الخوف من الرفض يبقيك صامتاً ومربكاً اجتماعياً

كان الناس يعيشون في قبائل منذ آلاف السنين، وكانوا يخافون من أن يقولوا شيئاً أحمقاً أمام قبائلهم أو من التعبير عمَّا يدور في أذهانهم لأنَّهم كانوا يتعرضون للنبذ. وكان الشخص الذي يُنبَذ يُترَك في الغابة ليعيش وحيداً ويقضي وقته في الظلام بين الحشرات السامة والحيوانات المتوحشة، ويسيطر عليه الخوف كلياً. لقد كان يحاول البحث عن مكان ليختبئ به؛ لكنَّه يعلم في أعماقه أنَّه سيموت ولن يستطيع التحمل، وهذا كله لأنَّه تكلم كلاماً أحمقاً أمام قبيلته.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "ستيفن أيتشيسون" (Steven Aitchison)، ويُحدِّثنا فيه عن أهمية فهم الخوف من الرفض.

من الممكن أن يحدث لك ذات الأمر منذ آلاف السنين، وفي الواقع يظن بعضهم أنَّ هؤلاء البشر كانوا يخشون "الرفض النهائي" كثيراً.

ما يزال سلوكنا يتأثر بذلك في بعض الأحيان حتَّى يومنا هذا. صدق أو لا تصدق سيساعدك فهم هذا الخوف على أن تكون منفتحاً وأن تشعر بالثقة عند التحدث إلى الأشخاص الجدد، وهذا أمر رائع؛ لأنَّك إذا كنت مثلي فغالباً ما تكون هادئاً جداً من الناحية الاجتماعية وتقدم أعذاراً كي لا تتحدث إلى الأشخاص الذين يثيرون اهتمامك.

منذ آلاف السنين كانت سمعَتُك تعني الحياة أو الموت:

عاش البشر جزءاً كبيراً من حياتهم في قبائل تجمع بين 50-150 شخصاً، وكان الجميع يعرفون بعضهم؛ لذلك كانت سمعتك هي كل شيء، وإذا قلت أو فعلت شيئاً لم تحبه القبيلة فقد ينبذونك من المجتمع؛ وهذا يعني أنَّه قد حان الوقت لنهايتك؛ لأنَّك ستُترَك في البرية وحيداً حيث الحيوانات البرية والجوع والبقاء في العراء تهديدات حقيقية تحيط بك؛ لذا كان الخوف من الرفض غريزة مفيدة جداً في ذلك الوقت.

لحسن الحظ في الوقت الحالي لم تعد بحاجة إلى القلق بشأن نبذك بسبب شيء تقوله أو تفعله، لكن لسوء الحظ لا يدرك دماغك البدائي ذلك، وفي بعض البيئات الاجتماعية يبقيك شديد الحذر ويجعلك هادئاً ومنعزلاً عن تكوين صداقات جديدة؛ فيرى بعض علماء النفس التطوري الآن أنَّ البشر قد نشؤوا لفترة طويلة في بيئة "القبيلة الصغيرة"، وبقي هذا "القلق الاجتماعي" ثابتاً في أدمغتنا.

لذلك في أي وقت تدخل فيه بيئةً اجتماعية قد تواجه فيها الرفض يصاب دماغك بالتوتر؛ فما يزال عقلك يظن أنَّ الرفض يعني أنَّ حياتك قد انتهت حرفياً؛ لهذا السبب على الرغم من رغبتك في التحدث إلى أشخاص جدد إلا أنَّك لديك هذا الدافع الغامر بداخلك الذي يصرخ: "لا تفعل ذلك؛ فقد تفشل".

كمكافأة إضافية ممتعة، إنَّ هذا التوتر والقلق كله يمنعك من التصرف على نحو طبيعي، وفي كثير من الحالات هذا هو سبب شعورك بالحرج و"ليس بسببك أنت".

