الذكاء العاطفي للنجاح في المبيعات

أنت تعمل من ثمانِ إلى عشر ساعاتٍ كلَّ يوم، فلماذا لا تسعى إلى خلق وصنع بيئة عمل مناسبة، والتي تدفعك إلى قول: "سأذهب إلى العمل"، بدلاً من: "إنَّني مضطرٌ إلى الذهاب إلى العمل اليوم"؟ لذا سنتحدث في هذا المقال عن موضوع الذكاء العاطفي للنجاح في المبيعات.



أولاً: أثر الذكاء العاطفي على الأداء الوظيفي

في عالم التطور المتسارع، وتوسع الأسواق والمنافسة الشديدة لن تتمكن أي منظمة أو شركة أو مؤسسة من الاستمرار في العمل والمنافسة، إلا في حال كان أداء موظفيها المهني على أعلى مستوى يواكب التطورات الجارية في سوق العمل، ولهذا نجد أنّ غالب المدراء والقادة يعطون الأولوية لكيفية رفع الأداء الوظيفي للعاملين والموظفين، ومن هنا تأتي أهمية تطبيق مهارات الذكاء العاطفي وأثرها في تطوير الأداء الوظيفي ورفع معدلاته لدى الأفراد العاملين في المؤسسات والمنظمات، وقد يكون السؤال الأهم الذي يجول في الخاطر هو: كيف يؤثر تطبيق مهارات الذكاء العاطفي في تطوير الأداء الوظيفي؟

للإجابة على هذا السؤال المهم يجب أن يدرك المرء أنه توجد مجموعة من العوامل المتغيرة داخل المنظمة أو المؤسسة والتي تتأثر بشكل مباشر بتطبيق مهارات الذكاء العاطفي، والتي تؤثر تأثيرا مباشرا على الأداء الوظيفي داخل المنظمة أو المؤسسة، وهذه المتغيرات هي:

1. إدارة العلاقات الداخلية:

إذ تساعد تطبيق مهارات الذكاء العاطفي على حسن إدارة العلاقات بين الموظفين فيما بينهم، وكذلك على حسن إدارة العلاقات بين مختلف المستويات الوظيفية، من خلال فهم المشاعر، وضبط الانفعالات، والسيطرة على ردود الأفعال.

2. التعاطف مع الآخرين:

إن تطبيق مهارات الذكاء العاطفي داخل المنظمة أو المؤسسة يعني انتشار أجواء الود والمحبة بين أفرادها، إذ إنهم جميعا سواء كانوا مدراء أم قادة أم موظفين لديهم مهارة التعاطف مع الآخرين، وإن امتلاك هذه المهارة يعني أن كل منهم يفهم أفكار الآخر ويشعر به، فالمدير يفهم ما يشعر به القادة وما يشعر به الموظفين، وكذلك الأمر بالنسبة للموظفين فهم يعرفون ماذا يريد المدراء والقادة منهم ويشعرون بهم، ومتى ما أدرك المرء ما يريد الآخر منه، فهذا يعني إزالة جزء كبير من الحواجز الفكرية، التي يمكن أن تولد مشاحنات داخل العمل، بحيث تكون تلك المشاحنات ناتجة من الافتقار إلى مهارة التعاطف مع الآخرين.

3. قيادة فرق العمل:

إنّ القائد أو المدير الذي يملك مهارات الذكاء العاطفي تصبح لديه قدرات كبيرة في قيادة الموظفين، وفي قيادة فرق العمل داخل المنظمة والمؤسسة، كما يكون ملهما ومحفزا لكل فرد من الأفراد العاملين معه.

4. حل النزاعات وإدارة المشكلات:

إن اكتساب العاملين والمدراء والقادة لمهارات الذكاء العاطفي تزودهم بقدرات كبيرة على مواجهة المشكلات الطارئة التي تعترضهم، كما تعطيهم أفقا كبيرا لاستكشاف الحلول الممكنة وعدم التوقف عند المشكلة.

5. امتلاك الدوافع الداخلية:

إن اكتساب الكادر الوظيفي في المؤسسة أو المنظمة لمهارات الذكاء العاطفي وتطبيقها في واقع العمل يعني أن لديهم دوافعهم الداخلية الخاصة (مبادئهم – قيمهم – رسالتهم في الحياة) التي تحفّزهم نحو الارتقاء بأدائهم والعمل على إتمام مهماتهم بنجاح تام، وهذا ينعكس بشكل مباشر على أداء المنظمة أو المؤسسة ككل.

