التسويق الشبكي: مفهومه، وأنواعه، وميزاته، وحكمه الشرعي

يناضل الشباب هذه الأيام من خلال سعيهم المستمر نحو الحصول على مصدر للدخل يتصف بالثبات والاستمرارية طويلة الأمد، وقد نرى أيضاً أنَّ هذا الأمر هو ذاته ما يشغل معظم الناس؛ حيث نجد كل من الشباب والموظفين على رأس عملهم على حدٍّ سواء يبحثون عن وظائف لتحقيق عائدات مادية إضافية.



وذلك لتلبية احتياجاتهم المتزايدة، ومن ثمَّ تحسين مستواهم المعيشي، ومجابهة موجة الغلاء الفاحش التي تعصف بقدرتهم الشرائية؛ وقد نجدهم أحياناً يفعلون ذلك بعيداً عن الأُطر القانونية والإجراءات التجارية المعروفة والمتداولة، ومن جملة تلك الممارسات التي يمارسونها، خوضهم غمار الأعمال التي يرجون من خلالها الثراء السريع، فيرتمون في براثن الأقوال الرَّنَّانة والكلمات البرَّاقة، وأحد أكثر هذه الأعمال شيوعاً هو ما يدعى بالتسويق الشَّبكي أو الهرمي.

ولمزيد من المعلومات حول هذا النوع من الأعمال، نقدم لكم ما يلي:

  1. مفهوم التسويق الشَّبكي.
  2. أنواع التسويق الشَّبكي.
  3. ميزات التسويق الشَّبكي.
  4. الحكم الشرعي للعمل في التسويق الشَّبكي.

ما هو التسويق الشبكي؟

مفهوم التسويق الشبكي: يُعرَّف التسويق الشَّبكي بأنَّه أحد أشكال تسويق السلع والخدمات، بالاعتماد على التواصل مع العميل، وبأن يقوم هذا العميل (المستهلك) بدعوة عملاء آخرين (مستهلكين) لشراء السلعة أو الخدمة مقابل حصوله على عمولة، وفي حال قام العملاء الآخرين الذين قام بدعوتهم ببيع السلعة أو الخدمة لعملاء آخرين أيضاً، سيحصل العميل الأول على نسبة أخرى من العمولة، ليكون بذلك على قمة هرم، ويليه شبكة من العملاء؛ وبذلك يكون المنتج مهما كان نوعه مجرد ذريعة لتجنيد العديد من العملاء مقابل العمولات. 

وقد سمِّي التسويق الشَّبكي بهذا الاسم؛ لوجود موزعين يعملون على مستويات مختلفة من سلاسل التوزيع؛ إذ إنَّ الفرد حديث الانضمام للشبكة التسويقية يكون تابعاً للفرد الذي انضم إلى الشبكة التسويقية من خلاله.

ويعدَّ التسويق الشبكي أحد الاستراتيجيات التي تضعها بعض شركات البيع المباشر، من أجل تشجيع موظفي التوزيع العاملين لديها على اكتساب المزيد من الموزعين الجدد الذين يعملون عن طريقهم، ويحصلون لقاء ذلك على نسبة مئوية من قيمة إيرادات المبيعات التي حققها أولئك الموزعون الذين يعملون عن طريقهم؛ وبذلك يشكِّل الموزعون سلسلة تندرج بعد كل أول موزع أتى بهم، ويحققون بدورهم أرباحاً عن طريق بيع المنتجات للزبائن الذين يقنعونهم بأن يصبحوا موزعين أيضاً، وأن يتابعوا بالسلسلة دون توقف.

ويعدُّ التسويق الشَّبكي استراتيجية أعمال قانونية، على الرغم مما يُثار حولها من جدل وشكوك.

من المشكلات التي تحيط بهذا النوع من التسويق، الأنماط الهرمية؛ حيث تُؤخذ أرباح من الموزعين الجدد لتُدفع إلى موزعين يعتَلون هرم التوزيع، بدلاً من دفعها إلى من يؤدون العمل فعلياً، وتتضمن هذه الممارسة الانتفاع من الأفراد على افتراض اشتراكهم في تسويق شبكي قانوني.

ويرى بعضهم أنَّ التسويق الشبكي هو طريقة مُنظمة لتوزَّع فيها المهام التسويقية بغرض تسويق سلعة أو خدمة محددة على مجموعة من الأشخاص، وذلك مقابل إيراد مالي يعتمد مقداره على مدى نشاط الشخص في عملية التسويق، والتسويق الشبكي في الأساس هو أداة تسويقية تستطيع استخدامها لزيادة مبيعاتك على نطاق واسع دون إنفاق الكثير من الأموال على الأساليب التقليدية للتسويق كالإعلانات وغيرها.

وقد قدَّم أحد المؤلفين في مجال التسويق وصفاً للتسويق الشبكي بأنَّه مرادف للبيع المباشر، وهناك الكثير من الجدل بين النُّقَّاد حول الجهود المبذولة لوضع المصطلحات وتوضيح المفاهيم للتمييز بين التسويق الشبكي وخدعة تشارلز بونزي غير القانونية الاحتيالية.

شاهد بالفديو: 7 طرق تزيد مبيعات مشروعك الصغير

أنواع التسويق الشبكي:

هناك العديد من أنواع التسويق الشَّبكي، وهي:

1. التسويق الشَّبكي أحادي المستوى:

هو بسيط لدرجة أنَّك تستطيع التسجيل في برنامج تدريبي، إلى أن تصل إلى مرحلة تستطيع فيها البدء ببيع منتجات الشركة أو خدماتها، وبذلك تحصل على عمولتك بناءً على مبيعاتك؛ إلَّا أنَّه لا يجب عليك تعيين وكيل مبيعات آخر للقيام بالعمل نيابة عنك، أو أن تقوم بتجنيد موزعين آخرين، ودخلك هو راتبك الذي يأتي من خلال نشاطك في البيع المباشر، وكل ما عليك التركيز عليه هو فقط مبيعاتك وبناء علاقات مع العملاء.

2. التسويق الشبكي من مستويين:

يجب على الأشخاص في هذا النوع من التسويق الشَّبكي أن يقوموا بتجنيد أشخاص آخرين، ويُدفع لهم في كلا الحالتين؛ في حال قاموا بتوظيف أعضاء آخرين للعمل تحت إشرافهم، والحالة الأخرى هي العمولات على البيع المباشر للمنتج أو الخدمة.

3. التسويق الشبكي متعدد المستويات:

يتضمن مستويين أو أكثر، ويعتمد على شبكة التوزيع للتسويق.

4. التسويق الشبكي ذو نظام الانفصال:

يقوم الموزع وفق هذا النظام بالعمل وفق آلية التسويق الشَّبكي من خلال بيع المنتجات لأكبر عدد ممكن من الأشخاص، ويتم ذلك عن طريق إقناعهم ببيع المنتج، وأنَّ الشركة ستقوم بدفع عمولة على كل منتج يُباع، وعلى كل شخص يدخل بالشبكة، مثل باقي الطرائق الأخرى المستخدمة بالتسويق الشَّبكي، والمميز في هذا النظام أنَّه يمكن لكل فرد الانفصال عن مجموعته عند تحقيق حجم مبيعات معين أو الوصول إلى عدد أفراد معين، ومن ثم متابعة العمل بمفرده وفق الآلية ذاتها ويكون هو القائد لمجموعته.

5. التسويق الشبكي ذو النظام الثنائي:

هو نوع من الأنظمة قائم على أساس تحقيق التوازن، بحيث يكون لكل عميل جانبين من العملاء، وينقسم إلى قسمين يجب تحقيق التوازن العددي بينهما؛ ويعدُّ من الأنظمة الأكثر استخداماً بين الكثير من الشركات التي تعتمد على التسويق الشَّبكي سواء المحلية أم العالمية، ويعتمد على التوازن في الشبكات التسويقية.

6. التسويق الشبكي ذو نظام المصفوفة:

يُعرف هذا النظام بأنَّه خطة المستويات متعددة الأعضاء، وبهذا النظام لا يشترط التوازن العددي مثل النظام الثنائي.

إقرأ أيضاً: تعرَّف على أهم المعلومات عن التسويق

ميزات التسويق الشبكي:

هناك العديد من الميزات للتسويق الشبكي، نذكر منها ما يلي:

  1.  حرية العمل بأي وقت وبأي مكان.
  2.  طريقة للتعرف إلى الناس وكسب العلاقات والصداقات الكثيرة.
  3.  طريقة لكسب الرزق وتوفير مصدر ثانٍ للدخل بخلاف العمل الأساسي؛ حيث إنَّه لا يعطِّل أي أعمال.
  4.  تجارة خاصة؛ حيث وبكل سهولة يمكن الحصول عليها والعمل بها من دون متطلبات شبه مستحيلة.
  5.  يعتمد فقط على المجهود الشخصي للفرد.
  6.  فرص عمل متاحة لكل الأشخاص.
  7.  تجارة تتميز أنَّها تتوسع وتنتشر دائماً.
  8.  يتيح إمكانية تحقيق أرباح غير محدودة.
  9.  عدم وجود تكاليف إعلانية.
  10.  عدم وجود تكاليف ثابتة مثل استئجار المباني للمحلات التجارية.
  11.  عدم وجود تكلفة لتسليم البضائع.
  12.  عدم وجود قيود على حجم شبكة التسويق مما يسمح للشركة بتوظيف عدد لا نهائي من الموزعين.
  13.  إمكان العمل مع أشخاص لهم تفكير مماثل لتفكيرك، فلا تضطر إلى العمل مع أشخاص سلبيين ولا يعجبك تفكيرهم.
  14.  لا تحتاج إلى رأس مال كبير؛ بل يمكن البدء من الصفر وتحقيق أرباح طائلة من خلال دخول الشبكة التسويقية بمبلغ متواضع.
إقرأ أيضاً: المزيج التسويقي وعناصر التسويق الأربعة

الحكم الشرعي للعمل في التسويق الشَّبكي:

يوجد عدد من النقاط والنشاطات غير القانونية الموجَّهة لشركات التسويق الشبكي، منها:

  1.  يتطلب بدء العمل دفع رسوم أو شراء منتج؛ بينما لا يشترط بالمسوِّق أن يشتري المنتج أو أن يدفع رسوم تسجيل في أي مكان في العالم.
  2.  تحصيل العمولات ينتج عن تجنيد مسوِّقين جدد يشترون المنتجات أو يدفعون رسوم التسجيل، وهذه هي وسيلة الربح الحقيقية والوحيدة، وأحياناً في الشبكات التسويقية غير القانونية، ستجد أنَّ المروجين يطلبون منك أن تستدين المال، وسيَعِدونك بأمور كبيرة وستسمع كلمات أكبر لكنَّك لن ترى أكثر من الكلمات.
  3.  المنتج يُباع بسعر غير منطقي أو يكون غامضاً أو قابلاً للتغيير لاحقاً، وهو وسيلة لدخول الشبكة فقط.
  4.  وعود بثروات ودخل عالٍ جداً خلال فترة زمنية قصيرة، بينما في عمليات التسويق الاعتيادية ستربح من خلال المبيعات فقط، ولا أحد سيَعِدك بالكثير من الأرباح.
  5.  دعوة الأصدقاء المقربين والثقاة والأقارب من أساسيات عمل التسويق الشبكي غير القانوني، بينما في عمليات التسويق العادية لا يحتاج إلى من يثقون بهِ لبيع المنتج، ولكن طالما أنَّ المنتج حقيقي لماذا لا يمكن أن نبيعه لأيٍّ كان؟
  6.  تتوقف العمولات بتوقف الذين هم دونك في الشبكة، وتحتاج إلى تجنيد مسوِّقين إضافيين لإكمال عملية توازنهم في جهة اليمين واليسار، وغير ذلك من الشروط غير المعقولة لتحقيق الربح.
  7.  لا توجد نهاية للتسويق الشبكي، وتنهار الشبكة الشخصية بتوقف أي عضو من الذين جندتهم، مهما كان مستوى الطبقة التي هو فيها، أو توقف كامل نظام العمولات نتيجة هرب أصحاب الشبكة أو اعتقالهم؛ بعد اتضاح أنَّ العملية برمتها هي دائرة لجمع المال لمجموعة من الأشخاص وليست عملية تسويقية حقيقة؛ وأيضاً بعد اكتشاف أمر البضائع وحقيقتها.

