الحمل التعاطفي لدى الرجال: تعريفه، وأعراضه، وأسبابه، وطرق علاجه

يتجاهلون ما ينتابهم من أعراض جسدية ونفسية، ولا يعترفون بها البتة، ويبقون في حالة من التساؤل عن التشابه الواضح بين شكواهم وشكوى زوجاتهم الحوامل، وعن التزامن ما بين أعراضهم وبين حمل زوجاتهم؛ ممَّا يخلق سؤالاً ملِّحاً في داخلهم حول ما إذا كان من الممكن أن يختبر الرجل أعراض الحمل كالمرأة تماماً؛ إلَّا أنَّهم لا يقدرون على نقل تساؤلاتهم وشكوكهم إلى خارج ذواتهم خشية من التعليقات اللاذعة التي سيدلي بها الآخرون.



عندما تتحول المشاركة الإيجابية والمشاعر الرائعة والوقفة التضامنية المُحِبة إلى تهديد حقيقي للرجولة، وصراع لا ينتهي ما بين المشاعر النقية والموروث المُعرقِل؛ يصبح الكبت هو الحل، والسبيل الوحيد لكي يتخلص الرجل من كمِّ الصراعات الداخلية المعتمل في ذاته.

نعم، تتعرَّض نسبة كبيرة من الرجال إلى أعراض نفسية وجسدية مماثلة لما تختبره المرأة في أثناء فترة حملها، ولا ينقص هذا الأمر من رجولتهم البتة، بل يدل على إنسانيتهم العالية ومشاعرهم المرهفة والتزامهم الصادق مع زوجاتهم وإحساسهم المضاعف بالمسؤولية الملقاة على كاهلهم، ويقوِّي التفاعل والعلاقة العاطفية بينهم وبين زوجاتهم؛ وهذا ما يُسمَّى "الحمل التعاطفي".

ما هو الحمل التعاطفي لدى الرجال؟

حالة يمر بها نسبة كبيرة من الرجال في أثناء فترة الحمل لدى زوجاتهم، حيث يتعرَّضون إلى أعراض نفسية وجسدية مشابهة تماماً لأعراض المرأة الحبلى؛ فقد أثبتت الدراسات أنَّ نسبة كبيرة من الرجال الأصحاء يتعرَّضون إلى تغييرات في مستوى الهرمونات في أثناء فترة حمل زوجاتهم، حيث يتراجع مستوى هرمون التستوستيرون الذكري بمعدل 33%؛ وهذا ما يُطلَق عليه اسم "الحمل التعاطفي للرجل"، أو "متلازمة كوفاد".

يشترك الرجال بـ 35 عرضاً من أعراض الحمل التي تختبرها النساء، وتتنوع الأعراض ما بين الجانب النفسي والجسدي، وغالباً ما يكون ذلك في الأشهر الثلاثة الأولى للحمل، أو في الأشهر الثلاثة الأخيرة.

ما هي أعراض الحمل التعاطفي لدى الرجال؟

تشتمل أعراض الحمل التعاطفي لدى الرجال على أعراض جسدية وأخرى نفسية:

1. الأعراض الجسدية للحمل التعاطفي:

يُصاب الرجل الذي يعاني من متلازمة الحمل التعاطفي بتغيرات هرمونية في أثناء فترة حمل الزوجة، فترتفع لديه هرمونات الاستراديول الأنثوية، وتنخفض لديه هرمونات التستوستيرون الذكورية؛ كما يعاني من تغيرات في وزنه وبشرته، ومن آلام في الظهر والمفاصل، واضطرابات بولية وتناسلية، إضافة إلى آلام في الأسنان واللثة؛ وإلى جانب ذلك، يتعرض إلى صداع وغثيان وإرهاق شديد.

2. الأعراض النفسية للحمل التعاطفي:

يصبح الرجل مضطرب المزاج، وسريع الغضب والانفعال، ومشوَّش التفكير، وقلقاً، وحساساً جداً، ودائم التوتر.

إقرأ أيضاً: تقلبات الحالة المزاجية للحامل وطرق الوقاية منها

أسباب الحمل التعاطفي لدى الرجل:

لقد اختلف العلماء حول السبب الحقيقي الكامن وراء متلازمة الحمل التعاطفي، حيث ذهب بعضهم إلى اعتبار منشأ الحالة نفسياً بامتياز، بدليل احتمالية عدم إصابة الرجل بأعراض جسدية إلى حين حلول الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل، مع تعرُّضه إلى أعراض نفسية ظاهرة منذ الفترة الأولى، الأمر الذي دعم فرضية أنَّ منشأ الحمل التعاطفي لدى الرجال نفسي وليس عضوياً.

مع افتراض أنَّ السبب الكامن وراء الظاهرة نفسي، فما هي المثيرات النفسية التي تجعل الرجل معرَّضاً إلى هذه الحالة؟

1. المشاعر المرهفة لدى الرجل:

يزداد احتمال إصابة الرجل الحساس والعاطفي والمُحِب لزوجته بهذه الظاهرة، حيث يقلق بشدة على حالة زوجته، ويميل باللاشعور إلى مشاركتها آلامها ومعاناتها، الأمر الذي يجعله معرَّضاً إلى الإصابة بالأعراض النفسية ذاتها التي تعاني منها الزوجة.

2. المسؤولية الشديدة:

قد يميل الرجل إلى الإصابة بالأعراض النفسية المرافقة للحمل التعاطفي من جراء إحساسه الكبير بالمسؤولية، حيث يكون دائم التفكير في زوجته وصحتها، وفي المسؤوليات الجديدة المترتبة عليه بعد ولادة الزوجة، وفي الأعمال التي عليه القيام بها لكي يوفر لزوجته ومولوده الجديد المستوى المعيشي الجيد.

3. الغيرة والمنافسة:

قد يغار الرجل من اهتمام المحيط المبالغ فيه بزوجته، ويشعر بالمنافسة بينه وبين ولده الجديد الذي سحب منه اهتمام الزوجة وحبها؛ فيميل إلى الادعاء بالأعراض النفسية المشابهة لحالة زوجته من أجل التقاط الأضواء والاهتمام.

لقد ذهب بعض العلماء إلى اعتبار أنَّ العوامل البيولوجية العضوية هي السبب الكامن وراء الحمل التعاطفي لدى الرجال؛ حيث تؤدي اضطرابات الهرمونات التي تصيب الرجال في أثناء فترة حمل زوجاتهم إلى الإحساس بأعراض مشابهة لأعراض الحمل تماماً؛ ومن جهة أخرى، يؤدي التوتر والقلق على صحة الزوجة والجنين، والإحساس المضاعف بالمسؤولية، والتفكير الزائد في الواجبات المترتبة على زيادة الأعباء الأسرية؛ إلى تهيُّج القولون العصبي لدى الرجل، ممَّا يتسبب بأعراض مشابهة للحمل تماماً، من انتفاخ البطن واضطراب المزاج والنوم والشهية.

ما علاج الحمل التعاطفي لدى الرجال؟

  • على الرجل أن يكسر القوالب الفكرية التي تفرض عليه أن يكبت مشاعره وأحاسيسه تحت شعار القوة والرجولة، ويعترف بما يعانيه من عراقيل نفسية وجسدية، حيث إنَّ الاعتراف هو بداية العلاج.
  • على الزوجة أن تحتوي زوجها وتكون واعية لهذه المرحلة، وأن تقدِّر مشاركته الراقية لها في حملها، وإحساسه المرهف، وجديته في التخطيط لمستقبل العائلة.
  • يعدُّ الحمل التعاطفي لدى الرجل دليلاً على حب الرجل لزوجته وفرصة لتقوية الرابط العاطفي فيما بينهما، وعليهما أن يتساعدا سوياً لتجاوز الأعراض المرافقة لفترة الحمل.
  • يجب اللجوء إلى مختص نفسي من أجل المساعدة في حال عدم قدرة الزوج على تقبل الأمر أو عدم القدرة على الاعتراف بـ "طبيعية" الحالة.

شاهد بالفيديو: كيف يمكن أن تقدم الدعم العاطفي والنفسي لزوجتك الحامل؟

الخلاصة:

المرأة والرجل شريكان حقيقيان في الحياة الأسرية، وكلما ازداد الوعي العاطفي لكلٍّ منهما وإنسانيته، ازدادت حياتهما سعادة وبهجة وهناء.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة