي تتبع قلبها وينتهي بها الأمر مع أميرٍ ساحر، لكن في كلِّ فيلم نهاية، فمعظم النساء يتمسكن بشريكٍ مسيء لأنَّهن يحببنه ويرغبن في أن يتغير.

بالمثل، فإنَّ كلَّ قصة لرجل أعمال ناجح، أو ممثل، أو رياضي تشجع الناس على متابعة أحلامهم، لكن مع كلِّ قصة نجاح، توجد عدة حالات لأشخاص فقدوا سعادتهم مع الحفاظ على شغفهم بوصفه هواية في أثناء عملهم في مهنة يمكن أن يكونوا الأفضل فيها بالفعل، فمقابل كلِّ نجم سينمائي ساحر، كم عدد الأشخاص الذين يعملون في وظائف عادية وبالكاد ينجحون؟

أظنُّ أنَّني سأتلقى كثيراً من التعليقات الغاضبة من القرَّاء الذين يتمسكون بـ "اتباع العاطفة"؛ حتى الإشارة إلى أنَّها غير صحيحة هي علامة على أنَّك ساخر لا مبالٍ فقد الشغف مدى الحياة.

أنا لا أوافق على ذلك، وأعتقد أنَّه كلَّما اتبعت قلبك يجب أن تتبع عقلك أيضاً؛ إذ لا يوجد سبب يمنعك من متابعة ما تريد، ولكنَّك تحتاج إلى تقييم ما تريده بعناية حتى لا ينتهي بك الأمر إلى طريق مسدود.

إقرأ أيضاً: الذكاء العاطفي بين الزوجين وخطوات الوصول إلى علاقة زوجية ذكية عاطفياً

اتباع العقل:

بدلاً من اتباع قلبك، أعتقد أنَّه عليك أيضاً اتباع عقلك؛ لذا قيِّم رغباتك بعناية حتى تتمكن من الحصول على ما تريد، وتأكد من أنَّ سعيك بعد ذلك لن يدمرك في النهاية.

فالسعي إلى إيجاد الرجل أو المرأة المثاليين سيؤدي إلى التعاسة في العلاقة؛ وغالباً ما يشجع على السعي خلف أشخاص أكثر جاذبية أو إثارة جسدياً، والذين هم ليسوا بالضرورة مهتمين بك، أو حتى عندما يكونون كذلك، فربما هم ليسوا أفضل الشركاء.

إنَّ اتباع العقل يعني إعادة تحديد ما هو مثالي بالنسبة إليك، فبدلاً من مطاردة الشخص الخالي من تلك العيوب المحددة في قائمتك، ابحث عن شخص جذاب ومثير للاهتمام، ومن الممكن أن يحبَّك.

إنَّ السعي وراء مهنة مثالية سيؤدي إلى التعاسة المهنية؛ فغالباً ما يشجع الناس على السعي الحثيث إلى العمل في المجالات التنافسية؛ إذ تكون فرص النجاح فيها منخفضة إلى مستحيلة، وإنَّ اتباع عقلك يعني إعادة تحديد مهنة مثالية بالنسبة إليك، أو شيء تستمتع به ويمكن أن تبدع فيه إبداعاً استثنائياً؛ إذ يمكنك تحديد شروط حياتك.

فمثلما يؤدي تناول كميات كبيرة من الشوكولاتة والبرجر إلى زيادة الدهون والشعور بالمرض، فإنَّ السعي وراء كلِّ رغبة لا يعدُّ أفضل طريق للسعادة، ولا يكمن الحلُّ في أن تصبح بعيداً، ولا مبالياً عن كلِّ حلم تحلم به، لكن بدلاً من ذلك يجب أن تنظر إلى تلك الأحلام بعناية، وتركِّز في ألا تشتت انتباهك بصور كثيرة ملونة بينما يكون ما تريده حقاً قابعاً أمام عينيك.

في الختام:

إنَّ اتباع العقل يجعل حبكة الفيلم سيئة؛ لذلك لا أتوقع أن أرى اختفاء القصص المثالية في أيِّ وقت قريب، ولكنَّني أشعر أنَّ اتباع العقل هو في النهاية طريقة أكثر إرضاءً للعيش.

المصدر




مقالات مرتبطة