التضخم المالي: مفهومه، وأنواعه، وطرق مكافحته

تُعاني العديد من الدول في عصرنا الحالي من مشكلة التضخم المالي، لكن ما هو مفهوم التضخم المالي؟ وما هي أنواعه؟ وما هي آثاره السلبية؟ وما هي طرائق مكافحته؟ كل ذلك سنقدمه لكم أعزَّاءنا القرَّاء في هذا المقال؛ لذا تابعوا معنا في السطور القليلة القادمة.



ما هو مفهوم التضخم المالي؟

يُعرَّف التضخم المالي بأنَّه مصطلح اقتصادي يُقصَد به ارتفاع المستوى العام لأسعار السلع والخدمات؛ الأمر الذي ينتج عنه انخفاض القدرة الشرائية لعملة البلد؛ حيث تقلُّ قيمة المال في القدرة على الشراء كلما ارتفعت أسعار السلع، كما يمكن القول أيضاً إنَّ التضخم المالي هو تدهور قيمة النقود، عندما ترتفع أسعار السلع والخدمات نتيجةً لزيادة كمية النقود بالنسبة إلى كمية السلع والخدمات.

وجاءت تعاريف كثيرة للتضخم المالي من أبرزها تعريف الاقتصادي المشهور "كينز": "هو ذلك الذي يؤدي إلى ارتفاع نفقات الإنتاج والأسعار دون أن تصحبه زيادة في حجم الإنتاج"، كما وصف الرئيس "ريغان" التضخم المالي بأنَّه: "التضخم عنيف مثل المجرم، ومخيف مثل لصٍّ مسلح، ومميت مثل رجلٍ قاتل".

ووفقاً لـ "هانسون" يُعرَف التضخم المالي بأنَّه: "يحدث التضخم عندما يتقدم حجم القوة الشرائية باستمرار على إنتاج السلع والخدمات؛ بحيث يكون هناك اتجاه مستمر لارتفاع أسعار كل من السلع وعوامل الإنتاج بسبب المعروض من السلع والخدمات، وفشل الـ FPO في مواكبة الطلب عليها".

ووفقاً لـ "سلفرمان" جاء تعريف التضخم المالي كما الآتي: "التضخم هو الاسم الذي يُطلَق على التوسع في المعروض النقدي سواءً بالعملة أم بالائتمان بما يتجاوز المبلغ الذي تبرره الحكومة للتجارة".

وقد عرَّف "جون ماينارد كينز" التضخم المالي كما الآتي: "التضخم هو نتيجة زيادة الطلب الكلي على العرض الكلي المتاح، ويبدأ التضخم الحقيقي فقط بعد التوظيف الكامل".

ما هي أنواع التضخم المالي؟

تتمثل أنواع التضخم المالي بما يأتي:

1. أنواع التضخم في وقت حدوثه:

وتشتمل على:

  • التضخم المالي في وقت السِّلم: يُقصَد به ارتفاع الأسعار في وقت السلام عندما لا تعاني البلاد من أيِّ حروب؛ ويحدث بسبب إمَّا الإنفاق على المشاريع الرأسمالية لفترةٍ طويلةٍ من الزمن، أو بسبب الإنفاق الحكومي الضخم.
  • التضخم المالي في وقت الحرب: يحدث نتيجة منح الحكومة الأولوية لإنتاج المعدات والسلع العسكرية، وتحويل جميع الموارد الإنتاجية لتحقيق ذلك؛ الأمر الذي ينتج عنه نقص في المواد الخام اللازمة لإنتاج السلع الأساسية، ومن ثمَّ يتباطأ إنتاجها وتوريدها وتلبية الطلب المتزايد عليها من قِبل السكان؛ ممَّا يؤدي إلى استمرار ارتفاع أسعار هذه السلع الأساسية في السوق؛ الأمر الذي يؤدي إلى حدوث التضخم خلال فترة الحرب.
  • التضخم المالي ما بعد الحرب: يحصل هذا التضخم بعد انقضاء الحرب بفترةٍ قصيرة؛ ويكون نتيجة تخفيف الضوابط الحكومية؛ الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل متزايد ومتسارع بشكلٍ أكبر بكثير من فترة الحرب.

شاهد بالفديو: أكبر 5 تحديات في الاقتصاد العالمي الجديد وطرق مواجهتها

2. أنواع التضخم على أساس ارتفاع الأسعار أو معدل التضخم:

تتضمن الأنواع الآتية:

  • التضخم الجاري: يحدث التضخم الجاري عندما ترتفع الأسعار بنسبة تتراوح ما بين 10% إلى 20% سنوياً.
  • التضخم المتسارع: يحدث التضخم المتسارع عندما ترتفع الأسعار بنسبة تتراوح ما بين 20% إلى 1000% سنوياً.
  • التضخم المُفرط: يحدث التضخم المفرط عندما ترتفع الأسعار بنسبة تفوق الـ 1000% سنوياً.
  • التضخم الزاحف: يحدث التضخم الزاحف عندما ترتفع الأسعار بشكل بسيط؛ أي لا تزيد نسبة الارتفاع عن 3% سنوياً.
  • التضخم المُزمن: يرجع السبب في تسمية هذا النوع من التضخم بالمزمن، إلى أنَّه في حال استمرار نمو معدل التضخم فترةً طويلةً دون حدوث أيِّ تراجع، فمن الممكن أن ينتج عن ذلك تضخم مفرط، ومن الجدير بالذكر هنا، أنَّه يوجد نوعان من التضخم المُزمن هما:
    • التضخم المُزمن المُتقطع: والذي يحدث على فتراتٍ منتظمة.
    • التضخم المُزمن المستمر: والذي يبقى ثابتاً دون أيِّ مؤشرٍ على هبوطه.
  • التضخم المُتنقل: يحدث التضخم المُتنقل عندما ترتفع الأسعار بنسبةٍ تتراوح ما بين 3% و10% سنوياً، ومن الجدير بالذكر هنا، أنَّ التضخم المُتنقل يُعَدُّ إشارةً تحذيرية على حدوث التضخم الجاري.
  • التضخم المعتدل: يحدث التضخم المعتدل عندما ترتفع الأسعار بنسبةٍ تقل عن 10% سنوياً، ومن الجدير بالذكر هنا، أنَّ التضخم المعتدل لا يُعَدُّ مشكلةً اقتصاديةً خطيرة.
إقرأ أيضاً: ماهو الاقتصاد النقدي؟

3. أنواع التضخم على أساس التغطية ووجهة نظر النطاق:

تتضمن هذه الأنواع ما يأتي:

  • التضخم الشامل: يُطلَق عليه أيضاً اسم "التضخم الاقتصادي الواسع"، ويحدث هذا النوع من التضخم عندما ترتفع أسعار جميع أنواع السلع في جميع أنحاء البلاد.
  • التضخم المُتقطع: يحدث هذا النوع من التضخم عندما ترتفع أسعار بعض السلع في مناطق محدودة من البلاد فحسب.

4. أنواع التضخم بالاعتماد على الأسباب المختلفة:

تتضمن أنواعاً كثيرة جداً نذكر لكم منها:

  • تضخم الائتمان: يحدث هذا النوع من التضخم نتيجة الإفراط في الائتمان المصرفي في الاقتصاد.
  • تضخم الأرباح: يحصل عندما ترتفع الأسعار نتيجة اهتمام التجار ورجال الأعمال بزيادة هوامش ربحهم.
  • التضخم الضريبي: يحدث هذا النوع من التضخم عندما يفرض البائعون زيادة أسعار السلع على المستهلكين؛ نتيجة ارتفاع الضرائب غير المباشرة.
  • تضخم التنمية: يحدث في هذا النوع من التضخم زيادة طلبٍ على السلع وارتفاعٌ في الأسعار؛ وذلك نتيجة زيادة الدخل للأفراد خلال عملية التنمية الاقتصادية.
  • تضخم الأجور: يحدث في هذا النوع من التضخم ارتفاعٌ في الأسعار؛ نتيجة عدم التوافق بين ارتفاع الأجور ونسبة زيادة الإنتاج.
  • التضخم السكاني: يحدث فيه زيادة أسعار السلع والخدمات بسبب الزيادة السريعة في عدد السكان.
  • تضخم العجز: يحدث نتيجة تمويل العجز.
  • تضخم الندرة: يحدث هذا النوع من التضخم بسبب قيام بعض التجار بالاكتناز، ويتم فيه خلق نقص مُصطنع في السلع الأساسية، ثم بيعها بأسعار أعلى لتحقيق أرباح طائلة خلال تضخم الندرة، ومن الجدير بالذكر هنا، أنَّ الاكتناز جريمة جنائية يُعاقب عليها القانون.
  • تضخم قوة التسعير: يُطلَق عليه أيضاً مسمى "تضخم احتكار القلة" أو "تضخم الأسعار المُدار"، ويحدث هذا النوع من التضخم عندما يقوم أصحاب الصناعات بزيادة أسعار السلع والخدمات المُقدَّمة بهدف زيادة هوامش الأرباح.
  • التضخم المالي: يحدث نتيجة الإنفاق عندما يوجد عجز في الميزانية، أو بسبب زيادة الإنفاق الحكومي.
  • التضخم الناتج عن التجارة الخارجية: يُقسَم هذا النوع من التضخم إلى قسمين أساسيين هما:
    • ارتفاع أسعار الواردات: حيث يؤدي ارتفاع أسعار السلع المستوردة بسبب التضخم الخارجي، إلى ارتفاع أسعار المنتجات المحلية من السلع المستوردة.
    • تضخم ازدهار الصادرات: يحدث فيه ارتفاع أسعار السلع بسبب الزيادة الكبيرة للصادرات؛ ممَّا يؤدي إلى نقص هذه السلع في السوق الداخلية للبلد المُصدِّر.
  • التضخم القطاعي: يحدث هذا النوع من التضخم عندما ترتفع أسعار الخدمات والسلع التي ينتجها قطاع معيَّن من الصناعات.
  • تضخم دفع التكلفة: ينتج هذا النوع من التضخم بسبب تضخم دفع الأجور، أو بسبب تضخم دفع التكلفة المادية، أو بسبب تضخم دفع الأرباح، ومن الجدير بالذكر أنَّ جميع هذه التكاليف الزائدة تُحمَّل على المستهلك من خلال زيادة أسعار السلع، ولا يتحملها المنتجون.
إقرأ أيضاً: النظام الاقتصادي: مفهومه وأنواعه مع الأمثلة

طرائق مكافحة التضخم المالي:

توجد عدد من السياسات الحكومية الهادفة إلى التقليل من التضخم والحد من آثاره السلبية، ومن أهم هذه السياسات نذكر لكم:

1. رفع مقدار احتياطي البنوك:

تقوم الحكومات والدول في هذا الإجراء بوضع حد أدنى من احتياطي البنوك لتغطية السحب؛ أي إنَّ البنوك ستمتنع عن زيادة معدلات الإقراض لتحافظ على مقدار الأموال المسحوبة؛ وهذا سينتج عنه عدم قدرة المواطنين على الإنفاق بالمستوى نفسه الذي اعتادوا عليه؛ وذلك خوفاً من عدم وجود احتياطي أموال لدى البنوك لاقتراض الأموال وسحبها.

2. اعتماد سياسة الانكماش المالي:

ويتم ذلك من خلال خطوات عدَّة هي:

  • رفع نسبة الفائدة في البنك المركزي.
  • خفض أسعار السندات.
  • تقليل التداول النقدي في الأسواق.

الأمر الذي ينتج عنه تقليل إنفاق الأموال، والميل نحو الادخار لتقليل الحاجة إلى أخذ قروض بفوائد عالية، ومن ثمَّ سوف تقلُّ حركة البيع في الأسواق؛ ممَّا يؤدي إلى انخفاض الأسعار، والتقليل من مشكلة التضخم المالي.

3. تقليل عرض الأموال:

يمكن أن تُتَّبَع هذه الطريقة بأسلوبٍ مباشر أو غير مباشر؛ إذ يمكن للحكومة أن تُطالب بديونها المستحقة من الشركات والأفراد مع زيادة فوائد السندات؛ ممَّا يؤثر في سعر العملة وقوَّتها الشرائية، ومن ثمَّ ستصبح الأموال المتداولة في أيدي المستثمرين تحت سيطرة الحكومة، وينتج عن ذلك أن تصبح الدولة هي المتحكم الأول في مصيرها.

ما هي الآثار السلبية للتضخم المالي؟

من أهم الآثار السلبية للتضخم المالي نذكر لكم الآتي:

  1. التأثير في المدين والدائن للمبالغ النقدية الثابتة.
  2. الضعف الاقتصادي.
  3. ضعف التنمية الاقتصادية والتطور الشامل.
  4. البحث عن طرائق بديلة للادخار.
  5. إلحاق الضرر بإيرادات الشركات.
  6. انخفاض القوة الشرائية.

وبذلك أعزَّاءنا القرَّاء نكون قد قدَّمنا لكم مفهوم التضخم المالي، وأنواعه، وطرائق مكافحته، وأهم آثاره السلبية.

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة