لمثل هذا الدفء آثار مباشرة كتمدد مياه البحار والمحيطات وذوبان الجليد في المناطق القطبية وسفوح الجبال العالية، مما ينتج عنه ارتفاع مستوى سطح البحر. وتقديرات هذا الارتفاع حسب الدكتور محمد القصاص خبير البيئة المصري تتراوح من 20 إلى 80 سم نتيجة تمدد كتل الماء بالحرارة، ويقول القصاص "لو أضفنا إلى هذا ناتج ذوبان كتل الجليد في القطبين بفعل الدفء لزادت تقديرات الارتفاع، ولا أريد أن أحدد تلك التقديرات الآن".
ويواجه نهر النيل شريان الحياة في مصر خطرًا يحدق بالمناطق الشمالية من دلتاه وتخومها الغربية، حيث يتهددها هذا الارتفاع في مستوى مياه البحار، وكل دراسة تجرى في العالم على أثر ارتفاع منسوب المياه على النطاقات الساحلية تتناول الدلتا المصرية تحديدًا بسبب عظم تأثرها.
منطقة الخطر
إذا ارتفع البحر مترا نزح 6,100,000 نسمة وغمر 4,500 كم مربع من الأراضي الزراعية نهر النيل كغيره من الأنهار كتلة متحركة من المياه والرواسب تجري من منبع إلى مصب بقوة الطاقة التي تحملها، ويمتد لمسافة 6650 كم من بحيرة تنجانيقا في الهضبة الاستوائية إلى المصبات عند البحر المتوسط، ويغطي حوض النهر حيزًا فسيحًا من الأرض يقدر بقرابة 3 ملايين كم مربع، ويتصل بدول عشر هي: مصر والسودان وإثيوبيا وإريتريا وكينيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وبورندي وزائير. وتشير توقعات معظم الدراسات الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة البيئي حول تأثير تغير المناخ إلى أن نهر النيل سيواجه شحًّا في مياهه قد يصل إلى 75% منها.
ويتهدد فيضان البحر منطقتين أساسيتين في دلتا النيل هما:
منطقة الظهير الداخلي لمدينة الإسكندرية (بحيرة مريوط والأجزاء الغربية من محافظة البحيرة)، علمًا بأن هذه الأراضي تقع دون سطح البحر.
منطقة شمال الدلتا (بحيرة المنزلة، وبحيرة البرلس وتخومهما الجنوبية).
يرصد "البيان الأصلي حول تغير المناخ" الصادر عام 1999 عن وكالة الشئون البيئية المصرية تفاصيل العواقب المتوقعة. فالجزء المنخفض من دلتا النيل يضم أكبر مدن مصر وصناعتها وزراعتها وسياحتها. وبالرغم من أن منطقة الدلتا ووادي النيل تشكل فقط 5.5% من مساحة مصر فإنها تحتضن أكثر من 95% من سكانها وزراعتها.
لذا فالمنطقة الساحلية في دلتا مصر بالغة الحساسية تجاه تأثيرات تغير المناخ، لا بسبب خطر ارتفاع مستوى البحر وحسب، بل أيضًا بسبب العواقب على الموارد المائية والزراعية والمستعمرات السياحية والإنسانية. فبناء على النمط السكني الحالي، من المرجح نزوح مليوني شخص على الأقل من مناطق الدلتا الساحلية؛ بسبب الفيضانات وخسارة الأرض الخصبة.
أما عن باقي الساحل المصري فمن المتوقع أن يؤدي ارتفاع مستوى البحر بين 0,5م، و1,0م خلال القرن المقبل إلى ابتلاع البحر حوالي 30% من مدينة الإسكندرية. ومدينة بورسعيد بدورها مهددة بأخطار مماثلة.
غرق الدلتا بيد أمريكا
وهكذا تُعَدّ مصر واحدة من دول الجنوب الفقير الكثيرة التي تلقي عليها ظاهرة الدفء العالمي بظلالها الداكنة، دون أن تتحرك الدول الصناعية الغنية لتحمل جزءًا من العبء الذي كانت هي صاحبة النصيب الأكبر في حدوثه. ولا يزال بروتوكول كيوتو المنظم لانبعاثات الغازات المسبب للاحتباس الحراري بانتظار الولايات المتحدة لتلقي عليه المباركة حتى يصبح قيد التنفيذ الحقيقي.
المصدر: شباب عا نت
أضف تعليقاً