وهناك فتاوى عدة بشأن هذا النوع من العمل لجهات مختلفة، منها فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية بهذا الشأن، وهي:

إنَّ هذا النوع من أنواع المعاملات مُحَرَّم التعامل بها؛ وذلك لأنَّ الهدف المقصود من المعاملة هو العمولات وليس المنتج بحد ذاته، وقد تصل هذه العمولات إلى قيم مالية عالية جداً، في حين أنَّ ثمن المنتج الأساسي لا يعادل إلا نسبة صغيرة من قيمة العمولات.

وعليه فإنَّ كل عاقل إذا عُرض عليه هذان الأمران فالأكيد أنَّه سيختار العمولات، ولهذا كان اعتماد هذه الشركات في التسويق والدعاية لمنتجاتها هو إبراز حجم العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها المشترك، وإغراؤه بالربح الفاحش مقابل مبلغ يسير من المال هو ثمن المنتج، فالمنتج الذي تسوِّقه هذه الشركات مجرد ستار وذريعة للحصول على العمولات والأرباح، ولما كانت هذه هي حقيقة هذه المعاملة، فهي محرمة شرعاً كما يوجد أسباب إضافية، وهي:

  1.  أنَّها تتضمن الربا بنوعيه، ربا الفضل وربا النسيئة، فالمشترِك يدفع مبلغاً قليلاً من المال ليحصل على مبلغ كبير منه، فهي نقود تُبدل بنقود مع التفاضل والتأخير، وهذا هو الربا المحرم بالنص والإجماع، والمنتج الذي تبيعه الشركة إلى العميل ما هو إلا ستار للمبادلة، فهو غير مقصود للمشترك، فلا تأثير لهُ في الحكم.
  2.  أنَّها من الغرر (التغرير، والغبن الاستغلالي) المحرَّم شرعاً في دين الإسلام؛ وذلك لأنَّ المشترك لا يدري هل ينجح في تحصيل العدد المطلوب من المشتركين أم لا؟
    والتسويق الشَّبكي أو الهرمي مهما استمر فإنَّه لا بد أن يصل إلى نهاية يتوقف عندها، ولا يدري المشترك حين انضمامه إلى الهرم هل سيكون في الطبقات العليا منه فيكون رابحاً، أو في الطبقات الدنيا فيكون خاسراً؟ والواقع أنَّ معظم أعضاء الهرم خاسرون إلا القلة القليلة في أعلاه، فالغالب إذن هو الخسارة، وهذه هي حقيقة الغرر، وهي التردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما، وقد نهى النبي محمد صلى الله عليه وسلَّم عن الغرر، كما رواه مسلم في صحيحه.
  3.  أنَّ هذه الشركات تأكل أموال الناس بالباطل؛ حيث لا يستفيد من هذا العقد إلا الشركة ومن ترغب في إعطائه من المشتركين القدامى بقصد خدع الآخرين، وهذا الذي جاء النص بتحريمه في القرآن: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) {سورة النساء: 29}.
  4.  الغش والتدليس والتلبيس على الناس، من جهة إظهار المنتج وكأنَّه هو المقصود من المعاملة والحال خلاف ذلك، ومن جهة إغرائهم بالعمولات الكبيرة التي لا تتحقق غالباً، وهذا من الغش المحرَّم شرعاً، وقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلَّم: (من غشَّ فليس مني) ـ رواه مسلم في صحيحه.
     وقال أيضاً: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما) ـ حديث متفق عليه.

في الختام:

نرجو أن نكون قدَّمنا معلومات فيها الإفادة والمنفعة عن هذا الموضوع، وأن نكون قد رفعنا لثام الشك والغموض عنه، الذي لطالما أحاطته الريبة أينما ذُكر.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8




مقالات مرتبطة