التواضع سر القيادة الناجحة

لقد تعاملتُ لفترةٍ طويلة مع جنود ورُتب عالية في الجيش، إذ يقدِّم هؤلاء الأفراد بالتأكيد أمثلةً رائعة عن القيادة والتنمية الشخصية؛ وفي المقابل، أصبح العديد من هؤلاء الرجال والنساء منتورز روحيين لي، وأنا أتعلم من تجاربهم ودروسهم أملاً في أن أصبح شخصاً أفضل وأكثر إنتاجيةً في حياتي المهنية والشخصية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "ريان ماكغراث" (Ryan McGrath)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته مع قائده العسكري في تعلُّم القيمة الحياتية "التواضع".

لقد تعاملتُ لفترةٍ طويلة مع جنود ورُتب عالية في الجيش، إذ يقدِّم هؤلاء الأفراد بالتأكيد أمثلةً رائعة عن القيادة والتنمية الشخصية؛ وفي المقابل، أصبح العديد من هؤلاء الرجال والنساء منتورز روحيين لي، وأنا أتعلم من تجاربهم ودروسهم أملاً في أن أصبح شخصاً أفضل وأكثر إنتاجيةً في حياتي المهنية والشخصية.

في عام 2015، نشر الضابط السابق في البحرية "جوكو ويلينك" (Jocko Willink) كتاباً بعنوان "المسؤولية القصوى: كيف تقود القوات البحرية وتنتصر" (Extreme Ownership: How U.S. Navy SEALs Lead and Win). جزء من هذا الكتاب هو مذكرات القائد البحري "ويلينك" (Willink)، وجزء عن الدعم الذاتي. انجذبتُ على الفور إلى أسلوب "ويلينك" الصريح الذي يركز على الكلمة الجادَّة والمباشرة الخالية من التفاهة، وأنا أقدِّر كيف تحدَّت كتاباته عقول القرَّاء.

وغنيٌ عن القول، أنَّه عندما أطلق "ويلينك" (Willink) المدوَّنة الصوتية بعد عامين أصبحتُ مستمعاً متعطشاً لها؛ إذ يقطع صوت "ويلينك" (Willink) الفوضى في بحر من الضوضاء الناتجة عما يقرب من مليون مدوَّنة صوتية نشطة، وبنصيحة واضحة وقابلة للتنفيذ، يقول "ويلينك": "إما أن تكون متواضعاً أو وضيعاً"، إنَّه تصريح بسيط، لكنَّني تجمَّدتُ على الفور عندما سمعتُ "ويلينك" ينطق به حينما كنتُ أركض في الحي، لقد كان محقاً تماماً.

شاهد بالفديو: 7 صفات أساسيّة يتميّز بها القائد المتواضع

السلحفاة والأرنب:

أؤكد لك بصفتي قائداً أنَّ شخصيتك لن تنمو وتتطور إذا لم تكن متواضعاً، فهو السبيل الوحيد لمواصلة النمو والتحسن، ولكن عندما تفقد تواضعك - عندما تعتقد أنَّك وصلتَ إلى القمة، أو أنَّك تعرف كل ما يجب معرفته - فإنَّ احتمال أن يتفوق عليك شخصٌ آخر سيكون كبيراً.

بصفتي أباً جديداً يقرأ مجموعةً من قصص الأطفال لابنه، ذكَّرَتني مقولة "ويلينك" بأسطورة "إيسوب" الكلاسيكية عن السلحفاة والأرنب (The Tortoise and the Hare)، وأروي لكم القصة باختصار؛ حيث يسخر الأرنب من السلحفاة لكونها بطيئة جداً، ويوافق في وقت لاحق على إجراء سباق، بينما يأخذ الأرنب زمام المبادرة في وقتٍ مبكِّر يركض بأقصى سرعته؛ مما يكسبه الثقة بالفوز الحتمي بطبيعة الحال، فيقرر التوقف لأخذ قيلولة، وفي الوقت نفسه، تُبقي السلحفاة عينها على طريق السباق – تمضي بخطىً ثابتة ومتسقة – وتنتهي القصة بفوزها في السباق.

نما الغرور في قلب الأرنب، مع ميله الطبيعي للسرعة، كما أدى غروره وعدم تواضعه إلى أن يصبح وضيعاً أمام السلحفاة بطيئة الحركة، وفي مجال الأعمال التجارية، من السهل أن يشعر أصحاب المناصب الرفيعة بالراحة وحتى الغرور.

لذا لا يجب عليك الجلوس معجباً بنفسك كالأرنب، مستلقياً على العشب يهز قدميه بينما ما تزال المنافسة حوله، وإن لم تعمل بجد لتحسين نفسك باستمرار معتقداً أنَّه لن يصل أحد إلى مستواك؛ إذ لا يمكن المساس بك أو بعملك، فإنَّ النتائج النهائية ستكون هي نفسها، وفي نهاية المطاف ستخسر.

والحقيقة هي عندما تقوم بالقيادة بالطريقة الصحيحة، فأنت تعرف أنَّه من المستحيل أن تُحقق كل شيء، فهناك دائماً شيءٌ ناقص قابل للتحسين، شيء لتتعلمه، وبعض الأسئلة التي تحتاج إلى البحث عن إجابة؛ لذا، فكِّر ملياً كيف يمكنك تبنِّي أسلوب القيادة بتواضع.

إقرأ أيضاً: 15 مهارة يجب أن يتحلى بها القائد الجيد

الخضوع لتقييم 360 درجة:

وظَّفتُ مؤخراً كوتشاً تنفيذياً لمراجعة مهاراتي القيادية كرئيس تنفيذي لشركة "آسيت ليفينغ" (Asset Living)، خامس أكبر شركة لإدارة الشقق في الولايات المتحدة؛ وخلال هذه العملية، ملأ حوالي 30 موظفاً استطلاعات الرأي دون ذكر أسمائهم وقاموا بتقييم أدائي الكلي 360 درجة؛ أي من جميع الجوانب، لقد كانت تجربةً متواضعة وأخذتُها على محمل الجد.

وعندما تلقيتُ تقييم ومراجعات الموظفين، وصلتُ على الفور إلى العمل لمعالجة مخاوفهم، والتعامل مع كل تعليق كمحفِّز للتغيير، وأشار تقييمي إلى أنَّني بحاجة إلى تحسين التواصل أكثر ضمن جوانب عملي داخلياً وخارجياً.

فكيف نطوِّر استراتيجية الأعمال والرؤية الخاصة بالشركة؟ وما هي أهدافنا المستقبلية وكيف سنحققها؟ كلفني فريقي أيضاً بأن أزيد من الإنتاج الفكري المبدع، فبدأتُ بسرعة بمعالجة هذه المخاوف من خلال الاستثمار في العلاقات العامة، ووظيفة الاتصالات في الشركة والاستفادة الاستراتيجية من وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى ذلك، عقدنا اجتماعات ربع سنوية، واجتماعات تنفيذية روتينية ومؤتمر سنوي بحيث تبقى جميع سبل الاتصال مفتوحةً داخلياً.

في الكثير من الأحيان يبقى الرؤساء التنفيذيون ورواد الأعمال بلا رقابة؛ حيث لا يُحلَّل أداؤهم بعناية ناهيك عن تقييمهم رسمياً، وقد أتاحت لي هذه العملية النظر إلى النظام الداخلي للشركة وتحديد المجالات التي يمكنني تحسينها، وترتبط جميعها ارتباطاً وثيقاً بنجاح عملي ونجاح الموظفين، كما أكَّدَت عملية التقييم التي أجريتُها أنَّ التواضع للقائد هو السبيل الوحيد للنمو والتحسين عاماً بعد عام.

إقرأ أيضاً: ما هي التغذية الراجعة بطريقة 360 درجة؟ وكيف تعمل؟

فأن تكون متواضعاً، مثل السلحفاة، هو أن تتحرك باستمرار إلى الأمام مهما كانت الخطوات بطيئةً، والموقف المعاكس هو الغطرسة، ويتميز بالركود والتراجع، فالحياة والأعمال التجارية تتمثل بموقفين فقط إما التطور باستمرار أو الغرور والتراجع، وكما قال "جوكو ويلينك" (Jocko Willink): "يمكنك إما أن تكون متواضعاً أو تكون وضيعاً".

المصدر




مقالات مرتبطة