الدوافع الرئيسية لتطوير مكان العمل، وبعض التغيرات الناتجة عن ذلك

"تطوير طرائق جديدة للعمل" (New Ways of Working) هو تقرير أصدرته منظمة "ذا بي تيم" (The B Team) التي تُعنى بضبط ممارسات العمل، بالتعاون مع منظمة "فيرجن يونايت" (Virgin Unite) التي تُعنى بتقديم الأفكار الإبداعية لبيئة عملٍ أفضل.



يعرض التقرير بعض الأفكار الهامَّة من قِبل الشركات وروَّاد الأعمال بمساهمة شبكة "ذا بيبول إنوفيشن" (The People Innovation Network)، وهي مجموعة تضمُّ أكثر من 30 شركة عالمية لإعادة تعريف العمل بمفاهيم حديثة، وطرائق أفضل لممارسة الأعمال التجارية، لضمان سلامة الناس. ويشرح التقرير دوافع التغيير الرئيسة لمكان لعمل، والتغييرات الرئيسة الناتجة عن العمل بهذه الدوافع.

إليك الدوافع الرئيسة لتطوير مكان العمل:

  • ثورة التكنولوجيا: والتي تمكِّننا من العمل في أي وقت وفي أي مكان، وتوسيع نطاق العمل، وابتكار طرائق جديدة لحل المشكلات.
  • التغيرات العالمية: كالنمو السكاني، وتغيُّر المناخ، وتدهور الموارد، وتضخُّم المدن، والقوى الاقتصادية المتغيِّرة.
  • اختلاف أجيال القوى العاملة: شكَّل جيل الألفية 50% من القوى العاملة في عام 2020، بينما نلاحظ بقاء الموظفين الأكبر سناً فترة أطول في العمل.

قد تبدو دوافع تطوير مكان العمل مألوفةً لبعضهم، لكنَّ بعض التغييرات الرئيسة الناتجة عنها قد لا تخطر في بال أحد؛ وهذا ما يجعل قراءة هذا التقرير أمراً مثيراً لأي شخصٍ مهتمٍّ بالتوجُّهات الشائعة لتطوير مكان العمل والثقافة التنظيمية.

شاهد بالفيديو: 6 طرق للحفاظ على الحماس وإثارة إلهام الآخرين في العمل

بعض التغييرات الرئيسة الناتجة عن تطوير مكان العمل:

1. تبنِّي عقلية "النمو المستمر":

يتمثَّل أحد التغييرات الرئيسة في ضرورة اعتماد المنظمات عقلية النمو المستمر للمهارات والمواهب، والتخلُّص من مفاهيم التأهيل التقليدية القائمة على القدرات الثابتة، وتصف منظمة "ذا بي تيم" ذلك بالتحوُّل من نموذج قائم على إجبار الموظفين على التعلُّم إلى آخر يرغبون فيه من تلقاء أنفسهم بالتعلُّم.

وتمتلك المنظمات التقليدية بعض الموظفين المستمرين في التسجيل في برامج التدريب والتطوير؛ لذا يتمُّ "دفعهم" لتطوير مهاراتهم، بينما يحصل جيل اليوم على مصدرٍ مفتوح متاح للجميع لتنمية المهارات واكتساب المعرفة حسب الحاجة من خلال التكنولوجيا.

وبالنسبة إلى القوى العاملة الشابَّة، فتبدو لهم أساليب التدريب والتطوير التقليدية قد عفى عليها الزمن؛ إذ يعتمدون النمو المستمر بدل الدورات المقرَّرة المؤقَّتة.

وتستشهد منظمة " ذا بي تيم" بكتاب "تشارلز جينينغز" (Charles Jennings) شرح قانون العمل 70:20:10" (The 70:20:10 Framework Explained)، الذي شُرِحَ بوصفه داعماً لنهج التعلُّم المستمر بدل التعلُّم المؤقت، والذي يقسِّم نتائج وفوائد التعلُّم في حياة الموظف؛ إذ تصل فائدته إلى 70% إثر القيام بمهام جديدة في أثناء العمل، و20% من التغذية الراجعة التي يتلقَّاها، و10% من الدورات التدريبية الرسمية.

إقرأ أيضاً: 9 طرق تؤثر بها الثقافة التنظيمية في استراتيجية الأعمال

2. تغيُّر مخطط الهيكل التنظيمي:

مع تحوُّل عملية التدريب والتطوير إلى عملية أكثر ديمومة، فمن المُرجَّح أن يرغب الموظفون أيضاً في الحصول على التغذية الراجعة عما يقومون به باستمرار، لذا تتوقَّع منظمة "ذا بي تيم" أن يعتمد الاقتصاد التشاركي والمؤسَّسات المتزايدة التي تركِّز على جهود ومواهب الناس على سياسة المنتورينغ بوصفها جزءاً رئيساً من عملية تنمية المهارات مستقبلاً.

يُعَدُّ المنتورينغ وسيلةً هامَّةً لتمكين الموظفين؛ إذ يمكن التنويع في أساليبه ضمن القوى العاملة الشابَّة والمخضرمة، كما سيقوم الموظفون الشباب بتقديم المنتورينغ للزملاء الأكبر سناً وبالعكس. قد لا ينتمي المنتورز إلى المنظمة نفسها، لكن مع تزايد أهمية المسؤولية الاجتماعية للشركات، ستتَّسع عملية المنتورينغ لتشمل الطلاب في المدارس والكليات من قِبل المنظمات.

إذاً، تغيير مخطط الهيكل التنظيمي التقليدي هو أحد التغييرات الرئيسة التي تتطرَّق إليها منظمة "ذا تيم بي" في تقريرها، فقد افترضت المنظمات سابقاً صحة تطبيق قانون "واحد يناسب الجميع" من أعلى المناصب إلى أدناها، ولكنَّ هذا قد تغيَّر؛ إذ تكشف القوى العاملة المتطورة عن أساليب جديدة لتبادل المعلومات وتشجيع التعاون فيما بينهم.

3. ظهور المنظمات المسطَّحة:

في حين حذَّر تقرير منظَّمة "ذا بي تيم" بعدم استقرار المرحلة القادمة التي تتَّسم بتغيُّر طبيعة المؤسَّسات من الشكل التقليدي الهرمي، إلى الشكل المستقبلي الذي يتَّجه نحو أن تكون "مسطحة"؛ وهذا ما سيتيح فرصاً أكبر للابتكار وصنع القرار والتأكُّد من مشاركة الجميع.

وبالنسبة إلى معظم المنظمات "المسطَّحة"، لا يعني ذلك إزالة هيكل الشركة الأساسي، ولكن أن يُعطى الموظفين مزيداً من السلطة وطرائق التواصل المرنة لاتِّخاذ القرارات في جميع أنحاء الشركة، ويقدِّم التقرير مثالاً جوهرياً عن التنظيم المسطَّح أو "بناء نظام الإدارة الذاتية".

يُعرَف هذا النظام بأنَّه نظام توزيع السُلطة، الذي يستعمل مجموعة من القواعد لتمكين الموظفين الأفراد وربطهم بمحور المنظمة؛ إذ تنظِّم الفرق نفسها باجتماعات لأداء المهام المنتظمة وممارسة الإدارة الرشيدة لتحديد المهام والصراعات، كما سيجد الموظفون المشاريع التي تحتاج إلى دعمهم بناءً على دورهم الوظيفي المتَّفق عليه، وليس من خلال المُسمَّى الوظيفي أو من خلال إسناد المشاريع بعشوائية.

إقرأ أيضاً: 4 خطوات لبناء ثقافة إيجابية في العمل وتحسين الإنتاجية

4. الموازنة بين الوظائف "الجيدة" و"السيئة":

التغيير الرئيس الأخير الذي ذكره التقرير هو "الانتباه للتفاوت بين الوظائف"، وهذه نقطة هامَّة قد لا تناقش بكثرة عن تأثير التكنولوجيا في إعادة تشكيل العمل، فيجب أن تتمتَّع القوى العاملة المستقبلية بمهارات عالية ومواهب تكنولوجية؛ لهذا لن يستطيع جميعهم القيام بهذا الدور، وهذا سيؤدي إلى منافسة شديدة بين الوظائف "الجيدة" و"السيئة" لتنمو بالتدريج وتقلِّل الفجوة بينها لتصل إلى الكمال، وعند تلك النقطة، سيكون من الضروري أن تبتكر المنظمات لتقليل هذه الفجوة المتَّسعة وتتميَّز.

يجب أن توظَّف الأفكار لتنمية الوظائف الجيدة، وإعادة صياغة المناصب حسب إمكانات ومؤهِّلات العاملين، بدلاً من إجبارهم على التنازل عن حق الحصول على راتبٍ مناسب في مقابل الحصول على وظيفةٍ جيدة؛ إذ يلخِّص تقرير منظمة "ذا بي تيم" الأمر تلخيصاً جيداً: "مع تزايد نشاطات الشركات الهادفة، فمن الأساسي التأكُّد من أنَّ الفوائد والميِّزات التي تُقدِّمها سوف تصل وتناسب جميع مستويات القوى العاملة".

المصدر




مقالات مرتبطة