شاهد بالفيديو: 5 خطوات عملية لبناء ثقافة مبيعات ذات ذكاء عاطفي

ثانياً: الذكاء العاطفي للنجاح في المبيعات

تمثِّل الثقافات التي تحفِّز الموظفين عنصراً ذا جاذبيةٍ وتشويقٍ بالنسبة إليهم، حيث يحبُّ الأشخاص عملهم، ويعرفون ما يفعلونه أيضاً، ويحصلون على التدريب المناسب لتحسين أدائهم، ويعملون مع الأشخاص الذين يفكِّرون في صالحهم؛ حيث تعزِّز فرق المبيعات في مثل هذه الشركات سلوك التعاون والارتقاء بالنفس في موظَّفيهم.

لذا نقدِّم إليكَ عزيزنا القارئ 5 خطواتٍ لكي تصبح عضواً ذا قيمةٍ في فريق عملك، وتعزيز ثقافة منظَّمتك في الوقت ذاته وتحقق الذكاء العاطفي في المبيعات:

1. ابدأ بهدفٍ للشركة:

ما يهمُّ في البداية: بناءُ شيءٍ كبيرٍ ومستدامٍ للشركة.

يمكن أن يحدث التشاور حول ثقافة المنظمة حينما لا يكون عدد الموظفين كبيراً، كما وتبقى المشكلات بسيطةً، ويكون التواصل مباشراً بين الموظفين؛ ولكن ما إن تدخل المنظمة في مرحلة التطور والنمو، يصبح التواصل بين الموظفين متقطِّعاً أو غير موجودٍ أساساً، وتصبح المشاركة في الآراء حينها أمراً صعباً للغاية؛ ولتجنِّب ذلك، يجب أن يكون هناك رأيٌ وهدفٌ منتظمٌ عند التأسيس لثقافةٍ جديدةٍ لأيِّ منظَّمة؛ ولخلق هذا الهدف، عليك أن تفهم السبب وراء هذه العملية، وبمعنى آخر: أن تعرف ما الهدف وما المستهدَف من الشركة.

أيَّاً كانت الإجابة والنتيجة، يجب أن تكون طموحةً وجوهرية، حيث تكون جميع الشركات التي يكون لديها هدفٌ أوحد قويٌّ محبوبةً جداً؛ لأنَّها تكون غير متشابهة، مثل: "آبل" و"آيكيا"؛ ولكن ليس معنى ذلك محاولة تكرار أفكار هذه الشركات المشهورة، إذ لا يحبُّ أحدٌ التقليد؛ إنَّما ينبغي عليك عوضاً عن ذلك، البدء بما هو أهمُّ وأكثر إلهاماً للشركة التي تعمل بها، وتنفيذه مباشرةً.

2. أسِّس بيئة تعلُّمٍ خاصَّةٍ بك:

ابدأ على مهل، وكوِّن نادياً للكتاب أو للتدوين الصوتي مع فريق عملك، ثمَّ اختر كتباً جديدةً وجيدةً عن التطوير الشخصي والمبيعات كي تكون محور تركيز النادي، وناقش مقتطفاتٍ من هذه الكتب في أثناء اجتماعات المبيعات الأسبوعية، وكيفية تطبيق ما بها من أفكارٍ في حياة أعضاء المجموعة الشخصية والمهنيَّة والاجتماعية.

اعتبر التدريب والتطوير استثماراً لك، وأجرِ الحسابات، وطبِّق قانون الأرباح المركبة؛ وحين يتعلَّم فريق المبيعات أنَّ لديك مهارةً جديدة، ستتمتَّع بمزايا هذا الأمر لسنواتٍ عديدة؛ إذ يمكن ربط زيادة هامش الربح لديك على المبيعات، والحصول على تدفق نقدي أفضل وصفقات مستمرة؛ من خلال تكوين فريق مبيعاتٍ أكثر ذكاءً وحيوية.

3. تخلَّص من كلمة "أنا":

يعدُّ الوقت من أكثر ممتلكاتنا قيمةً وجودة، لذا يتردَّد الكثير منَّا في مشاركته.

لا شكَّ أنَّ شخصاً ما قد ساعدك حينما كنت لا تزال في بداية مسيرتك المهنية، لذا عليك تحمُّل مسؤوليّتك الاجتماعية ومساعدة الآخرين.

اصطحب موظَّف المبيعات الجديد إلى الغداء، وشاركه بعض النصائح التي ستقلِّل من وقت إتقانه العمل؛ وإذا كان لديك زميلٌ يعاني من انخفاضٍ في الإنتاجية، فاعرض عليه أن ترافقه في عمله لمجرَّد الملاحظة أو المساعدة أو كليهما معاً، فلقد واجهنا جميعاً مثل هكذا حالات، وأنقذتنا مساعدةٌ صغيرةٌ من صديقٍ أو زميل؛ وإنَّه لأمرٌ له تقديره حتماً.

يُحَدَّد أداء شركةٍ ما بأداء أضعف حلقةٍ فيها، إذ يحتاج كلُّ فردٍ أن يحقِّق أهدافه في المبيعات حتَّى يتسنَّى للشركة أن تحقِّق أهدافها الربحية الكبرى على أكمل وجهٍ ممكن.

إقرأ أيضاً: مكونات الذكاء العاطفي

4. اعترف بجهود الآخرين حولك وقدِّرها:

يقول "سام والتون"، مؤسِّس شركة (وول مارت): "قدِّر كلَّ ما يفعله مساعدوك من أجل العمل، فلا يمكن لشيءٍ أن يحلَّ محل قليلٍ من كلمات الثناء المخلصة والمختارة بعنايةٍ في وقتها الصحيح، وهي أمرٌ مجانيٌّ تماماً ولكنَّه يجلب ثروةً كبيرة".

يتطلَّب الأمر تكاتف الجميع في قسم المبيعات، حتَّى في الشركات الصغيرة، ويساهم الموظفون من خارج القسم في نجاح الشركة وذيوع شهرتها، فعلى سبيل المثال: فكِّر في الشخص الذي يرد على الهاتف، حيث يعدُّ ذلك أول نقطة اتصالٍ مع عملائك الحاليين والمرتقبين؛ لذا اشكر هذا الشخص على ترك انطباعٍ أوليٍّ جيد، واجعله يعرف مدى تقديرك لمودَّته في التعامل مع العملاء، ومنحهم الشعور بالأهمية والترحيب.

يعمل موظفو المبيعات المنظمون والأكفاء قائمةً بالمهام والأهداف الأسبوعية؛ لهذا حاول إضافة أمورٍ جديدةٍ إلى قائمة مهامك، وهي: تقدير وشكر أحد الأشخاص يومياً، حيث يجعل ذلك هدف موظفي المبيعات الذين يملكون مهارات في التعامل مع الآخرين أن يكونوا "مَلِك أو مَلِكة المديح" في منظَّمتهم، فهم يعرفون أنَّ التقدير لا يصبح موضةً قديمة أبداً.

5. ساهم في بناء مجتمعك:

قد تقرأ هذا الكلام وأنت تفكِّر بداخلك وتقول: "حسناً، ليست شركتي على هذا القدر من الرغبة بعمل الخير؛ ولا يودُّ أحدٌ الاستماع إلى أفكاري عن مساعدة الأشخاص والمجتمع بأكمله"، وقد يكون الأمر صحيحاً، ولكنَّ ذلك لا يهمُّ إطلاقاً؛ لذا عليك التوقُّف عن انتظار أحدهم ليُحدِث التغيير، واجعل قضيَّتك أن تجعل شركة أو منظمة المبيعات التي تعمل فيها معطاءة، وأن تشارك في الأعمال الخيرية والمجتمعيَّة.

تهدف منظَّمات المبيعات ذات الذكاء العاطفي إلى الهدف النبيل والأرباح معاً، وكما قال "المهاتما غاندي": "كن أنت التغيير الذي تودُّ أن تراه في العالم"؛ لذا ابدأ بالتغييرات الهامَّة واللازمة، وذلك لبناء بيئة مبيعاتٍ قويةٍ الآن، وادعم التعلَّم والعمل الجماعي وردَّ الجميل للآخرين؛ وحينما تتبنَّى منظمتك هذا السلوك، سيكون لديك أشخاص يتمتَّعون بعملية البيع؛ فيكون النجاح حليفهم نتيجةً لذلك.

إقرأ أيضاً: 9 نصائح تساعدك لتكون مدير مبيعات ناجح

في الختام:

كما رأيت عزيزنا القارئ، لا توجد وصفةٌ صحيحةٌ وكاملةٌ كي تنجح؛ ولعلَّك كقائدٍ ستخوض تجارب كثيرة وتقع في أخطاء كبيرة قبل أن تجد الأمور الهامَّة والسليمة التي تحتاج إلى مكوِّناتك التي ستجعل وصفتك مبهرةً ومذهلةً أمام الجميع؛ فما عليك إلَّا الاستمرار في المحاولة كي تصل إلى ما تريد الوصول إليه في شركتك، وتحصل على النتيجة التي ترضيك وترفع نسبة مبيعاتك.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6




مقالات مرتبطة