التقدم ببطءٍ وثبات

لقد توقفتُ عن الكتابة مدة عامين تقريباً، وقد كنت أنوي العودة إلى مدونة "لايف أند ويم" (Life and Whim) الخاصة بي منذ فترة طويلة؛ لكنَّ ظروفاً مختلفةً ومملةً جداً لا أهمية لذكرها هنا أعاقت عودتي.



بالتأكيد لم تساعد أزمة جائحة "كوفيد-19" (COVID-19) في عودتي؛ لكنَّ توقفي عن الكتابة حدث قبل الجائحة بوقت طويل. في الواقع، لا يوجد سبب واضح لتوقفي عن فعل هذا الأمر الذي كان يجعلني أشعر بالسعادة أحياناً، وأحد الدروس الهامة التي تعلمتُها من هذه التجربة، هو أنَّ الجزء الأصعب في التوقف عن القيام بشيء تحبه هو تعلُّم البدء من جديد.

لم يفت الأوان أبداً:

من المحتمل أن تتعامل مع ألم البدء من جديد؛ هل تتذكر مدى صعوبة الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية بعد استراحة طويلة من التمرين؟ وهل تتذكر الأوجاع والآلام التي عانيتَ منها في اليوم التالي؟ على الرغم من الألم، ربما تكون قد لُمتَ نفسك أيضاً لأنَّك استغرقت وقتاً طويلاً للعودة للتمرين.

ليس سيئاً أن تبدأ من جديد بمجرد أن تبدأ؛ إذ إنَّ المقاومة التي نشعر بها هي غالباً أفكار يمكن التغلب عليها بسهولة عندما نرغب في التصرف.

لقد اضطر معظمنا إلى إجراء تعديلات كبيرة خلال فترة الجائحة؛ وذلك نظراً إلى الظروف الصعبة التي واجهناها، من التعليم المنزلي إلى المخاوف الصحية وعدم الاستقرار الاقتصادي، فقد توقفنا عن التفكير في الأولويات، وتوقفت المشاريع، وانخفضت التوقعات.

ربما كنتَ تريد البدء بعمل ما؛ ولكنَّك لم تتمكن من إحراز تقدم؛ هذا الأمر مفهوم تماماً؛ فإنَّ الضغوط النفسية التي سبَّبَتها الجائحة كانت مدمرة، وبالنسبة إليَّ، تمثَّلت في كل الثرثرة التي ظهرت في بداية أزمة جائحة كوفيد-19 حول مدى إنتاجية الأشخاص خلال فترة الإغلاق وحظر التجول، والتي أعتقد أنَّها لن تنتهي قريباً.

بالنسبة إلى معظم الأشخاص، أُجِّلَت خلال هذه الفترة معظم الأحلام بدافع الضرورة، ففي أواخر عام 2019، حاولت زوجتي "هيذر" (Heather)، نقل أعمال "لايف أند ويم" في اتجاه جديد تماماً ومثير؛ إذ بدأت تتجاوز خط إنتاجنا وبدأت باستضافة ورش عمل مع حرفيين آخرين لتعليم الحضور طريقة الاستفادة من إبداعهم.

حظيت ورش "هيذر"، من صنع الفخار إلى أعمال النسيج، بحضور واستقبال جيد من مختلف الأشخاص، وقد بيعت كلها تقريباً بسرعة، وكان يوجد الكثير من الزخم.

بعد ذلك، توقف كل شيء في شهر آذار/ مارس؛ لكنَّنا لم نفقد كل شيء، وقررت "هيذر" أن تبدأ من جديد قريباً، ولكن هذه المرة مع ورش عمل افتراضية، مع العودة إلى اللقاءات الشخصية عندما يكون من الآمن القيام بذلك.

الفكرة هنا أنَّه مهما كانت المدة التي مرت، فمن الممكن المتابعة من حيث توقفت، فأنت بسهولة بحاجة إلى البدء من جديد، وقد لا يكون الأمر سهلاً؛ إذ إنَّما الأمر إرادة فحسب، وكما قالت الروائية "جورج إليوت" (George Elliot) ذات مرة: "لم يفت الأوان أبداً لتكون كما كنت مسبقاً".

شاهد بالفديو: 10 قواعد في الحياة للمحافظة على الدافع

ما الذي تنتظره لتصبح أكثر نجاحاً وثقةً؟

من تريد أن تكون؟ وماذا تريد أن تحقق؟ وما هي الرغبة المكبوتة التي تشكل مصدراً للقلق بالنسبة إليك؟ إنَّ الخوف والتسويف والشك الذاتي هي أمور تمنع التقدم، فالعمل الجاد المرتبط بالسعي لتحقيق هدف يستحق الاهتمام هو الذي يساعدك على بناء مستقبل مشرق.

لكن لا تتوقع عوائد فورية على استثمارك؛ إذ إنَّ مجتمعنا جعلنا نؤمن بوعود المكاسب السريعة وتحقيق النجاح بين عشية وضحاها، إلا أنَّ الطريق الحقيقي للتقدم طويل وبطيء.

تقول الكاتبة "ماريا بوبوفا" (Maria Papova)، مؤلفة مدونة "برين بيكينغز" (Brain Pickings): "لا يتحول البرعم إلى زهرة مباشرةً، ومع ذلك، نحن لا نهتم كثقافة بالفترة الطويلة والمملة المرتبطة بالازدهار، على الرغم من أنَّها الفترة التي تصنع شخصية المرء ومصيره".

تُذكِّرنا "بوبوفا" أنَّ ما يهم هو المسيرة وليس الوجهة، وإذا كان يوجد شيء واحد تعلمتُه من خلال عملية الكتابة، وبناء الأعمال التجارية، ومحاولة إحداث تأثير، فهو أنَّ نتيجة أيِّ جهد مستمر هو أمر خارج عن سيطرتك، فبعض الأمور يمكنك التحكم فيها، وبعضها الآخر لا، ولكن توجد دائماً بعض الفوائد التي يمكن الحصول عليها من هذا الجهد؛ فعندما تحاول ستنمو وتتقدم.

وفقاً لذلك، مهما كانت صعوبة الطريق أمامك، يمكنك الانتقال تدريجياً خطوة بخطوة نحو وجهتك؛ إذ إنَّ الأمر الوحيد الذي قد يمنعك هو إيمانك المحدود بإمكانياتك، فما الذي تنتظره لتصبح أكثر نجاحاً وثقةً؟ لا تدع أحلامك تذبل وتموت، فالعالم يحتاج إلى مساهمتك الفريدة.

المصدر




مقالات مرتبطة