الرهاب البسيط المحدد وطرق علاجه

الرهاب البسيط هو جانب من جوانب الصحة العقلية غالباً ما يتم تجاهله، وقد يكون له تأثير كبير في نوعيَّة حياة الشخص، فالرهاب هو خوف شديد ومستمر من موقف أو شيء أو نشاط معين، وفي حين أنَّ بعض أنواع الرهاب معروفة جيداً، مثل الخوف من الطيران أو الخوف من المرتفعات، لكن توجد عدة أنواع للرهاب المحدد يمكن أن تكون موهنة بنفس القدر.



من الهام فهم الرهاب البسيط ومعالجته؛ وذلك لأنَّه قد يتداخل مع النشاطات اليومية والعلاقات وحتى الفرص الوظيفية، وفي هذا المقال سنقدم نظرة عامة على الأنواع والتشخيص والأعراض والعلاج والأسباب والوقاية وطرائق التكيف والتقنيات للحد من الرهاب الطفيف.

أنواع الرهاب البسيط:

توجد أنواع عدة من الرهاب الطفيف، ولكل منها مجموعة فريدة من الأعراض والمحفزات، وقد يساعد فهم الأنواع المختلفة من الرهاب الطفيف الأفراد على تحديد مخاوفهم المحددة والبحث عن العلاج المناسب.

1. الرهاب المحدد:

هو من بين أكثر أنواع الرهاب البسيط شيوعاً؛ إذ يعاني الأشخاص المصابون بفوبيا معينة من خوف شديد وغير عقلاني من شيء أو موقف معين، وتشمل أنواع الرهاب المحددة الشائعة الخوف من الثعابين والمرتفعات والطيران والأماكن المغلقة.

قد يسبب هذا الرهاب ضائقة كبيرة ويمكن أن يجعل من الصعب ممارسة النشاطات اليومية، على سبيل المثال قد يتجنب الشخص الذي يخاف من المرتفعات الذهاب إلى الطوابق العليا من المبنى أو حتى عبور الجسر، وهذا يؤثر في عمله وحياته الاجتماعية.

2. الرهاب الاجتماعي:

هو نوع آخر من الرهاب البسيط الذي يصيب العديد من الأفراد، والرهاب الاجتماعي عبارة عن مخاوف تتعلق بالمواقف الاجتماعية، مثل التحدث أمام الجمهور أو مقابلة أشخاص جدد، وقد يعاني الأفراد المصابون بالرهاب الاجتماعي من قلق شديد عند التفاعل مع الآخرين أو حتى عند توقيع التفاعلات الاجتماعية، كما يمكن أن يؤدي هذا القلق إلى سلوكات التجنب، وقد يتداخل مع قدرة الفرد على العمل في البيئات الاجتماعية والمهنية.

3. تشمل الأنواع الأخرى من الرهاب البسيط الخوف من الجراثيم أو المرض أو الموت:

فقد يكون هذا الرهاب مرتبطاً باضطراب الوسواس القهري (OCD) وقد يؤدي إلى القلق الشديد وسلوكات التجنب، كما قد ينخرط الأشخاص المصابون بهذا الرهاب في سلوكات متكررة، مثل غسل اليدين المفرط أو البحث عن علامات المرض.

باختصار، وفي حين أنَّه يوجد أنواع عدة من الرهاب البسيط، يمكن أن يؤثر كل نوع تأثيراً كبيراً في نوعية حياة الفرد، وربما يساعد البحث عن العلاج والدعم المناسب الأفراد على إدارة الرهاب بشكل فعال وتحسين أدائهم اليومي.

تشخيص الرهاب البسيط:

يتضمن تشخيص الرهاب البسيط تحديد وجود خوف مفرط ومستمر وغير معقول، فقد تشمل معايير التشخيص الأعراض الجسدية مثل سرعة ضربات القلب والتعرق والغثيان، إضافة إلى سلوكات التجنب، مثل تجنب المواقف الاجتماعية أو أشياء معينة، وقد يستخدم مقدم الرعاية الصحية مجموعة من الأدوات والتقييمات، مثل المقابلة التشخيصية وتدابير التقرير الذاتي لتحديد وجود الرهاب وشدته.

أعراض الرهاب البسيط:

قد يظهر الرهاب البسيط في أعراض جسدية وسلوكية وعاطفية، وقد تشمل الأعراض الجسدية التعرق والارتجاف وسرعة ضربات القلب وصعوبة التنفس، كما قد تشمل الأعراض السلوكية تجنب الموقف المخيف ونوبات الهلع والاعتماد على مواد مثل الكحول أو المخدرات، وأيضاً تشمل الأعراض العاطفية القلق والخوف والشعور بالعجز أو الإحراج.

علاج الرهاب البسيط:

يتضمن علاج الرهاب الطفيف مجموعة من العلاج النفسي والأدوية وتقنيات الاسترخاء:

  1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT) هو شكل شائع من العلاج، ويساعد الأفراد على تحديد وتعديل أنماط التفكير والسلوكات السلبية المتعلقة بخوفهم.
  2. العلاج بالتعرض هو نوع آخر من العلاج الذي يتضمن تعريض الأفراد تدريجياً للأشياء أو المواقف المخيفة لمساعدتهم على التغلب على مخاوفهم.
  3. يمكن أيضاً استخدام الأدوية مثل الأدوية المضادة للقلق للمساعدة على إدارة الأعراض، وقد تكون تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق والتأمل واسترخاء العضلات التدريجي مفيدة أيضاً في إدارة الأعراض.

شاهد بالفديو: 12 نصيحة للحفاظ على الصحة النفسية

 

أسباب الرهاب البسيط:

قد تكون أسباب الرهاب البسيط معقدة وقد تنطوي على مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية والنفسية، وتساهم العوامل البيولوجية مثل التاريخ العائلي لاضطرابات القلق، والاختلالات في المواد الكيميائية في الدماغ، وتاريخ التجارب المؤلمة في تطور الرهاب، وأيضاً تساهم العوامل البيئية مثل التعرض للأحداث المجهدة أو المؤلمة أيضاً في تطور الرهاب، كما تؤدي العوامل النفسية دوراً أيضاً، مثل السلوكات المكتسبة وأنماط التفكير السلبي وسمات الشخصية.

الوقاية من الرهاب البسيط:

قد تتضمن الوقاية من الرهاب البسيط التدخل المبكر والعلاج لاضطرابات القلق، وقد يساعد التثقيف والوعي بشأن اضطرابات القلق وأعراضه الأفراد أيضاً على التعرف إلى علامات الرهاب وطلب المساعدة المناسبة، وكذلك يكون إنشاء بيئة داعمة تشجع على التواصل المفتوح وطلب المساعدة مفيداً أيضاً في منع تطور الرهاب.

إقرأ أيضاً: طرق مبتكرة في العلاج المعرفي السلوكي للرهاب

طرائق التكيف مع الرهاب الطفيف للأفراد الذين يعانون من الرهاب البسيط:

قد يتكيف المصابون مع حالتهم من خلال استخدام مجموعة متنوعة من استراتيجيات المساعدة الذاتية، فقد تتضمن استراتيجيات المساعدة الذاتية تحدي الأفكار السلبية المتعلقة بالرهاب، وممارسة التعرض للأشياء أو المواقف المخيفة تدريجياً، والانخراط في تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق، أو التخيل، أو اليقظة، كما قد يكون طلب الدعم من العائلة والأصدقاء وإجراء تغييرات في نمط الحياة مثل ممارسة التمرينات الرياضية بانتظام واتباع نظام غذائي صحي وتجنب المخدرات والكحول مفيداً أيضاً في إدارة أعراض الرهاب.

عوامل الخطر لمرض الرهاب البسيط:

توجد عدة عوامل قد تزيد من احتمالية إصابة الفرد بالرهاب البسيط، فيمكن أن يساعد تحديد عوامل الخطر هذه الأفراد على اتخاذ خطوات لمنع أو إدارة الرهاب لديهم.

  1. أحد عوامل الخطر الأساسية للإصابة بالرهاب البسيط هو وجود تاريخ عائلي لاضطرابات القلق، فقد يكون الأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي من اضطرابات القلق مهيئين وراثياً لتطوير الرهاب، وقد تنتشر اضطرابات القلق في العائلات، إضافة إلى ذلك قد يكون الأفراد الذين عانوا من حدث مؤلم، مثل حادث سيارة أو كارثة طبيعية، أكثر عرضة لخطر الإصابة بالفوبيا المرتبطة بالحدث، وكذلك يمكن أن تؤدي التجارب المؤلمة إلى تطور اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) الذي ربما يسبب الرهاب المرتبط بالحدث الصادم.
  2. أحداث الحياة المجهدة مثل الطلاق أو فقدان أحد الأحباء أو فقدان الوظيفة، تزيد أيضاً من خطر إصابة الفرد برهاب بسيط، فيمكن أن تسبب هذه الأحداث اضطراباً عاطفياً كبيراً ويمكن أن تؤدي إلى أعراض القلق والرهاب لدى بعض الأفراد، إضافة إلى ذلك قد يكون الأفراد الذين لديهم تاريخ من الاعتداء الجسدي أو الجنسي أكثر عرضة للإصابة برهاب بسيط؛ إذ يمكن أن تؤدي التجارب المؤلمة إلى القلق وحالات الصحة العقلية الأخرى.
  3. تزيد سمات شخصية معينة أيضاً من خطر إصابة الفرد برهاب بسيط، على سبيل المثال قد يكون الأفراد الذين يتمتعون بحساسية عالية أو مثاليون أو عرضة للقلق أكثر عرضة للإصابة باضطرابات القلق والرهاب، إضافة إلى ذلك فإنَّ الأفراد الذين لديهم إحساس ضعيف بالسيطرة على حياتهم أو لديهم تاريخ من تدنِّي احترام الذات، قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بفوبيا طفيفة.

تقنيات لتقليل الرهاب البسيط:

توجد عدة أساليب يمكن للأفراد استخدامها لتقليل أعراض الرهاب، فقد تساعد اليقظة والتأمل الأفراد على إدارة قلقهم والأفكار السلبية المتعلقة بالرهاب، ويمكن أن تساعد تمرينات التنفس على تنظيم التنفس وتقليل الأعراض الجسدية مثل سرعة ضربات القلب والتعرق، كما يتضمن التخيل؛ أي تخيل نتيجة إيجابية تتعلق بالموقف المخيف، وربما يساعد على تقليل القلق والخوف، وكذلك يتضمن استرخاء العضلات التدريجي؛ أي شد واسترخاء العضلات في جميع أنحاء الجسم للمساعدة على تقليل التوتر والقلق.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح مهمة للحصول على الإسترخاء

دور الاختصاصي النفسي في علاج الرهاب البسيط:

دور الاختصاصي النفسي في علاج الرهاب البسيط هام؛ إذ يتم تدريب علماء النفس على فهم تعقيدات الصحة العقلية والعاطفية، ولديهم فهم عميق لأنواع الرهاب المختلفة، كما يمكنهم توفير بيئة آمنة وغير نقدية وحاكمة للأفراد للتعبير عن مخاوفهم ومشاعرهم.

يمكن لعلماء النفس أيضاً تعليم الأفراد تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق أو التأمل أو استرخاء العضلات التدريجي للمساعدة على إدارة القلق والتوتر، وأيضاً يمكنهم العمل مع الأفراد لتطوير استراتيجيات المواجهة وتحديد المحفزات التي قد تؤدي إلى الرهاب، وإضافة إلى ذلك يمكن لعلماء النفس مراقبة تقدُّم الفرد وإجراء تعديلات على خطة العلاج حسب الحاجة، كما يمكنهم مساعدة الفرد على تحديد أهداف واقعية وتقديم الدعم المستمر طوال عملية العلاج.

في الختام:

قد يكون للرهاب البسيط تأثيرٌ كبيرٌ في نوعية حياة الفرد، فإنَّ فهم الأنواع والتشخيص والأعراض والعلاج والأسباب والوقاية وطرائق التكيف والتقنيات للحد من الرهاب البسيط أمر ضروري لمساعدة الأفراد على إدارة حالتهم بشكل فعال، ومن خلال طلب المساعدة المهنية واستخدام مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات لإدارة الأعراض، يمكن للأفراد المصابين بمرض الرهاب البسيط تقليل قلقهم وتحسين أدائهم اليومي، ومن الهام تشجيع الأفراد على طلب المساعدة والدعم لمرض الرهاب لتحسين رفاهيتهم عموماً.




مقالات مرتبطة