الرهاب من طبيب الأسنان، أسبابه، أعراضه، وأهم النصائح للتغلب عليه

لنكن صريحين مع أنفسنا ونقرَّ بأنَّ زيارة طبيب الأسنان قد لا تكون الزيارة المفضَّلة لدى العديد منَّا؛ لكن ماذا نفعل لو أصبح هذا الخوف غير طبيعي أو منطقي، وزاد عن حدِّه؟ ماذا لو ترافق مع الرفض الكامل لزيارة طبيب الأسنان، حتَّى في حالات الألم الشديد الذي قد يُهدِّد الصحَّة الفمويَّة لصاحبه؟



قد يعاني العديد من الأشخاص من رهاب طبيب الأسنان، وتختلف الأسباب التي قد تؤدِّي إلى هذا الرهاب؛ لكن مهما كان السبب، يتوجَّب ألَّا يستسلم الشخص لهذه المخاوف، وأن يُحاول التغلُّب عليها.

سنتحدَّث في مقالنا اليوم عن رهاب طبيب الأسنان، والأسباب التي قد تؤدِّي إليه؛ ومن ثمَّ سنقدِّم لك بعض النصائح والطرائق التي قد تُساعدك في التغلُّب على خوفك، لتتعاون مع طبيبك وتُحافظ على صحَّتك الفمويَّة؛ لذا تابع معنا.

رهاب طبيب الأسنان:

رهاب طبيب الأسنان (dental phobia) أو (Dentophobia): اضطرابٌ يصيب شريحةً واسعةً من المجتمع، ويتمثَّل بالخوف المفرط وغير المنطقي من زيارة عيادة طبيب الأسنان، لدرجةٍ قد تدفع المُصاب إلى الامتناع عن الذهاب إلى الطبيب إلَّا في حال الألم الشديد، وقد يمتنع على الرغم من ذلك عن الذهاب مُطلقاً، حيث يُعاني الشخص من حالة الهلع والقلق والضغط النفسي في أثناء تواجده في حضرة طبيب الأسنان.

وجدت دراسةٌ هولنديَّةٌ أنَّ الرهاب المرتبط بعيادات أطباء الأسنان هو أكثر أنواع الرهاب انتشاراً عند تقييمها لانتشار 11 نوعاً من أنواع الرهاب، ليسبق بذلك كُلَّاً من رهاب المرتفعات والعناكب؛ ووفقاً لدراسةٍ ألمانية، فإنَّ نسبة 75% من الأشخاص يُعانون من رهاب (فوبيا) طبيب الأسنان.

العواقب السلبيَّة لـ "رهاب طبيب الأسنان" على الصحَّة الفمويَّة:

قد يؤدِّي "رهاب طبيب الأسنان" إلى الامتناع عن زيارة طبيب الأسنان؛ ممَّا ينجم عنه عواقب سلبيةٌ خطيرةٌ تتطلَّب معالجةً إسعافية، أو يُسهم في تعقيد خطَّة المعالجة.

قد لا تتوقَّف المشكلة عند مجرَّد آلامٍ في الأسنان أو فقدٍ فيها، فقد يتسبَّب الخوف من طبيب الأسنان -مثلاً- بإهمال الرعاية الصحية المناسبة للفم والأسنان، وتطوُّر أمراض اللثَّة التي تعدُّ حالةً خطيرةً قد تؤثِّر في أجزاء أخرى من الجسم؛ لارتباط أمراض اللثة بأمراض القلب، والسكتة الدماغيَّة، والسكري؛ لذا فمن الضروري التخلُّص من هذا الرهاب، ومعالجته بشكلٍ جيد.

أسباب الرهاب من طبيب الأسنان:

توجد العديد من الأسباب المختلفة التي قد تؤدِّي إلى الإصابة برهاب طبيب الأسنان، نذكر منها:

  • خوف الشخص من الشعور بالألم أو الألم الشديد في حال علاج الأسنان، أو حتَّى الخوف من المجهول وطبيعة ما ينتظره خلف باب عيادة طبيب الأسنان.
  • الخوف من الشعور بالعجز وفقدان السيطرة؛ فوفقاً لخبراء علم النفس أنَّ رهاب طبيب الأسنان قد لا يكون بسبب تجربة الألم فحسب، بل بسبب عدم التحكُّم والسيطرة الذي يشعر به المرضى على كرسي طبيب الأسنان، الأمر الذي قد يخلق الكثير من القلق لبعض الناس.
  • قد يكون سبب الرهاب نابعاً من تجارب ماضيةٍ سيئةٍ مرَّ بها الشخص المُصاب -خاصَّةً في مرحلة الطفولة- والتي قد تتجاوز الألم الجسدي لتشمل تعرُّض الشخص إلى تجربةٍ نفسيةٍ غير مريحة، كأن يكون قد تعرَّض إلى الإذلال من قِبَل طبيب الأسنان أو العائلة أو الأصدقاء.
  • وجود بعض الأطباء غير المُبالين أو المكترثين؛ ممَّا قد يُخلِّف تأثيراً سلبياً لدى المريض، وشعوراً بالإرهاق والقلق والتوتر والخوف.
  • قد يلعب كلٌّ من التجارب السابقة والقصص التي قد سمعها الشخص الذي يُعاني من الرهاب، ووسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، والوراثة، والشخصية، ومستوى الذكاء؛ دوراً كبيراً في التسبُّب برهاب طبيب الأسنان.
  • قد يكون سبب الرهاب: الخوف من الأدوات الطبية التي يستخدمها طبيب الأسنان من إبرٍ وأدواتٍ للحفر، أو الخوف من أصواتها، أو الإحساس بالاختناق، أو التقيؤ، أو بلع جسمٍ غريب، أو رؤية الدم.
  • قد يكون السبب هو: الرهاب من آثار الدواء الضارة أو أيَّ مادةٍ علاجيةٍ مُستخدمة، أو عدم فعالية الدواء في تخفيف الألم.
  • قد يكون السبب: معاناة بعض الأشخاص من مشاكل في التنفُّس من الأنف، والتي تؤدِّي إلى إصابتهم بالرهاب والخوف المرضي من عدم تمكِّنهم من التنفُّس خلال وجودهم عند طبيب الأسنان.

تُشخَّص حالة الخوف والرهبة من العلاج السني -في بعض الأحيان- باستخدام عدَّة مقاييس تُستَخدَم لقياس الخوف، مثل: مقياس كوراس للقلق السنِّي، أو مقياس القلق السنِّي المعدَّل؛ وقد يكون لدى الشخص رهابُ أو فوبيا طبيب الأسنان في حال:

  • تسبَّب مُجرَّد اعتقاده بأنَّه سيذهب إلى طبيب الأسنان بجعله مريضاً.
  • عانى من صعوبةٍ في النوم في الليلة التي تسبق يوم موعده مع طبيب الأسنان.
  • الشروع في البكاء عند رؤية طبيب الأسنان.
  • الشعور بحالةٍ من الذعر عند وضع الطبيب لأدواته في فم المريض في أثناء فحص الأسنان.

وقد يُعاني الكبار والصغار من رهاب طبيب الأسنان، إذ لا تقتصر هذه الحالة على عمرٍ مُعيَّن.

إقرأ أيضاً: الخوف الفطري والخوف المرضي: أسبابه، مجالاته، وطرق التغلب عليه.

أعراض رهاب طبيب الأسنان:

تنقسم علامات أو أعراض الرهاب من طبيب الأسنان إلى:

1. العلامات الفيزيولوجية النفسية لرهاب طبيب الأسنان:

وتشمل:

  • تشنُّج العضلات.
  • رجفان اليدين.
  • القلق والهياج.
  • تنظيف الحلق باستمرار.
  • التبوُّل المستمر.
  • التنفُّس السريع العميق.
  • تعرُّق راحة اليد أو الجبهة، أو إمساك الأشياء بإحكامٍ شديد.

2. العلامات السلوكيَّة العاطفيَّة لرهاب طبيب الأسنان:

وتتضمَّن:

  • فرط النشاط.
  • المشي أو التحدُّث بسرعةٍ زائدة.
  • الذعر، والارتباك، والتلعثم، واحمرار الوجه.
  • تجنُّب الناس.
  • ضعف الذاكرة.
  • الجلوس على حافة الكرسي، أو الانحناء إلى الأمام، وغيرها.

التطوُّر في العلاجات السِّنِّية:

تَقدَّمَ علاج الأسنان على مرِّ السنين، وتحوَّل بشكلٍ كبيرٍ من تجربةٍ مؤلمةٍ إلى تجربةٍ أقلَّ إيلاماً، حيث أصبحت زيارة طبيب الأسنان في وقتنا هذا مقبولةً بشكلٍ أكبر، فقد أصبح أطباء الأسنان أكثر وعياً وجاهزيةً للتعامل مع المرضى الذين يُعانون من الرهاب؛ كما أصبحت جراحة الأسنان وعلاجها أكثر حداثةً وتقدُّماً، وغالباً ما أصبحت غرف الانتظار مُريحةً ومزيَّنةً بشكلٍ جيِّد.

جعل التطوُّر في طرائق العلاج السنيَّة من علاج الأسنان غير مؤلمٍ على الإطلاق، حيث يستخدم الطبيب اليوم المواد الهلامية كمخدِّرٍ في منطقة اللثَّة قبل إعطاء الحقن، وأصبحت الحقن أكثر تطوُّراً وتُسبِّب القليل من الألم عند غرزها؛ كما هناك أيضاً القبضة السنية -نظام حقنٍ محوسبٍ يبدو كالقلم، ويوصل المخدِّر ببطءٍ- والتي تُعدُّ ممتازةً لجميع الأشخاص المصابين بالرهاب من طبيب الأسنان.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح من الأطباء للعناية بصحة الأسنان

نصائح للتغلُّب على رهاب طبيب الأسنان:

  1. تأكَّد أنَّ خوفك من طبيب الأسنان أمرٌ طبيعيٌ جداً؛ لذا لا داعي لتشعر بالخجل من هذا الخوف، واعلم أنَّ العديد من الأشخاص حول العالم يشاركونك هذا الرهاب. في المقابل، يجب ألَّا تسمح لهذا الخوف أن يمنعك من تلقِّي الرعاية الطبية الملائمة لأسنانك، والذي قد يؤدِّي إهمالها إلى عواقب خطيرةٍ على صحَّتك.
  2. حدِّد الأسباب وراء شعورك بالتوتر والقلق من طبيب الأسنان، وناقشها مع طبيبك، وتحدَّث معه عن خوفك. ستساعدك معرفة المنبع أو السبب الرئيس لرهاب الأسنان لديك على أخذ خطواتٍ استباقيةٍ للتغلُّب على خوفك من طبيب الأسنان، وقد يكون مجرَّد التفكير في مصدر رهاب الأسنان مساعداً لك للتغلُّب على الخوف تدريجياً، فالإقرار بمخاوفك هو الشيء الوحيد الذي تحتاج إليه للتغلُّب عليها.
  3. اختر طبيب أسنانٍ يناسبك ويتفهَّم حالتك، واستعن بأحد معارفك أو أصدقائك للسؤال عن طبيبٍ يتمتَّع بالخبرة، واتَّجه إلى زيارته. في حال شعرت بعدم الاطمئنان، أو وجدت أنَّ الطبيب غير متعاونٍ ويتَّبع أسلوباً تقليدياً، فقد يُفاقِم هذا أيَّ خوفٍ لديك؛ لذا، حاول أن تختار الطبيب الذي يناسبك، والذي يستطيع مُساعدتك على التغلُّب على رهابك.
  4. زُر الطبيب الذي اخترته، وتأكَّد من أنَّه يتعامل معك ويأخذ مخاوفك على محمل الجد، ولا تقبل بأيِّ شخصٍ لا يتأنَّى في التعامل معك؛ لأنَّه قد يُعزِّز من خوفك.
  5. اجعل زيارتك الأولى تبدأ بفحصٍ عامٍّ وإجراءاتٍ بسيطة، ثمَّ انتقل إلى إجراءاتٍ أكثر صعوبة، مثل: حشو السن، أو حفره، أو حتَّى حقن إبرة. انظر إلى الزيارة الأولى كفرصةٍ للتعرُّف على طبيب الأسنان؛ وفي حال أحسست بعدم الراحة من تلك الإجراءات، فحاول أن تتحدَّث مع طبيبك حول التوقُّف عن الإجراء المُتَّبع إلى أن تهدأ وتسترخي.
  6. عزِّز من علاقاتك مع طبيبك، وتذكَّر أنَّ كلَّ تجربةٍ إيجابيةٍ في عيادة طبيب الأسنان تُساهم في التخفيف من رهابك.
  7. اختر موعداً لن تضطر معه إلى الانتظار في الردهة لوقتٍ طويل، كالمواعيد الصباحيَّة مثلاً.
  8. حاول أن تتحكَّم بخوفك خلال الإجراءات العلاجية، وتحدَّث مع طبيبك قبل أيِّ إجراءٍ حول أيِّ مخاوف أو قلقٍ يعتريك؛ كما يمكنك أيضاً أن تطلب منه أن يشرح لك عن تفاصيل العلاج أو الأجراء قبل البدء فيه، وتذكَّر أنَّ لديك الحقَّ في معرفة ما يجري.
  9. جرِّب تقنيات الاسترخاء لتساعدك على التقليل من مخاوفك، وخض تجربةٍ سارةٍ مع طبيبك، مثل: تقنيات التنفُّس التي ستُساعدك على الاسترخاء، وتُبطِّئ نبضات قلبك.
  10. يمكنك محاولة استخدام وسائل التشتيت لصرف انتباهك عن الشعور بالرهاب من طبيب الأسنان، من خلال اللجوء إلى طرائق مختلفة، مثل: الاستماع إلى موسيقى معينةٍ أو هادئة، أو مُشاهدة التلفاز لدى الطبيب؛ إذ سيُساعدك هذا على الاسترخاء وتقليل خوفك.
  11. يمكنك أن تصطحب معك أحد أفراد أسرتك أو صديقك المقرَّب خلال موعدك، والذي قد يُساعدك على تشتيت انتباهك خلال الإجراء العلاجي، وقد يُساعدك أيضاً على الهدوء والاسترخاء.
  12. آخر وأهمُّ نصيحةٍ ستجنِّبك كلَّ هذه المخاوف: أن تمنع إصابتك بمشاكل الأسنان الخطيرة، من خلال الاعتناء بأسنانك بشكلٍ جيِّد، وزيارة الطبيب بانتظام. لن تُساعد نفسك بهذا على التغلُّب على رهابك من أطباء الأسنان فحسب، بل وأيضاً ستَحُوْل دون تعرُّضك إلى حالاتٍ صحيةٍ فمويةٍ خطيرة.

كلَّما كانت نتائج فحوصات أسنانك إيجابية غالباً، تغلَّبت بشكلٍ أسرع بكثيرٍ على رهابك أو خوفك من أطبَّاء الأسنان.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح رائعة للحفاظ على صحة الأسنان وبياضها

ما الذي يمكن أن يقدِّمه الطبيب للمُصاب برهاب طبيب الأسنان؟

يمكن أن يُقدِّم طبيب الأسنان لمريضه الذي يُعاني من الرهاب مجموعةً من الخيارات المتاحة أو المناسبة من المخدِّرات الموضعية، وأكسيد النيتروز (غاز الضحك)، والمهدِّئات الفموية، والتخدير عن طريق الوريد؛ مع التنويه إلى كون الإفراط في التخدير قد يكون خطيراً.

في حال لم تتمكَّن من التغلُّب على الرهاب من طبيب الأسنان، فيمكنك اللجوء إلى العلاج عند طبيبٍ نفسي أولاً؛ ولعلَّ أكثر طريقةٍ مجرَّبةٍ وحقيقيةٍ لعلاج رهاب طبيب الأسنان -وغيرها من أنواع الرهاب- ما يُطلَق عليه "العلاج بالتعرُّض"، والذي يقوم مبدؤه على تعريض المريض إلى الأشياء التي يخشاها بطريقةٍ تدريجيَّةٍ وخاضعةٍ للرقابة.

وأخيراً، تذكَّر أن تُحافظ دائماً على نظافة أسنانك وتعتني بها بانتظامٍ واستمرار، حتَّى تتجنَّب العلاجات التي قد تُسبِّب الألم لك.

لا تَخَف، فأنت لست الوحيد الذي يشعر بالرهاب من طبيب الأسنان؛ وفكِّر دائماً أنَّ هناك العديد من الطرائق والأساليب التي قد تلجأ إليها لتخفِّف ألمك أو تلغيه نهائياً، والتي ذكرنا بعضها سابقاً؛ فلمَ الخوف؟

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7




مقالات مرتبطة