الزواج والذكاء العاطفي

يُعدُّ الذكاء العاطفي أمراً ضرورياً لإنجاح أي زواج؛ إذ يدرك الأشخاص الأذكياء عاطفياً عواطفهم وعواطف الآخرين ويعرفون كيف يديرونها بذكاءٍ وحكمة، فإذا كنت تريد أن تعرف مدى أهمية ذلك، فدعنا ننظر إلى الأمثلة أدناه ونفرِّق بينها بموضوعية.



المثال الأول:

إذا افترضنا أنَّ ثمَّة زوج يشعر بالإحباط نظراً لبعض الضغوطات في عمله وبعض المشكلات مع أحد زملائه، فيقرِّر التحدُّث عن الأمر إلى زوجته، التي وصلت لتوِّها من العمل أيضاً، فهكذا تدور المحادثة:

  • الزوج: أتعلمين ماذا حدث اليوم؟ لقد ذهب "جيرمي" إلى المدير وأفسد مشروعاً هامَّاً أعمل عليه، كان سيؤدي هذا المشروع إلى تعزيز كفاءة الشركة، تدفعني تصرُّفاته إلى الجنون، فهو لا يحترم أحداً.
  • الزوجة: كان يجب أن تتنبَّأ بذلك، ألا يمكنك مواجهته؟ الأمر بسيط، أرسِل له رسالة وأخبره أنَّك تريد التحدُّث إليه، ولا تؤجل الأمر، أعلم أنَّك متعَب، ولكن يجب أن تضع حدَّاً لهذا من البداية، ودعه يتحمَّل مسؤولية ما فعله؛ لأنَّك إن لم تفعل ذلك الآن، فسوف يزداد الأمر سوءاً، وما إلى ذلك.
  • الزوج: "صمت تام".

في هذا المثال، تفتقر الزوجة إلى الذكاء العاطفي؛ لذا دعنا نعيد صياغة الحديث:

  • الزوج: أتعلمين ماذا حدث اليوم؟ لقد ذهب "جيرمي" إلى المدير وأفسد مشروعاً هامَّاً أعمل عليه، كان سيؤدي هذا المشروع إلى تعزيز كفاءة الشركة، تدفعني تصرُّفاته إلى الجنون، فهو لا يحترم أحداً.
  • الزوجة: أحدث هذا مجدداً؟ يؤسفني أنَّك عايشت ذلك؛ فأنت مستاءٌ بالتأكيد.
  • الزوج: شكراً جزيلاً على تفهُّمكِ، أرغب أحياناً في مشاركة قلقي معكِ، وأسعد عندما أراكِ تصغين إليَّ، قد أحتاج إلى التحدُّث إليكِ لاحقاً بعد أن ينام الأطفال لأخذ نصيحتكِ.
إقرأ أيضاً: 6 قواعد أساسية لتعزيز الذكاء العاطفي

المثال الثاني:

لنفترض أنَّ هناك زوجة تعاني من أجل الاعتناء بطفليها، وتريد مشاركة إجهادها مع زوجها بعد عودته إلى المنزل، قد يدور الحديث بإحدى الطريقتين:

  • الزوجة: لقد عانيت اليوم مع الطفلين كثيراً؛ فقد تقيَّأ "جوني" حوالي 3 مرات بسبب فيروس في المعدة لا أعلم من أين أصابه، وكانت "جيسيكا" عنيدة للغاية اليوم، واستفزتني كثيراً؛ أشعر بإرهاقٍ شديد.
  • الزوج: لم أعد أحتمل الاستماع إلى شكواكِ يومياً فور عودتي إلى المنزل، يجب أن تكوني أكثر صلابة في التعامل مع الأطفال، فأنا أيضاً أعمل في وظيفة، لكنَّني لا أعود إلى المنزل بفيضٍ من الشكاوى، وما إلى ذلك.
  • الزوجة: "صمت تام، بكاء".

يفتقر الزوج في هذا المثال إلى الذكاء العاطفي بوضوح؛ لذا دعنا نعيد صياغة المثال:

  • الزوجة: لقد عانيت اليوم مع الطفلين كثيراً؛ فقد تقيَّأ "جوني" حوالي 3 مرات بسبب فيروس في المعدة لا أعلم من أين أصابه، وكانت "جيسيكا" عنيدة للغاية اليوم، واستفزتني كثيراً؛ أشعر بإرهاقٍ شديد.
  • الزوج: يا له من يوم صعب بالنسبةِ إليك، هل "جوني" بخير؟ يحزنني أنَّ "جيسيكا" أجهدتك اليوم، هل يمكنني مساعدتك في شيء؟
  • الزوجة: أنا سعيدة للغاية لأنَّك هنا، قد أحتاج بعض المساعدة فعلاً، شكراً لك.

شاهد بالفيديو: أسس الذكاء العاطفي بين الزوجين

ما هو الفرق؟

يكمُن الفرق في ثلاث كلمات بسيطة: الإصغاء والتفاهم والتعاطف؛ إذ تؤثر هذه السلوكات تأثيراً إيجابياً، بعيداً عن محاولة إصلاح المشكلة أو تغيير مشاعر شريكك، والفكرة هي أنَّ الذكاء العاطفي يتطلَّب القدرة على التواصل وتفهُّم شريكك في الوقت الحالي، خاصةً عندما يعبِّر عن عواطفه السلبية.

إقرأ أيضاً: الذكاء العاطفي بين الزوجين وخطوات الوصول إلى علاقة زوجية ذكية عاطفياً

إلامَ تشير الأبحاث؟

تشير الأبحاث إلى أنَّ الذكاء العاطفي (الوعي الذاتي والوعي بعواطف الآخرين) هامَّاً في مكان العمل، وهامَّاً للغاية في الزواج وبناء الحياة الأسرية، كما تشير إلى أنَّه بينما يحتاج كل من الأزواج والزوجات إلى تنمية الذكاء العاطفي، يبدو أنَّ حاجة الرجال إلى ذلك أكثر من زوجاتهم؛ إذ تشير الإحصاءات إلى أنَّ حوالي 35% من الرجال يتمتعون بالذكاء العاطفي، وقد ارتفعت هذه النسبة خلال العقود العديدة الماضية.

لا يقدِّم البحث سبباً مؤكداً لوجود الاختلاف، وما إذا كان ذلك يرتبط بالطبيعة أم التنشئة، ويتحدَّث "جون غوتمان" (John Gottman) في كتابه "المبادئ السبعة للزواج الناجح" (The Seven Principles for Making Marriage Work) عن الذكاء العاطفي والرجال، قائلاً:

"أعتقد أنَّ تمتُّع الزوج بالذكاء العاطفي هو الخطوة التالية في التطور الاجتماعي؛ ولا يعني هذا أنَّه أفضل من غيره من الناحية الشخصية أو التنشئة أو الأخلاق؛ بل يعني أنَّه اكتشف ببساطة شيئاً هامَّاً للغاية بشأن الزواج لم يكتشفه الآخرون حتى الآن، وهو كيفية إكرام زوجته وإظهار احترامه لها؛ إلا أنَّ الأنواع الأخرى من الأزواج والآباء مأساة حقيقية؛ حيث يعوض أمثالهم عن نقصهم إما عبر بسط سيطرتهم وقهر أهل بيتهم متذرِّعين بأنَّ ذلك حقهم، أو عبر الإحساس العميق بالظلم؛ فإمَّا يصبحون بذلك أكثر تسلُّطاً أو ينزوون إلى قوقعة منعزلة ليحفظوا ما تبقَّى من ماء وجههم، فلا يمنح هذا النوع من البشر الآخرين الكثير من التقدير والاحترام؛ لأنَّهم يبحثون عنهما على اعتقاد أنَّهم يستحقونهما من الآخرين".

لذا يجب على الأزواج التعامل مع بعضهما بعضاً بذكاءٍ عاطفي وتشجيع واحترام، وألَّا يتجاهلا أهمية التعاطف والإصغاء الفعَّال من أجل بناء حياة زوجية ناجحة، وتعزيز الشعور بالسعادة والرضا.

 

المصدر




مقالات مرتبطة