التسويق القصصي: عناصره وأهميته وكيفية استخدامه

التسويق القصصي هو أسلوب تسويقي يستغل القصة بوصفها جسراً لإيصال المنتج أو الخدمة إلى العميل، فمنذ زمن بعيد يلتف الأطفال حول الجدات ليصغوا بتركيز شديد إلى حكاياتهن وقصصهن، إنَّه الفضول الإنساني الذي يتعطش إلى معرفة كل ما هو قادم، فينصت بترقب إلى تسلسل الأحداث حتى الوصول إلى نهاية القصة وبلوغ الغاية.



ولا يمكن للسرد القصصي أن يحصد تركيز السامع إلا إذا استطاع أن يثير انفعالاته وعواطفه ويصل إلى وجدانه، فيتعاطف مع البطل أو يكره الشرير أو يتبنى موقف أحد شخصيات القصة.

وكعادة التسويق - الذي يكمن جوهره في إحداث تأثير في نفس المتلقي يدفعه إلى اتخاذ قرار الشراء - قام باستغلال التأثير القصصي في شعور العميل، فأنشأ طريقاً دعائياً للوصول إليه أسماه التسويق القصصي الذي سنفرد هذا المقال للتجول في رحابه وتعريف مفهومه وتعداد عناصره وشرح كيفية استخدامه.

ما هو التسويق القصصي؟

للإجابة عن سؤال "ما هو التسويق القصصي؟" لا بد لنا من تعريف مفهوم التسويق القصصي بأنَّه: فن صناعة المحتوى التسويقي على شكل قصة شيقة مرتبطة بالعلامة التجارية، وتستطيع هذه القصة إعمال شعور داخلي في نفس المتلقي يجعله يتخذ القرار باقتناء المنتج أو شراء الخدمة". إذاً فإنَّ الهدف من التسويق القصصي هو تجاوز الأسلوب التسويقي الروتيني الممل الذي لا يترك في العميل أي تأثير والوصول إلى دغدغة مشاعر المتلقي وتحريك عواطفه لاتخاذ قرار الشراء كون التسويق القصصي يحكي للمتلقي قصة تكون العلامة التجارية هي البطل فيها.

ولن تتضح الأمور دون مثال؛ لذا سنحكي عن قصة إعلان "جيليت" لشفرات الحلاقة الرجالية لمنتجها الذي تحمل كل أداة فيه ثلاثة رؤوس حلاقة وعوامل حماية من الجروح؛ وهذا ما يوفر حلاقة ناعمة دون آثار جانبية، وتبدأ القصة بمشهد تحضير شاب وسيم نفسه للخروج إلى لقاء هام، فيحلق لحيته بشفرات "جيليت" بكل سرعة وانسيابية ودون أن يجرح وجهه (الأمر الذي يُعَدُّ هاماً جداً للرجال)، ويتم التركيز على عملية الحلاقة وابتسامة الشاب في أثنائها ومن ثم التعريج بشكل سريع على إتمامه مراحل تجهيز نفسه، ثم يدخل الشاب إلى صالة فيها الكثير من الحضور والسيدات الجميلات، فيجذب الأنظار إليه بمظهر ذقنه الناعمة، ويتسابق جميع الحاضرين إلى لمس ذقنه الحليقة وهو يبتسم ابتسامة الثقة بالنفس والانتصار في كونه استطاع حصد الأضواء ولفت نظر الجميع إليه لينتهي الإعلان بعبارة "جيليت ما يستحقه الرجال" لتكون هذه العبارة رسالة القصة أو الهدف منها بأنَّ هذا المنتج ومن خلفه العلامة التجارية هي الخيار الأفضل للرجل الواثق بنفسه الذي يطغى على جميع الحاضرين ويسرق الأضواء منهم، وهذا ما يطمح إليه معظم الناس.

ولقد استطاعت العلامة التجارية من خلال هذا الإعلان المعمول بأسلوب التسويق القصصي أن تحقق الأهداف الآتية:

  • إثارة فضول المشاهد لمشاهدة الإعلان حتى النهاية، واستعانت على ذلك بكادر بشري مؤهل.
  • التركيز على ميزات المنتج عبر استعراض عملية الحلاقة بسرعة وانسيابية ودون وجود جروح.
  • الإضاءة على الفائدة التي يحصل عليها العميل في حال استخدم المنتج، فهو يلبي تطلعاته في لفت الأنظار على الرغم من كثرة الحاضرين والمنافسين والفرص التي يحصل عليها بمجرد ملاحظته.
  • ربط مفاهيم الوسامة والثقة بالنفس والاستحقاق العالي بالمنتج عن طريق المشاعر التي تُولِّدها مشاهدة الإعلان في نفس الشاب والتي تدعمها العبارة التي انتهى الإعلان بها.

فإنَّ اتباع أسلوب التسويق القصصي في الترويج لعلامة تجارية معينة يتطلب من مصمم الإعلان التمتع بمجموعة من المهارات أهمها مهارة سرد القصص التي تجذب الناس وإدارة الأزمات التي تخلق قصة تكون حبكتها في حل المنتج للمشكلة إضافة إلى مهارة إدارة العلاقات العامة.

وإنَّ التسويق القصصي هو أسلوب يهدف إلى جذب الجماهير عبر تقديم العلامة التجارية في سياق قصة تلائم مشاعرهم وتلبي احتياجاتهم عن طريق خلق روابط عاطفية معهم، وقد يتضمن التسويق القصصي لمحات عن خدمات العلامة التجارية أو منتجاتها أو تاريخها وغير ذلك من المعلومات التي تصب في مصلحة توضيح أهمية المنتج للمستهلك وإبراز حاجته إليه ومن ثمَّ خلق رغبات شرائية عنده ورفع مستوى النجاح والتنافس مع الآخرين.

أهمية التسويق القصصي:

تنجلى أهمية التسويق القصصي من خلال قدرته الفائقة على جذب اهتمام الجمهور كونه يرتكز على القصة التي تثير فضول الناس عموماً وتحثهم على متابعة تسلسل الأحداث حتى النهاية، ومن ثمَّ فإنَّ متابعة الجمهور للإعلان سيزيد من شهرة العلامة التجارية والتعريف بها وانتشارها بين الناس، وقد يكون هذا الإعلان المثير سبباً في حديث الناس عنها فتكسب عملاء محتملين جدد غير أولئك الذين شاهدوا الإعلان.

ومن نقاط أهمية التسويق القصصي أنَّه يصل إلى وجدان الجماهير ويحرك مشاعرهم؛ لذلك فهو يُعَدُّ من أفضل طرائق إقناع العميل بالمنتج الذي يقوم بعد تجربته بالحديث عنه أمام الآخرين فيقومون بشراء المنتج أيضاً.

فإنَّ التسويق القصصي يشيع جواً من المنافسة في السوق كونه يؤثر في المنافسين ويلفت أنظارهم بنفس مستوى تأثيره في العملاء، كما يساهم التسويق القصصي الذي يُستخدم للترويج للعلامة التجارية عموماً في خلق علاقة وطيدة بينها وبين جمهورها وكسب ثقتهم ومن ثمَّ يشجعهم على شراء جميع منتجاتها.

شاهد بالفديو: 5 قواعد ذهبية لبناء العلامة التجارية الشخصية

عناصر التسويق القصصي:

إنَّ عناصر التسويق القصصي هي المحاور التي يستند إليها هذا النمط من التسويق والتي تتعاون في خلق محتوى جذاب يعبِّر عن العلامة التجارية، ويمكن تصنيف هذه العناصر كما يأتي:

1. القصة:

تُعَدُّ القصة العنصر الرئيس من عناصر التسويق القصصي والعمود الفقري لهذا الأسلوب، ويشترط بها أن تكون مشوقة وجذابة للشريحة المستهدفة من العملاء وتصب في مصلحة العلامة التجارية فتضيء على ميزاتها وعراقتها وقيمتها.

2. خلق علاقة إيجابية مع العملاء:

إنَّ العلاقة الإيجابية بين العلامة التجارية والعملاء هي عنصر هام من عناصر التسويق القصصي ودافع قوي لاتخاذ قرار الشراء من قِبلهم؛ إذ لا يمكن أن نخلق قصة لترويج سكاكين مطبخ مثلاً تُصوِّر أنَّ ربة المنزل قطعت أصابعها بالسكين! على الرغم من أنَّ هذا الحدث يدل على متانة الأداة إلا أنَّه يترك لدى الجمهور انطباعاً سلبياً عن المنتج فيكفون عن شرائه.

3. دعم القصة بالإحصائيات والأرقام:

يُعَدُّ دعم القصة بالبيانات من العناصر الهامة في التسويق القصصي كونها تخلق ثقة الجمهور بالعلامة التجارية وتجعل القصة بالنسبة إليهم أكثر واقعية ومصداقية.

4. ترك انطباع لدى المتلقي:

إنَّ ترك الأثر في نفس متلقي القصة هو أهم عناصر التسويق القصصي وجوهرها كون الآثار التي يتركها الإعلان تبقى لوقت طويل في ذاكرة العميل ويخلق علاقة قوية بينه وبين العلامة التجارية.

إقرأ أيضاً: المزيج التسويقي وعناصر التسويق الأربعة

كيفية استخدام التسويق القصصي:

ينبغي على كل الشركات الطامحة إلى استقطاب عدد أكبر من الزبائن أو القيام بحملة ترويجية فعالة لمنتجاتها الجديدة أو دخول عالم المنافسة بقوة وجدارة استخدام أسلوب التسويق القصصي كون القصة كانت وما تزال عاملاً جذاباً بالنسبة إلى الجماهير وقادراً على لفت أنظارهم وحيازة اهتمامهم، ولكل هذه الفئات التي تتساءل عن كيفية تطبيق التسويق القصصي نوصيكم بما يأتي:

1. معرفة حاجات عملائكم:

إنَّ معرفة حاجات العملاء هي الخطوة الأولى في إتقان كيفية استخدام التسويق القصصي كون القصة المختلَقة يجب أن تسلط الضوء على حاجات الشريحة المستهدفة من العملاء وتثير مشاعرهم باليقين بأنَّ هذا المنتج هو الطريقة المثلى لتلبية هذه الحاجات فيقومون بشرائه، وعلى سبيل المثال في إعلان شركة "بامبرز" لحفاضات الأطفال، سلط أسلوب التسويق القصصي الضوء على استيقاظ الأم وطفلها ليلاً بسبب تبلل الحفاض، وكان الحل عبر تبديل الحفاض التقليدي واستخدام حفاض "بامبرز" لتنعم الأم وطفلها بليلة هانئة، وفي نفس الوقت تضمن الأم أمان طفلها كون المنتج لا يسبب حساسية أو تسلخات، وهنا تم إبراز ميزات المنتج واستعراض المشكلة والحل في الإعلان.

2. وضع هدف للقصة:

تختلف أسباب استخدام التسويق عموماً والتسويق القصصي خصوصاً، فقد يكون الهدف منه الترويج لمنتج أو التعريف بالعلامة التجارية وما إلى ذلك؛ لذا ينبغي أن يتم الأخذ في الحسبان الهدف من القصة التسويقية قبل البدء بإنشائها.

3. الابتعاد عن التقليد:

بعد ظهور إعلان شوكولا "غالكسي" التي تقضم فيها الممثلة قطعة الشوكولا وتغوص بفعل اللذة في عالم ساحر من الشوكولا اللذيذة، قامت العديد من شركات الشوكولا بسرقة فكرة هذا الإعلان، ولنسأل أنفسنا هل نثق في علامة تجارية تسرق فكرة إعلانها من علامة أخرى؟ بالتأكيد إنَّ ابتكار المحتوى الفريد والإبداع واحترام ملكيات الآخرين من شأنه أن يرفع ثقة العملاء بالعلامة التجارية ويخلق لديهم نوعاً من الاحترام لها.

4. بناء حبكة قصصية محكمة:

حول كيفية استخدام التسويق القصصي بشكل فعال لا بد لنا من أن نشير إلى ضرورة ترابط الأحداث وتماسكها وانسجامها بشكل منطقي مع الهدف من عملية التسويق؛ لأنَّ ذلك من شأنه أن يرفع من مستويات قبولها بين الجمهور وتناقلها فيما بينهم ومن ثمَّ انتشارها بسرعة أكبر، فالحبكة المتينة تحول التسويق القصصي إلى فيلم قصير ومشوق يجذب الجمهور ويحقق لهم المتعة من جهة ويؤدي أغراضه التسويقية في التأثير فيهم من جهة ثانية.

إقرأ أيضاً: هرم العلامة التجارية: بناء الوفاء لدى الزبون

في الختام:

إنَّ التسويق القصصي هو أسلوب تسويقي إبداعي يعمل على مبدأ الاستفادة من القصة وعوامل جذبها للجمهور في الترويج لمنتج معين أو علامة تجارية، ويستغل تأثير الأحداث في مشاعر المتلقين في خلق رباط عاطفي وثيق بين الجمهور والخدمة أو العلامة التجارية، ويعتمد التسويق القصصي على عناصر عديدة أهمها معرفة احتياجات الجمهور المستهدَف وخلق سيناريو يسلط الضوء على هذه الاحتياجات ويقدم حلاً سحرياً لها، ومن ثمَّ يكون هذا الأسلوب التسويقي واحداً من أفضل الأساليب في إقناع الجماهير وانتزاع ثقتها.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة