الدليل المناسب والمثمر لإنجاز الاجتماعات الافتراضية

يقول المؤلِّف الأميركي "أنتوني ج. د أنجيلو" (Anthony J. D'Angelo): "إنَّ التعلُّمَ من التغيير الشيء الوحيد الذي سيبقى ثابتاً"؛ لكن، كيف يمكن للقياديين التأقلُّم مع بيئات العمل المُتغيِّرةِ بسرعة؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدير التنفيذي والمدوِّن "آيتكين تانك" (Aytekin Tank)، والذي يحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية في إدارة الاجتماعات الافتراضية.

إنَّ الأمرَ أشبه بتعلُّم ركوب الأمواج بحسب أنجيلو، وربَّما لا يوجد مثالٌ أفضلُ على ذلك من الوقتِ الحاضر الذي نعيشه، إذ سيتأثَّر عالم الأعمال في السنوات القادمة بالفترات المتواصلة من الأزمات، والتي ستجعل من العمل الافتراضي -العمل عن بعد- جزءاً من حياتنا اليوميَّة بلا شك، وسيتزايد عدد المنظمات التي ستطلب من موظفيها العمل من المنزل بشكلٍ غير مسبوق، وقد كتبت "تسيدال نيللي" (Tsedal Neeley)، البروفسورة في جامعة هارفرد: "لا يتعلَّق الأمر بأنَّ الناس سيتبنُّون هذه الصيغة الجديدة في العمل دائماً، بل بأنَّ هذه التجربة ستوسِّع قدرات الجميع دون استثناء".

بناءً عليه، ومع زيادة احتمالية إلغاء الاجتماعات الشخصية مع الفرق لفتراتٍ طويلةٍ من الوقت، كيف ستتأقلم مع ذلك؟ إنَّه لمن الصعبِ جذبُ انتباه الناس في أيِّ اجتماعٍ هذه الأيام؛ لكن عندما لا يتواجد الناس في الغرفة نفسها، فمن الممكن أن يكون الأمر أكثرَ صعوبةً من أيِّ وقتٍ مضى.

سيكون الأمر مزعجاً عندما تخوض جدالاً لمدة عدّةِ دقائق ثمَّ تتوقَّف بسبب ردّةِ فعلٍ غير متوقَّعة، كأن يقول من تتحدَّث إليه: "لست متاكداً أنِّي أفهمك"، أو أن تتلقَّى رداً بعد محاولتك الاتصال بأحدهم على الشكل التالي: "لقد كنت أجلبُ كوباً من الشاي، ولم أعلم أنَّك ستكلِّمني في هذا الوقت".

أعتقد أنَّنا جميعاً مُتفقون على أنَّ الاجتماعات الافتراضية ليست أمراً سهلاً للغاية، فأنا شخصياً من الناس الذين يعشقون التفاعل وجهاً إلى وجه، ويُبدعون فيه؛ إذ أعقُدُ الاجتماعات سيراً على الأقدام، وأخوض بعض الأيام التجريبية، ويشجِّع هذا فريقي على مشاركة أفكارهم ومناقشة آرائهم وتخفيف الضغط عنهم.

أعتقد أنَّ هذه خطة عملٍ أثبتت فعاليتها على مدى أكثر من أربعة عشر عاماً قضيتها في تطوير عملي، فقد ابتعدت منذ تأسيس شركتي عن الاجتماعات الروتينية غير الضرورية التي تستعرض تحديث حالة الشركة، وركَّزت عوضاً عن ذلك على الابتكارات وحلِّ المشكلات.

ما الشيء الذي لا يسير على ما يرام؟ لطالما طرحت هذا السؤال على نفسي، لكي أرجع إلى الخلف خطوةً خطوة، وأجدَ الإجابة عنه.

إنَّه لمن الهامِّ بالنسبة إليَّ أن أتساءل دوماً عن كيفية تحسين العمل، وكيفية تجاوز الأمور غير الضرورية للخوض في الأساسيات فقط.

أعتقد أنَّ جزءاً كبيراً من نجاحنا يكمنُ في مقدرتنا على تبنِّي التغيير والتأقلم مع الظروف التي نواجهها، ففي الوقت الذي لا يوجد مجالٌ فيه لتعويض مستوى الانخراطِ الاجتماعيّ في التفاعلات المُباشرة مع بعضنا كبشر، مازال بإمكاننا تحقيق أقصى استفادةٍ من اجتماعاتنا الافتراضيَّة؛ وذلك من خلال التخطيط لها، وتشجيع ثقافةٍ إيجابيةٍ للعمل عن بعد.

إقرأ أيضاً: 4 طرق لخلق معايير فعَّالة للعاملين عن بعد

الدليل المناسب والمثمر لإنجاز الاجتماعات الافتراضية:

ستشكِّل الاجتماعات الافتراضية جزءاً من حياة كلِّ قائدٍ في فترةٍ أو أخرى من حياته المهنية؛ وكما عبَّر أنجيلو عن أنَّه لمن الحكمة التعاملَ مع هذه التفاعلات بشكلٍ استراتيجي، فقد تعلَّمت العديد من الحيل من تجربتي وأبحاثي الخاصَّة التي أثبتت نجاعتها بالنسبة إلينا كفريق عمل، والتي آملُ أن تجديكَ نفعاً. إليكَ أهمَّها:

1. ضَع القواعد الأساسية:

أَعلِم فريقك بطريقةٍ مُهذَّبةٍ وحازمةٍ أنَّ عليهم أن يغلقوا هواتفهم ويمتنعوا عن تفحُّص رسائل البريد الإلكتروني في أثناء إجراء مكالمة الفيديو، فقد وجدت الأبحاث أنَّه في الوقت الذي يعتقد أغلب الناس أنَّهم يستطيعون القيام بعدة مهام في الوقت ذاته، إلَّا أنَّهم في واقع الأمر لا يقدرون على القيام بذلك؛ وذلك لأنَّ القيام بأكثر من مَهمَّة في الوقت نفسه، سيؤثِّر سلباً في الإنتاجية.

تشتِّت الأجهزة الأذهان، ويصحُّ ذلك في حالة الاجتماعات الافتراضية والمُباشرةِ على حدٍّ سواء؛ فإذا كان أحدهم يقدِّم أو يشارك فكرةً ما مع المجموعة، فمن الممكن أن يشعرَ الآخرون بعدم الاحترام عندما يرون أحدهم ينظر إلى الأسفل أو يبدو شارداً وغير مُنخرط.

إقرأ أيضاً: أسطورة تعدد المهام: لماذا تؤدي أولويات أقل إلى عمل أفضل؟

2. ابنِ الروابط قبل كلِّ شيء:

واحدٌ من الأشياء المفضَّلة لديَّ عند تأسيس عملٍ ما، هو: إنشاء ثقافةٍ تتيح للأشخاص إخراج أفضل ما لديهم في العمل.

أنت تريد بالتأكيد توطيد مثل هذه الروابط في أثناء العمل عن بعد، ويمكنك القيام بذلك في أثناء الدقائق الأولى من اجتماع الفيديو؛ وذلك بسؤال الجميع عن أحوالهم، ومُراعاتهم وإظهار الاهتمام بهم، حيثُ تُظهِرُ الدراسات أنَّ الوحدة إحدى أكبر تحديات العمل عن بعد؛ لذلك فإنَّ تشجيع الآخرين على التواصل الإيجابي أمرٌ في غاية الأهمية لضمان التوصُّل إلى اجتماعٍ مُثمِر.

إقرأ أيضاً: أفضل 25 سؤالاً تستهل بها لقاءات العمل

3. اجعل الجميع ينخرطُ في الحدث:

إنَّه لمن الصعب أن تطلب انتباه أحدهم بينما تلقِّنه محاضرةً طويلةً وجهاً لوجه؛ فكيف سيكون الحال عليه من وراء شاشة؟ هل يمكنكَ أن تلوم الناس على تجاهلهم نصفَ ما تقوله؟

لهذا السبب، من الهامِّ أن تأسِرَ الناس وتجذب انتباههم في الستين ثانيةً الأولى، وأنا معجبٌ شخصيَّاً بالبدء بإحصائياتٍ مُثيرةٍ ومُفاجئة، أو برواياتٍ طريفةٍ أشارك فيها شيئاً قد تعلَّمته معهم؛ فما تريده هو أن تساعد فريقك على فهم المشكلة المطروحةَ قبل التوصُّل إلى الحلول.

إقرأ أيضاً: نموذج AIDA، اجذب اهتمام الجميع لاتخاذ إجراءٍ بما تكتبه

4. تجنَّب البيانات المُملَّة:

ضع في الحسبان أنَّ المُصطلحات عدوَّة التواصل، وأنَّ الخوض في قائمة نقاط الحوار وشرائح العرض اللامتناهية الطريقة المُثلى لضمان خروج الناس من منطقة التواصل.

لا يهمُّ مدى ذكاء أو حنكة المجموعة؛ فإذا كان هدفك الانخراط معهم، فيجب عليكَ أن تمزج الحقائق بالقصص؛ لذا يجب تشجيع القادة على اختيار أقلِّ كميَّةٍ من البيانات اللازمة لإشراك وإعلام فرقهم بالأمر، وعدم إضافة شريحةٍ واحدةٍ غير لازمة إلى العرض.

فعندما أُعدُّ لاجتماعٍ ما، أعود بذاكرتي إلى واحدٍ من أساتذتي القدامى الذي طلب منَّا أن تكون عروضنا التقديمية قابلةً للترجمة والفهم قدر الإمكان بالنسبة إلى أيِّ شخصٍ عادي، وقال لنا: "لا تُصبحوا عبيداً للبيانات".

إقرأ أيضاً: المخططات والرسوم البيانية، اختيار الشكل الأنسب لإظهار معلوماتك

5. ابتكر مشاركةً ذات مغزى:

واحدٌ من أكبرِ الأخطاء التي يرتكبها القادة: التشويش على المشكلة والدوران حولها، دونَ دمج الأشخاص الذين معهم في الغرفة نفسها، أو أخذ آرائهم؛ خصوصاً في حالة الاجتماعات عن بعدٍ في تلك المساحة الافتراضية بين أعضاء الفريق المختلفين، والذين يملك كلٌّ منهم مُشتتاتٍ خاصَّةً به.

حاول أن تتوصَّل إلى اثنتين أو ثلاث من الطرائق لخلق مشاركةٍ ذات معنى قبل وضع جدولِ أعمالك؛ مثل أن تُخطِّط للقيام باستطلاع آراء الناس، أو منحهم بضعاً من الدقائق لمناقشة الحلول مع أنفسهم؛ فالهدف من ذلك المحافظة على شعور الناس بروح المشاركة والقيمة والتواصل.

ما سبقَ ذكرهُ درسٌ يجب على كلِّ مديرٍ تنفيذيٍّ في كلِّ منظَّمةٍ السعي إليه باستمرار، هذا إن أراد ركوب موجةِ التغيير والاستعداد للتكيّفِ بسرعة؛ وقد قال عازف البيانو الكلاسيكي "آرثر روبنشتاين" (Arthur Rubinstein): "بالطبع ليس هناك صيغةٌ واحدةٌ للنجاح، ربَّما باستثناء التقبُّل غير المشروط للحياة وما تجلبه لك".

 

المصدر




مقالات مرتبطة