إقرأ أيضاً: تعرّف على أكثر 5 مخاوف شيوعاً بين الناس

بناء الثقة الاجتماعية:

لم تعد غريزة الحذر الاجتماعي ضرورية في أيامنا هذه؛ إذ يوجد الآن 7 مليار شخص على هذا الكوكب، ومع وجود العديد من الفرص لمقابلة الأشخاص الجدد فمن الممكن أن تُنبَذ من مجموعة ما، لكن من السهل البدء مع مجموعة أخرى من جديد، وفي حين قد تلاحظ ذلك بوعي، ما يزال عقلك الباطن يخشى ما كان يواجهه أسلافنا.

قد تخبر نفسك: "التحدث إلى هؤلاء الغرباء ليس بالأمر الهام، هيا افعل ذلك"، لكن يبدأ دماغك في تغذية الخوف محاولاً تحذيرك، فكيف ستتخطى مخاوفك من الرفض والفشل؟ وكيف ستتخلص من رد الفعل المتأصل فيك؟

سأجيبك بأنَّك لن تستطيع؛ فهذه المشاعر موجودة كي تبقى، إنَّها جزء من كوننا بشراً، وكل شخص يملكها بدرجات متفاوتة، ومع ذلك يمكنك تقليل تأثيرات هذا القلق حتَّى تكون أكثر واقعية.

إليك بعض الاقتراحات:

1. افهم أنَّه لا يوجد عيب فيك:

عندما تشعر أنَّك لا تستطيع التحدث إلى الناس: جميعنا نعاني قدراً معيناً من القلق الاجتماعي، فتحاول أذهاننا أن تكون مفيدة من خلال تحذيرنا من الأخطار المحتملة، لكن تختلف شدة التحذير هذه من شخص إلى آخر، قد تشعر أنَّ شدة التحذير لديك أكثر حدة من الآخرين، لكن توجد طرائق للتخلص منها، وفي كثير من الحالات يتضمن ذلك تغيير وجهة نظرك ببساطة.

2. ذكِّر نفسك مراراً وتكراراً أنَّ الرفض ليس بالأمر الهام:

في كل مرة تريد التحدث فيها إلى شخص ما ولا تتمكن من ذلك، ذكر نفسك:

  • ليس من الضروري أن يحبك الجميع.
  • لن تنهار حياتك إذا لم يتقبلك هذا الشخص.
  • يوجد كثير من الأشخاص الآخرين في العالم.
  • مهما كان الأمر ذكِّر نفسك بنقاط قوتك.
  • بعد ذلك، اذهب وتحدث إلى الشخص الذي تريد التحدث معه.

شاهد بالفديو: كيف تتخلص من الأفكار السوداوية بشكل نهائي؟

تخلص من القلق الاجتماعي من خلال التكرار:

تذكَّر أنَّ التكرار هو الأساس؛ إذ إنَّ تشكيل هذا الخوف غير المنطقي من خلال التكرار طوال آلاف السنين ومن خلال تكرار التجارب السيئة في الماضي أيضاً، فإذا قمت بالتكرار في الاتجاه المعاكس سوف تتخلص من المعتقدات المقيدة التي تبقيك هادئاً وغير راضٍ، وذلك لأنَّ هذه الاقتراحات لن تقضي على مخاوفك من الرفض؛ لكنَّها يمكن أن تقلل من حدة تلك المخاوف.

يمكنك تدريب نفسك على التصرف على الرغم من مشاعر القلق هذه لدرجة أن يصبح هذا الأمر مهارة طبيعية، سوف يستغرق الأمر بعضاً من الوقت فقط.

بمجرد أن تبدأ في رؤية الرفض على أنَّه مقبول حقاً سيتسع عالمك، ومن ثمَّ:

  1. تصبح أكثر صدقاً وجرأة.
  2. تتحدث عمَّا يدور في ذهنك وتعرب عن آرائك.
  3. تنتهز الفرصة للتحدث مع الأشخاص الذين تريد التحدث معهم.

لأنَّك ستفهم في أعماقك أنَّه لا بأس إذا لم يسر الأمر على نحو جيد؛ فيوجد كثير من الأشخاص الآخرين في العالم لتكوين الصداقات، وستكون بخير مهما حدث.

The Ancient Fear Keeping You Quiet and Awkward Socially




مقالات مرتبطة